< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المسئلة الثانیه و الثالثه و الرابعه و الخامسه

 

بقيت نكتة من مباحث التقية و هي انه ورد في رواية هشام الكندي قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول اياكم ان تعملوا عملا يعيّرونا به صلوا في عشائرهم عودوا مرضاهم اشهدوا جنائزهم و الله ما عبدالله بشيء احب اليه من الخبء اي الستر قلت و ما الخبء قال التقية، فذكر بعضهم كالسيد الخميني قدس سره بان صدر هذه الرواية الصحيحة بنظره قرينة علی كون التقية في الذيل بمعنی التقية المداراتية، لانه في صدر هذه الرواية ذكر موارد التقية المداراتية، اياكم ان تعملوا عملا يعيّرونا به فان ولد السوء‌ يعيّر والده بعمله كونوا لمن انقطعتم اليه زينا و لاتكونوا عليه شينا صلوا في عشائرهم عودوا مرضاهم اشهدوا جنائزهم لايسبقونكم الی شيء من الخير فانتم اولي به منكم و الله ما عبدالله بشيء احب اليه من الخبء قلت و ما الخبء قال التقية. و اطلاق الذيل اذن يقتضي جواز التقية المداراتية في كل شيء.

نحن ذكرنا ان هذه الرواية لا ظهور لها في كون ذيلها بمعنی التقية المداراتية فان الجمع بين مطلبين طبيعي اياكم ان تعملوا عملا يعيّرونا به لاتكونوا لمن انقطعتم عليه شينا صلوا في عشائرهم عودوا مرضاهم اشهدوا جنائزهم و لانه مرتبط نوعا ما بالتقية تكلم عن التقية و التقية ظاهرة في التقية الخوفية، و الله ما عبدالله بشيء احب اليه من الخبء قلت و ما الخبء قال التقية. كون الصدر بمعنی التقية المداراتية من دون ان يستعمل لفظ التقية‌ في الصدر و لكن مورده التقية المداراتية لايكون قرينة في صرف ظهور التقية في الذيل عن معناها الاصلي الی معنی غير ظاهر فيه و هو التقية المداراتية، بل يمكن ان يكون الذيل بمناسبة ان من يترك الصلاة معهم و عيادة مرضاهم و تشييع جنائزهم هذا يؤدي الی ان يخالف التقية الخوفية ايضا، و يفشي اسرار الشيعة و اهم شيء في التقية كتمان سر الشيعة و كتمان سر الائمة فانا لااحس بان ذيل هذه الرواية يكون يحمل علی خلاف معناه الاولي بان نحمل التقية علی التقية المداراتية لاجل اقتران هذا الذيل بصدر مورده التقية المداراتية.

هذا و قد يناقش في سند هذه الرواية ببيان ان الراوي هنا علی بن الحكم عن هشام الكندي و هشام الكندي لم‌يوثق و من قال بان هذه الرواية صحيحة فانما استظهر ان هشام الكندي نفس هشام بن الحكم و لكن بعضهم قال هما متعددان، و منشأ ذلك كلام للبرقي في رجاله حيث انه عدّ من اصحاب الامام الصادق عليه السلام هشام بن الحكم مولی بني شيبان و هشام الكندي، و لاجل ذلك ذكر السيد الخوئي في المعجم ان هشام الكندي غير هشام بن الحكم اعتمادا علی كلام البرقي. مع انه في ابحاثه الفقهية عبّر عن هذه الرواية بصحيحة هشام. و هكذا الشيخ المفيد في كتاب الفصول المختارة قال روی عن الصادق عليه السلام عدة اشخاص كلهم هشام و قد روی عن ابي‌عبدالله عليه السلام ثمانية رجال كل واحد منهم يقال له هشام فمنهم ابومحمد هشام بن الحكم مولی بني شيبان و منهم هشام بن سالم مولی بشر بن مروان و منهم هشام الكندي الذي يروي عنه علی بن الحكم و منهم هشام المعروف بابي‌عبدالله البزاز و منهم هشام الصيداني و منهم هشام الخياط و منهم هشام بن يزيد و منهم هشام بن المثنی الكوفي. فعلي هذا لايحكم بصحة هذه الرواية لان احتمال كون هشام الكندي في هذه الرواية غير هشام بن الحكم هذا الاحتمال كاف في عدم الاعتبار لهذه الرواية. نعم في معاني الاخبار نقل ذيل هذه الرواية عن يونس بن عبدالرحمن عن هشام بن سالم قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ما عبد الله بشيء احب اليه من الخبء قلت و ما الخبء قال التقية، لكن هذا الذيل ما لم‌يقترن بذاك الصدر لايكون ظاهرا في التقية‌ المداراتية.

لكن قد يقال بان الظاهر وحدة هشام الكندي مع هشام بن الحكم فان البرقي و ان ذكر شخصين لكن هم في الرجال و هكذا الشيخ الطوسي في الرجال قد ينظرون الی العناوين و لايدققون ان هذه العناوين قد تعبّر عن شخص واحد، رأوا في الرجال و كتاب التراجم عناوين مختلفة فاحتملوا ان هذه العناوين متعددة و تحكي عن اشخاص متعددين فذكروها، بينما ان الشيخ الطوسي في كتاب الرجال اكتفی بذكر هشام بن الحكم. و اما ما قال الشيخ المفيد من ان هشام الكندي مولی كندة و هشام بن الحكم مولی بني شيبان، صحيح، هذا موجود في فهرست ابن نديم، هشام بن الحكم البغدادي الكندي مولی بني شيبان، و لكن كما اشار ابن نديم الكندي مولی بني شيبان، يجتمع العنوانان، مولی بني شيبان ناظر الی قبيلته و مولی كندة ناظر الی محلته، الكندة محلة من محلات الكوفة، فتری ان النجاشي يقول هشام بن الحكم ابومحمد مولی كندة و كان ينزل بني شيبان بالكوفة، بنوشيبان كانوا ينزلون بالكوفة و بعضهم يجيء و يسكن الكندة، كندة منطقة، محلة مثل اهنانه يقولون زنبيل‌آباد، فيقال بان من البعيد جدا ان يكون هناك في طبقة هشام بن الحكم الكندي شخص آخر يسمی بهشام الكندي غير هشام بن الحكم الكندي مولی بني شيبان، و لاجل ذلك الاردبيلي في جامع الروات حكم بوحدة هشام بن الحكم الكندي مع هشام الكندي.

فليس من البعيد وحدتهما و ان قبل السيد الخوئي تعددهما لاجل ما ذكره البرقي في رجاله و نقلنا انه الشيخ المفيد في الفصول المختارة ايضا حكم بتعددهما. و المهم ما ذكرناه من الاشكال الدلالي.

هذا تمام الكلام في هذا البحث.

يقع الكلام في المسألة الثانية، يقول صاحب العروة: من أكل نسيانا ثم تخيل بطلان صومه فأكل جهلا يبطل صومه بذلك. بعضهم يأكل شيئا نسيانا ثم بعد ذلك يتخيل ان صومه بطل فيقول لزوجته جيبي غداة كامل، انا شربت الماء نسيانا ما يفيدني هذا الصوم بعد، ان‌شاءالله بعد شهر رمضان اقضي هذا اليوم، و جيبي غداة اتغدی. صاحب العروة يقول هذا الصوم باطل.

السيد الخوئي قال: من يقول بان الافطار عن جهل بالحكم لايبطل الصوم فلابد ان يقول هنا ايضا بعدم بطلان الصوم، و لعله ناظر الی السيد الحكيم، من يقول بان من جامع اهله و هو جاهل بان الجماع مبطل للصوم لايبطل صومه استنادا الی رواية زرارة: رجل اتی اهله في شهر رمضان و هو لايزعم الا انه حلال له قال ليس عليه شيء، فقالوا بان مفاده ان صومه صحيح، و هكذا صحيحة عبدالصمد بن بشير: اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه هناك يقول بان من جامع اهله و هو جاهل بالحكم فصومه صحيح فان في هذه المسألة ايضا لابد ان يقول بان صومه صحيح لانه تغدی و هو جاهل بالحكم.

و هذا غريب من السيد الخوئي لان هذا الذي تغدی نوی ان لايصوم بينما ان من جامع اهله و هو جاهل بانه مفطر ناو للصوم و انما يكون جاهلا بان هذا الجماع مبطل للصوم هذا يعلم بان اكل الغداة ناقض للصوم لكنه يرتكبه لاجل تخيله ان صومه قد بطل قبل ذلك، فلاتشمله لا معتبرة زرارة و لا صحيحة عبدالصمد.

و ان شئت قلت: هذا الذي يتغدی لاجل تخيل ان صومه بطل قبل ذلك بشرب الماء يعلم بان هذا التغدي حرام وضعي عليه، هذا الاكل (اكل الغداة اكل الطعام) حرام وضعي عليه و انما يعتقد انه حلال تكليفي، مثل انه بعض الناس بمجرد العطش يقول حلال ما اصوم، اي حلال ما اصوم لا انه حلال هذا المقدار من شرب الماء، هذا ليس مبطلا للصوم،‌ لا، يقول بالنسبة الیّ حلال انه ما اصوم، لاني احس بعطش شديد و انا اشتغل في هذا المكان الحار بعمل يقالوا له خب ممكن تؤخر عملك الی بعد دخول الليل يقول: لا،‌ صعب، فهو حينما يشرب الماء يعلم بان صومه باطل يعلم بانه هذا الشرب للماء حرام وضعي اي مبطل للصوم و مورد معتبرة زرارة ان هذا الشخص حينما جامع اهله لايزعم لا انه حلال مطلقا وضعا و تكليفا كما ان مورد صحيحة عبدالصمد اي رجل ركب امرا بجهالة انه جاهل بان عمله حرام تكليفي أو وضعي، فلا علاقة له بالمقام و هو يعلم بان هذا الاكل حرام وضعي عليه لانه يقول هذا ناقض للصوم لكن حيث اني بطل صومي قبل ذلك فليس بمهم.

اقرأ نهاية المسألة: و كذا لو اكل بتخيل ان صومه مندوب يجوز ابطاله فذكر انه واجب. تخيل ان هذا الصوم مندوب فافطر ثم تبين ان هذا الصوم واجب عليه كان. شخص لايعلم بانه صار بالغا، نوی الصوم المندوب،‌ اثناء النهار احس بعطش أو جوع فقال ما اقدر ما اتحمل فافطر، بعد ذلك تبين له انه بلغ قبل اشهر، خب صومه باطل لان ارتكب المفطر و هو يعلم بانه حرام وضعي اي مبطل للصوم، هنا قبل السيد الخوئي قال: بلي حتی من يقول بان ارتكاب المفطر عن جهل بمفطريته لايبطل الصوم هنا في هذا الفرض لابد ان يقول ببطلان الصوم لان هذا الشخص يعلم بان ارتكاب المفطر حرام وضعي عليه. خب سيدنا في المثال السابق من شرب الماء نسيانا ثم تخيل ان صومه بطل فأكل الطعام هناك ايضا يعلم بان اكل الطعام حرام وضعي عليه.

المسألة الثانية: من افطر تقية من ظالم بطل صومه.

لانحتاج الی التفصيل في هذه المسألة لان التقية ان كان تقية من غير العامة فهذا يدخل في الاكراه و الاضطرار و ليس له حكم خاص و لا اشكال في انه صومه يصير باطلا. و اما التقية من العامة فهذا مما تعرضنا الی البحث عنه بتفصيل فلانعيده و قلنا بان ارتكاب المفطر عن تقية يوجب بطلان الصوم و لايصح الفتوی بانه لو افطر عند غروب الشمس تقية عن العامة لايبطل صومه بذلك، لا، صومه باطل فان الادلة التقية لاتقتضي الاجزاء. و اما التقية المداراتية كررنا انها لاتحلل الافطار معهم لانه لا اطلاق في دليل جواز التقية المداراتية لارتكاب المحرمات أو ترك الواجبات غير قضية الصلاة معهم مما كان المتعارف في ذلك الزمان الاخلال ببعض الواجبات. و الا من يقول بالتقية المداراتية في ان يجوز الافطار معهم قبل دخول الليل فلابد ان يقول بالتقية المداراتية‌ في كل محرم أو ترك واجب و لااظن ان فقيها يلتزم بذلك.

المسألة الثالثة: اذا كان اللقمة في فمه و اراد بلعها لنسيان الصوم فتذكر وجب اخراجها و ان بلعها مع امكان القاءها بطل صومه بل تجب الكفارة ايضا و كذا لو كان مشغولا بالاكل فتبين طلوع الفجر. اذا تبين طلوع الفجر و علم بان جزءا من اكله السابق وقع بعد طلوع الفجر بطل صومه و لايؤثر اجتنابه عن الاكل فعلا في تصحيح صومه نعم يجب عليه الاجتناب عن الاكل لوجوب الامساك التأدبي نعم لو نظر الی الافق مباشرة و لايتيسر ذلك الان و لم‌يظهر له طلوع الفجر في الافق هنا يحكم بصحة صومه لاجل الدليل الخاص.

المسألة‌ الرابعة:‌ اذا دخل الذباب أو البق أو الدخال الغليظ أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم‌يبطل صومه و ان امكن اخراجه وجب و لو وصل الی مخرج الخاء.

تكلمنا عن ذلك سابقا.

هذه المسألة الخامسة مسألة مهمة: اذا غلب علی الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك يجوز له ان يشرب الماء مقتصرا علی مقدار الضرورة.

لااشكال في جوازه تكليفا لعمومات الاضطرار و روايتين خاصتين احداهما موثقة عمار: الرجل يصيبه العطاش أو العطش حتی يخاف علی نفسه قال يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لايشرب حتی يروّي. و الرواية الثانية رواية مفضل بن عمر قلت لابي‌عبدالله عليه السلان ان لنا فتيات و شُبّانا لايقدرون علی الصيام من شدة ما يصيهم من العطش قال فليشرب بقدر ما تروی به نفوسهم و ما يحذرون.

هنا يقع الكلام في ان هذا الجواز التكليفي هل يحكم بان لايضر بالصوم؟ كما اختاره السيد الحكيم في مصباح المنهاج أو انه مبطل للصوم كما اختاره المشهور؟ هذا بحث مهم نتكلم عنه في الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo