< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: العام و الخاص/ لزوم الفحص عن المخصص/

 

كان الكلام في الوجوه التي ذكرت لاثبات وجوب الفحص عن المخصص المنفصل فوصلنا الى الوجه الثالث و هو ما ذكره صاحب الكفاية من ان العمومات في الكتاب و السنة في معرض التخصيص فتختلف عن العمومات في الموالي العرفية، فان لم يطمئن بعدم حجية تلك العمومات التي هي في معرض التخصيص في بناء العقلاء فلا اقل من الشك في ذلك و الشك في الحجية مساوق للقطع بعدمها كيف و قد ادعي الاجماع على وجوب الفحص عن المخصص المنفصل، هل هذا لا يورث الشك ان لم يورث الاطمئنان بعدم حجية العام قبل الفحص عن المخصص المنفصل؟.

اشكل عليه السيد البروجردي بان مجرد كون العام في معرض التخصيص لا يفيد شيئا بل لابد ان يكون العام صادرا من مولى مقنن ليس دأبه إيصال خطاباته الى كل مكلف و انما دأبه جعل خطاباته في معرض الوصول فيجب على المكلفين بحكم العقل الفحص عن مظان تلك الخطابات.

نقول ان كان المراد من المعرضية مجرد احتمال التخصيص يتم اشكال السيد البروجردي فان مجرد احتمال المخصص المنفصل لا يكفي في الغاء حجية العام بل لابد ان يكون دأب المولى و عادته الاعتماد على المخصص المنفصل و اما ما ذكره السيد البروجردي من انه يكفي في لزوم الفحص عن المخصص المنفصل ان يكون دأب المولى نصب خطاباته في معرض الوصول لا إيصالها الى كل مكلف فهذا أيضا غير متجه، كيف و المفتي حينما يفتي يجعل فتواه في معرض الوصول و لا يوصلها الى كل مقلد فعلى المقلد ان يراجع الى مظان وجود فتوى المرجع و لكن هذا لا يكفي في الغاء حجية العام الصادر من المرجع، كما مثلنا بان السيد الخوئي صدّر فتوى عاما بجواز تزويج النصرانية و اليهودية و لم يقيد ذلك في كتاب النكاح بما اذا لم يكن للرجل زوجة مسلمة لم يستاذنها في الزواج بالمسيحية او اليهودية و انما وجدنا هذا المخصص المنفصل في كتاب الحدود و التعزيرات من منهاج الصالحين، كان يجب علينا الفحص؟ ابدا. نحن تعلمنا الفتوى العام و هذا الكلام العام حجة فتعلمنا الحجة على الحكم الشرعي ما هو الدليل على لزوم الفحص عن مخصصه المنفصل؟

فاذن لا يكفي مجرد كون دأب المولى جعل خطاباته في معرض الوصول في انه اذا وجد خطاب عام فلا يجوز ان يعمل به ما لم يفحص عن مخصصه المنفصل لانه ينقض بفتوى المراجع و القوانين الحكومية، الناس اذا وجدوا قانونا عاما و لم يجدوا مخصصا منفصلا له يعملون به و لا يلزمون انفسهم بالفحص عن المخصص المنفصل عن أبواب أخرى لكتاب القانون.

السيد السيستاني ذكر وجها آخر لوجوب الفحص عن المخصص المنفصل و هو ان الروايات الصادرة عن المعصومين عليهم السلام على قسمين، القسم الأول ما تكون في مقام الإفتاء و القسم الثاني روايات تكون في مقام التعليم، و الفرق بينهما: انه في القسم الأول روايات تكون في مقام بيان الوظيفة الفعلية للسائل فالسائل في مقام الاستفتاء عن وظيفته و الامام في مقام افتائه بذلك، و الروايات في القسم الثاني تكون في مقام تعليم الاحكام الكلية لتلامذة الامام عليه السلام كزرارة و محمد بن مسلم نظير طبيب يذهب الى الجامعة كلية الطب و يدرس تلامذته هناك و يبين لهم القضايا الكلية الطبية، دأب الأستاذ انه لا يلقي العام و المخصصات له في مجلس واحد، يلقي الخطاب العام في مجلس و يوضحه ثم في مجلس آخر يذكر المخصصات فالاعتماد على المخصص المنفصل في هذا القسم الثاني عرفي و لكن الاعتماد على المخصص المنفصل في القسم الأول مستهجن عرفا كما لو ان ذلك الطبيب في مركز عيادته حينما يأتي اليه مريض يبين له خطابا عاما و لكن يترك ذكر المخصص المنفصل الى مجال آخر؟ هذا مستهجن، فالروايات التي تكون على وزان الإفتاء لا يجب الفحص عن المخصص المنفصل فيها بل اذا وجد مخصص منفصل يكون معارضا للعام لا مخصص له لا يوجد بينهما جمع عرفي الا اذا كان العام الزاميا و الخاص ترخيصيا هنا لا بأس حتى في مقام الإفتاء الامام يأمره السائل بعمل و لا يبين له ان عمله ليس بواجب او انه في بعض الظروف يسقط وجوبه، يبين الامر بذلك الفعل بعنوان عام و لا يبين انه مرخص في تركه في بعض الأحيان و هذا يكون من السوق الى الكمال كما نحن نأمر أولادنا بعمل مستحب و لا نقول لهم هذا مستحب، هذا سوق الى الكمال لا بأس به و لكن اذا كان العام ترخيصيا و الخاص الزاميا فتاخير بيان الخاص موجب لالغاء المكلف في مفسدة خلاف الواقع، هنا لا يصح عرفا الاعتماد على المخصص المنفصل في رواية تكون في مقام الإفتاء و الاستفتاء و نرفع اليد عن ظهور الخطاب الخاص في الالزام بواسطة ذلك العام الدال على الترخيص في مقام الإفتاء.

ما هو مثال ذلك فقهيا؟ السيد السيستاني ذكر مثالا له و هو انه ورد في رواية صحيحة مكاتبة كتب جعفر بن محمد بن يونس الى الامام عليه السلام اني اشتري من السوق لباسا متخذا من جلد الحيوان الذي لا اعلم انه مذكى او ميتة فقال اشتري و صلي فيه ما لم تعلم انه ميتة، لم يقيد الامام ذلك بما اذا كان الشراء من سوق المسلمين بانه اذا كان الشراء من غير سوق المسلمين، من سوق مشترك بين المسلمين و غير المسلمين او سوق يغلب فيه الكفار، فلا تجري فيه امارية سوق المسلمين بل تجري اصالة عدم التذكية. لكن هذا الخطاب العام الترخيصي يرشدنا الى جواز الصلاة في لباس متخذ من جلد الحيوان يشك ان ذلك الحيوان مذكي او ميتة و هذا ما افتى به السيد السيستاني خلافا للمشهور حتى السيد الخوئي، فان السيد الخوئي في الجلود التي تستورد من الخارج من بلاد كافرة يقول حيث يشك ان هذا الجلد متخذ من جلد الحيوان المذكى فنحكم بطهارته لان استصحاب عدم التذكية لا يثبت كونه ميتة و الموضوع للنجاسة عنوان الميتة و لكن لا تجوز الصلاة فيه لان ما تجوز الصلاة فيه هو ما كان مذكى كما لا يجوز اكله لان موضوع ما يجوز اكله هو اللحم المذكي، السيد السيستاني يقول من هذه الصحيحة صحيحة جعفر بن محمد بن يونس استفدنا عموما ترخيصا و هو جواز الصلاة في جلد المشكوك التذكية سواءا اشتريناه من سوق المسلمين او من سوق غير المسلمين.

ان قلت ورد في معتبرة إسحاق بن عمار التفصيل بين سوق المسلمين و غير سوق المسلمين قال ان كان الغالب فيها المسلمين فلا بأس، مفهومه انه ان لم يكن للغالب في هذه البلدة المسلمين ففي الصلاة في هذا الجلد المشترى بأس يقول السيد السيستاني نحمل هذا البحث على البأس الكراهتي لان صحيحة جعفر محمد بن يونس كانت في مقام الإفتاء و الاستفتاء لم يكن السائل من الفقهاء كزرارة سائل عادي كتب الى الامام يسأله عن مسألة حتى يعمل بوظيفته الشرعية، فاذن الروايات التي تكون من القسم الثاني أي الروايات الواردة في مقام التعليم فيها يمكن اعتماد المتكلم على المخصص المنفصل و هذا عرفي و ما دام لم يفحص المراجع الى العام عن مخصص منفصل محتمل له لا يجوز و لا يحق له ان يعمل بالعام، لان من حق المولى في مقام التعليم ان يعتمد على المخصص المنفصل و لا يكشف ذكر العام بدون المخصص المتصل عن عدم وجود المخصص.

نقول يا سيدنا الله يحفظك انت بنفسك ذكرت في الأصول في مجال ان الروايات الواردة في مقام التعليم أيضا لها مدة مضروبة للتعليم أستاذ كلية الطب من حقه ان يعتمد على مخصص منفصل لكن الى متى؟ الى بعد سنوات؟ بعد ما صار متقاعد آن ذاك يصدر بيان انه صدر مني حينما كنت أستاذا في الجامعة عمومات الآن تذكر مخصصات لها؟!، هذا خارج عن المدة المضروبة للتعليم فمجرد ان المقام مقام التعليم لا يعني انه يحق للمعلم المدرس ان يؤخر ذكر المخصص المنفصل الى فترة تتجاوز عن المدة المضروبة للتعليم و قبل تجاوز المدة المضروبة للتعليم أصلا لا يمكن العمل بالعام فلو احتملنا ضياع مخصص صدر من هذا المدرس او احتملنا انّا في ذلك اليوم الذي اخذنا رخصة من الجامعة و لم نذهب الى الجامعة ذلك الأستاذ القى مخصصات للعام الذي القى علينا في الاسبوع الماضي نحن نحتمل ان هذا اليوم الذي لم نذهب الى الجامعة الأستاذ حضر في الصف و بيّن مخصصات لذلك العام الذي صدر منه في الأسبوع الماضي هل يحق لنا ان نعمل بذلك العام؟ لانه ضاع منا هذا المخصص ان صدر من المولى و لااحد يمكن ان نتصل به فيخبرنا عن المخصص في هذا اليوم لا يمكننا العمل بالعام فهل نلتزم بمثله في الروايات ضاع منا كتب ثلاثين كتاب تقريبا لابن ابي عمير ما ادري اشكت لاني ناسي، على أي حال كتب كثيرة هلكت بسبب نزول المطر عليها كتاب مدينة العلم للصدوق ضاعت و نحن نحتمل وجود مخصص منفصل فيها للعمومات التي بأيدينا و قد صدر ذلك المخصص المنفصل قبل مضي المدة المضروبة للتعليم فلا يمكننا العمل بالعام؟ و هذا يكشف ان العام و لو كان في مقام التعليم حجة و لا دليل على وجوب الفحص عن المخصص المنفصل للصادر من المولى بعد مضي المدة المضروبة لتعليم ذلك العام و اما المخصص الصادر و محتمل الصدور قبل مضي هذا المدة فيتعامل معه معاملة المخصص المتصل لان مجلس التدريس بعد باق و ان تأخر الى يوم آخر.

فاذن هذا الوجه الذي ذكره السيد السيستاني غير واضح.

الشيخ الحائري قدس سره في كتاب الدرر ذكر وجها او تقريبا للزوم الفحص عن المخصص و قال ان عادة الشارع جرت على الاعتماد على المخصصات المنفصلة كثيرا فصار المخصص المنفصل في كلامه بحكم المخصص المتصل في كلام غيره و لا اشكال في انه مع الشك في وجود المخصص المتصل لابد من الفحص و اليأس عن وجود المخصص المنفصل حيث ان عادة الشارع و دیدنه على الاعتماد على المخصصات المنفصلة كثيرا فكأن العرف يلغي الفاصل الزمني بين العام و المخصص و يعتبر صدور المخصص كانه في مجلس صدور الخطاب العام و يكون بحكم المخصص المتصل.

هل هذا الوجه تام ام لا سيأتي الكلام عنه في لیلة الاحد انشاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo