< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المسئلة السادسة و السابعة

 

كان الكلام في مسألة 6 حيث ذكر صاحب العروة انه لايجوز للصائم ان يذهب الی مكان الذي يعلم بانهم يدخلون في حلقه طعام من غير اختيار منه. و السيد الخوئي قال نعم صحيح لانه لو ذهب الی ذاك المكان الذي يعلم بانهم سوف يدخلون في حلقه طعاما بغير اختيار منه فلايصدق في حقه انه اجتنب عن الطعام و من لايجتنب عن الطعام فليس بصائم، لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب الطعام و الشراب و النساء و الارتماس. لكن جمع كثير من الاعلام اشكلوا علی صاحب العروة فقالوا بانه لايستند الی هذا الشخص انه اكل الطعام، انت تعلم بانك لو بقيت في هذا المكان سوف يأتي شخص و يقوّمك من النوم، يا خذ بيدك يقومك، لايصدق انك قمت، هنا ايضا لايصدق انك أكلت. و الاكل ناقض للصوم.

اول من رأيت انه اشكل بهذا الاشكال هو المحقق العراقي في تعليقته علی العروة قال في بطلانه نظر كالنوم المنتهي الی الاحتلام و نظيرهما ما لو اعتقد بان نومه ملازم لأكله شيئا. و السيد الحكيم اشكل بنفس الاشكال. السيد الشاهرودي، السيد الخميني، السيد السيستاني، بل بعضهم افتی بانه ليس بمبطل للصوم، هؤلاء الاعلام احتاطوا في المسألة لكن صاحب كتاب فقه الصادق افتی بانه مادام لايقال هذا أكل الطعام فصومه صحيح.

نحن قلنا بانه حتی و لو لايصدق انه اكل الطعام لكن كما ذكر السيد الخوئي الصوم متقوم بالاجتناب عن الطعام، هذا لم‌يجتنب عن الطعام، هذا لم‌يجتنب عن الشراب، لو علم شخص بانه لو بقي في البيت فان زوجته تلجئه الی الجماع من غير اختيار منه لايصدق انه اجتنب النساء، اطلع من البيت خب. و اما حمل لزوم الاجتناب عن الطعام الی لزوم الاجتناب عن الاكل و هذا اجتنب عن اكل الطعام هذا خلاف الظاهر، مضافا الی انه حتی لو ورد في الخطاب لزوم الاجتناب عن اكل الطعام ما ورد في الخطاب يلزم للصائم ان يجتنب عن اكله للطعام، يجب ان يجتنب عن مادة اكل الطعام و لو لم‌يستند الاكل اليه. علی ايّ حال هذا الذي يدخل الطعام في حلقك من غير اختيار منك و انت تبلعه من غير اختيار هذا اكل للطعام لكن اكل لا يستند اليك و لكنه اكل، لايصدق انك اجتنبت عن اكل الطعام بل انت حذرت روحك لاجل اكل الطعام و لو من غير استناد اليك.

كان الكلام فيما اذا مضغ العلك و لكنه استهلكت اجزاءه في ريقه فهل يجوز ان يبلع ريقه و قد استهلكت فيه اجزاء العلك؟

السيد الخوئي فصّل وفاقا لصاحب العروة بينما لو تعمد ذلك و بينما لو لم‌يتعمد ذلك.

انا اذكر مثالا آخر: شخص يأخذ حبة قند في فمه قاصدا لان تذوب و تستهلك في ريقه فيبلع ريقه المشتمل علی اجزاء مستهلكة للقند، هنا لايصدق عليه انه اجتنب عن القند، لم‌يجتنب، بل احتال في اكل القند بهذا الاسلوب، نعم لو كان ناسيا فوضع حبة قند في فمه فاستهلكت اجزاءها في ريقه ثم تذكر انه صائم، لا بأس، هنا يجوز له بلع ريقه. من يتعمد ان يسبب استهلاك طعام في ريقه حتی يبلعه هنا لايصدق انه اجتنب عن ذاك الطعام، بخلاف ما لو لم‌يتعمد ذلك.

هنا ايضا جمع من الاعلام خالفوا صاحب العروة قالوا الاستهلاك يوجب انعدام الموضوع فهذا هو السيد الحكيم و هكذا السيد السيستاني و بعض آخرون من الاعلام قالوا بانه ايّ مانع من ان يبلع هذا الريق و ان تعمد ان يستهلك فيه طعام، السيد السيستاني قال نعم مع تكرره بحيث يصدق عليه الاكل و الشرب فلايجوز. لاحظوا! يقول السيد السيستاني لا مانع من ان يبلع ما استهلك في ريقه لكن بشرط ان لايصدق عليه الاكل و الشرب كما اذا تكرر منه.

الكلام في الاستهلاك انه قد يقال بان الاستهلاك موجب لانعدام الشيء ذاتا و وصفا، انا اذكر مثالا من الماء الذي استهلك فيه الدم، فشخص يأخذ كأسا من الماء تحت الحنفية و يخلي فيها قطرة الدم و يسبب استهلاك قطرة دم في الماء فيشرب الماء، و يتكرر منه، يأخذ كأسا ماء آخر يخلي فيه قطرة دم، اذا كان الدم نجسا خب يأخذ هذا الكأس من الماء و يخليه تحت الماء الحنفية حتی لايتنجس، و اذا كان الدم طاهرا مثل دم المسك أو دم المتخلف من الذبيحة خب ماكو شيء حتی لو كان الماء قليلا لايضر، بعضهم قالوا الاستهلاك موجب لانعدام الدم في هذا المثال ذاتا و وصفا، و هذا مو صحيح، لماذا؟ لانك اذا تأملت في هذا الماء تشوف انه ازداد حجمه، كيف يزداد حجمه؟ لايجتمع ذلك مع دعوی ان الدم انعدم ذاتا.

القول الثاني ان الاستهلاك يوجب انعدام الدم في هذا المثال وصفا لا ذاتا يعني العرف يقول انعدم الدم، ماكو دم، زال الدم، فمقتضی القاعدة جواز شرب هذا الماء، هو لم‌يشرب الا الماء، لم‌يأكل الدم، هرب من الحرام الی الحلال و نعم الشيء الفرار من الحرام الی الحلال.

القول الثالث ما اختاره شيخنا الاستاذ قدس سره من ان الاستهلاك لايوجب انعدام الدم أو اي شيء مستهلك لا ذاتا و لا وصفا بل العرف يقول الدم موجود و لكن اجزاءه متشتتة، نعم هذا الاستهلاك له احكام من جملتها ان الماء الكر يبقی طاهرا و مطهرا في كل اجزاءه و لو استهلك فيه الدم، كما يجوز شرب هذا الماء اذا وقعت قطرة دم بغير تعمد من المكلف في ان يشرب الماء الذي استهلك فيه الدم و لكن هذه التبعية الحكمية يعني بتبع ان الماء يجوز شربه فيجوز شربه بما فيه هذا الدم المستهلك، لا اطلاق لهذه التبعية‌ الحكمية الا في فرض عدم التعمد، و لاجل ذلك اختار شيخنا الاستاذ قدس سره انه لايجوز هذا المثال تأخذ كأس ماء و تخلي فيه قطرة الدم بحيث لايتنجس الماء، حتی تشربه و يتكرر منك ذلك، ماذا يقول العرف؟ حتی لو لم‌يتكرر مادمت متعمدا في ذلك يقال انت بلعت الدم، و اذا لايصدق علی شرب اول كأس ماء الذي استهلك فيه تلك القطرة من الدم لايصدق انه اكل الدم، فقد يقال بانه لا اثر لتكراره، لماذا يقول السيد السيستاني اذا تكرر منه فقد يصدق انه أكل الدم. اذا لايصدق في الدفعة الاولی فما هو الفارق بين هذه الدفعة الاولی‌ و الدفعات المتأخرة، قطرة الدم القيتها في هذا الكأس من ماء بحيث استهلكت قطرة الدم في هذا الماء و غرضك ان تشرب هذا الماء قالوا لك اذا هذا المقدار من الدم تأكله فيتقوی مثلا دم السمك مثلا كذا حتی دمه مقوي فكيف بلحمه،‌ فجابوا لك قوطي من دم سمك، فكرت اشلون آكل هذا الدم و اكل الدم حرام فاقترحه عليك تأخذ كأس ماء و تخلي فيه قطرة دم سمك و تسبب الی استهلاك هذه القطرة من دم في الماء و اذا هذه المرة الاولی لايصدق انك اكلت الدم فتكراره يوجب صدق انك أكلت الدم؟ بعيد جدا.

فاذن نقول بان الاستهلاك العمدي يشكل الالتزام بكونه سببا لجواز بلع الريق لان ما ذكره الشيخ الاستاذ في الاستهلاك من انه لايوجب لا انعدام الذات و لا انعدام الوصف عرفا كلام وجيه، السيد الخوئي هنا مشی علی وفاق هذا القول الثالث بينما انه في الاستهلاك مشی علی قول الثاني لو لم‌يكن كلامه ظاهرا في القول الاول و هو انعدام الذات و الوصف، لااقل من كون كلامه موافقا للقول الثاني و هو انعدام الوصف،‌ فنقول:‌ يا سيدنا الخوئي اذا كنت ملتزما بان الاستهلاك موجبا لانعدام الذات و الوصف أو موجبا لانعدام الوصف علی الاقل فلايصدق الان انك لم‌تجتنب عن الطعام،‌ لم‌تجتنب عن الدم، اجتنبت عن الدم، جعلت هذه القطرة من الدم مستهلكة في ماء الريق في ماء‌ الفم،‌ في البصاق، فانا الان ابلع بصاقي، انا اجتنبت عن الدم لان الدم استهلك في ريقي في بصاقي، و لكن حيث اننا نميل الی القول الثالث الذي اختاره شيخنا الاستاذ من ان الاستهلاك لايوجب انعدام المستهلك لا ذتا لا وصفا لكن يكون اجزاء المستهلك متشتتة و متفتتة في المستهلك فيه فله آثار من باب التبعية الحكمية و التبعية الحكمية لا اطلاق لها في فرض التعمد.

ثم قال في العروة: و كذا لا بأس بجلوسه في الماء ما لم‌يرتمس رجلا كان أو امرأة، هذا الصائم يجلس في الماء يقال بان الجلد يصحب اجزاء ضئيلة من الماء و لاجل ذلك يرتفع عطش الصائم، لو كان الارتماس في الماء حلالا كما يقول السيد السيستاني خب يرتمس في الماء البارد، كله يكيف و يزول عطشه، اذا يقول الارتماس في الماء مبطل للصوم اذا جزء من رأسه يرتمس في الماء و يخلي الماء البارد علی رأسه بدون ان يرمس رأسه في الماء، لا بأس به. يزول عطشه مي‌خالف خله يزول، ثم قال و ان كان يكره لها اي للمرأة الجلوس في الماء، ما هو الفرق بين الرجل و المرأة، في المرأة‌ توجد رواية في المنع و قد نسب الی ابي الصلاح الحلبي ان صوم المرأة يبطل اذا جلست في الماء، بل عن ابن براج انه يجب عليها الكفارة. و الرواية التي اشرنا اليها رواية حنان بن سدير انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس و لكن لايغمس و المرأة لاتستنقع في الماء لانها تحمل الماء بقبلها يعني تجذب الماء بقبلها. الرواية معتبرة.

فهل كلام ابي‌الصلاح الحلبي صحيح من ان صوم المرأة يبطل اذا جلست في الماء؟ لا. اولا: هذه المسألة محل الابتلاء، لايحتاج المرأة تجلس في الماء، تغسل فرجها بماء كثير، اذا كان ينجذب الماء في فرض الجلوس في الماء هنا ايضا يجذب، و علی اي حال حتی الجلوس في الماء و الدخول في الحمام و الجلوس في ماء الحمام اذا كان لايجوز للمرأة‌ الصائمة لكان حكم ذلك ينتشر و لو كان لبان،‌ ميصير يخفی علی الفقهاء‌ و علی العوام، بس ابوالصلاح يقول انا اطلعت علی ذلك، ميصير. و ثانيا: كما يقول السيد الخوئي، نفس تعليل بانها تحمل الماء بقبلها، ظاهر في الكراهة لان دخول الماء في القبل ليس من مبطلات الصوم و الا المرأة التي تستعمل ماء كثيرا في الاستنجاء، خب يدخل الماء في قبلها،‌ فنفس هذا التعليل ظاهر في الحكم الكراهتي.

ثم قال في العروة بعد ذلك: و لايبطل الصوم ببلّ الثوب و وضعه علی الجسد.

هنا ايضا اك روايات تدل علی ان الصائم لايلبس الثوب المبلول، لايلبس الثوب الرطب، لان الثوب الرطب يوجب تخفيفا في العطش. مثلا رواية الحسن الصيقل:‌ سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول قال لا. و رواية اخری له مروية في الكافي عن سهل بن زياد عن بعض اصحابنا عن المثنی الحناط و الحسن الصيقل، هنا الحسن الصيقل ضعفه مو مهم لانه عطف علی مثنی الحناط، لكن مشكلة الرواية الثانية ارسالها و كون الراوي فيها سهل بن زياد. و رواية ثالثة عن عبدالله بن سنان لاتلزق ثوبك الی جسدك و هو رطب و انت صائم حتی تعصره. و رواية رابعة ابن ابي‌عمير عن الحسن بن الراشد،‌ علی نظرنا هو ثقة لانه روی عنه ابن ابي‌عمير، قلت لابي‌عبدالله عليه السلام الحائض تقضي الصلاة؟ قال لا، قلت تقضي الصوم؟ قال نعم قلت من اين جاء ذا؟ قال ان اول من قاس ابليس قلت و الصائم يستنقع في الماء قال نعم قلت فيبلّ ثوبا علی جسده؟ قال لا قلت من اين جاء ذا؟ قال من ذاك، يعني انت تريد تقيس احكام الله؟ لاتقبلوا القياس، الصائم يدخل في الماء بدون رمس رأسه في الماء لكن لايبل ثوبا علی جسده، يعني لايلبس ثوب المبلول و الرطب. حكم تعبدي.

لكن هنا ايضا قد يقال بانه لو كان لبان و المشهور لم‌يذهبوا الی مفطرية لبس الثوب الرطب مضافا الی صحيحة محمد بن مسلم: الصائم يتبرّد بالثوب، اشلون يتبرد الصائم بالثوب؟ غير يلبس ثوب رطب حتی يتبرد به؟ الصائم يتبرد بالصوم، فهذه الصحيحة تدل علی جواز لبس الثوب الرطب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo