< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كفارة الافطار العمدي لصوم رمضان

 

كان الكلام في كفارة الافطار العمدي لصوم شهر رمضان و قلنا بثبوت الكفارة المخيرة فيه فهو مخير بين ان يطعم ستين مسكينا أو يصوم ستين يوما.

و لا بأس ان ألفت نظركم الی شيء و هو ان المشهور كون المراد من المسكين هنا مطلق الفقير، من لايملك مؤونة سنته القمرية لا فعلا و لا قوة. شنو معنی انه لايملك مؤونة سنته القمرية قوة؟ يعني انه لايقدر علی كسب يغنيه لمؤونة سنته، هكذا قال المشهور. و لكن قد يقال كما عليه السيد الزنجاني بان الواجب هنا اطعام ستين مسكينا و المسكين اخص من الفقير، المسكين هو من كان في غاية الفقر عرفا، ففي صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه سأله عن الفقير و المسكين فقال الفقير الذي لايسأل و المسكين الذي هو اجهد منه الذي يسأل يعني وصلت مسكنته الی حد اضطر الی التكفف و التسأّل، و في رواية ليث البختري ابي بصير قلت لابي عبدالله عليه السلام عن قول الله عز و جل انما الصدقات للفقراء و المساكين قال الفقير الذي لايسأل الناس و المسكين اجهد منه و البائس اجهدهم المسكين هو من كان به مسكنة‌ اي فقره اوجب مسكنته و ليس مطلق الفقير المحتاج الشديد، الفقير الشديد عرفا، لكن المشهور قالوا بانه كلما ورد الحكم علی المسكين وحده كان المقصود منه مطلق الفقير، اذا اجتمعا افترقا و اذا افترقا اجتمعا، هذا ما ذكره الشيخ الطوسي في المبسوط الجزء 1 صفحه 246، الفقراء اذا اطلق دخل فيهم المساكين و كذا لفظ المسكين دخل فيه الفقير فاما اذا جمع بينهما كآية الزكاة ففيه خلاف بين العلماء. لكنه في الجزء 6 صفحة‌ 211 يقول فمن تحله له الكفارة فالزكاة تحل له و من سهم الفقراء و المساكين و من لاتحل له الكفارة لاتحل له الزكاة فيعني انه حيث ان موضوع الكفارة المسكين وحده فالمراد به مطلق الفقير الذي هو موضوع لاخذ الزكاة ايضا. و قال في كتاب الوصية الفقراء و المساكين عندنا صنفان و هنا يقول الفقير اسوء حالا و اشد حاجة، الظاهر انه مشتبه يعني مقصوده المسكين اسوء حالا و اشد حاجة.

و هذا هو الذي ذكره صاحب السرائر و العلامة الحلي في المنتهی و التحرير و مختلف الشيعة لكن ذكر السيد الزنجاني ان هذا ليس من المسلمات فان فخرالمحققين في ايضاح الفوائد اشكل في كون اطلاق المسكين يشمل الفقير، قال ان الكفارة للمساكين فان ثبت كون الفقير اسوء استحق و الا فلا، و هكذا الشهيد الاول في كتاب البيان قال قال الشيخ الطوسي يدخل كل منهما في اطلاق لفظ الآخر اذا افترقا فالمسكين يطلق علی الفقير و الفقير يطلق علی المسكين ثم قال فان ارادوا به الحقيقة ففيه منع يعني هذا خلاف الحقيقة، المسكين له معنی يختلف عن معنی الفقير، فلماذا يقولون اذا افترقا اجتمعا يعني اذا كان الفقير وحده شمل المسكين و هذا واضح و اذا كان المسكين وحده شمل مطلق الفقير، لا، من اين، هذا خلاف المعنی الحقيقي للمسكين.

و هكذا جمع آخرون من الاعلام كصاحب المدارك و صاحب كفاية الفقه اشكلوا في ذلك. و هكذا صاحب الحدائق يقول المشهور عندهم دخول احدهما تحت الآخر و لكنه مجاز لايصار اليه الا بالقرينة اللهم الا ان يجعل الاجماع قرينة علی ذلك و فيه ما فيه.

السيد الخوئي قال حتی لو شككنا في صدق المسكين علی مطلق الفقير نتمسك بموثقة عمار حيث ورد فيها في كفارة الاطعام يعطيها الرجل قرابته ان كانوا محتاجين قال نعم و المحتاج هو الفقير و لايختص بالمسكين الذي هو اشد من الفقير.

السيد الزنجاني اشكل عليه فقال هذه الموثقة ليست بصدد بيان معنی المحتاج و شرط المحتاج و انما بصدد بيان ان قرائب الرجل يدخول في ضمن من يجوز اعطاء الكفارة اليهم اما ان شرط الفقير الذي يعطی اليه الكفارة ان يكون مسكينا ام لا هذه الموثقة لاتتعرض الی هذا الشيء. في موثقة اسحاق بن عمار أو معتبرة اسحاق بن عمار في كفارة الاطعام يقول قلت فيعطيه الرجل قرابته ان كانوا محتاجين قال نعم هذه الموثقة أو هذه المعتبرة بصدد سؤال عن تعميم مستحق الكفارة الی قرائب الرجل فيشير الی انهم ان كانوا محتاجين يجوز يعطيهم من الكفارة و لعل مقصوده ان كانوا محتاجين لتلك الحاجة التي تسوغ اعطاء الكفارة الی مستحقيها. و لاجل ذلك السيد الزنجاني في بحثه احتاط ان يعطی الكفارة الی المسكين و الكفارة في الافطار العمدي الی ستين مسكينا، مو كلهم فقير، الذي اشتد عليه الفقر، لا انه لايجد مؤونة سنته تماما.

الانصاف انه حتی لو شككنا في ذلك و قلنا بان من المحتمل ان المسكين اخص من الفقير و لو استعمل وحده يكفينا اجراء البراءة نجري البراءة عن شرطية المسكنة بالمعنی الاخص فيمن يستحق الكفارة. و ليس من البعيد ان نقول بان فهم المشهور لما كان من المسكين الذي يستعمل وحده هو مطلق الفقير ق يورث الوثوق بان معناه العرفي حينما يستعمل وحده هو ذلك لكن لو شككنا فيه لاجل مخالفة جمع من الاعلام فوصلت النوبة الی الاصل العملي فتجري البراءة عن وجوب اعطاء الكفارة بخصوص المساكين فيجوز اعطاءها لمطلق الفقير. و اما بالنسبة الی معتبرة اسحاق بن عمار فلايبعد تمامية استدلال السيد الخوئي لانه ما كان يقدر يقول ان كانوا مساكين؟ قال هل يجوز ان يعطي الرجل كفارته الی قرابته ان كانوا محتاجين قال الامام نعم هذا ظاهر عرفي في انه يكفي الاحتياج، العرف يستشهد و يستدل بهذه العبارات. اذا شخص يجيء و قال رحلت يم الامام و سألته هل يجوز اعطيك كفارة الی قرابتي ان كانوا محتاجين فاجاب الامام نعم و انت استفدت من هذا الكلام جواز اعطاء الكفارة الی القرابة المحتاجين فاعطيت كفارتك لقرابتك و هو فقراء و ليس مساكين،اذا شخص اعترض عليك قال لماذا لم‌تعطي كفارتك الی المساكين تقول نقلوا هذا، و انت تستند الی اطلاق هذه العبارة.

يقع الكلام في كفارة الجمع.

المشهور علی انه تجب كفارة الجمع اذا كان الافطار علی محرم. و نحن قلنا سابقا بان هذا مختص بمن جامع علی حرام أو اكل أو شرب طعاما أو شرابا محرما، لان الدليل علی ذلك روايتان رواية ابن عبدوس النيسابوري عن علی بن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان الذي هو ثقة عن عبدالسلام بن صالح الهروي الذي هو ثقة قال قلت للرضا عليه السلام يابن رسول الله قد روي عن آباءك فيمن جامع في شهر رمضان أو افطر فيه قلنا الافطار في قبال الجماع لايعني مطلق ابطال الصوم بل يمكن اختصاصه بخصوص الاكل و الشرب، روي عن آباءك فيمن جامع في شهر رمضان أو افطر فيه ثلاث كفارات و روي عنهم ايضا الكفارة الواحدة فبايّ الحديثين ناخذ قال بهما جميعا متی جامع الرجل حراما أو افطر علی حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات الرواية الثانية ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن جعفر الاسدي الذي كان من الثقات الاجلاء عن الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري عن الامام عليه السلام فيمن افطر يوما من شهر رمضان متعمدا بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه ان عليه ثلاث كفارات.

من يناقش في ذلك يقول بعدم تمامية سند هاتين الروايتين. نحن قلنا اولا بامكان تصحيح سند الرواية الاولی و الثانية. اما الاولی فلما مر انه لايبعد اثبات وثاقة ابن عبدوس لاكثار الصدوق الترضي عليه و كذا ابن قتيبة لوجوه مرت سابقا. و الرواية الثانية الظاهر ان الصدوق حيث يرويها باسناده عن الاسدي اسناده الی الاسدي جماعة اربع اشخاص ذكرهم في كتاب كمال الدين و هؤلاء الاربعة نثق بوجود انسان ثقة بينهم، مضافا الی ان اجتماع روايتين بهذه الكيفية لايبعد ان يورث الوثوق بصدور هذا المضمون من الامام عليه السلام و لاجل ذلك نحن نحتاط وجوبا في ثبوت كفارة الجمع فيما اذا جامع علی حرام أو اكل أو شرب محرما.

اما اذا استمنی مثلا و هو محرم،‌ مو واضح ان عليه ثلاث كفارات لان الدليل خاص بالجماع. الا ان نقول بان هناك رواية اخری فيمن استمنی ان عليه مثل الكفارة علی من جامع اهله. صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج: سألته عن رجل يعبث بامرأته حتی يمني و هو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان قال عليه ما من الكفارة مثل ما علی الذي يجامع. هذا ناظر الی اصل الكفارة علی الجماع لا الجماع المحرم الذي دلت هاتان الروايتان علی ثبوت كفارة الجمع فيه حتی نتعدی الی من امنی، يعبث بامرأته حتی يمني لا خصوصية له لو استمنی لايقل عنه، فاذا كان لهذه الصحيحة لمن عبث بامرأته حتی امنی في فرض محرم كما لو حرم عليه ذلك بسبب آخر فنقول انه امنی بوجه محرم مع قطع النظر عن كونه صائما. فهذا يكون مثل من جامع اهله علی وجه محرم كما لو جامع اهله في حال الحيض. هذا الاطلاق بعيد جدا خصوصا ان من يعبث بامرأته حتی يمني لولا الصوم و لولا الاحرام ماكو سبب واضح لحرمته حتی نقول بانه يشمل فرض كون الامناء بالملاعبة مع الاهل محرما في حد ذاته.

الكفارة الثالثة أو فقل الكفارة الثانية لان الكفارة الاولی الكفارة العمدي في صوم شهر رمضان و قسمها المشهور الی الافطار علی الحلال أو الافطار علی الحرام. الكفارة الثانية كفارة قضاء شهر رمضان بعد الزوال اذا كان صومه عن نفسه و الا لو كان صائما عن غيره لا، حتی انه لايحرم عليه الافطار بعد الزوال لان دليل حرمة الافطار العمدي في قضاء صوم رمضان بعد الزوال مختص بمن صام عن نفسه. ففي موثقة عمار: الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان و يريد ان يقضيها متی يريد ان ينوي الصيام قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوی الصوم فليصم و ان كان نوی الافطار فليفطر، هذا يدل علی حرمة افطار من صام عن نفسه بعد ان زالت الشمس اراد ان يفطر فلايجوز.

و اما الكفارة فالمشهور وجوب الكفارة التي هي اطعام عشرة مساكين و يستدل علی وجوبها بعدة من الاخبار اقرأ الرواية الاولی رواية بريد العجلي في رجل اتی اهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال ان كان اتی اهله قبل زوال الشمس فلا شيء عليه و ان كان اتی اهله بعد زوال الشمس فان عليه ان يتصدق علی عشرة مساكين. هذه الرواية الاولی التي يستدل بها علی ثبوت الكفارة علی من افطر بعد الزوال في صوم القضاء عن نفسه نتأمل في سند هذه الرواية و هناك رواية اخری ايضا نستدل بها في الليالي القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo