< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كفارة الافطار العمدي لصوم رمضان

 

كان الكلام في كفارات اطعام الصوم فتكلمنا عن كفارة الاطعام العمدي لصوم رمضان و قلنا بانه اذا افطر علی حلال فتثبت الكفارة التخييرية فهو مخير بين عتق رقبة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا.

و لا بأس ان انبهكم علی نكتة‌ قد يستفاد منها في مجالات أخری:

و هي اننا ذكرنا فيما اذا امر الامام عليه السلام بعدل كما لو قال صم ستين يوما فان كان الامام في مقام الافتاء فلايظهر منه تعين ذلك يعني الامام سأله سائل عن وظيفته الفعلية فبدل ان يقول له صم ستين يوما أو اطعم ستين مسكينا قال له صم ستين يوما، هنا نحن ذكرنا في بحث الحج انه متعارف ان يختار المفتي في مقام بيان الوظيفة الفعلية للعامي فردا من افراد الواجب التخييري حتی لايتيّهه لان ذلك العامي اذا عرض عليه ابواب مختلفة و ابواب مختلفة قد يضيع عليه، اذا قيل له صم ستين يوما أو اطعم ستين مسكينا فهو قد ينسی يختار له افضل الافراد احيانا أو اسهل الافراد احيانا اخری، هذا لا بأس به بخلاف ما اذا كان الامام عليه السلام في مقام التعليم يعلم الطالب للعلوم الدينية الحكم الشرعي علی نهج القضية الحقيقية، رجل افطر في نهار شهر رمضان هنا اذا قال يصوم ستين يوما يكون ظاهرا في التعيين،‌ هذا ما ذكرناه في بحث الحج.

فهنا توجد روايتان في ما دل علی الترتيب أو فقل توجد ثلاث روايات: الرواية الاولی ما قلنا بانها صحيحة، صحيحة المؤمن بن قاسم الانصاري،‌ هنا ينقل انه جاء شخص الی النبي فقال للنبي هلكت و اهلكت النبي قال له اعتق رقبة قال ليس عندي ما يعتق رقبة فقال له النبي صم ستين يوما قال لااطيق فقال له النبي اطعم ستين مسكينا قال لااجد، هنا لايستفاد من هذا الترتيب ان النبي حينما قال له اعتق رقبة‌ انه كان يجب عليه تعيينا، لا، لعله اختار افضل الافراد، ثم حينما قال لااجد اختار له افضل الذي يلي ذلك الافضل، الافضل النسبي، فحينما قال لااطيق اختار له آخر الواجب بلحاظ الفضيلة و هذا لاينافي انه كان واجبا تخييريا. و هذا بخلاف ما رواه علی بن جعفر في كتابه فانه هنا سئل عن رجل افطر في نهار شهر رمضان فاجيب بانه عليه عتق رقبة فان لم‌يجد فصوم ستين يوما فان لم‌يجد فاطعام ستين مسكينا، هذه قضية حقيقية و في مقام التعليم، هذه الصحيحة بناءا علی ما في كتاب علی بن جعفر و ينقله صاحب الوسائل و البحار معتبر خلافا لما يقول به السيد السيستاني من انه حيث ان كتاب علی بن جعفر لم‌يكن من الكتب المشهورة و ليس لصاحب الوسائل و لا لصاحب البحار سندا معتبرا الی هذا الكتاب فلا اعتبار به الا اذا حصل الوثول باشتمال كتاب علی بن جعفر واقعا علی هذه الرواية، مع غمض العين عن اشكال السيد السيستاني لو فرضنا كما لايبعد حصول الوثوق باشتمال كتاب علی بن جعفر علی هذه الرواية فهذه الرواية هي التي تعارض ما دل علی التخيير. و هكذا الكلام بالنسبة الی رواية اخری الامام قال و يصوم ستين يوما، يقضي يوما مكان يوم و يصوم ستين يوما، قضية حقيقية و ظاهرها الوجوب التعييني لصوم ستين يوما. الا ان نقول بانه من المسلم انه ليس واجبا تعيينا لانه ان كان واجبا تعيينيا فالواجب الاولي هو عتق رقبة لا صوم ستين يوما. هذا لا بأس به ان نقول لاجل هذه القرينة لانحتمل الوجوب التعييني لصوم ستين يوما، فلا بد ان نحمله علی التخيير.

هذا ما كان ينبغي التنبيه عليه.

يقع الكلام في كفارة صوم قضاء شهر رمضان.

يقول صاحب العروة كفارته اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد فان لم‌يتمكن فصوم ثلاثة ايام و الاحوط اطعام ستين مسكينا، احتياط استحبابي.

المشهور هو ان كفارة‌ افطار صوم القضاء عن نفسه بعد الزوال اطعام عشرة مساكين و اما قبل الزوال فلا كفارة فيه. و لكن هنا قولان آخران: احدهمنا وجوب الكفارة سواء كان قبل الزوال أو بعد الزوال و قول آخر و هو وجوب كفارة افطار شهر رمضان و لاجل ذلك احتاط السيد اليزدي صاحب العروة استحبابا في ان من افطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال الاحوط استحبابا ان يدفع الكفارة العمدي لصوم رمضان و هو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا و ذلك لاجل بعض الروايات.

اما دليل المشهور فهو روايتان: الرواية الاولی: رواية بريد العجلي: في رجل اتی اهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال ان اتی اهله بعد زوال الشمس فان عليه ان يتصدق علی عشرة مساكين فان لم‌يقدر صام يوما مكان يوم و صام ثلاثة ايام كفارة لما صنع. الدلالة تامة و انما الكلام في سندها.

من يری ان من روی عنه اصحاب الاجماع اي من قال الكشي في حقهم اجمعت العصابة علی تصحيح ما يصح عنهم فالحسن بن محبوب من اصحاب الاجماع فلو تمت نظرية اصحاب الاجماع فيقال بان طائفة علماء الامامية اجمعوا علی تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب يعني كل ما كان السند الی الحسن بن محبوب صحيحا فهو صحيح مطلقا يعني لاينظر الی ما بينه و بين الامام.

و لكن هذه النظرية لا اعتبار بها اي لايستفاد من قوله اجمعت العصابة علی تصحيح ما يصح عنهم و اقروا لهم بالفقه و العلم اكثر من الاجماع علی صحة الرواية من حيث هؤلاء لا انه لاينظر الی الوسائل بين هؤلاء و بين الامام. فاذن علی هذا البيان يكون سند الرواية ضعيفا لرواية حسن بن محبوب عن الحارث بن محمد الانصاري و الحارث بن محمد بن نعمان الانصاري لم‌يوثق في الرجال.

نعم بناءا علی جبر ضعف السند بعمل المشهور عمل المشهور بهذه الرواية لانهم افتوا بمضمونها مضافا الی ان المشهور تمامية نظرية اصحاب الاجماع لكن المشهور عملوا بمضمون هذه الرواية. و لكن كبری جبر ضعف السند بعمل المشهور غير تامة و ذكر السيد الخوئي انه مو معلوم ان المشهور استندوا الی هذه الرواية فلعلهم استندوا الی الرواية الثانية مع غمض العين عن اشكال دلالي فيها.

الرواية الثانية صحيحة هشام بن سالم: رجل وقع علی اهله و هو يقضي شهر رمضان فقال ان كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه يصوم يوما بدل يوم و ان فعل ذلك بعد العصر صام ذلك اليوم و اطعم عشرة مساكين فان لم‌يمكنه صام ثلاثة ايام كفارة بذلك.

هذه الرواية سندها صحيح و دلالتها تامة لولا ان التفصيل بين ما قبل صلاة العصر و ما بعد صلاة العصر لم‌يقل به احد.

ان قلت: لعل المراد أو الظاهر ان المراد من العصر ليس هو صلاة العصر و انما هو وقت العصر لانه قال و ان فعل بعد العصر صام ذلك اليوم و اطعم عشرة مساكين.

نقول في الجواب: اولا: بعد ما ورد في صدر هذه الصحيحة ان كان وقع عليها قبل صلاة العصر ثم قال في الجملة الثانية و ان فعل بعد العصر فظاهره انه فعل بعد صلاة العصر. و ثانيا: العصر و صلاة العصر واحد، صلاة العصر في اول وقت العصر. و ما ذكره السيد الخوئي من انه قد يقول العرف بعد زوال الشمس دخل وقت العصر، عصرية مثلا هكذا سويت، يعني بعد افرض العراقيين يقولون عصرية بعد ما تغدوا مثلا، غدائهم اشوكت كان مو مهم، بعد ذلك يقولون العصرية. لا، هذا خلاف الظاهر،‌ عصر في قبال ظهر و حمل العصر علی بعد زوال الشمس في قبال الصبح، صبح عصر، صبحية عصرية، خلاف الظاهر. اول الاذان يكون وقت الظهر، وقت العصر يكون متأخرا عرفا. و لاجل ذلك هذه الرواية يصعب الالتزام بها و يكون وجوب الكفارة في الافطار في صوم قضاء رمضان بعد الزوال مبنيا علی الاحتياط.

في قبال هذا القول المشهور يوجد اقوال آخر اهمها قولان آخران: احدهما ما ذكرته من انه قد يقال ان كفارة الافطار في القضاء نفس كفارة افطار صوم رمضان. المستند في ذلك روايتان: رواية حفص بن سوقة عمن ذكره عن ابي‌عبدالله عليه السلام في الرجل يلاعب اهله أو جاريته و هو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال عليه من الكفارة مثل ما علی الذي جامع في شهر رمضان. هذه الرواية مرسلة. الرواية الثانية موثقة زرارة عن رجل صام قضاءا من شهر رمضان فاتی النساء قال عليه من الكفارة ما اصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند الله من رمضان. لعله لاجل هاتين الروايتين اختار الصدوق و والده كما ينسب اليهما هذا القول.

اشكل عليه السيد الخوئي باشكال لا بأس به فقال اما الرواية الاولی فهي مرسلة و اما هذه الموثقة فظاهرها اعتبار ان يوما يصوم فيه قضاءا عن رمضان محكوم بحكم انه من رمضان ادعاءا بلا فرق بينما قبل الزوال و ما بعده، لان ذلك اليوم عند الله من ايام رمضان فاذا كان من ايام رمضان فايّ فرق بين ان يفطر بعد الزول و ان يفطر قبل الزوال و هذا ما لم‌يقل به احد فان الصدوق و والده انما قالا بلزوم كفارة افطار شهر رمضان علی من افطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال لا مطلقا. ثم قال يمكن حمل هاتين الروايتين علی التقية، ليش؟ لانه نسب الی قتادة فقيه اهل البصرة انه قال بهذا الرأي، مجرد ان هاتين الروايتين موافقتان لفتوی قتادة، هذا لايجعل الحكم موافقا للعامة.

لا بأس ان نجيب عن اشكال السيد الخوئي الاول من انه لا قائل باطلاق وجوب الكفارة بين ما قبل الزوال و ما بعد الزوال و هذه الرواية اي موثقة زرارة بالتعليل الوارد فيها ينفي هذا التفصيل،‌ يوجب القول باطلاق ثبوت الكفارة‌ و لو قبل الزوال، نجيب عن ذلك بان عموم التعليل قابل للتقييد، ما دل علی انه ان افطر قبل الزوال فله ذلك، لا شيء عليه. فاذن لا موجب لان نقول بان هذا الاطلاق غير قابل للالتزام، خب قيدوا هذا الاطلاق.

ما يظهر أو يترأی من كلام الصدوقين انهما جمعا بين موثقة زرارة و بين ما سبق من الدليل علی ثبوت كفارة اطعام عشرة مساكين جمعوا بينهما بالالتزام بالتخيير. و هذا غريب، يعني عليه عتق رقبة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا أو اطعام عشرة مساكين، لا معنی له. هذا الجمع العرفي موثقة زرارة قالت عليه من الكفارة ما علی الذي اصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند الله من ايام رمضان، نقول: نحمل علی كون هذا عدلا للواجب التخييري و العدل الآخر اطعام عشرة مساكين، المفروض انه كيف يجمع بين اطعام ستين مسكينا و اطعام عشرة مساكين كعدلين لواجب تخييري؟ هذا يكون من التخيير بين الاقل و الاكثر.

فالاولی ان نقول بان من الممكن ان نحمل هذه الموثقة علی الاستحباب، ما يذكره السيد الخوئي في بعض المجالات من انه لا معنی للاستحباب الكفارة، يقول هذا ارتكب حراما، مي‌خالف ارتكب حراما لكن ثبوت الكفارة عليه استحبابي، لا محذور فيه ابدا. هنا نلتزم بان هذه الموثقة تدل علی استحباب اعطاء كفارة افطار شهر رمضان عند ما افطر في قضاء شهر رمضان. لماذا نرفع عن هذه الموثقة؟ نحملها علی الاستحباب. هذا هو القول الذي اختاره الصدوق و والده علی ما نسب اليهما.

و اما بقية الاقوال في هذه المسألة نتكلم عنها في ليلة‌ الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo