< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر العاشر تعمد القيء

 

الدرس 30-137

السبت - 4 جمادي‌الاولي 45

 

تتمة البحث عن مسألة 68: الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مايعا1

اذا ادخل جامدا في الدبر و لكنه سوف يصير مايعا1

المفطر العاشر تعمد القيء2

الكفارة للتقیؤ3

 

تتمة البحث عن مسألة 68: الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مايعا

مسألة 68: الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مايعا و ان كان الاحوط تركه.

ذكر السيد الخوئي انه لو كان الاحتقان شاملا للاحتقان بالجامد فيكون المقيد له موثقة ابن فضال: لا بأس بالجامد فيحرم كل الاحتقان بما ليس بجامد، و الاستصحاب اذا جری لنفي كون هذا الذي يحتقن به جامدا و لو بنحو العدم الازلي يثبت حرمة الاحتقان به.

نحن ذكرنا ان الاحتقان لايعلم اطلاقه للاحتقان بالجامد. لاتقولوا بان الاحتقان من مادة الحقن، الحقن هو الحفظ، محقون الدم اي محفوظ الدم، بالاسلام حقنت الدماء اي حفظت الدماء، فالاحتقان هو الحبس و الحفظ، احتقن اي حبس شيئا في جوفه. لاترجعوا الی المنشأ الاصلي لكلمة، هذا نظير ان تقولوا بان الحيوان من مادة الحياة، فالانسان حيوان لانه ذو حياة، هذا مو صحيح، الحيوان منصرف عن الانسان، فالاحتقان ليس بمعنی مطلق الحبس، بل حبس خاص، صار مصطلحا في حبس شيء في الجوف. و لاندري هل صار مصطلحا في حبس مايع في الجوف أو في حبس مطلق الشيء و لو كان جامدا. و مع هذه الشبهة المفهومية حيث اننا لانعرف انه يطلق عرفا علی التلطف بالجامد انه احتقان فاستصحاب عدم كون ما يحتقن به جامدا لايثبت تحقق عنوان الاحتقان كما ان استصحاب عدم كون هذا الموجود الحي انسانا لايثبت انه حيوان لان الحيوان منصرف عن الانسان، و لاجل ذلك يقول السيد الخوئي لو خوطب شخص فقيل له يا حيوان يتاذی يقول لماذا تهينني؟

اذا ادخل جامدا في الدبر و لكنه سوف يصير مايعا

صار الكلام حول ما اذا ادخل جامدا في الدبر و لكنه سوف يصير مايعا،‌ فكما ذكر السيد السيستاني انه لو كان يصير مايعا في بداية الدبر ثم يصعد الی الجوف فهذا الاحتقان بالمايع و لكن اذا كان بعد ما يدخل في الجوف يصير مايعا لم‌يتحقق الاحتقان بالمايع و ليس فيه اشكال، و طبعا اذا شك في انه هل يصير مايعا في بداية ما ادخل في الدبر أو بعد ما وصل الی الجوف فمقتضی استصحاب بقاء كونه جامدا الی ان يدخل في الجوف بل مقتضی اصل البراءة عدم مفطريته.

ثم انه كما ذكر الاعلام لا فرق بين مفطرية الاحتقان بالمايع بين فرض الاضطرار و فرض الاختيار.

ان قلت: السيد السيستاني أ لم‌يقل بان السنة لاتنقض الفريضة؟ كل ما ثبتت مانعيته من طريق السنة اي من غير الكتاب الكريم فالاضطرار الی ارتكابه يرفع مانعيته بمقتضی ان السنة لاتنقض الفريضة، فمن اضطر الی ارتكاب مانع في الصلاة يقال هذا المانع هل ثبتت مانعيته من الكتاب الكريم؟ يقال لا، هذا المانع ثبتت مانعيته من السنة، فالسيد السيستاني يقول السنة اذا تركت عن عذر فلاتبطل الفريضة به، فلماذا لايقول السيد السيستاني في المقام بان الاحتقان بالمايع ثبتت مفطريته من غير الكتاب الكريم فيطبق عليه ان السنة لاتنقض الفريضة؟

يقال في الجواب ان الروايات دلت علی ان المريض هل يحتقن ام لا؟ و ان امكن ان نقول بان المريض قد لايكون مضطرا الی الاحتقان في النهار، ينتظر ساعات يدخل الليل و يحتقن، لكن المتفاهم العرفي من قوله المريض لايحتقن أو لايتلطف الا بالجامد انه لو كان الشخص معذورا في الاحتقان بالمايع فهذا ينافي صحة صومه. هذا هو المتفاهم العرفي. و لااقل من الاحتياط كما ان الظاهر ان السيد السيستاني يحتاط فيمن اضطر الی الاحتقان بالمايع لان الرواية و ان وردت في المريض و ان الاحتقان بالمايع في حق المريض مبطل للصوم لكن قد يقال بان المريض قد لايكون مضطرا الی الاحتقان في النهار يمكنه الاحتقان في الليل فممكن ان لايكون مضطر الی الاحتقان في النهار لكن العرف حينما يسمع ان المريض اذا احتقن بالمايع يبطل صومه يفهم منه ان الضرورة لاترتفع مانعية مفطرية الاحتقان.

تمت مسائل الاحتقان.

المفطر العاشر تعمد القيء

المفطر العاشر تعمد القيء و ان كان للضرورة من رفع مرض أو نحوه و لا بأس بما كان سهوا أو من غير اختيار و المدار علی صدق العرفي فخروج مثل النواة أو الدود لايعد منه.

لا اشكال في ان تعمد القيء‌ يوجب بطلان الصوم. و ما نقل أو ما يوجد في السرائر من ان التقيؤ حرام تكليفي و ليس مبطلا للصوم و ينسب ذلك الی السيد المرتضی، ففيه: انه لم‌يرد نهي عن التقيؤ حتی تحملوه علی النهي التكليفي،‌ الوارد في الروايات ان التقيؤ يفطر الصائم و من تقيّأ فعليه قضاء صومه،‌ كيف تحملون هذا الخطاب علی التحريم التكليفي للتقيؤ؟ و اما كلام السيد المرتضی في جمل العلم و العمل فقد نقلناه سابقا و قلنا بانه يقول ليس عليه كفارة و انما عليه القضاء، لايبطل صومه بل ينقص أو ينقض. فسّر بعد ذلك في كلام السيد المرتضی حيث عقّبه بقوله و قالوا ان التقيؤ يوجب القضاء دون الكفارة، و هذا ما يختاره كثير من الاعلام فان المشهور انه لايوجب الكفارة و سيأتي الكلام فيه.

فاذن التقيؤ يوجب القضاء. و قد ورد في ذلك روايات كثيرة نذكر جملة منها: منها صحيحة الحلبي قال اذا تقيأ الصائم فقد افطر و ان ذرعه من غير ان تقيأ يعني خرج من حلقه من دون اختيار منه فليتم صومه[1] . و في موثقة سماعة قال سألته عن القيء في رمضان فقال ان كان شيء يبدره يعني يبدر منه يعني يسبقه يعني بغير اختيار منه، فلا بأس و ان كان شيء يكره نفسه عليه فقد افطر[2] .

و لكن في قبال هذه الروايات توجد صحيحة عبدالله بن ميمون: ثلاثة لايفطرن الصائم القيء و الاحتلام و الحجامة[3] . فقد يقال بان الجمع بينهما يقتضي الحمل علی استحباب القضاء. و هذا ليس صحيحا لانه هنا لم‌يفرض ان القيء كان باختياره بل لعله منصرف من القيء في قبال التقيؤ، ان القيء كالاحتلام غير اختياري و ما هو اختياري هو التقيؤ و لا اقل من ان نحمل هذا الاطلاق علی فرض كون القيء صادرا من غير الاختيار فانه لايوجب بطلان الصوم.

فاذن المسألة واضحة، فالتقيؤ متعمدا و لو لضرورة يوجب بطلان الصوم لان تعمد التقيؤ من غير ضرورة امر نادر جدا، من يتقيأ من غير ضرورة؟

الكفارة للتقیؤ

لكن هنا يقع الكلام في ان التقيؤ متعمدا اي مع الاختيار أو مع عدم النسيان هل يوجب الكفارة ام لا؟

المشهور علی عدم وجوب الكفارة عليه و قد استدل علی ذلك بوجهين: الوجه الاول ما يقال من ان عنوان الافطار لاينطبق عليه أو يشك في انطباقه عليه فان الافطار ظاهر في نقض الصوم و كسره اي كسر الامتناع عن الاكل و الشرب‌.

و قد اجبنا عن ذلك فقلنا بان الافطار حسب العرفي المتشرعي الذي دلت عليه الروايات هو ابطال الصوم و قد لايكون الشخص صائما لكن لا لاجل انه ارتكب مبطلا من مبطلات الصوم و انما هو لاجل انه صام رئاءا فهذا صومه باطل أو لم‌ينو الامساك، من اول الفجر الی الليل لم‌يأكل شيئا و لم‌يشرب ماءا لكنه ينتظر الفرصة حتی زوجته يطلع من البيت زوجته متدينة و هذا الزوج السرسري يقول لزوجته ما عندك شغول خارج البيت؟ ما تروح من البيت؟ الی الليل لبث في البيت و هذا ما قدر يأكل شيئا يشرب ماءا، هذا لايصدق عليه انه افطر و ان لم‌يصم.

فما يقوله السيد الخوئي من ان الصوم و الافطار ضدان لا ثالث لهما هذا مو صحيح. هذا ليس صائما و لم‌يفطر. الذي يقال افطر هو من جاء بمفطر يعني جاء باحد مفطرات الصوم، ارتكب احد مفطرات الصوم اما من صام رئاءا هذا صائم، أو من لم‌ينو الصوم و لكنه لم‌يرتكب اي مفطر من المفطرات هذا ليس بصائم لكنه مع ذلك لايقال انه افطر. و يصرح السيد الخوئي في كلماته انه لا كفارة عليه، لانه لم‌يرتكب المفطرات لايصدق عليه انه افطر. فمن يصدق عليه انه افطر هو من ارتكب مفطرا من المفطرات لكن لايختص ذلك بخصوص الاكل و الشرب كما ذكرنا عدة روايات تنبّه علی ذلك.

الوجه الثاني لنفي الكفارة علی التقيؤ متعمدا ما يقال من انه في الروايات التي قرأناها لم‌يرد الا وجوب القضاء، و ان اكره نفسه عليه فقد افطر و عليه القضاء، اذا تقيأ‌ فقد افطر و عليه القضاء، ما قال و عليه الكفارة، فينعقد اطلاق مقامي لنفي وجوب الكفارة.

السيد الخوئي قال: مي‌خالف، لكن نقيّد هذا الاطلاق المقامي بالعمومات الدالة‌ علی ان من افطر من غير عذر فعليه عتق نسمة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا.

هذا المقدار من الجواب لايكفي. لماذا؟ لان الاطلاق المقامي علی قسمين: الاطلاق المقامي لمجموع الروايات، اصلا لاينعقد مع وجود نص منفصل علی الخلاف، و لكن الاطلاق المقامي لخصوص نص فهذا قد يكون اخص مطلقا من سائر الروايات. مثلا عندنا اطلاق ان الحاج أو المعتمر عليه طواف النساء لكن وردت رواية في امرأة حاضت قبل ان تطوف طواف النساء الامام عليه السلام قال: الحملة لايتنظرها هم يغادرون المكة و زوجها ايضا ما ينتظرها، فلتذهب بدون طواف النساء. لم‌يشر الامام عليه السلام في هذه الرواية المعتبرة بانها تستنيب لطواف النساء. السيد الخوئي يقول: نقول بانه بمقتضی الاطلاقات يجب عليها الاستنابة لطواف النساء‌، لكن هذا خلاف الظاهر لان هذه الرواية لم‌تشر الی انها تستنب بطواف النساء. الانصاف ان هذه الرواية اخص مطلقا من ادلة وجوب طواف النساء.

المثال الثاني رجل نسي طواف الحج الی ان رجع الی بلاده قال يوكّل رجلا يطوف عنه لانه لايقدر ان يرجع. لم‌يقل بانه خلال هذه المدة التي هذا النائب يروح الی مكة و يطوف عنه هذا الرجل ابد ما يقبّل زوجته ابد ما يستمتع من زوجته،‌ فكما قال السيد الزنجاني يستفاد من هذه الرواية الصحيحة عدم حرمة الاستمتاع. رجل يخلو بزوجته وكّل، وكّل يعني شنو؟ ذاك الذي الايام السابقة حتی هذه الايام لكن الايام السابقة اشد كان، يطلب شخصا يقول بوي! روح عني الی مكة و جيء طواف الحج عني، هذا اشوكد يوصل الی مكة، بعد شهر مثلا، الامام ما قال خلال هذه المدة التي تنتظر ان ينوب عنك نائبك في الطواف ابتعد عن اهلك، أ لاينعقد لهذه الصحيحة اطلاق مقامي خاص لخصوص هذه الصحيحة في انه يجوز لها مباشرة النساء و لايتمكن الفقيه من ان يتمسك بعمومات ان المحرم لاتحل له النساء حتی يطوف طواف الحج و يسعی‌ و يطوف طواف النساء، ميصير نتمسك بتلك العمومات بعد وجود هذا النص الخاص الذي انعقد له اطلاق مقامي.

فاذن ما يذكره السيد الخوئي من ان الاطلاق المقامي يقيد بالاطلاقات فهذا ليس تاما في كل مجال. و لكن الصحيح ان نقول من تقيأ فعليه القضاء ما ذكر انه تقيأ من دون عذر أو مع العلم،‌ الكفارة‌ تثبت في حق المتعمد العالم، هذا الذي تقيأ لعله كان مضطرا الی التقيؤ، من الذي يريد يتقيأ؟‌ غير انه مريض، باختياره، ما اقول ليس باختياره، باختياره لكنه يری ضرورة عرفية للتقيأ أو حتی لو لم‌يكن هناك ضرورة عرفية مو معلوم انه يعرف یری ان التقيؤ مبطل للصوم حتی يثبت فيه حقه الكفارة فقوله عليه السلام من تقيأ فعليه القضاء لاينعقد له اطلاق مقامي لنفي الكفارة لانه مو ملازم التقيؤ الاختياري لكون التقيؤ بلاعذر أو مع العلم، التقيؤ مع العذر و ان كان تقيأ اختياريا لايوجب الكفارة، التقيؤ عن جهل بالحكم لايوجب الكفارة لانه ورد في صحيحة عبدالصمد ايما رجل ركب امرا بجهالة‌ فلا شيء عليه اي لا كفارة عليه.

فاذن لم‌ينعقد في المقام اطلاق مقامي و نلتزم بان من تقيأ متعمدا من غير عذر من غير ضرورة عرفية، من غير حرج، و مع العلم بكونه مفطرا هذا تجب عليه الكفارة بمقتضی اطلاق ان من افطر فعليه الكفارة.

و بقية الكلام في الليلة القادمة ان‌شاءالله. من ساعة سبعة الا ربع نبدأ ببحث الفقه ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.


[1] مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا تَقَيَّأَ الصَّائِمُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ إِنْ ذَرَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَيَّأَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ.
[2] مُحَمَّدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَيْ‌ءِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ إِنْ كَانَ شَيْ‌ءٌ يَبْدُرُهُ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَ شَيْئاً يُكْرِهُ نَفْسَهُ عَلَيْهِ أَفْطَرَ وَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
[3] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ علیهما السلام قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ الْقَيْ‌ءُ وَ الِاحْتِلَامُ وَ الْحِجَامَةُ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo