< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كفارة افطار الصوم المنذور

 

كان الكلام في كفارة حنث النذر و كان دليل المشهور من كون كفارة حنث النذر كفارة الافطار العمدي لصوم شهر رمضان روايتين: احداهما رواية عبدالملك بن عمرو: سألته عمن جعل لله عليه ان لايركب محرما سماه فركبه قال و لا اعلمه الا قال فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا، و هكذا صحيحة علی بن مهزيار رجل نذر ان يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علی اهله ما عليه من الكفارة فكتب يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة فاشكلنا علی الرواية الاولی بضعف سندها و ضعف دلالتها معا لان موردها اولا خصوص نذر عدم ارتكاب الحرام و ثانيا التعبير فيها انه لااعلمه الا قال و هذا ظاهر في انه كان يظن انه تكلم بهذا الكلام و الا فلم يكن هناك وجه لان يقول و لااعلمه الا قال. و اما الرواية الثانية فقلنا باختصاصها بالجماع في نذر الصوم و نحتمل فيه خصوصية كما انه لاجل الصحيحة الاخری‌ لابن مهزيار في خصوص هذا المورد قال عليه اطعام سبعة مساكين و الشهيد الثاني في المسالك قال هذا قطعا وقع فيه التصحيف و الصحيح كما في المقنع الذي بخط الصدوق عند الشهيد بدل سبعة مساكين عشرة مساكين، و هناك وجه آخر لكون كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان و هو ان النذر اشد من العهد، العهد مع الله مجرد التزام لعمل، عاهدت الله ان اصوم غدا، تعهد و التزام بينما ان النذر تمليك، لله علیّ ان اصوم غدا، هذا تمليك للصوم، لله سبحانه و تعالی و المرتكز العقلائي علی ان التمليك اشد من الالتزام، ‌الذي يعد صديقه بعمل يلتزم له ان يعمل بهذا العمل و لكن حينما يصير اجيرا له يملّكه هذا العمل فوجوب قيامه لهذا العمل المؤجّر عليه اشد و آكد فكيف تكون كفارة العهد كفارة الافطظار العمدي لصوم شهر رمضان و لاتكون كفارة حنث النذر هكذ بل تكون كفارة حنث النذر اخف؟ هذا غير عرفي.

و الجواب عنه اولا: لا دليل علی ان النذر تمليك. السيد الحكيم رحمة الله عليه في المستمسك مصر علی ان لام في لله علیّ كذا لام التمليك، الله سبحانه و تعالی‌ يملك في ذمتي هذا العمل، لا سيدنا، ‌اللام ليس ظاهرا في التمليك فلعله لام الالتزام، لك علی ان افعل يعني التزم لصالحك ان افعل كذا. و ثانيا: غاية ما ذكرتم سريان المعارضة بينما سيأتي من روايات يستدل بها علی ان كفارة‌ حنث النذر كفارة‌ اليمين و ما دل علی ان كفارة العهد كفارة افطار صوم رمضان‌ بعد ان استدلتم بهذا الوجه علی الملازمة بين كفارة حنث النذر و كفارة حنث العهد، قلتم بان النذر اشد من العهد فلو الدليل علی ان كفارة حنث النذر كفارة‌ اليمين فبالاولوية تدل علی ان كفارة حنث العهد كفارة اليمين لا اشد من ذلك، فتكون معارضة مع ما دل علی ان كفارة حنث العهد كفارة افطار شهر رمضان.

هذا بالنسبة‌ الی دليل قول المشهور في ان كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان. و اما دليل قول من يقول كفارة حنث النذر كفارة اليمين و من يقول بذلك في المعاصرين هو السيد الخوئي و السيد السيستاني. استدلوا بروايتين احدهما رواية حفص سألته عن كفارة النذر فقال كفارة النذر كفارة اليمين و قد اشكلنا عليها بضعف سندها و الرواية الثانية صحيحة الحلبي قال ان قلت لله علیّ فكفارة يمين، و السيد الخوئي استدل بهذه الصحيحة علی ان كفارة حنث النذر كفارة‌ يمين. و لكن قلنا بان من المحتمل انه يستحب ان لم‌يجب كفارة يمين في النذر غير المنعقد، ورد روايات في ذلك ففي صحيحة جميل بن صالح عن ابي الحسن موسی عليه السلام كل من عجز عن نذر نذره فكفارته كفارة يمين. اذا عجز عن نذر نذره خب ينحل النذر لاينعقد، و لكن مع ذلك قال كفارته كفارة‌ يمين. بل يمكننا التمسك بمفهوم هذه الصحيحة علی ان من حنث نذره متعمدا فتختلف كفارته عن كفارة هذا الذي عجز عن نذر نذره، كل من عجزعن نذر نذره فكفارته كفارة يمين، الظاهر العرفي من هذا التعبير ان حكمه ليس مساويا لحكم من وجب عليه الوفاء بالنذر و حنث نذره، كفارته تختلف و هكذا في موثقة عمرو بن خالد عن ابي جعفر عليه السلام قال النذر نذران فما كان لله فف به و ما كان لغير الله فكفارته كفارة‌ يمين. شوفوا! النذر ندران فما كان لله فف به و ما كان لغير الله فكفارته كفارة يمين، و لاجل ذلك نری انه ماكوه چاره الا ان نلتجيء الی مقتضی الاصل العملي و هو الاحتياط باعطاء ستين مسكينا كل مسكين مد من الطعام و انه احتياط في فرض العلم الاجمالي بثبوت كفارة افطار شهر رمضان أو كفارة اليمين.

السيد الزنجاني قال حتی لو قلنا بتمامية دلالة صحيحة الحلبي علی ان كفارة حنث النذر كفارة اليمين مع ذلك هذه الصحيحة معرض عنها، لم‌يفت بمضمونها احد من قدماء الاصحاب، العلامة‌ الحلي و ان نقل في المختلف عن الصدوق انه كان يفتي بمضمون هذه الصحيحة، لكن النقل ليس صحيحا، الموجود في كتاب المقنع هكذا: فان خالف نذره لزمته الكفارة صيام شهرين متتابعين و روي كفارة يمين، و روي كفارة‌ يمين. و قد ادعی‌ في الخلاف و الانتصار و الغنية الاجماع علی كون كفارة حنث النذر كفارة افطار صوم رمضان. يقول اذان خبر عبدالملك بن عمرو مجمع عليه بين اصحابنا و خبر الحلبي شاذ نادر و المجمع عليه بين اصحابك فيؤخذ به و يترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع عليه لاريب فيه كما ورد في مقبولة ابن حنظلة.

انا اقول اولا لم‌يثبت لنا حجية رواية عبدالملك بن عمرو حتی تعارض صحيحة الحلبي. و ثانيا لم‌يثبت اعراض المشهور عن صحيحة‌ الحلبي لعلهم جمعوا بين هذه الروايات بحمل صحيحة الحلبي علی فرض العجز عن كفارة صوم رمضان كما صرح بذلك الشيخ الطوسي في التهذيب و الاستبصار. فاذن لايتم كلام السيد الزنجاني حيث رجّح ما دل علی ان كفارة‌ حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان بمقتضی ان تلك الرواية مجمع عليها بين الاصحاب و رواية ان كفارته كفارة حنث اليمين معرض عنها بين الاصحاب، هذا البيان لايتم. و لكن مع ذلك قلنا بان مقتضی الاحتياط قضاءا لمنجزية العلم الاجمالي اطعام ستين مسكينا.

اما دليل القول الثالث و هو التفصيل بين نذر صوم يوم معين فلو لم‌يصم كان عليه كفارة افطار شهر رمضان و بين نذر غير الصوم فعليه كفارة اليمين، هذا التفصيل الذي اختاره جماعة من الاعلام المتقدمين فلعله وجهه تخصيص صحيحة الحلبي بصحيحة علی بن مهزيار الواردة فيمن نذر ان يصوم يوما و لكن ذكرنا ان هذه الصحيحة مختصة بمن وقع علی اهله، اذا تريدون تركزون علی صحيحة ابن مهزيار فموردها ليس مطلق نذر الصوم و ترك الصوم، لا، نذر الصوم فجامع اهله، كما ان رواية عبدالملك بن عمرو موردها نذر ترك الحرام.

السيد الزنجاني هنا قال نحن نؤمن بنظرية انقلاب النسبة، لاتتعجبون، نقبل، مع اننا نناقش في كثير من الوجوه التي تذكر في الفقه كجمع عرفي لكن هنا نقول نعترف و نؤمن بنظرية انقلاب النسبة و نطبق هذه النظرية‌ علی المقام فيثبت هذا القول الثالث. اشلون؟‌ صحيحة ابن مهزيار دلت علی ثبوت كفارة افطار شهر رمضان في خصوص حنث نذر الصوم، فقيّدت صحيحة الحلبي الدالة علی ان كفارة حنث النذر كفارة اليمين، فاختصت صحيحة الحلبي بغير نذر الصوم و هذه الصحيحة صارت اخص مطلقا من رواية عبدالملك بن عمرو الدالة علی ان كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان فنقول كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان في خصوص نذر الصوم.

ثم اشكل عليه و قال نذر الصوم ليس نذرا لترك الحرام، فكيف نحمل رواية عبدالملك بن عمرو علی خصوص نذر الصوم؟ مورد رواية عبدالملك بن عمرو نذر ان لايرتكب محرما، غايته ان من نذر الصوم نذر فصار الصوم بالنذر واجبا و مورد رواية عبدالملك بن عمرو نذر ترك الحرام، اقول:‌ مورد صحيحة بن مهزيار نذر المستحب لا نذر الواجب و لا نذر ترك الحرام، نذر المستحب، حتی لو الغينا الخصوصية من مورد رواية عبدالملك بن عمرو حيث كان موردها نذر ترك الحرام الی نذر فعل الواجب و قلنا بان هذه الرواية كما دلت علی ان نذر ترك الحرام لو حنث المكلف لهذا النذر يوجب كفارة افطار شهر رمضان فكذلك بالغاء الخصوصية نقول من نذر فعل واجب فتركه عليه كفارة افطار شهر رمضان، فأين علاقته بمورد صحيحة ابن مهزيار فان موردها نذر المستحب و ان كان يصير واجبا بالعرض بمقتضی وجوب وفاء النذر.

و كيف كان، فحاصل ما ذكرناه ان نظرية انقلاب النسبة حتی لو قبلناها و لانقبلها لاتنطبق علی المقام.

و اما دليل القول الرابع و هو ان من حنث نذره فان قدر و تمكن فيكفر مثل ما يكفر الذي افطر متعمدا في نهار شهر رمضان و ان لم‌يتمكن فيكفر كما يكفر من حنث يمينه فقد استدل الشيخ الطوسي في التهذيب بصحيحة جميل بن صالح من عجز عن نذر نذره فكفارته كفارة اليمين. لم‌افهم، مورد هذه الصحيحة من عجز عن نذر نذره لا من عجز عن كفارة حنث النذر التي هي كفارة افطار شهر رمضان فرضا، من عجز عن نذر نذره كيف تحملون هذه الرواية علی العجز عن اداء الكفارة الاختيارية لحنث النذر؟ مضافا الی ان لازم ذلك حمل صحيحة الحلبي التي تقول كفارة حنث النذر كفارة اليمين علی فرض الاضطرار و العجز عن اداء كفارة الافطار العمدي لصوم رمضان و هذا ليس جمعا عرفيا، لان حالة العجز ليست حالة الغالبة علی المجتمع، حالة نادرة، حالة استثنائية، فلايمكن حمل المطلق عليها.

و بذلك تم الكلام حول كفارة حنث النذر فلم نصل لا علی قول المشهور من كون كفارته كفارة الافطار العمدي كما لم‌نصل بما وصل اليه السيد الخوئي و السيد السيستاني من ان كفارته كفارة‌ اليمين، و بقينا متحرين فالتجأنا الی الاصل العملي و قلنا بان مقتضی الاصل العملي هو الاحتياط.

و اتعجب من بعض الاعلام المحشين علی العروة وافقوا علی انه لو وصلت النوبة الی الاصل العملي تجري البراءة عن وجوب اكرام اكثر من عشرة مساكين. عجيب هذا! لان العلم الاجمالي كيف يتوهم انحلاله؟ اك علم اجمالي بانه إما يجب الجامع بين اطعام ستين مسكينا أو صوم ستين يوما أو يجب الجامع بين اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، و في جريان البراءة عن كل منهما اثر، فاذا جرت البراءة عن وجوب الجامع الاول فيمكن ترك اطعام ستين مسيكنا و ترك ستين يوما و اختيار كسوة عشرة مساكين و بذلك يتخلص من معذورة المخالفة القطعية للعلم الاجمالي، كما ان البراءة عن وجوب الجامع الثاني و هو وجوب الجامع بين اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، اثرها انه يمكن ترك اطعام عشرة مساكين و كسوة عشرة مساكين و ترك المخالة القطعية للعلم الاجمالي بصوم ستين يوما. فالبراءة عن ذلك الجامع تتعارض مع البراءة‌ عن هذا الجامع و تكون النتيجة الاحتياط و يمكن الاكتفاء في مقام الاحتياط باطعام ستين مسكينا كما ذكره السيد الخوئي و نعم ما قال.

يقع الكلام في كفارة افطار صوم الاعتكاف في اليوم الثالث يجب الاعكتاف و يجب الصوم؟ فلو افطر صومه في الاعتكاف ماذا يصنع؟ فالامرأة المسكينة لو راحت للاعتكاف فاعتكفت و نوت صوم القضاء في اليوم الثالث قالوا له ميصير، تنوي صوم القضاء، صوم الاعتكاف واجب عليك في اليوم الثالث و لا يجتمع الصوم الواجب للاعتكاف مع صوم القضاء الذي هو واجب آخر، ‌يكون تنوين صوم الاعتكاف. فابطلوا اعتكافها لانها نوی الصوم الاعتكاف مع انه كان عليها قضاء الصوم و كان يجب عليها نية قضاء الصوم و بذلك كان يتحقق الصوم الواجب في الاعتكاف، ابطلوا اعتكاف هؤلاء الذين لايعرفون الاحكام و صاروا مرشدين للناس، يا ابه روحوا تعلموا الاحكام تعلموا المسائل الشرعية بعد ذلك روحوا بيّنوا للناس الاحكام. فعلی اي حال ماذا تصنع. خب هذه المرأة المسكينة جاهلة قاصرة و لكن نتكلم انه اذا ابطلت اعتكافها بعدم الصوم في اليوم الثالث للاعتكاف ماذا تصنع، ان‌شاءالله نتكلم عن ذلك في الليلة القادمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo