< قائمة الدروس

درس خارج فقه استاد محمدتقي شهيدي

45/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: ارتكاب بعض المفطرات لا عن عمد

 

كان الكلام في ارتكاب بعض المفطرات عن جهل بالحكم فقد نقلنا عن السيد الحكيم في المستمسك و عن سبطه في مصباح المنهاج و عن السيد الزنجاني ان ارتكاب المفطر عن جهل بالحكم لايكون مبطلا للصوم تمسكا بمعتبرة زرارة فيمن جامع اهله في شهر رمضان و هو لايزعم الا انه حلال له قال ليس عليه شيء،‌ و قد يتمسك ايضا برواية عبدالصمد بن بشير: اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه. تكلمنا عن مدلول هذه الرواية.

و لكن يوجد اشكال في سندها فلو لم‌نصحح سند هذه الرواية التي يعبر عنها في الكلمات عادة بصحيحة عبدالصمد بن بشير،‌ فلو لم‌نصحح سند هذه الرواية لوقعنا في مشكلة و هي ان دليل عدم الكفارة علی الجاهل المقصر ليس الا هذه الرواية، حينما يقول السيد الخوئي ان من ابطل صومه و هو جاهل مقصر سواء كان غافلا أو مترددا فلا كفارة عليه، لماذا؟ لقوله عليه السلام في صحيحة عبدالصمد بن بشير اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه، السيد السيستاني يقول: الجاهل المقصر الغافل لا كفارة عليه، اما الجاهل المقصر المتردد فالسيد السيستاني يحتاط وجوبا بالنسبة الی دفعه للكفارة فيحتاط وجوبا ان يدفع الكفارة و الظاهر انه لا مستند له الا هذه الرواية. فاذا وقعنا في اشكال سندي من هذه الرواية فماذا نصنع؟

المشكلة السندية تنشأ من كون موسی بن قاسم من اصحاب الرضا عليه السلام فروايته عن عبدالصمد بن بشير الذي كان من اصحاب الصادق عليه السلام روايته عنه مباشرة غير محتملة عادة. و هذا ما ذكره صاحب المعالم في كتاب منتقی الجمان الجزء 3 صفحة 224، و هكذا المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد و السيد البروجردي في كتاب ترتيب اسانيد التهذيب قال رواية موسی عن عبدالصمد بن بشير مرسلة ظاهرا. و الظاهر ان هذا الاشكال اشكال قوي فانا لم‌نجد رواية اخری لموسی بن القاسم عن عبدالصمد بن بشير و انما يروي موسی بن القاسم بواسطتين أو ثلاث وسائط عن الصادق عليه السلام فكيف روی هنا بواسطة واحدة عن الصادق عليه السلام؟ مع انه لم‌يذكر في حق عبدالصمد بن بشير انه كان من المعمرين. نعم، احيانا نجد رواية لموسی بن القاسم عن معاوية بن عمار الذي كان من اصحاب الصادق عليه السلام و لكن بالنسبة‌ اليه ايضا توجد هذه الشبهة لانه لايروي عن معاوية ‌بن عمار الا بواسطة فكيف في رواية روی عنه بلاواسطة.

ينقل عن صاحب قاموس الرجال انه انكر هذا المطلب و قال لا مانع من ان يروي موسی بن القاسم عن عبدالصمد بن بشير بلاواسطة. نحن لانقول يوجد مانع عقلي و انما اشكالنا انه لم‌ينقل عنه الا هذه الرواية الواحدة و لم‌ينقل عنه عادة رواية عن الصادق عليه السلام الا بواسطتين أو بثلاث وسائط، فهو يروي عن صفوان و ابن ابي عمير، و صفوان و ابن ابي عمير يرويان عن الصادق عليه السلام بواسطة أو بواسطتين. في قاموس الرجال يقول الشيخ الشوشتري انه روي الصدوق كتاب عبدالصمد بن بشير بواسطة جعفر بن بشير و ما كان فيه عن عبدالصمد بن بشير فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي الله عنه عن الحسن بن مُتيّل الدقاق عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن جعفر بن بشير عن عبدالصمد بن بشير الكوفي و جعفر بن بشير في طبقة موسی بن القاسم. و هذا امر غير ثابت، كون موسی بن القاسم و جعفر بن بشير في طبقة واحدة بالدقة مو ثابت.

علي اي حال، فعلا نمشي علی ان هذه الرواية ضعيفة سندا،‌ فما هو طريق الحل بالنسبة الی نفي وجوب الكفارة علی الجاهل المقصر؟ هل يوجد مستند آخر لذالك؟ السيد السيستاني الذي عادة يقبل هذا الاشكال في سند رواية عبدالصمد بن بشير فانه يری لزوم صلاحية طبقات الروايات في نقل بعضهم عن بعض كما رأينا منه مرارا، مضافا الی انه يری حجية الخبر المفيد للوثوق الشخصي، بعد هذه الاشكالات كيف يبقی وثوق شخصي بصدور هذه الرواية بعد احتمال وثوق سقط في سندها، فاذن ما هو مستند السيد السيستاني في افتاءه بعدم وجوب الكفارة‌ علی الجاهل المقصر؟

ان قلتم: لعله يتمسك بحديث الرفع،‌ رفع عن امتي ما لايعلمون، هذا لم‌يكن عالما بمفطرية الاستمناء مثلا، كان جاهلا مقصرا فرفع عنه المؤاخذة و الكفارة مؤاخذة، نقول في الجواب اولا: السيد السيستاني لايقبل سند حديث الرفع لان حديث الرفع سنده مشتمل علی احمد بن محمد بن يحيی العطار و هو لم‌يوثق و ثانيا: المنصرف من هذا الحديث هو الجاهل القاصر فان المتيقن من رفع المؤاخذة رفع المؤاخذة الاخروية، و لا اشكال في استحقاق الجاهل المقصر للمؤاخذة الاخروية. نعم، لا مانع من ان نقول بان الكفارة لاتثبت في حق الجاهل القاصر كما هو المشهور، و لو لم‌يكن لدينا اية رواية لان الكفارة عرفا مؤاخذة و عقوبة، و العقوبة تنصرف عن الجاهل القاصر اما الجاهل المقصر فكيف ننفي عنه هذه العقوبة و الكفارة؟

يمكن تقولون بانه توجد رواية ثالثة غير رواية عبدالصمد بن بشير و رواية رفع ما لايعلمون، توجد رواية ثالثة‌ يمكن ان يستدل بها علی نفي الكفارة‌ بالنسبة‌ الی الجاهل المقصر و هي هذه الرواية الصحيحة، صحيحة عبدالرحمن بن حجاج عن ابي ابراهيم عليه السلام الامام الكاظم عليه السلام قال سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أ هي ممن لاتحل له ابدا؟ فقال لا اما اذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها و قد يعذر الناس في الجهالة بما هو اعظم من ذلك. يقال بان هذه الجهالة تشمل الجهالة عن تقصير.

نقول في الجواب اولا: "قد" اذا دخلت علی المضارع فتكون للتقليل لا للتحقيق،‌ قد يعذر الناس في الجهالة‌ بما هو اعظم من ذلك اما هل يعذرون دائما؟ و ثانيا المعذورية لايعني رفع العقاب دائما، يقبل عذره في انه لاتحرم عليه هذه المرأة ابدا، اما لاجل كونه جاهلا مقصرا يعاقب عليه هذا بحث آخر، يعذر لكن بايّ نحو يعذر؟ يعذر فلايحكم بالبينونة بينهما بينونة مؤبدة اما لايعاقب علی ارتكابه للحرام عن جهل تقصيري هذا بحث آخر.

فكيف كان فالنتيجة اننا خسرنا خسارة كبيرة لابد ان تحلوها لنا و هي اننا لو لم‌نصحح رواية عبدالصمد بن بشير فحسب الظاهر لانملك دليلا علی نفي وجوب الكفارة عن الجاهل المقصر. نعم في بعض الكفارات يوجد دليل خاص، في كفارات الحج يوجد دليل خاص علی انه اذا ارتكب شيئا بجهالة كان كذا، في بعض الموارد الخاصة اما خطاب المطلق الذي كنا نتمسك به في كل مورد يكون سببا للكفارة هو كان رواية عبدالصمد بن بشير.

هناك طريق آخر قد يتمسك به لاثبات صحة سند رواية عبدالصمد و هو ان يقال بان موسی بن القاسم كان له كتاب فهو روی رواية جزمية عن عبدالصمد و يمكننا اجراء اصالة الحس بالنسبة اليه كما يقول السيد الخوئي في توثيقات الرجاليين في اول المعجم ان من المحتمل ان توثيق الشيخ الطوسي مثلا لمن كان قبله بقرون ناشئا عن الحس أي وصل اليه كونه ثقة بواسطة كابر عن كابر و ثقة عن ثقة، و قد يقال بان هنا ايضا نحتمل انه وصل اليه حديث عبدالصمد بن بشير بواسطة الثقات أو في كتاب عبدالصمد كما ان الظاهر وجود كتاب له، و ان كان موسی بن القاسم متاخرا طبقةً عن عبدالصمد.

و لكن ذكرنا في الاصول ان العقلاء ليس بناءهم أو لم‌يحرز بناءهم علی حجية خبر جزمي يعلم بان الراوي الاخير لم‌يأخذ هذا الخبر ممن قبله بلاواسطة، فلو قال الصدوق قال الصادق عليه السلام روی زرارة العقلاء يقولون صدوق مو كذاب؟ فهو حينما يقول قال الصادق عليه السلام فلابد ان نقبل قوله؟ ليس بناءهم علی ذلك لان العقلاء يقولون لم‌يصل اليه هذا الخبر الا بواسطة، فالواسطة ثقة أو مو ثقة مو معلوم. الان انتم لو نقلتم لنا كلاما عن المحقق النائيني، انتم ما ادركتم المحقق النائيني و لكن اك احتمال انه وصل اليكم خبر المحقق النائيني بواسطة ثقة عن ثقة و لكن هل بناء العقلاء‌ علی قبول كلامكم مع عدم حصول الوثوق؟ ليس بناء العقلاء علی ذلك.

نصل الی ارتكاب بعض المفطرات عن ضرورة أو اكراه. ذكر الاعلام انه لايكون ارتكاب بعض المفطرات عن ضرورة أو اكراه أو نحو ذلك موجبا لصحة الصوم، الصوم يبطل، فرق بين الالتجاء و الاضطرار، شخص يسلب منه الاختيار بالمرة، يفتح فمه و يلقی في فمه ماء، اصلا هذا ما يقدر يجتنب عن بلع الماء، فلايقال شرب الماء، اصلا لايصدق عنوان التعمد الی شرب الماء اليه، هذا قطعا ليس مبطلا. و لكن الاضطرار الذي لايسلب الاختيار التكويني و هكذا الاكراه الذي لايسلب الاختيار التكويني بحيث يستند الفعل الی هذا المكره أو المضطر مقتضی الصناعة انه يكون مبطلا للصوم لانه يصدق انه لم‌يجتنب عن الاكل و الشرب، لم‌يجتنب عن الطعام و الشراب،‌ فمقتضی الصناعة انه صومه باطل. و لكن يوجد عدة طرق لتصحيح هذا الصوم إما مطلقا أو اذا لم‌يكن ارتكابا لما فرض الله سبحانه و تعالی في القرآن الكريم الاجتناب عنه في حال الصوم و هو الطعام و الشراب و النساء.

اما التصحيح المطلق لصوم من ارتكب بعض المفطرات عن اكراه أو اضطرار فلايكون الا بالتمسك بحديث الرفع أو ما اشبهه مثل هذه الرواية المعتبرة: ما صنعتم في شيء في تقية فانتم منه في سعة، أو صحيحة الفضلاء: التقية في كل شيء و كل شيء يضطر اليه ابن آدم فقد احله الله، فيقال بان هذه الرواية الصحيحة تدل علی ان كل شيء يضطر اليه ابن آدم فقد احله الله مطلقا؛ تكليفا و وضعا يعني هذا الاكل الذي انت مضطر اليه فقد احله الله اما انه حلال تكليفي لك واضح و لكن اطلاقه يشمل كونه حلالا وضعيا لك اي لا يكون مبطلا لصومك.

و لكن الانصاف ان الاستدلال بهذه الروايات غير متجه. اما حديث الرفع،‌ رفع عن امتي ما استكرهوا عليه و ما اضطروا اليه، فالانصاف انه لايستفاد منه تصحيح عمل اضطر الانسان أو اكره علی ارتكاب مبطل من مبطلاته، شخص في اثناء الصلاة اكره علی ان يتكلم، قالوا له إما ان تتكلم أو نقتلك، فهو اكره علی ان يتكلم، فنقول رفع عن امتي ما استكرهوا عليه يعني رفعت آثار هذا التكلم الاكراهي و من جملة آثاره بطلان الصلاة به فهذا البطلان أو فقل المانعية و الناقضية للصلاة مرفوعة بمقتضی هذا الاطلاق، هل هذا البيان صحيح كما عليه جمع من الاعلام ام لا فلابد ان نتكلم اولا عن كون حديث رفع ما اضطروا اليه أو ما استكرهوا عليه دالا علی رفع مانعية هذا الفعل الذي ارتكبه عن ضرورة أو اكراه ام لا،‌ ثم نتكلم عن دلالة بقية الروايات التي قرأناها مثل صحيحة ابي الصباح الكناني ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فانتم منه في سعة حيث يقال بان ظاهر قوله فانتم منه في سعة السعة المطلقة و من يقال بانه بطل صومك فليس في سعة مطلقة لانه يجب عليه قضاء ذلك الصوم. و هكذا بالنسبة الی صحيحة الفضلاء و غيرها سنتكلم عن ذلك في الليلة القادمة انشاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo