بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

موضوع: احکام مفطریة القی

الدرس 33-140

الثلثاء - 7 جمادي‌الاولي 45

مسألة 70: لو ابتلع في الليل ما يجب قيئه في النهار فسد صومه ان كان الاخراج منحصرا في القيء.

قلنا بان هذا الكلام ليس صحيحا، وجوب التقيأ لايوجب بطلان الصوم‌ لامكان الامر الترتبي بالصوم لان الصوم واجب ارتباطي مركب من مجموع امساكات، الامساك عن التقيؤ فرد واحد منها فيمكن ان يقول الشارع يجب عليك التقيؤ و ان لم‌تتقيأ فيجب عليك الصوم الذي هو مركب من مجموع امساكات و هذا المكلف و ان كان لايتمشی منه قصد القربة في ترك التقيؤ لكن يتمشی منه قصد القربة في الصوم في مجموع الامساكات و هذا كافي في كون صومه قربيا. مضافا الی ان الصوم عنوان قصدي، فحتی لو كان الصوم متقوما بقصد القربة في كل الامساكات فيقول هذا الرجل يمكنني ان اترك القيء و لاانوي انه صوم، فباختياري ان انوي الصوم فليس الامر الترتبي بالصوم بان يقال ان تركت القيء فصم من طلب الحاصل لانه يمكن ان يترك القيء و لكن لايقصد الصوم الذي هو ماهية اعتبارية.

كما انه في ما اذا كان التقيؤ مقدمة لواجب آخر و لم‌يكن علة تامة له، كما في تقيؤ مال الغير الذي هو مقدمة لايصال هذا المال الی صاحبه فيمكن للشارع ان يقول اذا كنت لاتوصل مال الغير اليه فصم، شنو فائدة تتقيأ و تطلع من بطنك هذه السكة الذهب و تخليها في الصندوق و لاتعطيها الی مالكها، كل فائدة ما به. فهنا يمكن ان يقال اذا كنت لاتوصل هذه السكة‌ الی صاحبها فيجب عليك ترك التقيؤ. كما في مقدمة الواجب اذا كانت محرمة في حد نفسها و لكن الواجب اهم،‌ يقول الشارع ان كنت تنقذ الغريق فيجوز لك الغصب الموصل الی الانقاذ، و ان كنت لاتنقذ الغريق فلايجوز لك الغصب. هنا ايضا نقول ان كنت لاتوصل هذا المال الی صاحبه فلايجوز لك التقيؤ بل يجب عليك الصوم.

مسألة 71: اذا اكل في الليل ما يعلم انه يوجب القيء‌ في النهار من غير اختيار فالاحوط القضاء.

السيد الخوئي و السيد السيستاني هنا قالا: بل لايجب القضاء، لماذا؟ لان المفطر هو التقيؤ الذي يكون عمديا حال التقيؤ فيختلف عن غيره. اذا هذا الشخص اكل في الليل فآمن بانه يذرعه في النهار هذا لايوجب ان يصدق علی ذاك الذرع انه تقيؤ عمدي، لانه حينما يذرعه يخرج منه القيء بغير اختياره. نظير الاحتلام، من علم بانه لو اكل هذا الطعام سوف يحتلم في النهار، لايحرم عليه ان يأكل هذا الطعام لان الاحتلام لايبطل الصوم. هنا ايضا يستفاد من الروايات المفصلة بين التقيؤ و بين الذرع، ان الذرع يعني ما يخرج بغير اختيار حين الخروج، هذا لايبطل الصوم، في صحيحة الحلبي: اذا تقيأ الصائم فقد افطر و ان ذرعه من غير ان يتقيأ فليتم صومه و سألته عن القيء في رمضان فقال ان كان شيء يبدره فلا بأس و ان كان شيء يكره نفسه عليه فعليه القضاء. هذا لم‌يكره نفسه علی القيء و انما خرج القيء بغير اختياره حين الخروج و ان كان مستندا الی سبب اختياري في الليل أو حتی في النهار، هو يعلم بانه لو سوّی رياضة، لو ركض بعد ما تسحر و صلی صلاة الفجر طلع من البيت يسوي رياضة، عد ركضة كل يوم، يعلم بانه اذا يركض بغير اختياره يخرج منه القيء لا دليل علی انه مبطل للصوم. اذا كان لايصدق انه تقيأ و انما بدره و لو كان سببه باختياره،‌ سواء كان سببه باختياره في الليل أو كان سببا اختياريا صدر منه قبل ذلك بفاصل.

مسألة 72: اذا ظهر اثر القيء و امكنه الحبس و المنع وجب اذا لم‌يكن حرج و ضرر، و اذا كان هنا حرج و ضرر ماذا؟ يبطل صومه، لا انه لايبطل صومه، اذا يمكنه الحبس و لكن يقع في حرج أو في ضرر يبطل صومه و لكن لايحرم عليه ذلك. هذا معنی كلام صاحب العروة.

و لكن ذكر السيد السيستاني ان هذا مو صحيح، حتی لو يتمكن من الحبس ما يجب عليه ذلك، لان الوارد في الرواية ان كان شيء يكره نفسه عليه افطر و عليه القضاء، هذا يمكنه حبس القيء، اذا لم‌يحبس القيء فيبدر القيء و ليس القيء شيئا يكره نفسه عليه، يعني بالقوة يطلع القيء من بطنه، هذا لايصدق علی المقام، لا، بالعكس، اذا هو يريد ما يتقيأ يكون بالقوة يلزم روحه، يقول السيد السيستاني فاذن لايصدق ان هذا القيء و لو لم‌يحبس نفسه و لم‌يمنع نفسه من القيء لايصدق ان هذا القيء شيء اكره نفسه عليه.

و لكن السيد الخوئي وافق صاحب العروة في ذلك قال: اذا يتمكن من الحبس و لم‌يمنع نفسه من القيء لايصدق ان هذا القيء شيء اكره نفسه عليه. و لكن السيد الخوئي وافق صاحب العروة في ذلك قال: اذا يتمكن من الحبس من غير ضرر و لكنه لايحبس القيء يصدق انه تقيأ لان القيء باختياره فيجري عليه حكم المتعمد.

نقول: يا سيدنا الخوئي! اولا:‌ لماذا قيدته بقولك من غير ضرر؟ حتی لو يقع في ضرر من ناحية حبس نفسه ان لايتقيأ، يقع في ضرر، لاجل دفع الضرر يختار التقيؤ علی قولكم فلابد ان تلتزم ببطلان الصوم حتی في فرض الحرج و الضرر اذا حبس نفسه. مي‌خالف لاحرج و لاضرر يرفع حرمة ابطال الصوم، و لكن لماذا لايبطل الصوم اذا يصدق انه تقيأ باختياره؟ و ماذا جوابكم عن اشكال السيد السيستاني؟ السيد السيستاني يقول: حتی اذا تمكن من حبس نفسه ان لايتقيأ مع ذلك يجوز له ان لايحبس نفسه فيصدر منه القيء هو يمكنه ان يمنع من القيء، هذا مو واجب عليه، لان المفطر هو ان يكره نفسه علی التقيؤ، هذا لم‌يكره نفسه علی التقيؤ، هذا اذا لايتحمل و لايحبس نفسه يخرج منه القيء بغير اختياره، انما يمكنه ان يحدث مانعا، لايجب عليه ان يحدث مانعا.

ان قلت: لماذا السيد السيستاني نظر الی موثقة سماعة فقط، موثقة سماعة توافق كلام السيد السيستاني، سألته عن القيء في رمضان فقال ان كان شيء يبدره فلا بأس و ان كان شيء يكره نفسه عليه افطر و عليه القضاء. نعم لايصدق انه شيء يكره نفسه عليه و لكن في صحيحة الحلبي قال اذا تقيأ الصائم فقد افطر، و ان ذرعه فليتم صومه. هذا يصدق انه ذرعه؟ اذا يتمكن من حبسه فلا يتقيأ و لكن لم‌يحبس نفسه فتقيأ هل يصدق انه ذرعه؟‌ بدره القيء ذرعه القيء بدره القيء انما يصدق فيما اذا كان القيء بغير اختياره، مع امكان ان يحدث مانعا عن خروج القيء فهذا القيء يكون باختياره. فلماذا السيد السيستاني لم‌يلحظ هذه الصحيحة و انما لاحظ موثقة سماعة.

نقول: ممكن ان نجيب عن هذا الاشكال، و نقول: غاية الامر التعارض بين الروايات، مقتضی موثقة سماعة ان هذا التقيؤ ليس مبطلا للصوم لانه لايصدق انه شيء اكره نفسه عليه، و مقتضی اطلاق صحيحة الحلبي انه تقيأ و لم‌يبدره فعليه القضاء، فيتعارضان و يتساقطان، فنرجع بعد ذلك الی البراءة عن المفطرية.

جواب سؤال: ان كان شيء يكره نفسه عليه افطر و عليه القضاء يعني ان لم‌يكن شيء يكره نفسه عليه فليس عليه القضاء، هذا القيء ليس شيئا اكره نفسه عليه.

لكن اطرح شبهةً لصالح السيد الخوئي، شبهة قوية، مو قوية كيفكم، الشبهة هي انه موثقة سماعة ليس لها مفهوم، كل ما ذكرت جملتان شرطيتان حول موضوع فنحن نقول لايستفاد مفهوم لهاتين الجملتين لشرطيتين. مثلا: الرجل يصلي في ثوب فيه دم قال ان كان الدم اقل من الدرهم فلا بأس به و ان كان اكثر من الدرهم فلايصلي فيه،‌ هناك فرض آخر و هو ان يكون الدم مساويا للدرهم. هنا و لعله يوجد هذا الكلام في كلمات السيد الخوئي، يقال بان هاتين الجملتين الشرطيتين وردتا لتقسيم الموضوع، و لعل هناك قسم ثالث اصلا لاينظر اليه في هذه الرواية لندرته لعدم تعارفه، فهنا قد يقال هنا جملتان شرطيتان في موثقة سماعة قال سألته عن القيء في رمضان فقال ان كان شيء يبدره فلا بأس،‌ هل يصدق ان هذا شيء يبدره؟ يعني يخرج منه بغير اختياره؟ خب لايصدق، كما لايصدق الجملة الشرطية الثانية و ان كان شيء يكره نفسه عليه افطر و عليه القضاء. هنا فرض ثالث لايصدق عليه لا انه شيء يبدره و لا انه شيء يكره نفسه عليه و هو هذا الفرض ان يكون هناك سبب لخروج القيء من بطن هذا الشخص و يمكن لهذا الصائم احداث المانع هنا لايصدق اذا لم‌يحدث المانع و خرج لايصدق انه شيء يبدره لانه يتمكن من حبسه و لايصدق انه شيء يكره نفسه عليه. فحينئذ نرجع الی الاطلاقات الاخری. نفس صحيحة الحلبي مطلقة: اذا تقيأ الصائم فقد افطر، يصدق انه تقيأ، و ان ذرعه من غير ان يتقيأ فليتم صومه.

جواب سؤال: الذي يمكنه ان يحبس نفسه فلايخرج منه القيء يقال تقيأ بعدُ. الذي يخرج منه البول و يتمكن من حبس البول و لكنه لايحبس البول لايقال تبوّل؟ هو بال. من الذي بال؟ من الذي تبول؟ غير هذا الرجل؟ اذا لايلزم روحه يخرج منه البول، يخلي البول و ينجس المکان، ما يقولون ليش تبولت؟ يقول: لايستند البول الي، هذا مو عرفي.

و لاجل ذلك الاحوط قبول كلام صاحب العروة و صاحب العروة قال وجب اذا لم‌يكن حرج و ضرر.

مسألة 73: اذا دخل الذباب في حلقه وجب اخراجه مع امكانه و لايكون من القيء و لو توقف اخراجه علی القيء سقط وجوبه و صح صومه.

اولا نوضّح هذه المسألة:

قد لاينزل الذباب الی ما دون الحلق، واضح، يجب عليه ان يذب الذباب و ليس قيئاش و لكن المشكلة ما اذا تجاوز حلقه، السيد السيستاني يقول اذا وصل الی حد لايعد انزاله الی الجوف اكل، لايصدق انه اكل الذباب لانه بغير اختياره تجاوز من حلقه الی حد لايعد انزاله بعد ذلك الی المعدة اكلا للذباب، فهنا لايجب اخراج الذباب، و اما اذا لم‌يصل الی حد لايصدق عليه الاكل و كان اخراج الذباب متوقفا علی القيء،‌ يعني وصل الذباب الی حد لو اخرجه فاخراجه موقوف علی القيء، و لو خلّاه ينزل الی معدته يصدق عليه اكل الذباب، هنا السيد السيستاني يقول يجب عليه الاخراج، لماذا؟ لانه يحرم عليه اكل الذباب، و اما صومه فباطل علی اي تقدير، ليش؟ لانه اذا اخرجه بالقيء بطل صومه بالقيء و اذا خلاه ينزل الی معدته بطل صومه باكل الذباب. خوش كلام. السيد الخوئي ظاهر كلامه انه يری ان بلع الذباب حرام و لو لم‌يصدق عليه الاكل. مو ظاهره بل صريح كلامه. بلع الذباب حرام صدق عليه انه اكله أو لا، ‌يعني اذا وصل الذباب الی حد يخليه ينزل علی معدته لايصدق عليه انه يأكل الذباب لكنه يصدق انه بلع الذباب، حرام. ما هو الدليل علی انه حرام؟ فكروا ان الذباب حرام سواء صدق عليه اكل الذباب أو صدق عليه بلع الذباب يعني لو كان في مكان لايصدق علی انزاله الی المعدة انه اكل للذباب و لكنه اخراج الذباب من بطنه بقيء و نحوه وجب عليه ذلك ما لم‌يدخل في المعدة. يقول السيد الخوئي فحينئذ حيث يحرم بلع الذباب عليه فاذا توقف اخراج الذباب علی التقيؤ فيقع التزاحم بين حرمة بلع الذباب و وجوب الصوم. ماذا يصنع؟ السيد الخوئي يقول: صار التزاحم بين حرمة بلع الذباب و وجوب الصوم لانه اذا يمتثل النهي عن بلع الذباب يكون يبطل صومه بالتقيؤ لانه ما يقدر يخرج الذباب الا بالتقيؤ، فإما ان يمتثل النهي عن بلع الذباب فيبطل صومه بالتقيؤ لتوقف اخراج الذباب علی التقيؤ أو يبلع الذباب و حينئذ لايصدق عليه اكل الذباب لانه نازل الی مستوی لايصدق عليه اكل الذباب، فيصح صومه. و الصوم من اهم الفرائض. لايقاس ببلع الذباب،‌ حرام لكن هذا الجرم الصغير علی قولة السيد الخوئي خل يبلعها، شنو؟ وقع التزاحم بينه و بين الصوم الواجب المعين كصوم رمضان لا صوم آخر، لا صوم القضاء بعد الزوال، لا، صوم رمضان بني الاسلام علی خمس الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية. الصلاة اهم من الصوم، هذا يكون في بالكم ان صلاة الفريضة اهم من الصوم المفروض، لكن الصوم المفروض مما بني عليه الاسلام.

انا بس اقول كلمة‌ و ان‌شاءالله في ليلة الاحد نخلي هذا البحث:

هل قوله عليه السلام بني الاسلام علی خمس بصدد بيان اهمية هذه الخمسة علی جميع المحرمات و الواجبات؟ لو وقع التزاحم بين الزنا و بين ابطال الصوم فشخص يقول لك: إما ان تأكل هذا الطعام في يوم رمضان أو يكون تزني بتلك المرأة، هل صحيح ان تقول: ميصير، الصوم فريضة الهية من اهم الواجبات، الزنا شنو. صحيح أو لا؟ ميصير، فهذه الرواية ليست ناظرة الی ترجيح هذه الفرائض علی كل الواجبات و المحرمات. اما قضية الولاية تختلف، و ما نودي بشيء كما نودي بالولاية،‌الولاية اهم من كل الاشياء من الواجبات و ترك المحرمات، ذاك وحد، اما الصوم و الصلاة و الزكاة و الحج هل هذه الاربعة اهم من جميع المحرمات؟ فاذن لايمكن الاستدلال بهذه الرواية الا ان نقول لانحتمل اهمية حرمة بلع الذباب علی وجوب الصوم و لكن نحتمل اهمية وجوب صوم رمضان فيتعين بنظر المشهور بلع الذباب اذا لايصدق عليه الاكل و الاحتفاظ علی صوم شهر رمضان.

فتاملوا في هذه المطالب الی ليلة الاحد ان‌شاءالله.

الاسبوع الجائي بس ليلة‌ واحدة ان‌شاءالله نكون بخدمتكم و بعد ذالك نعطّل الی آخر الاسبوع.

و الحمد لله رب العالمين.