< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: احکام مفطریة القی

الدرس 36-143

الأحد - 18 جمادي‌الاولی 45

 

كان الكلام في مسألة 76 حيث قال صاحب العروة انه اذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة فدخل في حلقه ذباب أو بق أو نحوهما أو شيء من بقايا الطعام الذي بين اسنانه و توقف اخراجه علی ابطال الصلاة بالتكلم بأخ أو بغير ذلك فان امكن التحفظ و الامساك الی الفراغ من الصلاة وجب و ان لم‌يمكن ذلك و دار الامر بين ابطال الصوم بالبلع أو الصلاة بالاخراج فان لم‌يصل الی الحد من الحلق كمخرج الخاء و كان مما يحرم بلعه في حد نفسه كالذباب وجب قطع الصلاة باخراجه و لو في ضيق الوقت.

فرض صاحب العروة ان اخراج هذا الذي دخل في حلقه كان متوقفا علی التلفظ بحرفين مع انه اولا هذا الذي يصير صوت حين محاولة اخراج شيء من الحلق أخ ليس كلاما، مثل شخص يتنحنح أو كان عنده سعال هذا ليست تكلما بل صوت يشبه التكلم و ثانيا لو فرض توقفه علی التلفظ بحرفين فكما قال بعض الظرفاء يمكنه ان يقرأ بعض الآيات القرآنية مثل قوله تعالی و لئن اخرنا عنهم العذاب الی امة معدودة، هكذا قال بعض الظرفاء!!، يقول و لئن اخرنا و يكرر ذلك، قراءة للقرآن. علی اي حال. اذا توقف التكلم بكلام آدمي لاخراج ما دخل في حلقه فذكر صاحب العروة انه اذا كان ذاك الطعام محرما كالذباب فيجب عليه ابطال الصلاة بان يقول أخ أخ ليخرج ذاك الطعام من حلقه و لو كان يلزم من ذلك فوت الصلاة لضيق وقتها.

و السيد الخوئي قبل ذلك، مع ان مفروض كلام صاحب العروة لم‌يكن هو صوم رمضان قال الصائم بالواجب المعين، و لعل هذا الصوم الواجب المعين صوم منذور أو صوم قضاء بعد الزوال، كيف يفرض ان استمرار هذا الصوم اهم من فوت الصلاة؟ فلابد ان يفرض انه صوم رمضان. ثم من اين علم صاحب العروة ان الصلاة التي كانت اهم من الصوم كما ورد في صحيحة زرارة حيث جعل الولاية اهم الخمسة ثم جعل الصلاة بعدها ثم الزكاة بعد الصلاة ثم الحج بعد ذلك، و آخر شيء انتهی الی الصوم، الصلاة المفروضة التي هي اهم من الصوم المفروض كيف تحرزون يا صاحب العروة! يا سيدنا الخوئي! ان هذه الصلاة ليست اهم من الصوم الذي اجتمع معه تكليف آخر و هو الاجتناب عن اكل الذباب. لعل الصلاة اهم من كليهما. فلااقل من ان تقولوا بالتخيير. و قد اشار الی ذلك السيد السيستاني و لا بأس به.

ثم نقول في ضيق الوقت يا سيدنا الخوئي انت تقول بان الصلاة لاتسقط بحال، خب هو مضطر الی ان يقول أخ أخ، ليس مضطرا الی ابطال صورة‌ الصلاة مرة مرتين ثلاث مرات يقول أخ أخ، هذا الذباب مو ملتصق بحلقه، خب يطلع، اذا انجر الی الاخلال بصورة الصلاة ذاك بحث آخر، لم‌يفرض في كلام صاحب العروة، غايته انه مضطر الی تكلم في صلاته في ضيق الوقت، انتم قلتم الصلاة لاتسقط بحال و ليس مسمی الصلاة متقوما بنظركم باكثر من السجود و الركوع و الطهور، الصلاة ثلاثة‌ اثلاث ثلث ركوع ثلث سجود ثلث طهور و ليس متقوما بالاجتناب عن التكلم الارادي. فاذن انتم لابد ان تستكشفوا من قوله عليه السلام انها لاتدع الصلاة بحال وجود امر اضطراري بهذا الصلاة المشتملة علی التكلم في ضيق الوقت، و هنا نقول بامكانكم استكشاف اهمية الصوم و لو لم‌يقترن بتكليف آخر كما سيأتي، اذا كان ذاك الطعام محللا فتزاحم الصلاة الاختيارية في ضيق الوقت مع الصوم، هناك قلتم بان الصلاة اهم من الصوم اذ لم‌يقترن به تكليف آخر لانه فرض ان الطعام الذي كان في حلقه محللا،‌ فالقطعة اللحم بين اسنانه دخل في حلقه و هو ينجبر انه يقول أخ أخ حتی يخرج ذاك الطعام من حلقه و ذاك طعام حلال، هناك ذكر السيد الخوئي ان الصلاة اهم من الصوم المجرد، من الصوم في حد ذاته فيجب ابطال الصوم تحفظا علی الصلاة في ضيق الوقت. نقول: لا، التزاحم بين الصوم و بين الصلاة الاختيارية و الصوم اهم من الصلاة الاختيارية، اصل الصلاة لاتفوت لان بامكان هذا الشخص ان يأتي بالصلاة الاختيارية المشتملة‌ علی التكلم بأخ.

و هذا اشكال يرد علی السيد السيستاني ايضا. نقول يا سيدنا السيستاني! انت دائما تتمسك بان السنة لاتنقض الفريضة، و السنة كل جزء أو شرط أو مانع لم‌يرد ذكره في الكتاب الكريم، فالاجتناب عن التكلم الذي ليس ماحيا لصورة‌ الصلاة فالمرة مرتين يقول أخ أخ الاجتناب عنه داخل في السنة و انت دائما تكرر و علمتنا ان الاخلال بالسنة عن عذر و لو كان العذر هو الاضطرار لايبطل الفريضة.

ان قلت: السيد السيستاني ذكر انه مخير، اذا كان امره دائرا بين ان يقول أخ أخ فتبطل صلاته أو لايقول أخ أخ، فيبلع ذلك الطعام الحرام و يبطل صومه، هنا قال لا وجه لتعين ابطال الصلاة فكيف تقول هو مضطر الی التلفظ بحرف أخ أخ. نقول: السيد السيستاني رأيه انه اذا كان هناك تزاحم بين المتساويين فالعرف يری ان ما اختاره هو المضطر اليه، و اذا كان احدهما اهم فالمهم هو المضطر اليه، يعني اذا كان هناك حرام اهم و حرام غير اهم فهو مضطر الی ارتكاب الحرام غير الاهم فلابد ان يجتنب عن الحرام الاهم،‌ اذا دار الامر بين شرب الماء النجس أو شرب الخمر فالعرف يری انه مضطر الی شرب الماء النجس لانه اخف و اذا كان ماءان نجسان اضطر الی شرب احدهما فهو مضطر الی احدهما و العرف يقول كل ما اختاره لدفع الاضطرار هو المضطر اليه عرفا. هكذا يقول. فاذا اختار ان يقول أخ أخ فهو مضطر الی ان يقول أخ أخ. فحينئذ يشمله قوله السنة لاتنقض الفريضة و بذلك تتم صلاته.

و هكذا بناءا علی ما قلناه من ان صحيحة ابن سنان تقول ان الله فرض الركوع و السجود و القراءة سنة، قريب بهذا المضمون، ألا تري لو ان رجلا دخل في الاسلام لايحسن ان يقرأ القرآن أجزأه ان يكبر و يسبح و يصلي،‌ الامام يستشهد علی ان القراءة سنة‌ و الركوع و السجود فريضة انه اذا انجبر الانسان الی ترك القراءة لايرتفع عنه وجوب الصلاة فكل ما اضطر الانسان في ضيق الوقت الی ترك السنة لايسقط عنه التكليف بالصلاة لابد ان يأتي بالصلاة‌ مع الاخلال بتلك السنة المضطر الی الاخلال بها، فهذا مضطر الی الاخلال بمانعية التكلم فهو مكلف بصلاة اضطرارية.

هذا كله في الصورة الاولی. اما الصورة‌ الثانية: اذا كان الطعام الذي دخل في فضاء حلقه محلل الاكل و لكنه لم‌يتجاوز حلقه بحيث يصدق علی بلعه انه اكلٌ له، يقول صاحب العروة هنا اذا فرض سعة الوقت يبطل صلاته بالتلفظ بأخ أخ أو بايّ شكل آخر حتی يخرج ذاك الطعام من حلقه و اذا كان في ضيق الوقت بحيث لو ابطل صلاته لايدرك و لو ركعة واحدة من الصلاة في الوقت هنا حيث ان الصلاة اهم من الصوم الذي ليس مقرونا بتكليف آخر فلابد من الاستمرار في الصلاة و ابطال الصوم. هنا يرد عليه انه يمكنه ان يتلفظ بأخ اذا قلنا بانه تكلم بكلام آدمي و لكن حيث انه في ضيق الوقت نلتزم بصحة صلاته من باب صلاة الاضطرارية.

و هذا اشكال علی صاحب العروة و السيد الخوئي و السيد السيستاني. فان كان هناك جواب علی اشكالنا فنحن نستفيد، الی الحد الان ما وجدنا جوابا عن هذا الاشكال.

الصورة‌ الثالثة: اذا كان ذاك الطعام محرم الاكل و وصل الی حد لايصدق علی بلعه انه اكلٌ فهنا بلعه ليس مبطلا للصوم لانه ليس اكلا فيقع التزاحم بين وجوب الصلاة في ضيق الوقت و بين حرمة بلع هذا الطعام المحرم، بناءا علی رأي السيد السيستاني الطعام المحرم انما يحرم اكله لا بلعه، فاذا وصل الی حد بلعه لايصدق عليه الاكل فكما لايكون مبطلا للصوم لايكون محرما فالامر واضح، يبلعه و يستمر في صلاته و ان كان طعاما محرما اذا لايصدق عليه الاكل، و اما بناءا علی ما لعله الظاهر وفاقا للسيد الخوئي من ان بلع الطعام المحرم حرام و ان لم‌يصدق عليه الاكل فانه تقع المزاحمة بين وجوب الصلاة‌ في ضيق الوقت و بين حرمة‌ بلع هذا الطعام اذا قال أخ أخ فطلع هذا الطعام المحرم من حلقه يقال بان صلاته تصير باطلة و اذا استمر في صلاته فيبلع الطعام المحرم. السيد الخوئي قال هنا الصلاة اهم من بلع ذبابة واحدة، فيستمر في صلاته و يبلع تلك الذبابة.

انا اقول: بناءا علی ما قلناه بانه حيث انه يضطر للاجتناب عن الحرام بالتلفظ بلفظ أخ و بعد ذلك نتمسك بان الصلاة لاتسقط بحال علی رأي السيد الخوئي و علی رأينا بصحيحة ابن سنان فتثبت مشروعية الصلاة الاضطرارية المشتملة علی هذا التكلم، فالمزاحمة‌ في الحقيقة بين الصلاة الاختيارية و بين الاجتناب عن هذا الطعام الحرام و لم‌يعلم اهمية الصلاة الاختيارية علی هذا الطعام الحرام لان اصل الصلاة لاتفوت. مضافا الی انه مو معلوم ان الصلاة اهم من كل حرام، السيد الخوئي بنفسه في كتاب الحج قال هل يلتزم بان الحج الذي بني عليه الاسلام اهم من الزنا و اللواط و شرب الخمر؟‌ هنا نقول لعل الحرام المزاحم للصلاة بناءا علی كلامكم من ان التلفظ بأخ يبطل الصلاة رأسا هل كل حرام يكون اخف و الصلاة تكون اهم منه؟ قطعة لحم الخنزير ما كان يدري أو اكل الخنزير و لكنه الان تاب الی الله توبة‌ نصوحا أو لابد ان يتوب فدخلت قطعة لحم خنزير في فضاء حلقه و تجاوز عن حلقه، هنا بلع هذه القطعة من الخنزير من اين انه اخف من ترك الصلاة؟ لا، لعله اهم. السيد الخوئي نظر الی اكل الذباب الواحد، خلّوه يبلعه.

الصورة الثالثة كان الطعام محرما و وصل الی حد لايصدق علی بلعه انه اكلٌ. الصورة الرابعة ما اذا كان الطعام محللا و وصل الی حد لايصدق علی بلعه انه اكلٌ، فهنا لايبطل صومه لانه لم‌يأكله، و لم‌يرتكب ايّ محرم لان الطعام حلال بلعه حلال، فلابد ان يبلع ذاك الطعام و يستمر في صلاته في ضيق الوقت بلااشكال بل في سعة الوقت علی الاحوط لكون قطع الصلاة في سعة الوقت خلاف الاحتياط الوجوبي.

مسألة 77: قيل يجوز للصائم ان يدخل اصبعه في حلقه و يخرجه عمدا و هو مشكل.

ما ادري صاحب العروة اهنانة ليش صار مقدسا هكذا؟ الفقيه لابد ان لايكون مقدسا!! يكون حرية، ادخال الاصبع فيما دون الحلق ليش تحتاط وجوبا في حال الصوم يكون يجتنب الصائم عنه؟ من ادخل اصبعه فيما دون حلقه يعني فيما بعد حلقه لاخراج عظم مسك مثلا يصدق انه اكل اصبعه؟! لايصدق انه اكل اصبعه. فاشلون، مو احتياط استحبابي، تری، احتياط وجوبي، و هو مشكل مع الوصول الی الحد يعني مع وصول اصبعه الی ما بعد حلقه. ما عرفنا شنو منشأ هذا الاحتياط لصاحب العروة.

مسألة 78، آخر مسألة هنا و هي مسألة مكررة، لا بأس بالتجشأ القهري و ان وصل معه الطعام الی فضاء الفم و رجع بل لا بأس بتعمد التجشأ ما لم‌يعلم انه خرج معه شيء ‌من الطعام و ان خرج بعد ذلك وجب القاءه.

ذكرنا سابقا انه توجد صحيحة ابن سنان تدل علی جواز بلع ما تجشأه. و لو سبقه الرجوع الی الحلق لم‌يبطل صومه و ان كان الاحوط القضاء.

فصل،‌ اقرأ هذا الفصل حتی تحضروا ارواحكم علی هذا البحث،‌ فصل: المفطرات المذكورة ما عدا البقاء علی الجنابة‌ انما توجب بطلان الصوم اذا وقعت علی وجه العمد و الاختيار، اما مع السهو و عدم القصد فلاتوجبه من غير فرق بين اقسام الصوم من الواجب المعين و الموسع و المندوب و لا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه اي الجاهل القاصر و المقصر و العالم و لا بين المكره و غيره.

هنا مطالب ينبغي التامل فيها:

المطلب الاول: هل هناك عموم ينفي مفطرية‌ ارتكاب تلك المفطرات عن سهو و نسيان ام لابد من الرجوع الی مقتضی النص الخاص؟ السيد الخوئي يقول نعم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال أو ثلاث خصال يصدق علی هذا الصائم الذي اكل سهوا انه اجتنب عن الطعام، جامع سهوا انه اجتنب النساء، تقبلون هذا الكلام من سماحة السيد الخوئي رحمة الله عليه؟ انا ما يمكنني اقبل هذا الكلام. اذا سهوا شخص ارتمس في الماء يقال انه اجتنب الارتماس في الماء؟‌ لايقال. انه ارتمس في الماء سهوا. و عليه لابد من الرجوع الی الدليل الخاص و هو الروايات الواردة في السهو و النسيان و نقرأها انشاءالله.

و نكتة الثانية ان الجاهل القاصر اذا ارتكب غير الاكل و الشرب و الجماع، السيد الخوئي يقول صومه صحيح، فالولد و العياذ بالله استمنی و هو جاهل قاصر بكونه مفطرا للصوم و ان كان عالما بكونه حراما نفسيا، السيد السيستاني يقول صومه صحيح لان السنة اي ما ثبتت مفطريته بغير كتاب الكريم الاخلال به عن عذر لايبطل الفريضة.

و النكتة الثالثة التي ينبغي التامل فيها ايضا ما لو صدر منه تلك المفطرات غير الاكل و الشرب و الجماع عن ضرورة أو اكراه هل نحكم ببطلان صومه ام لا.

هذه مباحث مهمة و هناك روايات لابد من التحقيق فيها كقوله عليه السلام ايما رجل ركب امرا بجهالة فلاشيء عليه و ما ورد في من جامع و هو يزعم انه حلال له قال ليس عليه شيء هل هذه الروايات يمكن الاستدلال بها علی ان ارتكاب المفطرات عن جهل و نحوه لايبطل الصوم ام لا، هذه مباحث مهمة اشرت اليها كي نبحث عنها بتفصيل في الليالي القادمة انشاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo