< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كفارة افطار الصوم المنذور

 

يوجد مطلبان اتعرض اليهما قبل الاستمرار في البحث عن كفارة حنث النذر:

المطلب الاول: تمسك السيد الخوئي لنفي حرمة الافطار قبل الزوال في صوم القضاء بصحيحة جميل، عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال في الذي يقضي شهر رمضان انه بالخيار الی زوال الشمس فان كان تطوعا فانه الی الليل بالخيار، ثم قال تقيد هذا الاطلاق بصحيحة عبدالرحمن الدالة علی انه ان نوی من الليل الصوم فلايفطر قبل الزوال و ان افطر بعد الزوال فعليه كفارة بحمل صحيحة جميل علی الذي نوی القضاء بعد طلوع الفجر حمل علی الفرد النادر تحمل صحيحة جميل التي تقول في الذي يقضي شهر رمضان انه بالخيار الی زوال الشمس تحملها علی ما لو نوی صوم القضاء بعد طلوع الفجر في النهار هذا حمل علی الفرد النادر، هذا ما ذكرناه في البارحة.

انا في البارحة اعرضت عن طرح هذه الرواية مع اني كنت ملتفتا اليها و الوجه في ذلك انه لم‌يذكر في هذه الرواية الصحيحة انه بالخيار في الافطار، الذي يقضي شهر رمضان انه بالخيار، بالخيار في نية القضاء أو بالخيار في الافطار؟ السيد الخوئي قال: لا، قطعا المراد انه بالخيار في الافطار لان المفروض في موضوع هذه الرواية الذي يقضي شهر رمضان، يعني نوی صوم القضاء، هو بالخيار الی الزوال يعني هو بالخيار الی افطار صوم القضاء. و لكن في نفسي شيء: هذا تعبير عرفي، يقصد انه يريد ان يقضي شهر رمضان، عليه القضاء فيقضي شهر رمضان، كانه قال الذي يقضي شهر رمضان متی‌ ينوي صوم القضاء؟ هذا امر بعيد؟ ليس بعيدا ان يكون سؤاله ان الذي يقضي شهر رمضان يعني يريد يقضي شهر رمضان و هو يقضي شهر رمضان لانه مبتلی بالقضاء فلابد ان يقضي، يقضي شهر رمضان، ما قال هل يجوز له ان يفطر، لعل المراد من السؤال انه الی متی يمكنه نية الصوم؟ فلعل المراد منه ذلك و لايمكن التمسك بالاطلاق لاننا ذكرنا مرارا ان الاطلاق انما ينعقد فيما اذا تم الكلام تصور و اما اذا كان الكلام ناقصا تصورا فكيف نجري فيه اصالة الاطلاق. في الذي يقضي شهر رمضان بالخيار الی زوال الشمس، بالخيار في شنو؟ بالخيار في الافطار؟ بالخيار في نية الصوم؟ في ايّ شيء؟‌ هنا يشكل التمسك بالاطلاق فلاجل هذه النكتة انا امس لم‌اتعرض لهذه الرواية و اتعب نفسي بذكر ثلاث روايات و ادعيت ان مجموعة هذه الروايات الثلاثة توجب الوثوق بصدور واحدة منها.

المطلب الثاني: احتملنا في موثقة عمار انه حينما ينفي في هذه الموثقة الكفارة بقوله قد اساء و ليس عليه شيء الا قضاء ذلك اليوم قلنا بانه يحتمل ان يكون مختصا بمن نوی بعد طلوع الفجر صوم القضاء فيسأل ان نوی الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس الامام يقول ليس عليه شيء بخلاف من نوی صوم القضاء من الليل، انا استظهر ان موثقة عمار ظاهرة في هذا المعنی. اقرأ الموثقة: الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان و يريد ان يقضيها متی يريد ان ينوي الصيام قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوی الصوم فليصم سئل فان نوی الصوم يعني هذا الذي لم‌ينو الصيام من الليل متی يريد ان ينوي الصيام قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس ظاهره انه لم‌ينو الصوم من الليل هذا الذي لم‌ينو الصوم من الليل ان نوی الصوم يعني قبل الزوال ثم افطر بعد ما زالت الشمس ليس عليه شيء يعني ليس عليه كفارة. و بذلك نقيد ما دل علی ثبوت الكفارة علی من افطر بعد الزوال في صوم القضاء علی ما اذا كان ناويا لذلك من الليل كان ناويا لصوم القضاء من الليل.

ان قلت: غاية الشيء ان هذه الموثقة مجملة، تنفون اطلاقها مي‌خالف، تقولون ليست مطلقة‌ و ظاهرة في شمولها لمن نوی الصوم من الليل،‌ مي‌خالف اما انه تدعون ان هذه الموثقة ظاهرة في خصوص من لم‌ينو الصوم القضاء من الليل و انما نواه بعد طلوع الفجر دعوی الاختصاص صعبة لانه في السؤال ورد هو بالخيار الی ان تزول الشمس، ما ورد في السؤال و الجواب انه نوی الصوم بعد طلوع الفجر، هو بالخيار ان شاء نوی من الليل ان شاء نوی قبل الزوال.

نقول: لو فرضنا تمامية هذه الدعوی لو فرضنا ان هذه الرواية مجملة، مي‌خالف مع ذلك نقول امر الموثقة يدور بين ان تكون مخصصة لما دل علی ثبوت الكفارة لمن افطر في قضاء صوم رمضان بعد الزوال بان تجعلها مختصة بما اذا نوی من الليل، و بين ان تكون هذه الموثقة مطلقة و توجب حمل تلك الروايات علی استحباب الكفارة. بناءا علی ما ذكرنا من انه اذا وصلت النوبة الی الجمع الحكمي بحمل ما دل علی ثبوت الكفارة علی الاستحباب نلتزم به. فهذه الموثقة لا محالة قرينة بالنسبة الی ما دل علی ثبوت الكفارة لمن افطر في صوم القضاء بعد الزوال، القدرالمتيقن ان هذه الموثقة قرينة علی ان نقول بان من لم‌ينو الصوم القضاء من الليل ليس عليه كفارة، هذا هو القدرالمتيقن من قرينية هذه الموثقة. و اما من نوی صوم القضاء من الليل فلانحرز قرينية‌ هذه الموثقة حتی نتصرف لاجلها في ظهور ما دل علی ثبوت الكفارة بالنسبة الی هذا الذي نوی صوم القضاء من الليل.

ننتقل الی البحث عن كفارة حنث النذر:

حيث ان السيد الزنجاني آخر شيء تكلم عن مقتضی الاصل العملي فقال اذا تردد كفارة حنث النذر بين كونها كفارة اليمين أو كفارة افطار شهر رمضان فيجزي المكلف ان يطعم عشرة مساكين و تجري البراءة عن وجوب اطعام ستين مسكينا لدوران الامر بين الاقل و الاكثر.

هذا الكلام مو صحيح. لماذا؟ انا اذكر لكم مثالا: انتم تعلمون بثبوت كفارة عليكم لاتعلمون ان هذه الكفارة كفارة صوم رمضان أو كفارة يمين، اك العلم الاجمالي الذي نحن مبتلين بهذا العلم الاجمالي صباحا و مساءا و ليلا و نهارا!! علمت اجمالا بانه إما وجب عليّ كفارة افطار صوم رمضان أو كفارة حنث يمين، لابد ان تحتاطون باطعام ستين مسكينا لا باطعام عشرة مساكين. ليش؟ وقع جمع من الاعلام في هذا الاشتباه حيث اجروا البراءة عن وجوب اطعام ستين مسكينا، راجعوا العروة و تعاليق العروة تجدون من اشتبه في هذا الامر،‌ بعض الاعلام، ما اذكر اسماءهم، لماذا اقول هذا العلم الاجمالي منجز و لاتجري البراءة لانه يعلم اجمالا بانه إما يجب عليّ الجامع بين صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا و بين وجوب الجامع بين اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، اصل البراءة عن وجوب كفارة صوم رمضان يقول لي يمكنك كسوة عشرة مساكين، لاتصم ستين يوما و لاتطعم ستين مسكينا،‌ روح اشتر عشرة ملابس قميص و سروال، و اعط عشرة مساكين، خلاص بعد، و البراءة عن وجوب كفارة حنث اليمين تقول يمكنك الاتطعم عشرة مساكين و لاتعطي كسوة، تصوم ستين يوما، و بذلك لاتتحقق المخالفة القطعية، يعني اذا اعطيت عشرة مساكين كسوة لاتتحقق المخالفة‌ القطعية للعلم الاجمالي فلعل الثابت في علم الله كفارة‌ يمين و اذا صمت ستين يوما لاتتحقق المخالفة القطعية للعلم الاجمالي لعل الثابت في حقك كفارة افطار صوم رمضان. و لكن البراءة عن هذا و البراءة عن ذاك الجمع بين البراءتين يؤدي الی الترخيص في المخالفة‌ القطعية فتتعارض البراءتان و يجب الاحتياط لكن هذا لاينافي اني لو اطعمت ستين مسكينا فهذا امتثال اجمالي لكلتا الكفارتين، هذا امتثال اجمالي لكلتا الكفارتين بان اطعم ستين مسكينا و لكنه ليس انحلالا للعلم الاجمالي بلحاظ مقام ثبوت التكليف. فاذا وصلت النوبة الی الاصل العملي بان لم‌ندر ان كفارة حنث النذر هل هي كفارة شهر رمضان مخير بين ان تصوم ستين يوما أو تطعم ستين مسكينا أو ان كفارة حنث النذر كفارة‌ حنث اليمين مخير بين اطعام عشرة مساكين و بين ان تعطيهم كسوة قميص و سروال لكل واحد من عشرة مساكين، هنا لاتجري البراءة لابد من الاحتياط و يمكنك في مقام الاحتياط ان تطعم ستين مسكينا، تعطي كل واحد منهم مدا من الطعام.

هذا امر كان ينبغي التنبيه اليه.

اما بلحاظ تعارض الروايات نقلنا روايات تدل علی مسلك المشهور من كون كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان فوصلنا الی الرواية الثانية و هي صحيحة علی بن مهزيار: رجل نذر ان يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علی اهله ما عليه من الكفارة فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة.

صاحب المدارك قال لاتستدلوا بهذه الصحيحة علی قول المشهور من ان كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان. في حنث اليمين ايضا يوجد عتق الرقبة. اقرأ الآية الكريمة: فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم أو كسوتهم أو عتق رقبة فمن لم‌يجد فصيام ثلاثة ايام،‌ عتق الرقبة عدل لكن من كفارة افطار شهر رمضان و لكفارة اليمين، فمن اين علمتم بان قوله عليه السلام عليه تحرير رقبة مؤمنة ذكر كعدل لكفارة صوم رمضان؟ لعله ذكر كعدل لكفارة‌ اليمين.

و قد استحسن السيد الخوئي هذا البيان و لاجل ذلك لم‌يقبل دلالة هذه الرواية علی كون كفارة حنث النذر كفارة افطار شهر رمضان لانه علی ايّ تقدير لايجب تعيينا عتق رقبة مؤمنة، ايّا ما كان كفارة افطار شهر رمضان عتق الرقبة‌ ليس واجبا تعيينا، كفارة‌ اليمين عتق الرقبة ليس واجبا تعيينا فهذا ذكر كواجب تخييري و عتق الرقبة كواجب تخييري ثابت في كل من الكفارتين كفارة افطار العمدي و كفارة حنث اليمين.

المشكلة ان دعوی ان عتق الرقبة قطعا ليس واجبا تعيينا بل هو واجب تخييري كما ذكره صاحب المدارك و السيد الخوئي،‌ فاذا كان واجبا تخييرا فيمكن ان يكون عدله الآخر صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا كما في كفارة‌ الافطار و يمكن ان يكون عدله اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، المشكلة في هذا انه مو واضح، انه في حنث النذر لايتعين عتق الرقبة للمختار. الشيخ المفيد في كتاب الكفارات من المقنعة بعد ان قال كفارة الظهار عتق رقبة فان لم‌يجد فصام شهرين و ان لم‌يقدر اطعم ستين مسكينا قال ان كفارة الخلف في النذر كفارة الظهار، يعني الواجب اولا و بالذات عتق الرقبة كواجب تعييني، كفارة حنث النذر ككفارة الظهار. و نسب الشهيد في غاية المراد هذا القول الی الكراجكي. و ذكر القطب الراوندي في بحث النذور من فقه القرآن ان كفارة النذر كفارة الظهار. و هكذا نقل الشهيد في كتاب المسالك عن السلار انه افتی بان كفارة حنث النذر كفارة الظهار. فاذن من اين علمتم انه عتق الرقبة ليس واجبا تعيينا في كفارة حنث النذر بل هو واجب تخييري ثم قلتم بان عدله مو معلوم، يكون ماذا؟

و ثانيا: لو فرضنا وجود تسالم علی ان عتق الرقبة ليس واجبا تعيينا،‌ صار هناك تسالم علی ان عتق الرقبة‌ في كفارة‌ حنث النذر واجبا تعيينا، مي‌خالف،‌ لكن هل من المناسب ان يختار في بيان كفارة اليمين اشد الكفارات،‌ الله سبحانه و تعالی اخّرت كفارة عتق الرقبة في كفارة اليمين الی آخر شيء، يطعم عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، الرواية تختار في كفارة‌ اليمين اسوء و اشد الكفارات: عتق الرقبة؟ يترك اسهل الكفارات اطعام عشرة مساكين و كسوة‌ عشرة مساكين و يركز علی كفارة الشديدة،‌ هذا عرفي؟ بخلاف كفارة افطار شهر رمضان، عتق الرقبة قد يكون في عرض اطعام ستين مسكينا و صوم ستين يوما.

فاذن لم‌يتم كلام صاحب المدارك و السيد الخوئي من ان عتق الرقبة ليس واجبا تعيينا قطعا، بل هو واجب تخييري سواء في كفارة الافطار العمدي أو في كفارة حنث اليمين فلم يعلم ان الرواية بصدد ان كفارة‌ حنث النذر كفارة الافطار العمدي.

تأملوا في هذه الرواية‌ الی الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo