< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كفارة افطار الصوم المنذور

 

كان الكلام في كفارة حنث النذر، بمناسبة انه اذا نذر ان يصوم صوما معينا و لكنه حنث نذره و افطر في ذلك اليوم ما هي كفارته؟ لاجل ذلك دخلنا في بحث كفارة حنث النذر.

قلنا بان المشهور ان كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان و هي عتق رقبة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا و هذا ما ذهب اليه السيد الخميني و السيد الزنجاني. و لكن جماعة من الاعلام المتقدمين و المتأخرين قالوا بان كفارة حنث النذر كفارة حنث اليمين و هي اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة و من لايقدر علی ذلك يصوم ثلاثة ايام كما ورد في الآية الكريمة. و قد ذهب الی ذلك الصدوق في الفقيه و المحقق في المختصر النافع و الشهيد الثاني في المسالك و السيد الخوئي و السيد السيستاني و الشيخ التبريزي فقالوا بان كفارة حنث النذر كفارة حنث اليمين. و القول الثالث التفصيل بين حنث نذر الصوم فكفارته كفارة افطار شهر رمضان و بين حنث نذر غير الصوم فكفارته كفارة اليمين و قي حكي هذا التفصيل عن السيد المرتضي في المسائل الموصليات و كذلك حكي عن ابن ادريس في السرائر و العلامة الحلي في غير المختلف و صاحب الوسائل هكذا جمع بين الاخبار. القول الرابع التفصيل بين فرض القدرة فتجب كفارة‌ افطار شهر رمضان و فرض العجز عن كفارة افطار شهر رمضان فتجب كفارة يمين و قد ذهب اليه الشيخ الطوسي في التهذيب و الاستبصار و كذا السيد المرتضي في الانتصار و قال مما انفردت به الامامية ان من خالف النذر حتی فات فعليه كفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا فان تعذر عليه الجميع كان عليه كفارة يمين. و قد حكي هذا التفصيل عن العلامة الحي في المختلف.

الان كلامنا في دليل المشهور. قلنا بان استدل لمشهور من كون كفارة حنث النذر كفارة‌ افطار شهر رمضان مطلقا، استدل برواية‌ عبدالملك بن عمرو و صحيحة علی بن مهزيار: رجل نذر ان يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علی اهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة.

و قال السيد الخوئي تبعا لصاحب المدارك انه كفارة عتق رقبة موجودة في كل من كفارة افطار شهر رمضان و كفارة حنث اليمين و في كلي الموردين وجوب عتق الرقبة تخييري و ليس تعييني فلاندري ما هو عدله،‌ عدله صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا أو عدله اطعام عشرة مساكين أو كسوة عشرة مساكين و هذا كفارة حنث اليمين.

و لكن نحن قلنا بان من البعيد عن نظر العرف ان يبيّن كفارة‌ حنث اليمين باغلظ خصالها و هي عتق رقبة مؤمنة، هذا خلاف العرف، عليه اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة، الامام يجيء يركز علی تحرير رقبة مؤمنه؟ هذا خلاف متفاهم العرفي بينما انه لو كان كفارة افطار شهر رمضان هذا عرفي يعتق رقبة‌ أو يصوم ستين يوما أو يطعم ستين مسكينا.

و لكن مورد هذه الصحيحة خصوص الجماع، جامع اهله، و نحن نحتمل خصوصية بالنسبة الی الجماع، لماذا ابطل صومه المنذور بالجماع، فعليه عتق رقبة.

و قد يقال بوجود معارض لتلك الروايتين نری المعارض لتلك الروايتين، المعارض الاول صحيحة علی بن مهزيار: قال كتب بندار مولی ادريس يا سيدي! نذرت ان اصوم كل يوم سبت فان انا لم‌اصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب عليه السلام و قرأته لاتتركه الا من علة و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض الا ان تكون نويت ذلك يعني اذا نذرت الصوم فان نويت ان تصوم و لو كنت في سفر جاز لك الصوم في سفر و الا فلا، و ان كنت افطرت منه من غير علة فتصدق بقدر كل يوم علی سبعة مساكين، يعني كفارة حنث النذر في الصوم صارت اطعام سبعة مساكين.

الشهيد الثاني في المسالك قال قطعا هذه العبارة‌ مصحفة، في هذه العبارة‌ تصحيف و تحريف، لابد ان تكون العبارة‌ هكذا: تصدق بقدر كل يوم علی عشرة مساكين فابدلت العشرة بالسبعة سهوا من النساخ، و الشاهد علی ذلك كلام الصدوق في المقنع فان نذر الرجل ان يصوم كل يوم سبت أو احد أو سائر الايام فليس عليه ان يتركه الا من علة و ليس عليه صومه في سفر و لا مرض الا ان يكون نوی ذلك فان افطر من غير علة تصدق مكان كل يوم علی عشرة مساكين.

يقول الشهيد الثاني لاتقولوا لعل نسخة المقنع مغلوطة، يقول: لا، كتاب المقنع بخط الصدوق عندي، و قد اورد متن هذه الرواية.

و هذا الذي ذكره مو بعيد. يعني سبعه مساكين يعني ان كفارة حنث النذر اقل من كفارة حنث اليمين. فاذن صار كفارة حنث نذر الصوم اطعام عشرة مساكين و هي كفارة اليمين.

لكن قد يقال بان صحيحة ابن مهزيار الاولی‌ اخص مطلقا من هذه الصحيحة، لانه في الصحيحة الاولی كان الافطار بالجماع و هذه الرواية مطلقة، فان افطر من غير علة تصدق بقدر كل يوم علی عشرة مساكين. فمقتضی الصناعة التي الاصوليون يؤمنون بها في مقام الجمع العرفي ان نقيد هذه الصحيحة‌ الثانية‌ بغير الافطار بالجماع.

و لكن الانصاف ان بيان عام يقول بان كفارة افطار للصوم المنذور اطعام عشرة مساكين من دون ان يقيد هذا الخطاب بقيد متصل انه في غير الجماع مع الاهل ثم في خطاب آخر يقول اذا جامع اهله يعتق رقبة مؤمنة، هذا ليس عرفيا، و العرف يقول يقوی في الذهن ان يكون اختيار عتق رقبة مؤمنة من باب احدی خصال كفارة اليمين لكن الامام عليه السلام خصّ هذه الكفارة بالذكر لمصلحة، مو بعيد، الامام قد يستخدم اساليب في وعظ الناس، حتی غير الامام عليه السلام مثلا انت اذا شخص ثري عنده فلوس، تختار مثلا تقولوا له في زكاة الفطرة ادفع قيمة الارز و هو يقبل و اما اذا شخص كل شيء ما عنده تقول له روح ادفع قيمة الخبز، اشگد قيمة الخبز بمقدار ثلاث كيلوات خبز، حتی الحنطة و الشعير و امثال ذلك، لان قيمة الخبز مو غالية، بمناسبات مختلفة‌ هذا غني ذاك فقير، بمناسبة ظروف السائل قد تختار له فردا خاصا من الكفارات أو من زكاة الفطرة و نحو ذلك. هذا مقتضی الجمع العرفي.

الرواية الثانية التي قيل بانها معارضة لما دل علی ان كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان رواية حفص بن غياث:‌ عن ابي‌عبدالله عليه السلام سألته عن كفارة‌ النذر فقال كفارة النذر كفارة‌ اليمين.

تارة يقع الكلام في سند هذه الرواية و اخری‌ في دلالتها:

و اما سندها فيشتمل علی عدة رواة:

الاول القاسم بن محمد. السيد الخوئي قال القاسم بن محمد هو الجوهري، و القاسم بن محمد الجوهري ثقة بنظر السيد الخوئي لوروده في تفسير القمي، ببالي. الظاهر ان هذا القاسم بن محمد ليس هو الجوهري، نحن ايضا نوثّق الجوهري لرواية‌ صفوان و ابن ابي عمير عنه لكن الظاهر انه ليس هو الجوهري و انما هو الاصفهاني المعروف بالكاسولا، و القاسم بن محمد الاصفهاني لم‌يوثق بل ذكر النجاشي انه لم‌يكن بالمرضي.

لماذا اقول هذا القاسم بن محمد ليس هو الجوهري؟ لان الراوي عن القاسم بن محمد الجوهري هو الحسين بن سعيد بينما ان الراوي عن القاسم بن محمد هنا هو علی بن محمد القاساني. و لااقل من عدم ثبوت كون هذا القاسم بن محمد هو الجوهري، يكفي الاحتمال و عدم احراز انه هو الجوهري.

و اما بقية الروات فيمكن توثيقهم. فان سليمان بن داود المنقري قد وثقه النجاشي، و حفص بن غياث ذكر الشيخ الطوسي ان الطائفة‌ عمل برواياته، فالاشكال من ناحية القاسم بن محمد الذي لااقل من انه يحتمل كونه هو الاصفهاني المعروف بكاسولا. و لكن دلالتها واضحة.

الرواية الثالثة صحيحة الحلبي عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال ان قلت لله علیّ فكفارة يمين.

السيد الخوئي قال نستدل بهذه الصحيحة ايضا علی ان النذر كفارته كفارة اليمين. و ما دل علی ان كفارة حنث النذر كفارة الافطار في شهر رمضان سبق عدم تمامية دلالتها أو سندها. فينحصر الدليل المعتبر بما دل علی ان كفارة حنث النذر هي كفارة اليمين.

و لكن توجد مناقشة بالنسبة الی صحيحة الحلبي اذكر هذه المناقشة: يقال ان قلت لله علیّ ما ورد في لله علیّ ماذا، ان قلت لله علیّ اما لله علی شنو؟ ان اصوم؟ ان اصلي؟ ان اتصدق؟‌ كل شيء ما قلت، ان قلت لله علیّ فكفارة يمين، من يقول لله علیّ فلابد ان يدفع كفارة اليمين، ليش قلت لله علیّ؟.

في البداية‌ تتعجبون شنو يعني يقول الانسان لله علیّ يدفع كفارة يمين؟ شنو؟

لا، يقال: الصدوق روی باسناده عن الحلبي قال و سألته عن الرجل يجعل عليه نذرا و لايسميه قال ان سمّيته فهو ما سمّيته و ان لم‌تسمّ شيئا فليس بشيء فان قلت لله علیّ فكفارة يمين. قد يقال بان هذا الذيل متعلق بالجملة المتوسطة، و ان لم‌تسمّ شيئا فليس بشيء كانه قال و لكن لو قلت لله علیّ ادفع كفارة يمين. كما يؤيد ذلك ما في كتاب غوالي اللئالي من نذر نذرا لم‌يسمّه فكفارته كفارة يمين و من نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة‌ يمين و من نذر ما لايطيق فكفارته كفارة‌ يمين،‌ هذا لاينافي ان من نذر نذرا راجحا و انقعد نذره فحنثه يكون عليه كفارة افطار شهر رمضان.

هذه هي المناقشة الدلالية، ان تمت هذه المناقشة فلا دليل علی ان كفارة حنث النذر كفارة اليمين. فهل هناك جواب عن هذه المناقشة الدلالية ام لا، نتكلم عن هذه في ليلة الاحد ان‌شاءالله،‌ فانه ان كان هناك جواب عن هذه المناقشة نكون مثل السيد الخوئي و السيد السيستاني نقول بان كفارة حنث النذر كفارة اليمين.

و ان لم‌نقدر ان نجيب عن هذه المناقشة الدلالية فلا بد ان نرجع الی مقتضی الاصل العملي و هو الذي ذكرناه انه يلزم اطعام ستين مسكينا حتی يكون في مقام الامتثال جمع بين الكفارتين فان اطعام ستين مسكينا كفارة افطار شهر رمضان و يشتمل علی كفارة اليمين، ان وصلنا الی الاصل العملي فهذا هو المقتضی الاصل العملي بعد وجود علم اجمالي كما ذكرنا امس بانه إما ان كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان فيجب الجامع بين صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا أو ان كفارته كفارة اليمين فيجب جامع آخر و هو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم و لا قدر مشتركة بينهما بلحاظ متعلق التكليف. نعم في مقام الامتثال بعد منجزية‌ العلم الاجمالي يكفي اطعام ستين مسكينا. هل ننجبر ان نعمل بمقتضی هذا الاصل العملي ان لا، يمكن الجواب عن تلك المناقشة الدلالية التي كان حاصلها ان مفاد هذه الرواية لعله ان من قال لله علیّ و لم‌يسم شيئا يكون يدفع كفارة يمين و لو قلتم بان هذا مو محتمل يكون واجبا يحمل علی الاستحباب، هل هذه المناقشة الدلالية تامة ام لا نتكلم عن هذا في ليلة‌الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo