< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كفارة الافطار العمدي لصوم رمضان

 

كان الكلام في كفارة افطار الصوم ففي افطار صوم شهر رمضان قلنا بان كفارته علی نحو التخيير بين عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا. و لكن ورد في قبال ذلك موثقة سماعة: عن رجل اتی اهله في رمضان متعمدا فقال عليه عتق رقبة و اطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و ظاهر هذه الموثقة لزوم الجمع بين الخصال الثلاث. و هذا و ان لم‌يلتزم به و لكن ينبغي بيان النكتة الفنية للجواب عن هذه الموثقة.

السيد الخوئي نظر الی كتاب الوسائل فهو ينقل عن نوادر احمد بن محمد بن عيسی الاشعري بلفظ او، عليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين، السيد الخوئي قال و ان رويت هذه الموثقة في التهذيب و الاستبصار بلفظ واو و ظاهره الجمع لكن احمد بن محمد بن عيسی اقدم زمانا من الشيخ الطوسي و هو نقل اللفظ بأو مضافا الی انه اكثر شيء تقع المعارضة بين النقلين فلايثبت نقل الواو حتی تتعارض موثقة سماعة مع روايات التخيير. و لو فرضنا ثبوت لفظ واو فحيث لايمكن الجمع بين هذه الموثقة و بين بقية الروايات فلابد ان تطرح هذه الرواية أو تحمل علی الافضلية. نعم لو ثبت لزوم كفارة الجمع في الافطار علی الحرام فهذا يصير شاهد جمع.

هذه الكلمات من السيد الخوئي غير متجه. اما ما نقله عن نوادر احمد بن محمد بن عيسی من انه كان بلفظ أو فهذا خطأ جزما لان الموجود في كتاب النوادر في نسخه المتعددة لفظ الواو، مثل ما رواه في التهذيب و الاستبصار، و في الوسائل المظنون انه اجتهد لانه نقل عن الكل لفظ او، و رواه احمد بن عيسی في نوادره و نقل هذه الرواية ثم بعد ذلك قال: و رواه الشيخ في التهذيب و الاستبصار، ما قال و رواه الشيخ في التهذيب و الاستبصار بلفظ واو، نقل الكل بلفظ او، كانّه اجتهاد من صاحب الوسائل كما هو غير بعيد.

و اما ما ذكره من انه لو ثبتت كفارة الجمع في الافطار علی الحرام يصير ذلك شاهدا للجمع، هذا غير عرفي، نحمل الاطلاق علی فرض نادر و هو الافطار علی الحرام. نعم ما ذكره من الحمل علی الافضلية امر غير بعيد. و لو لم‌يمكن حمله علی الافضلية فلابد من رفع اليد عن ظهور هذه الموثقة في لزوم الجمع و لو لم‌يكن هناك جمع عرفي لانه مخالف لتسالم الاصحاب.

و اما لزوم الترتيب في كفارة‌ الافطار العمدي لصوم شهر رمضان بان يعتق رقبة ان وجد رقبة و ان لم‌يجد فصوم ستين مسكينا فان لم‌يتمكن فيطعم ستين مسكينا قلنا بان هناك روايات تدل بالصراحة‌ علی التخيير و لكن هناك رواية اذا لفّقناه مع رواية اخری فقد يكون ظاهرها الترتيب:

الرواية الاولی موثقة‌ سماعة: سألت اباعبدالله عليه السلام عن معتكف واقع اهله قال هو بمنزلة من افطر يوما من شهر رمضان. في صحيحة زرارة سألت اباجعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع قال اذا فعل ذلك فعليه ما عليه المظاهر، المظاهر لا اشكال في انه يجب عليه كفارة مترتبة لا مخيرة لانه ورد في القرآن الكريم و الذين يظاهرون من نساءهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا فمن لم‌يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم‌يجد فاطعام ستين مسكينا. اذا كان المعتكف الذي جامع اهله في اليوم الثالث من الاعتكاف كفارته كفارة من افطر يوما من شهر رمضان و كفارة المظاهر، فيقال بان هذا يعني ان كفارة المظاهر و كفارة من افطر في نهار شهر رمضان واحدة و حيث ان كفارة المظاهر كفارة‌ المترتبة لا مخيرة‌ فتكون كفارة من افطر يوما من رمضان ايضا مترتبة لا مخيرة.

لكن مضافا الی لزوم رفع اليد عن ظهور هذه الرواية‌ بصراحة ما دل علی التخيير نقول لو دل دليل علی ان من جامع اهله و هو معتكف كفارته كفارة من افطر عمدا في شهر رمضان و ورد في رواية اخری ان كفارته كفارة المظاهر فلايكشف ذلك عن ان كفارة الذي في نهار شهر رمضان نفس كفارة المظاهر بل يعني ذلك وقوع التعارض في كفارة الجماع في حال الاعتكاف و الجمع العرفي يقتضي ان نحمل الرواية الدالة‌ علی ان كفارته كفارة المظاهر علی الاستحباب و الافضلية لا ان نقول بان كفارة من افطر في نهار شهر رمضان كفارة المعتكف و كفارة المعتكف كفارة المظاهر لان الرواية لم‌يرد فيها ان كفارة من افطر في شهر رمضان كفارته كفارة المعتكف بل بالعكس قال كفارة ‌المعتكف كفارة من افطر في نهار شهر رمضان فهو المشبة‌به، كفارة‌ المعتكف شبّهت تارة‌ بكفارة من افطر في نهار شهر رمضان و اخری بكفارة المظاهر و هذا لايقتضي عرفا ان نرفع اليد عن ظهور ما دل علی ان كفاره من افطر في نهار شهر رمضان هي الخصال الثلاث نحملها علی الترتيب بين الخصال الثلاث هذا لا وجه له ابدا.

و اما بالنسبة‌ الی كفارة القضاء اي من افطر بعد زوال الشمس من اليوم الذي صام فيه بنية القضاء عن نفسه المشهور ان كفارته اطعام عشرة مساكين و لكن توجد عدة اقوال في قبال ذلك:

القول الاول ما ذهب اليه ابن ابي عقيل من انه لا كفارة عليه ابدا. قال من جامع أو اكل في قضاء شهر رمضان اثم و عليه القضاء و لا كفارة عليه، ما هو مستند هذا الكلام؟ مستنده موثقة عمار، لماذا نقول موثقة عمار و لانقول رواية عمار و ان كان الشيخ روی هذه الرواية عن ابن فضال، لما مر من تصحيح سند الشيخ الطوسي الی كتب ابن فضال، سئل فان نوی الصوم اي صوم القضاء ثم افطر بعد ما زالت الشمس قال قد اساء و ليس عليه شيء الا قضاء ذلك اليوم الذي اراد ان يقضيه فيقال بان صراحة هذه الموثقة في انه ليس عليه شيء اي ليس عليه كفارة توجب حمل ما دل علی ثبوت الكفارة علی من افطر بعد زوال اليوم الذي صام فيه قضاءا عن نفسه يوجب حمل ما دل علی ثبوت الكفارة فيه علی الاستحباب لان موثقة‌ عمار تقول قد اساء و ليس عليه شيء الا قضاء‌ ذلك اليوم.

السيد الخوئي اجاب عن ذلك قال اولا: من المحتمل ان تكون هذه الموثقة ناظرة الی انه ليس عليه قضاء ثانٍ غير قضاء الصوم الذي فاته من شهر رمضان، هذا خلاف اطلاق ليس عليه شيء لكن نقيد هذا الاطلاق نقول ليس عليه شيء يحمل علی انه ليس عليه صوم آخر غير الصوم ذلك اليوم الذي افطر فيه من شهر رمضان فانه يحتمل ان يكون الافطار بعد الزوال من صوم القضاء موجبا لصوم آخر مضافا الی وجوب قضاء صوم رمضان، الامام عليه السلام نفی ذلك قال ليس عليه شيء الا صيام ذلك اليوم الذي اراد ان يقضيه. أو نقيد هذا الاطلاق في قوله ليس عليه شيء بانه ليس عليه كفارة الا هذا الشيء البسيط، اطعام عشرة مساكين، الله يرحم السيد الخوئي،‌ في بحث الحج اك رواية تقول ليس عليه شيء و في رواية‌ اخری تقول عليه دم شاة، السيد الخوئي اهناك يجيء للدرس و قال نقيد ليس عليه شيء بهذا الخطاب ليس عليه شيء الا دم شاة و نقل عنه انه قال انا كان في ذهني هذا المطلب خفت اقول امس، و لكن حيث نقل لي ان بعض الفقهاء هكذا جمعوا فذكرت ذلك في الدرس، اهنانه ايضا يقول ليس عليه شيء الا اطعام عشرة مساكين.

الانصاف انه ليس ايّ من البيانين من الجمع العرفي في شيء ليس عليه شيء نحمله علی انه ليس عليه قضاء يوم آخر؟ من الذي كان في ذهنه انه من افطر بعد زوال الشمس من صوم القضاء فيثبت في حقه قضاءان، القضاء لصوم الذي فاته في شهر رمضان و قضاء لصوم هذا اليوم، قضاء القضاء، اك هكذا في ذهن المتشرعة حتی الامام عليه السلام ينفيه و نحن نحمل هذا الخطاب الاول علی نفي ذلك الامر المحتمل في مقام الجمع العرفي؟! أو ان قوله ليس عليه شيء فهل هناك احتمال انه يثبت في حقه كل الاشياء؟ ليس عليه شيء يعني ابد ما عليه الكفارة، كيف العرف يجمع بين قوله ليس عليه شيء و بين قوله عليه دم شاة في باب الحج أو بين قوله ليس عليه شيء و بين قوله عليه ان يطعم عشرة مساكين؟ فهذا الجمع العرفي مو صحيح.

الجواب الثاني للسيد الخوئي قال ميصير نحمل عليه ان يطعم عشرة مساكين علی الاستحباب،‌ الامر بالكفارة و نفي الكفارة مثل ما يقول في رواية ليس عليه اطعام عشرة مساكين و في رواية‌ اخری يقول يطعم عشرة مساكين هل العرف يحمل بينهما بحمل قوله يطعم عشرة مساكين علی الاستحباب؟ لا، مورد الكفارة ارتكاب الحرام فكيف يحمل الكفارة علی استحباب اداء الكفارة الكاشف عن عدم ارتكاب الذنب. فحمله قوله يطعم عشرة مساكين علی استحباب اطعام عشرة مساكين بقرينة موثقة عمار التي تقول ليس عليه شيء ليس من الجمع العرفي في شيء.

يقال للسيد الخوئي ماذا نصنع بعد؟ الجمع العرفي الذي انتم ذكرتم ما وقع في محله يعني لم‌يأخذ محله في نفوسنا، شفنا ان هذا ليس من الجمع العرفي في شيء و الحمل علی الاستحباب انتم ما قبلتموه فماذا نصنع؟ يقول السيد الخوئي رجّحوا رواية‌ الكفارة علی هذه الموثقة لان مضمون رواية‌ الكفارة متسالم عليه بين الفقهاء، بس العمّاني ابن ابي عقيل قال بعدم وجوب الكفارة، فلنقدم دليل الكفارة لتسالم الاصحاب عليه أو لكونه مخالفا للعامة لان جمهور العامة‌ لايرون الكفارة، فانما هي من مختصات الامامية كما ذكر السيد المرتضی في كتاب الانتصار قال ما انفردت به الامامية القول بان من نوی من الليل صيام يوم بعينه قضاءا عن شهر رمضان و افطر بعد الزوال وجب عليه الكفارة و الحجة لمذهبنا الاجماع الذي يتكرر.

هذا البيان لا بأس به و لكن لماذا يقول السيد الخوئي ليس هذا جمعا عرفيا، الحمل علی الاستحباب، ليس عليه شيء يطعم عشرة مساكين، العرف يحمل الامر باطعام عشرة مساكين علی الاستحباب، استحباب اداء الكفارة‌ هل يكشف عدم تحقق الذنب؟ ابد، اداء الكفارة مستحب، اداء الكفارة علی ارتكاب هذا الحرام مو واجب.

و لكن قبل ذلك نقول هناك احتمالان في موثقة عمار اذا اخذنا بهذين الاحتمالين ترتفع المعارضة بين الروايات. انا اقرأ موثقة عمار من اولها، عن ابي عبدالله عليه السلام في الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان و يريد ان يقضيها متی يريد ان ينوي الصيام؟ قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوی الصوم فليصم. سئل فان نوی الصوم يعني هذا الذي بدا له ان يصوم قبل الزوال فان نوی الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس قال قد اساء و ليس عليه شيء موضوع هذه الموثقة من لم‌ينو الصوم القضاء من الليل، نوی صوم القضاء بعد دخول النهار، هذا اذا زالت الشمس و افطر قد اساء و لكن لاتجب عليه الكفارة و اما ما دل علی وجوب الكفارة فمورده من نوی صوم القضاء من الليل، كان هناك روايتان رواية بريد العجلي و صحيحة هشام، فاذن ترتفع المعارضة، موثقة عمار تختص بمن نوی الصوم بعد طلوع الفجر، و هذا هو الذي ذكر في كتاب الوافي، اقرأ عبارة الوافي يقول بعد ذكر موثقة عمار يمكن تخصيص اخبار وجوب الكفارة علی من بيّت الصيام من الليل فهذا هو الذي خطر ببالي و راجعت كتاب الوافي فوجدت هذا المطلب موجودا في هذا الكتاب فحينئذ نفصّل بين من بيّت النية لصوم القضاء من الليل ثم بعد الزوال افطر فعليه كفارة اطعام عشرة مساكين و اذا عرض له نية الصوم القضاء بعد طلوع الفجر فلايجوز له ان يفطر بعد الزوال و لكن ليس عليه كفارة.

هذا هو القول الاول الذي نقلناه عن ابي ابي عقيل من عدم وجوب الكفارة علی من افطر بعد الزوال استنادا الی موثقة عمار. القول الثاني القول المنسوب الی الصدوق و والده من ثبوت كفارة افطار صوم رمضان علی من افطر بعد الزوال في صوم القضاء و لكن نقلنا عنهما القول بالتخيير بين اطعام عشرة مساكين أو كفارة افطار صوم رمضان و هما استندا الی رواية حفص بن سوقة و موثقة زرارة عن رجل صام قضاءا من شهر رمضان فاتی النساء قال عليه من الكفارة مثل ما علی الذي اصاب من شهر رمضان.

و لكن نحن نقول هذا الاطلاق قابل للتقييد ظهور عليه من الكفارة ما علی الذي اصاب وحدة الكفارتين،‌ يمكن ان نقول بان هذه الموثقة بقرينة ما دل علی ان الكفارة لمن افطر في قضاء صوم رمضان اطعام عشرة مساكين بقرينة تلك الرواية نحمل هذه الموثقة علی ثبوت اصل الكفارة لا علی وجوب تلك النوعية من الكفارة‌ هو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا.

القول الثالث ما نقله في المختلف عن ابن البراج و عن ابن ادريس من ان علی من افطر بعد زوال الشمس من صوم القضاء كفارة حنث اليمين، كفارة حنث اليمين ورد في القرآن الكريم انه يجب علی من خالف يمينه اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فمن لم‌يجد فصيام ثلاثة ايام.

لكن انا راجعت كلام ابن البراج و كلام السرائر و يحتمل ان عنوان عليه كفارة يمين عنوان مشير الی اطعام عشرة مساكين و الا لا مستند لهذا القول، الرواية تقول عليه اطعام عشرة مساكين كيف نحمل الرواية علی ان عليه يعني علی من افطر بعد الزوال اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم؟ هذا من اين؟ حيث ان الرواية تقول عليه اطعام عشرة مساكين فان لم‌يجد فصيام ثلاثة ايام قالوا بان هذا كفارة يمين بالمسامحة.

القول الرابع من عن ابن حمزة من انه ان افطر بعد الزوال استخفافا فعليه كفارة من افطر يوما من شهر رمضان و ان افطر لغير ذلك فكفارته صيام ثلاثة‌ ايام أو اطعام عشرة مساكين.

كل هذا بيان بلادليل. استخفافا ان افطر بعد الزوال فعليه كفارة افطار العمدي في شهر رمضان اي صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا، و ان افطر عن عذر عرفي من دون استخفاف فكفارته مخيرة بين صوم ثلاثة ايام واطعام عشرة مساكين، من اين جاب ابن الحمزة في الوسيلة هذه الفتوی؟

و القول الخامس قول ابي الصلاح الحلبي ان افطر يوما عزم علی صومه قضاءا قبل الزوال فهو مأزور يعني مأثوم و ان كان بعد الزوال تعاظم وزره اشتد وزه و لزمته الكفارة. صيام ثلاثة ايام أو اطعام عشرة مساكين هذا لايختلف عن قول ابن حمزة عدا انه اطلق كلامه،‌ ابن حمزة فصّل بين من افطر استخفافا و بين من افطر لا عن استخفاف،‌ ابوالصلاح الحلبي قال عليه كفارة الصيام ثلاثة ايام أو اطعام عشرة مساكين.

و هذا ايضا لا دليل عليه و اما ما ذكره من انه ان افطر قبل الزوال كان آثما و هذا خلاف المشهور و خلاف الروايات، ننقل انشاءالله في اللية القادمة نتكلم عن سند هذه الروايات، رواية عبدالله بن سنان صوم قضاء الفريضة لك ان تفطر الی زوال الشمس و رواية اسحاق بن عمار الذي يقضي شهر رمضان فهو بالخيار في الافطار ما بينه و بين ان تزول الشمس، نتكلم في الليلة القادمة عن سند هاتين الروايتين و ما يحتمل هو ان يكون معارضا لهما.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo