< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/02/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: وجوب الخمس من ضروري الدين أو المذهب

حديث أخلاقي:

عن الإمام الحسن سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَدْمَنَ الِاخْتِلَافَ إِلَى الْمَسْجِدِ أَصَابَ أَخًا مُسْتَفَادًا فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِلْمًا مُسْتَطْرَفًا، وَكَلِمَةً تَدَعُوهُ إِلَى الْهُدَى، وَكَلِمَةً تَصْرِفُهُ عَنِ الرَّدَى، وَيَتْرُكُ الذُّنُوبَ حَيَاءً أَوْ خَشْيَةً، وَنِعْمَةً أَوْ رَحْمَةً مُنْتَظَرَةً[1]

من الأهداف المهمة في التشريع الإسلامي تربية الإنسان والمجتمع؛ لأن التربية من الحاجات الأولية والفطرية للإنسان، حيث يشعر بحاجته للتربية وإن لم يعترف بذلك.

ولا شك في أنّ التربية تحتاج إلى عناصر عديدة: هي زمان التربية، ومكانها، والمربّي. وأفضل مكان لتربية الإنسان هو المسجد؛ وفي الحديث نرى أن جميع ثمرات الحضور في المسجد هي ثمرات تربوية، فالمسجد مكان ترسيخ الأُخوّة الإيمانية، ومكان تحصيل العلم، وتحصيل الهداية، والاجتناب عن الخصال الذميمة، وتحصيل والحياء والخشية، وترك الذنوب، وانتظار الرحمة والنعمة، وجميعها خصال تربوية.

وقد قال الإمام الخميني في بدايات انتصار الثورة: يجب أن تكون المساجد مراكز للتربية الصحيحة. وأكثر المساجد كذلك بحمد الله تعالى([2]

ويقول: يجب أن تكون المساجد محالّاً للتربية والتعليم بالمعنى الحقيقي وبجميع الأبعاد([3] ). ولا شك في أنّ العلماء هم أهل الدور الأساس في ذلك؛ عبر فكرهم وتبليغهم وتعاملهم مع الناس.

وجوب الخمس من ضروري الدين أو المذهب:

أشرنا في بداية البحث لبعض العناوين المستفادة من مقدمة الإمام الخميني (قدس سره) لكتاب الخمس في تحرير الوسيلة، ومنها: هل الخمس من ضروريّ الدين أو المذهب؟ أم لا؟ وقبل الخوض في هذا العنوان لا بد من التدقيق فيه لأن عبارته تحتمل جوانب عديدة من البحث. وفيما يأتي نذكر هذه الجوانب بصورة أسئلة تتبعها الإجابات عنها:

1- هل يختص هذا العنوان بموضوع الخمس؟ أم يشمل باقي الأبواب الفقهية؟ من المعلوم أنّ هذا العنوان لا يختص بالخمس بل هو مطروح في أبواب الصلاة والزكاة والحج وغيرها.

2- لو ثبت لدينا أن الخمس (أو غيره من العناوين الفقهية) من ضروري الدين، فهل يُعتَبَر منكر ضروريّ الدين كافراً أم لا؟ وهذه المسألة أيضاً من المسائل السيالة في كثير من أبواب الفقه، وتترتب عليها آثارٌ معينة في نواحي الإرث والنكاح وغيرها.

3- لو قلنا أنّ منكر ضروري الدين خارج عن الإسلام، فهل نعتبر مُنكِرَ ضروري المذهب أيضاً خارجاً؟

4- ما المعيار في تشخيص ضروري الدين أو المذهب؟

5- لو قلنا أنّ إنكار ضروري الدين والمذهب يوجب الكفر، فهل يوجبُهُ مطلقاً أم في صورة العلم بأنّ هذا المورد من ضروري الدين؟

6- هل إنكار ضروري الدين بنفسه يستوجب الكفر؟ أمْ يكون كذلك لأنه ينتهي إلى إنكار الرسالة الإسلامية وتكذيب النبي(صلى الله عليه وآله)؟

جواب السؤال الأول:

الخمس ضروري من ضروريات الدين حاله حال الصلاة والزكاة والحج. وهذ ما اتفقت عليه كلمة أكثر علماء المسلمين.

يقول صاحب الجواهر وعلى كل حالٍ فالخُمسُ في الجملة مما لا ينبغي الشكُّ في وجوبهِ، بعد تطابُقِ الكتابِ والسنة والإجماعِ عليه، بل به يخرج الشاكُّ عن المسلمين، ويدخل في الكافرين، كالشكِّ في غيرهِ من ضرورياتِ الدين([4] ).

نلاحظ أن صاحب الجواهر ارتقى في البحث فاعتبر الشك في ضروري الدين مخرجاً عن الإسلام وموجباً للكفر، وهذا ظاهر عبارته.

ويقول السيد الخوئي لا إشكال كما لا خلاف في وجوب الخمس في الشريعة الإسلامية، وقد نطق به الكتاب العزيز والسنّة المتواترة، بل قامت عليه الضرورة القطعيّة على حدٍّ يندرج مُنكِرُهُ في سِلكِ الكافرين، وقد أصفقت عليه علماء المسلمين قاطبةً من الخاصّة والعامّة، وإنْ وقعَ الخلاف في بعض الخصوصيّات من حيثُ المورد والمصرف([5] ).

ويقول الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه: ((فهو على إجمالِهِ مما لا ريبَ فيهِ بل هوَ من الضروريات ِالتي يخرُجُ منكِرُها عن زُمرةِ المسلمين([6] ).

ويقول الشيخ الفاضل اللنكراني وجوبُ أصلِ الخُمسِ إنّما هو كالصلاة ونحوها؛ في أنّه من ضروريّات‌ الدين، ومن المسلّمات الإسلامية، ولم يختلف فيه أحد من فقهاء الفريقين([7] ).

فالمسألة تُعدُّ من الواضحات التي لم يقع فيها خلافٌ.


[1] الطبراني، سليمان بن أحمد، ج1 ص149.
[2] كلمات قصار، ص64.
[3] المصدر نفسه.
[7] تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الخمس والأنفال، ص7.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo