< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/01/30

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة أخلاقية:

مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌ نِعْمَ وَزِيرُ الْإِيمَانِ الْعِلْمُ وَ نِعْمَ وَزِيرُ الْعِلْمِ الْحِلْمُ وَ نِعْمَ وَزِيرُ الْحِلْمِ الرِّفْقُ وَ نِعْمَ وَزِيرُ الرِّفْقِ الصَّبْر.[1]

إن أصل الحديث في موضوع العلم، ولكنهُ تناوله من جوانب عديدة:

أولاً: ربط العلم بالإيمان والمسائل الاعتقادية.

ثانياً: ربط العلم ببعض الأوصاف الأخلاقية.

فالوزير هو الذي يحمل الثقل، والمؤمن إن لم يكن عالماً فلا يجد من يحمل الثقل معه، فلو تعلَّمَ العلم فكأنه اتخذ وزيراً، والوزير يقوي السلطان، فالإيمان سلطانٌ إلا أن بقاء سلطنته يحتاج لوزيرٍ صالحٍ أمينٍ؛ وهو هنا العلم.

بعد تأسيس هذا الربط بين العلم والإيمان نلتفت إلى معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾[2] ، فمن قوّى إيمانهُ بالعلم ارتقى بأخلاقه إلى درجة خشية الخاشعين.

ومن جهة أخرى لا بد للعالِمِ أن يعيش في المجتمع، ولا غنى له في المسائل الأخلاقية عن مخالطة أصناف شتّى؛ من عدوٍ وصديقٍ، وعالمٍ وجاهلٍ، وحليمٍ وسفيهٍ، فأوّلُ صفةٍ يحتاج إليها هنا هي الحلم.

والفرق بين الصبر والحلم أن الصبر وظيفةُ المؤمن في مواقف الغضب والشهوة. أما الحلم فهو وظيفتُهُ في سعيه لدفع الضرر عن الآخرين. وإنّ نجاةَ الإنسان من عِقابِ اللهِ هو ثمرةُ حِلمِ الله تعالى عنه.

فالخلاصة أنّ المؤمنَ يحتاجُ إلى العلم لتقوية الإيمان، والمؤمنُ العالِمُ يحتاج إلى الحلم لدفع الضرر عن الناس، ويحتاج إلى الرِّفقِ ليكون محبوباَ لديهم، ويحتاج إلى الصبرِ كي لا يُضِرَّ بنفسه في مواقف الغضب والشهوة.

الموضوع: تتمة الإجابة عن شبهة عدم تحصيل الخمس في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله):

تناولت كتب الفقهاء المعاصرين هذا الإشكال وأجابوا عنه، وذلك بالمناقشة في تفصيل الإشكال؛ فإذا كان كلام المستشكلُ عن عموم جوانب الخمس في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلا يُعتنى حينها بهذا الإشكال؛ لأنّ من الواضح أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أجرى أحكام الخمس في مال الغنائم. وهذا جليٌّ في كتب العامة. أما لو كان الاشكال في مطلق أرباح المكاسب وبناء على شمولية الغنيمة لكل الفوائد فنقول:

أولاً: هذا ادعاءٌ غير ثابت. والمتأمل في تاريخ الخمس يمكنه ذكر مواردَ عديدةٍ أجري فيها حكم الخمس في عصر النبي والأئمة (عليهم السلام)، حيث أُرسِلَ العمالُ لجمعِ الخمس، ولا شكَّ في أنه بعد شيوع الاسلام وانتشاره كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبعث العمّالَ لأخذ الصدقات والزكوات عملاً بقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [3]

ثانياً: نعم، لا ريب في أن بعث رسول الله العمال إلى المناطق لأخذ الخمس كان في موارد أقلّ من موارد جمع الزكاة. حيث انتشرت ظاهرة جمع الزكاة وباتت أسماء العمال عليه معروفة.

أما وفود جمع الخمس فقد كانت محدودة مقارنة بالزكاة. فيقول آية الله السيد حسين نوري الهمداني (حفظه الله) في تعليل ذلك ببيان تفصيلي جاء فيه:

لأنّ أکثر ثروة سکّان شبه الجزيرة العربية کانت يومذاک مِنَ الأنعام الثلاثة والنخل وقليل مِن الزرع، ومن المعلوم أنّ الأنعام الثلاثة والنخل وکذلک الزرع إذا کان حنطة وشعيراً وکرماً کان مما تتعلّق به الزکاة.

وأما التجارة فکانت يومذاک منحصرة بأهل مکة وبعض القبائل دون أغلبها، ووجوب خمس الأرباح حيث کان مشروطاً بزيادتها عن مؤنة السنة لم يکن هذا الشرط حينئذٍ متحققاً بالنسبة إلی أغلب الناس.

وأما المعادن فلم يکن معرفتها واستخراجها يومذاک شائعاً ومعمولاً في تلک الجزيرة. أما الغوص والکنوز فهما أمران قد يتفقان نادراً.

فلأجل ذلک کله لم يکن أخذ الأخماس ودفعها کأخذ الزکوات ودفعها محتاجاً الی نصب العمال وبعثهم مستقلاً، ولعلّ المأمورين بأخذ الزکوات کانوا مأمورين بأخذ الأخماس أيضاً فی مواردها؛ کما يظهر ذلک من کلامه (صلى الله عليه وآله): فقد رجع رسولکم وأعطيتم مِن الغنائم خمس الله عزّ وجلّ وما کتب علی المؤمنين مِن العُشر، في كتابه إلى ملوك حِميَر.

ويحتمل أنه قد كان له عمالٌ مأمورون بأخذ الأخماس مستقلاً، وقد أخذوها في مواردها ودفعوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ومضافاَ إلى ذلك فقد بعث النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض الموارد أشخاصاً إلى بعض القبائل لأخذ الخمس؛ منهم عمرو بن حزم لأهل اليمن، وأبيّ وعنبسة إلى قبيلتي هذيل وجذام، ورجل من بني سُليم يسمى محميّة، بعثه رسول الله لأخذ الأخماس وسائر الموارد ([4] ).


[4] انظر: الخمس في ضوء مدرسة أهل البيت، آية الله الشيخ حسين نوري الهمداني، ص106-110.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo