< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/05/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: احکام مفطریة القی

الدرس 34-141

السبت - 11 جمادي‌الاولی 45

 

كان الكلام في مسألة 73 حيث قال صاحب العروة اذا دخل الذباب في حلقه وجب اخراجه مع امكانه و لايكون من القيء و لو توقف اخراجه علی القيء سقط وجوبه و صح صومه.

السيد الخوئي وافق مع كلام صاحب العروة فقال اذا توقف اخراج الذباب من حلقه علی التقيؤ و لكن كان ادخاله في معدته لايصدق عليه الاكل هنا نقبل كلام صاحب العروة و اما اذا صدق عليه الاكل لانقبل و لكن كلام صاحب العروة ظاهر في فرض عدم صدق الاكل لانه قال اذا دخل الذباب في حلقه يعني تجاوز حلقه و المشهور انه لايصدق عليه بعد ذلك لو بلعه انه أكل الذباب لانه بغير اختياره تجاوز حلقه و بعد ذلك بلعه لايصدق عليه الاكل، فهنا يقول السيد الخوئي نقبل كلام صاحب العروة، لماذا؟ لان صاحب العروة يقول: اذا امكنه اخراج الذباب بدون التقيؤ وجب ذلك لان الذباب ليس بمذكی فلايجوز بلعه و ان لم‌يصدق عليه الاكل، حرمت عليكم الميتة، ثم قال الا ما ذكيتم، فما ليس بمذكی يحرم ادخاله في المعدة و لو لم‌يصدق عليه الاكل فاذن حينما تجاوز الذباب عن حلقه، تعدّاه، وصل الی ما دون الحلق، ان امكن اخراجه بدون التقيؤ وجب ذلك عقلا من باب المقدمة للاحتراز عن بلع ما ليس بمذكی، و اما اذا توقف اخراجه علی التقيؤ هنا يصير التزاحم بين حرمة بلع الذباب و بين وجوب الصوم، اذا يمتثل حرمة بلع الذباب يكون يتقيأ‌ و اذا يتقيأ يبطل الصوم و اذا يريد ان يصوم و لايتقيأ فلابد ان يبلع الذباب، و حيث ان الصوم مما بني عليه الاسلام فيلزم تقديم الصوم لكونه معلوم الاهمية و لااقل من كونه محتمل الاهمية.

هذا الكلام من السيد الخوئي يبتني علی مقدمات:

المقدمة الاولی ان لايصدق الاكل علی بلع الذباب الذي تجاوز الحلق بغير اختياره، و هذا لايخلو عن اشكال لانه قد يتجاوز الحلق و لكن في بداية التجاوز عن الحلق يصدق الاكل، لماذا لايصدق الاكل،‌ لو دخل شيء بغير اختيارك و تعدی حلقك و يمكنك ان تذبّه الی الخارج و لكن تبلعه باختيارك، يصدق انك أكلته، نعم لو وصل الی قريب من المعدة هنا لايصدق الاكل. فاذن يبتني كلام السيد الخوئي علی ان نقول كلما تجاوز الطعام عن الحلق بغير اختيار فلايعد بلعه اكلا.

المقدمة الثانية ان نقول بان الذباب حرام و السيد السيستاني قال لا دليل علی حرمة الذباب. تقول ليس بمذكی، ممكن فشخص يبلع الذباب حيا فاذا وصل الی معدته هناك يصير ميتة، لم‌يأكل الميتة. نعم لو مات الذباب حت انفه، تمرض فتوفي!‌! بعد ذلك يبلعه، نعم حرمت عليكم الميتة، اما لو يبلعه حيا ثم يموت في معدته صرح السيد الخوئي في مصباح الاصول في بحث اصالة عدم التذكية انه يمكن بلع السمك الحي، في الماء أو في كأس من ماء خلوا فيه السمكة الصغيرة يجوز يبلعها و هي حية تسعی. نعم المشهور قالوا بان اكل الذباب حرام من باب انه من الخبائث، و السيد الخوئي لايری حرمة اكل الخبائث، و لاجل ذلك لم‌يدل دليل واضح علی ان بلع اكل الذباب فضلا عن بلعه حرام و ان افتی السيد الخوئي في المنهاج بكونه حراما لكن نقول لا دليل واضح عليه و لاجل ذلك السيد السيستاني في منهاج الصالحين قال يحرم اكل الذباب علی الاحوط.

فاذن يصير التزاحم بين الاحتياط الوجوبي و بين الواجب حتی لو لم‌يكن الواجب معلوم الاهمية أو محتمل الاهمية كما في صوم القضاء بعد الزوال مثلا، اذا توقف اخراج الذباب علی التقيؤ يقع التزاحم بين حرمة بلع الذباب و حرمة الافطار بعد الزوال في صوم القضاء مع انه ليس معلوم الاهمية و لا محتمل الاهمية ‌بعينه لكن ذاك واجب كفتوی ذاك احتياط وجوبي.

المقدمة الثالثة:‌ يا سيدنا الخوئي! فلنفرض ان بلع الذباب حرام و لو لم‌يكن مصداقا للاكل، بلع الذباب الحي حرام، و لو لاجل ان الآية الكريمة تقول حرمت عليكم الميتة و لاتقول حرم عليكم اكل الميتة، مع ان السيد السيستاني يقول اذا لم‌يصدق عليه الاكل فلايحرم،‌ نقبل كلام السيد الخوئي انه حتی لو لم‌يصدق عليه اكل الذباب فيحرم، اطلاق قوله تعالی حرمت عليكم الميتة الی ان قال الا ما ذكيتم، ‌لم‌يقل اكله فيشمل بلعه بان تجاوز عن الحلق ثم بلعه باختياره و لكن يا سيدنا الخوئي! انتم ذكرتم في كتاب الحج انه اذا تزاحم وجوب اداء الدين مع وجوب حجة الاسلام لا دليل علی تقديم حجة الاسلام علی وجوب اداء الدين،‌ يا سيدنا! بني الاسلام علی خمس الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية، فالحج علی المستطيع مما بني عليه الاسلام،‌هذا الذي كان مدينا ثم حصل علی مال يكفيه للحج أ ليس مستطيعا؟ يقول السيد الخوئي هو مستطيع، انا لست مثل السيد السيستاني الذي يقول هذا مو مستطيع، الذي هو مدين بمهر زوجته و لو الزوجة لاتطالبه به فهذا لايكون مستطيعا، لا، قول السيد الخوئي انا اقول الدين لايمنع من الاستطاعة فهو مستطيع، و لكن بني الاسلام علی الحج الواجب بالفعل و من اين لايكون وجوب اداء الدين بامتثاله رافعا لوجوب الحج فيشيل الموضوع من الاساس بل لايبقی وجوب للحج حتی يكون اهما، علی فرض كونه واجبا فهو اهم، و ان كان هذا الكلام يرد عليه الاشكال فانه المفروض انه وقع التزاحم بين وجوب الحج علی المستطيع و وجوب اداء الدين و ثبت ان وجوب الحج مما بني عليه الاسلام، كيف لايحرز اهميته من اداء الدين لكن السيد الخوئي قال لعل وجوب اداء الدين رافعا لوجوب الحج و لايبقی وجوب للحج حتی يكون اهما،‌ و لاجل ذلك يقول السيد الخوئي فهل تری يلتزم بانه لو توقف الحج علی ارتكاب الزنا، فيقع التزاحم بين وجوب الحج و حرمة الزنا يقول هذا المستطيع ماكو چاره بعد،‌ ما يخلوني اطلع من الحدود الا ان ازني حتی يخلوني اطلع من الحدود يقول الحج مما بني عليه الاسلام،‌ ميصير عوفي، هل احد يحتمل ذلك؟ و من ثَّم لايجب الحج عند توقفه علی ارتكاب بعض المحرمات المهمة‌ كالزنا و اللواط و القتل و شرب الخمر. فهذا الكلام من السيد الخوئي في كتاب الصوم يتنافی مع كلامه في كتاب الحج.

و لكن بشكل عام انا اقول: نستفيد اهمية حجة الاسلام و الصوم الواجب لكن هل يعني هذا ان اداء الصوم اذا توقف علی ارتكاب حرام كبلع الذباب هذا اهم أو ان صوم رمضان إما اداءا أو قضاءا يكون اهم بني الاسلام علی الصوم اما بني الاسلام علی اداء الصوم في شهر رمضان؟ مو واضح. خصوصا اذا كان طرف التزاحم من المحرمات و قد ذكرنا ان قوله عليه السلام بني الاسلام علی خمس لا نظر له الی اهمية الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج علی المحرمات، ما بني عليه الاسلام الواجبات،‌ لم‌يبن الاسلام علی المحرمات خب،‌ بني الاسلام علی الواجبات و بين الواجبات هذه الواجبات الاربع اهمها.

فاذن ما ذكره السيد الخوئي غير متجه.

اما السيد السيستاني، السيد السيستاني قال: اذا كان يصدق الاكل علی بلع الذباب و لو تجاوز الحلق فهنا يجب عليه اخراج الذباب و ان توقف علی القيء، لماذا؟ تقول يا سيدنا انت في قضية حرمة اكل الذباب تحتاط وجوبا، قال مي‌خالف، ماكو مشكلة، انا اقول اذا يصدق علی بلعك للذباب اكل الذباب فانت مجبور تبطل صومك بنحو آخر إما بان لاتتقيأ فتأكل الذباب،‌ اكل الطعام مفطر للصوم، أو تريد ما تأكل الذباب فيكون تطلع الذباب من حلقك فيصير التقيؤ و التقيؤ مبطل للصوم، فشئت أو أبيت صومك راح يبطل، اذا كان يصدق علی بلعك للذباب انه اكل فإما ان لاتتقيأ فيصدق انك أكلت الذباب اذا تتقيأ فيبطل صومك بالتقيؤ فصومك علی اي تقدير يصير باطلا، فلااقل ابطل صوك لانه ماكو چاره، صومك يبطل، لكن اخرج الذباب من حلقك حتی لاتتورط في مخالفة الاحتياط الوجوبي.

كلامه دام ظله مبني علی ان لايكون بلع الذباب محرما يعني اذا يصدق عليه اكل الذباب فهنا يكون حراما إما فتوی أو احتياطا، و اذا لايصدق اكل الذباب وصل الی حد بلعه بعد ذلك لايكون مصداقا لاكل الذباب يقول بانه لايكون حراما، لان ما يحرم هو اكل الذباب إما فتوی أو احتياطا، لكن قد يقال بان مقتضی اطلاق الادلة‌ للمحرمات ان الطعام المحرم بلعه حرام و لو لم‌يصدق عليه الاكل، يعني المناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ان لانقتصر علی عنوان الاكل، افرض وصل الطعام الحرام الی حد لايصدق بعد ذلك انه يأكل الطعام لكنه يبلعه، حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير، لحم الخنزير حرام، لاتقل الاثر الظاهر منه هو الاكل، لا، الاثر الظاهر منه البلع و الاكل مقدمة للبلع. فاذن ما يذكره السيد السيستاني من انه ان لم‌يصدق علی بلع الذباب انه اكل للذباب فيبلعه و حيث لايصدق عليه الاكل فلايبطل صومه، و يجب عليه بلعه لان بلعه مو حرام، ماكو تزاحم، توقف الصوم علی عمل حلال و هو بلع الذباب من دون ان يصدق عليه الاكل، هذا لايخلو عن اشكال،‌ الطعام الحرام،‌ افرض مو ذباب، فقطعة من اللحم الخنزير تجاوزت حلقه سهوا فشخص جابت اللحم و هو ناس لصومه، قال ذوق هذا شوف طعم الذيذ أو مو لذيذ، فمن تجاوز حلقه قال اشلون كان؟ قال لا بأس، هذا اشتری اللحم الخنزير من السوق، فشفت اشلون كان؟ من يعرف هذا انه لحم الخنزير و ان لايصدق عليه بعد ذلك انه يأكله حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير،‌ مو بعيد نقول باطلاقه و حينئذ يقع التزاحم بين حرمة‌ بلع هذا الطعام المحرم و ان لم‌يصدق عليه الاكل و وجوب الصوم لانه اذا يريد يمتثل حرمة بلع هذا الطعام المحرم يكون يطلع مع التقيؤ و اذا يتقيأ يبطل صومه،‌ فماذا يصنع؟

السيد الخوئي يظهر منه في موضعين من كلامه انه ماكو تزاحم بين وجوب ذي مقدمة و حرمة مقدمته، ماكو تزاحم، فاذا توقف امتثال الامر بالصوم علی مقدمة محرمة كبلع هذا الطعام المحرم،‌ يتوقف امساكه عن التقيؤ علی بلع هذا الطعام المحرم،‌ فيتوقف امتثاله للواجب علی ارتكاب مقدمة محرمة‌ و اطلاق دليل حرمة المقدمة يوجب العجز عن ذي المقدمة، صرح بذلك في موضعين من كلامه،‌ احدهما في بحث نبش قبر الميت في مسألة هناك مسألة توقف حفظ حياة الجنين علی ارتكاب محرم، هناك قال: لايجوز حفظ حياة الجنين علی ارتكاب محرم أو حفظ حياة الام علی ارتكاب محرم و هو قتل الجنين، لماذا؟ لان اطلاق دليل حرمة المقدمة يوجب العجز عن ذي المقدمة و التكليف مشروط بالقدرة، و هذا ما كان يراه شيخنا الاستاذ الشيخ التبريزي في كتابه في الاصول فكان يقول اطلاق دليل حرمة المقدمة يوجب العجز عن ذي المقدمة و لكن اوردنا عليه في الاصول بانه هذا ليس صحيحا لان اطلاق دليل وجوب ذي المقدمة يقتضي ايضا العجز عن امتثال النهي عن مقدمته، فيقع بينهما التزاحم، فإما ان نقول بان كل خطاب مقيد لبا بعدم صرف القدرة في امتثال تكليف آخر اهم أو مساوي فكل منهما يقيد بعدم صرف القدرة في امتثال تكليف آخر، و إما ان نقول كما يقول السيد السيستاني بان اطلاق التكليفين ثابتان و انما العقل يحكم بتنجز الاهم و اذا لم‌يكن هناك اهم فالعقل يحكم بالتخيير بينهما فهنا يحكم بالتخيير حسب مقتضی القاعدة.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo