< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: ارتكاب بعض المفطرات تقیةً

 

كان الكلام في التقية حيث وصلنا الی ان ارتكاب بعض المفطرات عن تقية أو ارتكاب المفطر حين غروب الشمس تقية هل يبطل الصوم ام لا؟

ذكر جماعة كالشيخ الاعظم و السيد الخميني انه لايبطل الصوم بذلك. فقلنا اذا كانت التقية مداراتية فلااطلاق في دليل جواز التقية المداراتية مطلقا حتی في الصلاة مع العامة في زماننا هذا، فكيف بالصوم. و ما يقال من انه ورد في رواية الحسين بن سعيد و محمد بن خالد جميعا عن القاسم بن محمد الذي هو الجوهري و لايبعد وثاقته لكونه من مشايخ صفوان و البزنطي و ابن ابي عمير عن حبيب الخثعمي قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول عليكم بالورع و الاجتهاد و اشهدوا الجنائز و عودوا المرضی و احضروا مع قومكم المساجد فيقال بانه لايشتمل علی الضمير ما قال اشهدوا جنائزهم عودوا مرضاهم صلوا في مساجدهم أو صلوا في عشائرهم حتی نقول بان الضمير يمكن ان يرجع الی ذاك الزمان، بل هذا مطلق، اشهدوا الجنائز و عودوا المرضی و احضروا مع قومكم مساجدكم

انا اقول اولا هذا ليكن ترغيبا الی الحضور في جنائزهم تشييع جنائزهم و عيادة مرضاهم كعمل مستحب، شنو علاقة بما اذا لزم منه ترك واجب، لزم من التقية المداراتية ترك واجب أو ارتكاب حرام. فقلنا بانه في الصلاة معهم انما يلزم اخفات القراءة و ليس له دلالة اقتضاء لو لزم من الصلاة معهم ترك واجب آخر يجوز ذلك و يكون مجزئا، غايته انه يعيد صلاته في البيت كما لو صلی صلاة المغرب قبل الوقت معهم. و يؤيد ذلك انه ورد في رواية السكوني انك اذا حضرت تشييع جنازة هؤلاء اذا حضرت تشييع جنازة مخالف فلاتتقدم علی الجنازة بان الملائكة يستقبله بالوان العذاب، ما عرفنا هل هي تقية مداراتية، لاتستقبل لاتروح قدام الميت، اذا كان من المخالفين لان الملائكة تستقبله بالوان العذاب يخاف عليك تواجه بعذاب من الملائكة.

انا احتمل ان هذه الرواية ايضا خطاب لهؤلاء الذين كانوا يعيشون في ذلك الزمان، اشهدوا يعني انتم،‌ يخاطبكم،‌ لايخاطب المؤمنين الی يوم القيامة و في كل عصر و زمان،‌ انتم اشهدوا الجنائز عودوا المرضی احضروا مع قومكم مساجدكم نعم كل ما كانت نكته تشملنا نحن نقبل، احبوا للناس ما تحبون لانفسكم أما يستحي الرجل منكم ان يعرف جاره حقه و لايعرف حق جاره. توصية بمواساة الجيران و لو كان من المخالفين، لان حسن الجوار لايختص بالمؤمنين، نلتزم، شنو علاقة بالتقية المداراتية بشكل عام، و نسميها بمحاولة التؤالف بين المسلمين، انا لم‌اصل الی استحباب هذا الشيء بعنوان عام. نعم محاولة التفرقة بين المسلمين بحيث يؤدي الی حروب طائفية و ضعف الاسلام قطعا هذا امر مستنكر، ذاك لا كلام فيه ابدا.

اما بالنسبة الی قضية الاجزاء، الشيخ الانصاري تمسك بموثقة سماعة و قال هذه الموثقة تدل علی ان التقية واسعة و مجزئة لان هذا المؤمن كان قد بدأ بالصلاة فرآی ان الامام لهم قام يصلي فالامام يتم صلاته معه علی ما استطاع يعني اذا لزم من الاتمام للصلاة معهم ترك جزء أو فوت شرط فلا بأس به فان التقية واسعة، هذا التعليل لايختص بالصلاة، و ليس شيء من التقية الا و صاحبها مأجور عليها ان‌شاءالله، يقول الشيخ الاعظم هذا التعليل يدل علی جواز كل عمل علی وجه التقية و ان تمكن من تأخير ذلك العمل الی وقت آخر.

السيد الخوئي اجاب بان التقية واسعة ليس بهذا المعنی‌ الذي انتم فهمتم، التقية واسعة يعني انت ايضا بامكانك ان تراعي التقية و ان بدأت بالصلاة قبلهم،‌ لاتختص التقية عملا في مقام التطبيق العملي بمن بدأ بالصلاة معهم،‌ لا، التقية اوسع من ذلك، حتی لو بدأت بالصلا‌ة‌ قبلهم يمكنك بلحاظ الاستمرار في الصلاة ان تراعي التقية فهنا ايضا يمكن التقية و ليس بمعنی انه لو ادّی الصلاة معهم الی ترك ايّ واجب من واجبات الصلاة و لو كان وقت الدخول للصلاة لايشمل هذا الفرض لانه بدأ بالصلاة قبلهم و لو كان ايّ شرط أو اي جزء فالتقية واسعة، لا، هذا لايستفاد من الرواية.

و كلام السيد الخوئي في محله. خاصة و ان التعبير بقولنا التقية واسعة و ليس شيء من التقية الا و صاحبها مأجور ان‌شاءالله هذا لايفيد الاجزاء، قلنا التقية ظاهرة في التقية الخوفية‌ و من يراعي التقية الخوفية‌ مأجور عليها مثاب عليها لا انه يجزئه عن الواجب، فهذا الموثقة لاتدل علی اجزاء التقية الا في خصوص الصلاة بمقدار تعارف فيها الاخلال بواجبات الصلاة اذا صلی معهم.

الرواية الثانية قوله عليه السلام التقية ديني و دين آبائي و لا ايمان لمن لا تقية له.

هذا يدل علی وجوب التقية الخوفية، اما انها مجزئة من اين؟ اتعجب من بعض المعاصرين قال هذا يعني ان العمل الذي اتقيت فيه من الدين، يعني هذا الصوم الذي افطرت فيه قبل دخول الليل هذا الصوم المشتمل علی التقية من الدين، و اذا كان من الدين يعني مشروع صحيح. مولانا! شنو علاقة كون عنوان التقية و فعل التقية من الدين و ان الصوم الذي اخل فيه بواجب من واجباته ايضا من الدين و انه مشروع و صحيح، انا ما افهم، التقية ديني، مي‌خالف، التقية ديني يعني دين الامام عليه السلام يقتضي التقية اما ان الصوم الذي لاجل التقية اخل فيه بواجب من واجباته هذا بعنوانه من الدين كي يكون صحيحا؟ هذا لا معنی له. فهذه الرواية لاتقتضي الاجزاء ابدا.

الرواية الثالثة موثقة سماعة: اذا حلف الرجل تقية لم‌يضره اذا هو اكره أو اضطر عليه.

هذا مختص بالتقية الخوفية و الرواية تقول لايضره الحلف تقية يعني ليس اثما، هذا ابد لايدل علی اجزاء العمل الذي وقع فيه اخلال بالواجب تقية.

الرواية الرابعة صحيحة الفضلاء التقية ‌في كل شيء و كل شيء يضطر اليه ابن آدم فقد احله الله.

ذكرنا ان قوله احله الله ليس ظاهرا في الحلية الوضعية، اولا،‌ و ثانيا مورده الاضطرار و لايشمل التقية المداراتية. و المهم هو الاشكال الاول، كل شيء يضطر اليه ابن آدم فقد احله الله يعني مو حرام تكليفي.

السيد الخميني قدس سره قال: احله الله و لو وضعا. و الا فلو حملتم علی التكليف فقط هذا يوجب الحمل علی الفرد النادر جدا لان الابتلاء‌ بالتقية‌ في ارتكاب الحرام التكليفي كان نادرا،‌ مثلا يبتلی بشرب الفقاع تقية هذا امر نادر في ذاك الزمان بخلاف الابتلاء بارتكاب الحرام الوضعي كالصلاة‌ الفاقدة لجزء أو شرط أو الصوم الفاقد لجزء أو شرط أو طلاق فاقد لشرط و هكذا، هذا كان امرا رائجا و شايعا.

نقول اولا: ترك الواجب كترك الصلاة الواجدة و المشتملة علی الشرط الی آخر الوقت حرام تكليفي لان ترك الواجب الی آخر الوقت عرفا حرام، افطار الصوم الواجب المعين حرام تكليفي، سواء كان في اليوم الذي هم قالوا بانه ليس من رمضان فانجبر ما يصوم كما ورد في رواية عن الامام الصادق عليه السلام حينما ذهب الی الخليفة و افطر الامام عليه السلام تقية قال لئن افطر يوما و اقضيه احب اليّ من ان يضرب عنقي و لايعبد الله الحلف بالله كاذبا حرام تكليفي، اكل السمك الذي لا فلس له، هم يحللون اكل السمك الذي لا فلس له، هذا اذا ما يأكل مع انهم يعرفوه اذا يقول انا اشمئز من السمك يقولون عجيب، انا كنا وياك دائما كنت تأكل السمك، هل اليوم تشمئز السمك؟ يعرفون ان هذا شيعي و قد يأخذون بالتهمة و الظن. فكل هذا تقية في ارتكاب الحرام التكليفي، فشنو هذه الدعوی ان اختصاص هذه الرواية بارتكاب الحرام التكليفي عن تقية يوجب حمل هذه الرواية علی الفرد النادر.

هذا اولا و ثانيا: افرض هذا حمل علی الفرد النادر، تقييد الاطلاق بحمل الاطلاق علی الفرد النادر مستهجن اما ورود الخطاب في خصوص الفرد النادر مو مستهجن. سألته عن حكم الخنثی، سألته عن مولود ليس له ما للرجال و لا ما للنساء فبيّن الامام حكمه هذا بيان لحكم الفرد النادر، انتم شاهدين مولودا ليس له ما للرجال لا ما للنساء‌؟ هذا فرد نادر سئل الامام عليه السلام عنه فاجاب. بيان الفرد النادر ليس مستهجنا، تقييد الاطلاق و حمل الاطلاق علی الفرد النادر مستهجن.

الرواية الخامسة موثقة سماعة: اذا حلف الرجل تقية لم‌يضره اذا هو اكره أو اضطر اليه.

قرأنا هذه الموثقة لكن اكرر ذلك حتی لو كان تكرار الرواية التي قرأناه قبل لكن لان السيد الخميني قدس سره يقول هذا اوضح من الرواية السابقة، التقية في كل شيء و كل شيء مضطر اليه ابن آدم فقد احله الله موثقة سماعة اوضح منها في الدلالة علی الاجزاء و قال ليس شيء مما حرم الله الا و قد احله لمن اضطر اليه، ما عرفنا اشلون هذا اوضح من ذاك؟ و نفس الاشكال يأتي هنا، احله الله ليس ظاهرا في اكثر من الحلية‌ التكليفية.

الرواية السادسة موثقة مسعدة‌ بن صدقة، موثقة أو رواية، رواية مسعدة لانتكلم عن سندها لان دلالتها غير تامة فلانطعب ارواحنا بالبحث عن سندها. كل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي الی الفساد في الدين فانه جائز.

اولا نقول: الجائز كالحلال لايظهر منه الجواز الوضعي، مثل ما تقول فلان عالم، هل يعني فيلسوف؟ مفسر؟ مورخ؟ اديب؟ لا، صرف وجود العالم، فلعله عالم بفتاوی المرجع، عالم بعد، صرف وجود العالم لايدل علی ثبوت جميع حصص العلم لان المحمول لااطلاق شمولية له، مثل ما تقول العالم مفيد للبشرية يعني اذا سيارتك صار بها شيء تروح الی العالم؟ اذا قال انا ما ادري، انا ما اعرف اشلون اصالح السيارة تقول له انا سامعين من طفوليتنا ان العالم نافع للبشرية، يقول خب نافع اما انه نافع في كل شيء؟ لا اطلاق شمولية للمحمول. هنا اقول فانه جائز اما انه جائز وضعا أو تكليفا لا اطلاق له.

و ثانيا: هذه الرواية ايضا مختصة بالتقية الخوفية و لو قلنا بان التقية تشمل التقية المداراتية قيدت هذه الرواية بانا لايؤدي الی الفساد في الدين، الفساد في الدين لعله يشمل فساد دين الشخص، دين المكلف نفسه، يعني يترك الواجب عن غير ضرورة، هذا فساد في الدين بعد. في شهر رمضان يفرشون يجيبون فطور، ما ادري اشگد اصرار عندهم، بمجرد ما يؤذنون يفرشون السفرة و يقولون: انت تأكلوا وياهم، يقولون ان سيد موسی الصدر كان في معتمر في شهر رمضان بمجرد الاذان فرشوا السفرة، هذا قال قبل ان نفطر انا عندي ادعية، انتم قولوا آمين فقام اللهم انصر الاسلام و المسلمين اللهم اخذل الكفار، الی ربع ساعة!! ثم قال تفضلوا، دخل الليل زالت الحمرة المشرقية قال تفضلوا. مو كل واحد مثله، بعض الناس ما عندهم جرأةج فينجبر يفطر وياهم،‌ ليش رحلت ذاك المكان؟ انت ما كنت مضطر الی ذلك فهذه التقية ادّت الی فساد دينك، لا احتاج تؤدي الی فساد دين المجتمع، لا، فساد دينك، لانك من غير ضرورة ارتكبت هذه التقية.

الرواية السابعة صحيحة عبدالصباح: ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين فانتم منه في سعة.

قلنا بان السعة لاتدل علی السعة الوضعية، فانتم منه في سعة يعني لايؤاخذكم الله به. مضافا الی ان التقية كما قلنا ظاهرة في التقية الخوفية لان التقية من وقاية الشر و التقية المداراتية مو تقية حقيقة سميت باسم التقية من باب العناية و المجاز، في التقية الخوفية ما صنعتم من شيء فانتم منه في سعة يعني لايؤاخذكم الله به، اما انكم اذا طلقتم امرأة من دون حضور شاهدين عدلين تقية،‌ تقية في انه لماذا طلقتم مع عدم حضور شاهدين عدلين، طلقتم من دون حضور شاهدين عدلين، فيكون هذا الطلاق نافذا؟ هذه الرواية لاتدل عليه.

و بهذا تم الكلام في هذا البحث. آخر رواية‌ اقرأها و بعد ماكو شيء. صحيحة زرارة قلت له في مسح الخفين تقية قال ثلاثة لااتقي فيهن احدا شرب المسكر و مسح الخفين و متعة الحج. الغريب ايضا يستدل بهذه الصحيحة علی الاجزاء يقال بان الظاهر منها ان الامام كان يتقي في كل شيء لا في هذه الثلاثة، و حيث انه عليه السلام استثنی من التقية مسح الخفين و حج التمتع و المطلوب فيهما الصحة، شوفوا شنو الاستدلال، الامام قال ثلاثة لااتقي فيهن احدا يعني في غير هذه الثلاثة اتقي، و حيث ان هذه الثلاثة‌ فيها ما هو مطلوب منه الصحة فنستفيد بان هذه الرواية ناظرة الی كون التقية مفيدة لصحة العمل الا في هذه الثلاثة. و الله غريب هذا الاستدلال، و الله غريب، يا ابه يقول ثلاثة‌ لااتقي فيهن احدا، ما اخاف من احد، شرب المسكر مسح الخفين متعة الحج، و اما انه يكون التقية في غير هذه الثلاثة حلال و صحيح مجزئ، من اين؟ بمجرد ان في هذه الثلاثة ما يكون المطلوب فيه الصحة، لا، هم يوجد اثر تكليفي: مسح علی الخفين و اجتزأ بذلك الوضوء، هذا حرام تكليفي. و اما حج التمتع خب اذا لم‌يتق و اتی بحج التمتع يكون مجزئا، اما انه اذا اتی بحج الافراد فحج الافراد يكون مجزئا عن حجة الاسلام فهذا لايدل عليه لو كان يتقي فيه، قال ما اتقي فيه،‌ انتم تقولون اذا كان يتقي فيه و يأتي بحج الافراد كان حجه للافراد صحيح. و اصلا من المحتمل ان يكون المراد من لااتقي يعني لااتقي في الافتاء‌ لا انه يتقي في العمل يعني لااتقي كامام، ابيّن حكم هذه الثلاثة و ان بلغ ما بلغ.

فاذن وصلنا الی نتيجة ان التقية لاتفيد الاجزاء ابدا الا في خصوص الصلاة معهم بالنحو الذي بيّناه و عليه فلو ارتكب مفطرا من المفطرات عن تقية مداراتية فلايجوز و اذا ارتكبه عن تقية خوفية فجائز لكنه يجب عليه القضاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo