< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: ما يكره للصائم

 

قبل ان استمر في البحث عن كفارة الافطار العمدي في شهر رمضان و انها هل هي مخيرة بين عتق رقبة و لايوجد اليوم و بين اطعام ستين مسكينا و بين صوم ستين يوما ام هي مترتبة اي يجب مع الامكان عتق رقبة فان لم‌يمكن فاطعام ستين مسكينا فان لم‌يمكن فصوم ستين يوما، قبل ان ندخل في هذا البحث ينبغي ان ارجع الی ابحاث سابقة و اذكر عدة مطالب:

المطلب الاول: ذكرنا ان السيد السيستاني حينما يناقش بحسب الظاهر في سند رواية عبدالصمد بن بشير ايّما رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه و التي يستدل بها علی عدم وجوب الكفارة علی الجاهل القاصر و المقصر، عند ما يناقش السيد السيستاني في سند هذه الرواية كما هو الظاهر فما هو مستنده في الفتوی بعدم وجوب الكفارة علی الجاهل المقصر الغافل و يقول في ثبوت الكفارة علی الجاهل المقصر المتردد اشكال، الظاهر انه يستند الی معتبرة زرارة: رجل اتی اهله في شهر رمضان و هو لايزعم الا انه حلال له قال ليس عليه شيء، اذا فسرنا هذه المعتبرة و قلنا بان مفادها صحة صوم هذا الشخص فلايدخل في موضوع البحث، و اما اذا قلنا بان مفادها نفي الكفارة كما هو الظاهر، فيقال بانه يشمل الجاهل المقصر و هو لايزعم الا انه حلال له و لو كان زعمه ناشئا عن التقصير، و لكنه لايشمل الجاهل المقصر المتردد لان المتردد لايصدق في حقه انه لايزعم الا انه حلال له. و هكذا يقال بان ظاهر هذه المعتبرة يشمل من يزعم ان الجماع حلال في شهر رمضان و ان علم بان هذا الجماع حرام لان زوجته حائض، رجل اتی اهله في شهر رمضان و هو لايزعم الا انه اي اتيان الاهل في شهر رمضان حلال له، هذا يشمل من يعلم بان هذا الجماع لا لانه في شهر رمضان بل لاجل ان زوجته مبتلاة‌ بالحيض حرام.

الاستظهار الاول صحيح، هذه الصحيحة تشمل الجاهل المقصر غير المتردد، و لكن الاستظهار الثاني مو صحيح، العرف لايری ان هذا الذي يعلم بان جماعه مع زوجته الحائض حرام و لكنه لايعلم بان الجماع مبطل للصوم، العرف لايری صدق هذا العنوان اتی اهله في شهر رمضان و هو لايزعم الا انه حلال له، لا، هذا يعلم انه حرام لانه وطي الحائض، لااقل من شبهة الانصراف في هذه الرواية عن فرض العلم بحرمة ارتكاب هذا المفطر لا لاجل كونه مفطرا بل لاجل انطباق عنوان آخر عليه لااقل من شبهة الانصراف فنرجع الی عمومات ثبوت الكفارة.

المطلب الثاني: بالنسبة الی انشاد الشعر في شهر رمضان ذكر صاحب العروة انه لايبعد اختصاص كراهته بغير المراثي أو المشتملة علی المطالب الحقة من دون اغراق أو المشتمل علی مدح الائمة عليهم السلام و ان كان يظهر من بعض الاخبار التعميم. ذكرنا ان المراد من بعض الاخبار صحيحة حماد بن عثمان حينما قال الامام عليه السلام لاينشد الشعر بليل مطلق الليالي و لا ينشد في شهر رمضان بليل و لا نهار فقال له اسماعيل فانه فينا قال و ان كان فينا. و في رواية اخری عن حماد ايضا صحيحة يقول انا قلت للامام بعد ما تكره رواية الشعر للصائم و للمحرم و ان يروی بالليل و في يوم الجمعة و في الحرم قلت و ان كان شعر حق قال و ان كان شعر حق.

نسب الی الاصحاب انهم اعرضوا عن هاتين الروايتين و هذا غير ثابت، مجرد نسبة. نعم، روی الطبري في كتاب الآداب الدينية رواية مرسلة عن خلف بن حماد قلت للرضا عليه السلام ان اصحابنا يروون عن آباءك ان الشعر ليلة الجمعة‌ و يوم الجمعة و في شهر رمضان و في الليل مكروه و قد هممت ان ارثي اباالحسن و هذا شهر رمضان فقال عليه السلام ارث ابالحسن في ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل و في سائر الايام فان الله عز و جل يكافئك علی ذلك بالثواب الجزيل. ان تمت هذه الرواية سندا كانت معارضة لصحيحة حماد بن عثمان. و لكن هذه الرواية لاتتم سندا. فمقتضی العنوان الاولي هو كراهة انشاد الشعر حتی و ان كان شعر حق و ان كان في مراثي الائمة عليهم السلام.

و ما يقال من ان الشعر ينصرف الی التخيل اولا: كثير من الاشعار في مراثي الائمة و مدائحهم يشتمل نوعا ما علی التخيل. مضافا الی ان الشعر في العرف اعم، الشعر يعني الكلام المنظوم. الا اننا ذكرنا تحقق عنوان ثانوي في هذه الازمنة و هو اننا لو التزمنا نكون في معرض تضعيف شعائر اهل البيت عليهم السلام لتقومها فعلا بانشاد الاشعار.

المطلب الثالث: بالنسبة الی ما ذكر من مكروهات الصوم بعض تلك المكروهات تستند الی روايات معتبرة و بعضها تستند الی روايات ضعيفة و قد يستند بعضها الی فتوی فيندرج في بعض التسامح في ادلة السنن، بناءا علی ان روايات التسامح في ادلة السنن تدل علی حجية الخبر الضعيف سواء كان الخبر دالا علی الاستحباب أو علی الكراهة لان الخبر الدال علی الكراهة بالدلالة الالتزامية يدل علی ان في ترك هذا العمل الذي قام الخبر الضعيف علی كراهته في تركه ثواب، و هكذا لو قلنا بمنی صاحب الكفاية من ان اخبار من بلغ تدل علی استحباب العمل البالغ عليه الثواب أو استحباب ترك العمل البالغ علی تركه الثواب بعنوان ثانوي، و لكن حيث منعنا في الاصول وفاقا للسيد الخوئي و السيد السيستاني عن ذلك و قلنا بان هذه الروايات من بلغه ثواب علی عمل فعمله اوتي ذلك الثواب و ان لم‌يكن كما بلغه هذه الروايات لاتدل علی اكثر من الوعد باعطاء الثواب البالغ علی عمل اتي به برجاء الوصول الی ذلك الثواب بل ذكر السيد السيستاني ان القدرالمتيقن من روايات و احاديث من بلغ العمل الذي ثبت كونه خيرا، ثبت كونه مستحبا، من بلغه شيء من الثواب علی شيء من الخير، هكذا ورد في صحيحة صفوان، فلابد ان يثبت في مرحلة سابقة ان هذا خير ثم نطبق عليه احاديث من بلغ فحينئذ يكون الاشكال اشد اذا لم‌يثبت كون هذا مستحبا فكيف نقول ثبت انه خير. و لاجل ذلك ترون ان السيد الخوئي و السيد السيستاني في اول الرسالة العملية أو بداية تعليقة العروة قالوا بان ما ذكر من المستحبات و المكروهات في العروة و في المنهاج مبني علی التسامح في ادلة السنن فلايمكن اثبات ان السيد الخوئي يفتي بالاستحباب أو يفتي بالكراهة و هكذا السيد السيستاني الا في استحباب الاغسال لانه في استحباب الاغسال يترتب اثر وضعي عليه و هو ان كل غسل مستحب يغني عن الوضوء. اما بالنسبة الی ما ورد في العروة من المكروهات في الصوم لابأس ان نذكر مستندات هذه المكروهات نشوف هذه المستندات صحيحة أو ليست صحيحة.

المكروه الاول مباشرة النساء لمسا و تقبيلا و ملاعبة. مستند ذلك رواية عيون اخبار الرضا ثلاثة لايعرّض احدكم نفسه لهن و هو الصائم الحجامة و الحمام و المرأة الحسناء. و عن ابي‌جعفر عليه السلام الرجل يجد البرد أيدخل مع اهله في لحاف‌ و هو صائم قال يجعل بينهما ثوبا. فاذن صارت الكراهة هكذا يعني تجعل بينك و بين اهلك في حال الصوم ساترا، ملابسك خب واضح ساترة، لا، خل بينك و بين اهلك غير ملابسك و ملابسها، فبطانية، فشيء حتی لايوسوس اليك الشيطان. الروايتان ضعيفتان.

المكروه الثاني: الاكتحال بما فيه صبر، الصبر نبات، كل شيء منه مرّ. انتم شتسمونه؟ ... لا، نبات. حنظل يشبه الرقي. و يؤخذ منه الكحل، الاكتحال بما فيه صبر أو مسك أو نحوهما مما يصل طعمه أو رائحته الی الحلق و كذا مثل ذلك في العين. في الجواهر حكی الاجماع علی عدم حرمة الاكتحال حتی لو وصل طعمه الی الحلق. دواء العين تصب علی عينك تحس طعمه في حلقك،‌ مكروه و ليس بحرام. بعض الروايات تدل علی المنع مثل صحيحة الحلبي: الرجل يكتحل و هو صائم قال لا اني اتخوف عليه ان يدخل رأسه يعني يدخل في حلقه يعني يمر من رأسه و يدخل حلقه. و في رواية الحسن بن علی المروي في التهذيب، الحسن بن علی روی عن ابي الحسن عليه السلام الصائم اذا اشتكی عينه ليكتحل بالذرور و ما اشبه ذلک يسوغ له ذلك قال لايكتحل. و الذرور كرسول ما يذرّ في العين من الدواء اليابس. صحيحة سعد الاشعري عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يضر عينه بالنهار و هو صائم قال يضرها اذا افطر و لايضرها و هو صائم. و لكن ورد في قبال هذه الروايات روايات تدل علی عدم البأس بالاكتحال كصحيحة محمد بن مسلم الصائم يكتحل قال عليه السلام لا بأس به ليس بطعام و لا شراب. و هناك طائفة ثالثة دلت علی التفصيل كصحيحة محمد بن مسلم المرأة تكتحل و هي صائمة فقال اذا لم‌يكن تجد له طعما في حلقها فلا بأس. و هكذا موثقة سماعة سألته عن الكحل للصائم فقال اذا كان كحلا ليس فيه مسك و ليس له طعم في الحلق فليس به بأس.

قد تقول بان مقتضی انقلاب النسبة بل مقتضی قبول شاهد الجمع هو الالتزام بحرمة الاكتحال اذا دخله في الحلق فان صحيحة محمد بن مسلم بالقضية الشرطية فصلت بينما اذا لم‌يكن تجد له طعما في حلقها قال لا بأس و مفهوم هذه القضية الشرطية انها اذا وجدت طعما للكحل في حلقها ففيه بأس، فيقال بانه بناءا علی انقلاب النسبة واضح ان هذه الطائفة الثالثة توجب انقلاب النسبة بل من ينكر انقلاب النسبة هذه الصحيحة شاهدة للجمع. و قد بينا لعله مرارا الفرق بين انقلاب النسبة و شاهد الجمع. انقلاب النسبة خطاب واحد يكون مخصصا لاحد الخطابين المتباينين، اكرم العالم لاتكرم العالم، اكرم العالم العادل أو فقل اكرم الفقيه، اكرم الفقيه يخصص لاتكرم العالم و بعد ما خصص لاتكرم العالم،‌ لاتكرم العالم بعد ما صار مختصا بالعالم غير الفقيه يصير اخص مطلقا من قوله اكرم العالم فيجعل اكرم العالم مختصا بالفقيه. و اما اذا كان الخطاب الثالث له مدلولان بان كانا مفاده القضية الشرطية اذا كان العالم فقيها فاكرمه، فمنطوقه يخصص قوله لاتكرم العالم و مفهومه يخصص قوله اكرم العالم، و هذا يسمی بشاهد الجمع و عادة الاعلام قبلوا شاهد الجمع و ان وقع الخلاف في انقلاب النسبة، فهنا قد يقال بان هذه الصحيحة تكون شاهدة للجمع فلماذا المشهور بل ادعي عليه الاجماع علی ان الكحل اذا دخل طعمه في الحلق لايبطل الصوم؟ تاملوا في ذلك الی ليلة الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo