< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر التاسع؛ الحقنة بالمايع

الدرس 28-135

الإثنين - 28 ربيع‌الثاني 45

 

طريق الجمع بين الروايات1

الإحتقان بالمايع حرام تكليفي3

الإحتقان بالمايع مبطل4

الإحتقان بالمايع لايوجب الكفارة5

 

كان الكلام في المفطر التاسع و هو الحقنة بالمايع.

يقول صاحب العروة التاسع من المفطرات الحقنة بالمايع و لو مع الاضطرار اليها لرفع المرض و لا بأس بالجامد و ان كان الاحوط اي استحبابا اجتنابه ايضا.

المشهور ان الإحتقان بالمايع مبطل للصوم و لكن جمع من الفقهاء ذهبوا الی انه مكروه و جمع آخرون ذهبوا الی انه حرام و ليس بمفطر، و لكن الكثير من الاعلام قالوا بانه لايوجب الكفارة، غايته ان الإحتقان بالمايع يوجب بطلان الصوم و لكن لايوجب الكفارة كما لعله هو المشهور.

نقرأ روايات الباب، قلنا بانه توجد صحيحة علی بن جعفر: الرجل و المرأة هل يصلح لهما ان يستدخلا الدواء و هما صائمان قال لا بأس.

السيد الزنجاني يقول الاستدخال الطلب من الغير، يستدخل الدواء يعني يطلب من غيره يدخل الدواء في فرجه و ليس هذا الا الاحتقان.

و لكن الاستدخال هو طلب الدخول و لو محاولة الدخول، استدخل لايحتاج الی الطلب من الغير،‌ الرجل بنفسه قد يدخل الدواء. هذا يعبر عنه بالاستدخال يعني محاولة الادخال لا ان يطلب من غيره ان يدخل الدواء، هذا ليس ظاهرا من الاستدخال. و لاجل ذلك لايصح ان نقول بان هذه الصحيحة موردها الإحتقان بل اعم من الإحتقان.

الرواية‌ الثانية موثقة ابن فضال قلنا بان نسخة الكافي محمد بن الحسين عن ابيه اصلا لم‌نجد رواية لمحمد بن الحسين بن الخطاب عن ابيه،‌ فهذا قطعا خطأ من النساخ و ليس الا علی بن الحسن عن ابيه أي عن الحسن بن علی بن فضال، فالرواية موثقة. قال كتبت الی ابي‌الحسن عليه السلام ما تقول في التلطف، التلطف كما ذكره صاحب مجمع البحرين هو ادخال الشيء في الفرج، و في التهذيب التلطف بالاشياف، ما تقول في التلطف يستدخله الانسان و هو صائم فكتب لا بأس بالجامد.

و في رواية‌ ثالثة لصحيحة البزنطي الصائم لايحتقن.

طريق الجمع بين الروايات الباب

السيد الحكيم قال: نطبّق علی هذه الروايات نظرية انقلاب النسبة. فان قوله في موثقة ابن فضال لا بأس بالجامد مقيد لما في صحيحة‌ البزنطي من قوله الصائم لايحتقن،‌ فيصير الصائم لايحتقن بالمايع. و حينئذ تكون صحيحة البزنطي اخص مطلقا من صحيحة علی بن جعفر المجوزة لاستدخال الدواء في حال الصوم مطلقا، فنحملها علی غير الإحتقان بالمايع.

لاحاجة الی ان نقول نطبّق نظرية انقلاب النسبة بل قوله عليه السلام في الجواب لا بأس بالجامد، له مفهوم.‌ ما تقول في التلطف يستدخله الانسان و هو صائم فكتب لا بأس بالجامد اي لايجوز الإحتقان بالمايع و لكن لا بأس بالإحتقان بالجامد. فهذا شاهد جمع.

و لكن قد يقال بانه حينما يری العرف هذه الروايات فيحتمل عرفا الجمع الحكمي لان صحيحة علی بن جعفر باطلاقها دلت علی جواز استدخال الدواء في حال الصوم،‌ و حينما تلحظ هذه الصحيحة مع صحيحة البزنطي: الصائم لايجوز له ان يحتقن، فيقول العرف لعل المراد من لايجوز انه لايجوز علی كراهية.

و لكن هذا ليس صحيحا عرفا، خصوصا و ان التعبير كان بلسان لايجوز. الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان فقال الصائم لايجوز له ان يحتقن. العرف يری ان الإحتقان ان كان منصرفا الی الإحتقان بالمايع كما هو المدعی في كلام جماعة‌ فتكون هذه الصحيحة‌ اخص مطلقا من صحيحة علی بن جعفر، و ان كان الإحتقان اعم من الإحتقان بالمايع أو الجامد فتكون موثقة ابن فضال شاهدة للجمع فتفصّل بين الإحتقان بالجامد و الإحتقان بالمايع.

فاذن الظاهر عدم الاشكال في ان الإحتقان بالمايع لايجوز، و ان كان في كلام جمع من الاعلام لم‌يفصّل بين الإحتقان بالمايع و الجامد. الشيخ الطوسي في الاستبصار فصّل حسب الروايات قال نحن نجمع بين الروايات هكذا، نقول النهي تعلق بالإحتقان بالمايع و الترخيص في صحيحة علی بن جعفر تعلق بالإحتقان بالجامد. الاستبصار الجزء 2 صفحه 84.

يقع الكلام في ان الإحتقان بالمايع هل هو حرام في حال الصوم أو انه مبطل للصوم بدون كفارة أو انه مبطل للصوم مع الكفارة. فهنا ثلاثة اقوال بعد ان انتهينا عن القول بكراهة الإحتقان بالمايع وصلنا الی حرمته فهنا ثلاثة‌ اقوال: حرمته التكليفية فقط، القول الثاني حرمته الوضعية بدون الكفارة، القول الثالث حرمته الوضعية‌ اي مبطليته للصوم مع ترتب الكفارة‌ عليه كما هو مختار السيد الخوئي.

انا قبل ان اذكر نكات البحث ينبغي ان اشير الی ان المنقول عن الشيخ الطوسي في كلام صاحب السرائر و العلامة انه تكلم في كتبه بكلمات مختلفة،‌ يقول في السرائر لايجوز له الإحتقان بالمايعات فان فعل ذلك كان مخطئا مأثوما و لايجب عليه القضاء،‌ يعني القول الاول، و هو مذهب المرتضی و شيخنا الطوسي في الاستبصار و في نهايته،‌ و هو الصحيح و ان ذهب الی وجوب القضاء في الجمل و العقود.

هذا مو صحيح لانه في الاستبصار فصّل بين الإحتقان بالمايع و بين الإحتقان بالجامد و لم‌يذكر ان الإحتقان بالمايع حرام تكليفي من دون ان يوجب القضاء. ما ذكر هذا. و اما في كتاب النهاية هو ذكر مطلبين: المطلب الاول قال باب ماهية الصوم و الذي يقع الامساك عنه علی ضربين: ضرب يجب الامساك عنه و الآخر الاولی الامساك عنه. و الذي يجب الامساك عنه علی ضربين: ضرب لو لم‌يمسك بطل صومه و ضرب لو لم‌يمسك كان مأثوما و لم‌يبطل صومه. اما الذي يجب الامساك عنه مما يبطل الصوم بفعله فهو الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس في الماء و الكذب علی الله و رسوله و الحقنة و القيء علی طريق العمد. ذكر الحقنة في ضمن ما يبطل الصوم. و اما الذي يجب الامساك عنه و ان لم‌يبطل الصوم بفعله فهو النظر الی ما لايجوز النظر اليه.

فمن اين حصل هذا الاشتباه؟ لعل شيخ الطوسي كلامه في مجالات اخری لم‌يكن واضحا. مثلا ذكر في موضع ان من جملة ما يفسد الصيام و يوجب القضاء من دون الكفارة‌ التقيأ متعمدا، و لم‌يذكر الحقنة، ثم قال بعد ذلك و لايجوز له الإحتقان بالمايعات، اختلاف التعبير، في التقيأ متعمدا قال يوجب القضاء،‌ في الإحتقان بالمايعات قال لايجوز، لعل المراد من لايجوز البيان الحكم الوضعي و لو بقرينة ذلك المطلب الاول. فهنا صار مطلبان للشيخ الطوسي في كتاب النهاية: المطلب الثاني لعله اوجب الاشتباه و لكن المطلب الاول يبين مقصود الشيخ الطوسي. مو مهم.

الإحتقان بالمايع حرام تكليفي

جماعة كثيرين قالوا بان الإحتقان بالمايع حرام تكليفي. فصاحب السرائر و المحقق الحلي في النافع و المعتبر و العلامة في المنتهی و غيرهم من الاعلام، و لكن الظاهر ان اكثر الفقهاء علی كونه مبطلا للصوم و لكن من دون كفارة. و الشيخ الطوسي نفسه في كتاب الخلاف يقول هكذا: دليلنا علی الحقنة يعني علی كون الحقنة مبطلة للصوم اجماع الفرقة.

مستند القائلين بكون الإحتقان بالمايع مبطلا للصوم هو استظهار ان التعبير ب‌ لايجوز ان يحتقن أو لا بأس بالإحتقان بالجامد هذا ظاهر في الارشاد الی الفساد لان النهي عن شيء في المركب يقال بانه ظاهر في الارشاد الی الفساد. لاتقهقه في الصلاة ظاهر في ان القهقهة في الصلاة مانعة و مفسدة للصلاة.

نحن اشكلنا في الاصول و قلنا بانه ليس هناك ضابطة معينة لأن نقول الاصل الاولي في النهي عن شيء في المركبات الارشاد الی الفساد. محرمات الاحرام دليلها ظاهر في الارشاد الی كونها مفسدة للاحرام؟ لا. المحرم لايرتمس في الماء، يعني مبطل؟ المحرم لايصارع يعني اذا صارع مع شخص آخر يبطل احرامه؟ لا. من اين تدعون ان ظاهر النهي عن شيء خصوصا اذا كان مترتبا علی موضوع الاتيان بذلك المركب، الصائم لايجوز له ان يحتقن، من اين تقولون ان هذا ظاهر في الارشاد الی الفساد؟ لو قال مثلا لاتحتقن في صومك هذا ايضا ليس ظاهرا في الارشاد الی الفساد و لكنه اهون، اما اذا قال الصائم لايحتقن من اين تقولون بان هذا ارشاد الی كون الإحتقان مبطلا للصوم؟

الميرزا القمي في كتاب غنائم الايام في مسائل الحلال و الحرام قال: كثير من الامور التي ورد النهي عنها في حال الصوم عرفنا بانها تفسد الصوم فنلحق الإحتقان بها.

خب هذا لايشكّل ظهورا، هذا اكثره الظن، و الظن لايغني من الحق شيئا.

ان قلت: يحصل العلم الاجمالي اذا كان مجملا النهي عن الإحتقان في حق الصائم، اذا كان مجملا فيعلم اجمالا بانه إما يحرم عليه تكليفا أو يجب عليه القضاء اذا ارتكبه. بالنسبة الی صوم رمضان هذا العلم الاجمالي منحل. لماذا؟ لان الإحتقان في صوم رمضان قطعا حرام إما لكونه بنفسه مفسدا للصوم أو لكونه محرما تكليفيا علی الصائم، و افساد الصوم في شهر رمضان حرام تكليفي. فيعلم تفصيلا بان الإحتقان في حال الصوم الواجب المعين كصوم رمضان حرام تكليفي و ان لم‌نعلم ان منشأه كونه مفسدا لصوم رمضان أو كونه حراما تكليفيا. و لكن في الصوم غير المعين كصوم القضاء الصائم يريد يحتقن يعلم إما ان الإحتقان عليه حرام أو انه يجب عليه اعادة ذلك الصوم، هذا علم اجمالي منجز. لكن قد يقال باننا نتمسك بعموم قوله عليه السلام لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال لنفي مفطرية الإحتقان، و لازم هذا العموم ان الإحتقان اذا لم‌يكن مفطرا فهو حرام تكليفي.

الي هنا تقوّی احتمال كون الإحتقان بالمايع حرام تكليفي من دون ان يكون مفسدا للصوم. و ذلك بالتمسك بعموم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء.

الإحتقان بالمايع مبطل

السيد الزنجاني ادعی شيئا و قال: الله يرحم السيد البروجردي كان ينظر الی الفقه نظر واقعي، يعني يلحظ الجو الفقهي الذي صدر فيه روايات الائمة عليهم السلام. و نترحم علی السيد البروجردي و لكن نقول: الله يحفظ السيد السيستاني هو ايضا ينظر الی الروايات هكذا يعني يقول نشوف الجو الفقهي في ذلك العصر شنو كان حتی نفسّر الروايات. يقول: الجو الفقهي في ذلك الزمان كان يقتضي بطلان الصوم بالإحتقان بالمايع و هذا هو الذي كان العامة يتكلمون عنه يعني كان النزاع في ذلك ان الإحتقان بالمايع مبطل للصوم أو ليس بمبطل، و عليه هذه الروايات حينما تصدر في هذا الجور الفقهي تكون ظاهرة في تاييد فتوی من كان يقول بكون الإحتقان مبطلا للصوم.

و هذا الذي ذكره ليس ببعيد. و لاجل ذلك نحن نقوي استظهار الارشاد الی مبطلية الإحتقان في الصوم لا لاجل قاعدة كلية اصولية أسسوها، فنحن انكرنا تمامية هذه القاعدة و هي قاعدة ان النهي عن شيء في المركبات ظاهر في الارشاد الی الفساد بل لاجل هذه النكتة التي قبلناها في خصوص هذه المسألة.

جواب سؤال: لايضر الصائم ما صنع ظاهره الاولي نفي مفطرية ما عدا الثلاثة، نحن قلنا بانه لايصلح تخصيص هذا العموم بان نقول هناك مفطر رابع و هناك مفطر خامس، بل يحتاج الی بيان نكتة، و لكن هذا لاينافي التمسك بالعموم لنفي مفطرية الإحتقان بالمايع. و لو قلتم بان الموضوع لهذا العموم هو المفطر الحلال المتعارف و الإحتقان ليس متعارفا، اذا تم هذا الاشكال فنحن هنا نفقد هذا العموم. و لكن لقائل ان يقول باننا نتمسك باطلاقات وجوب الصوم اذا أمرنا بالصوم في شهر رمضان،‌ فاطلاقه يقتضي نفي اشتراطه بالاجتناب عن الإحتقان بالمايع ان كان كتب عليكم الصيام في مقام البيان نتمسك به و الا فنتمسك باطلاق الروايات الآمرة‌ بالصوم في شهر رمضان لنفي مفطرية الإحتقان بالمايع، لولا هذه النكتة التي اشار اليه السيد الزنجاني و هي ملاحظة الجو الفقهي بلحاظ هذه الروايات.

جواب سؤال: الصوم مفهوم عرفي،‌ اذا قال صم يوم هذا اليوم، العرف يفهم انه يجتنب عن الاكل و الشرب، لابد ان يضاف اليه بمقيد منفصل و اجتنب عن الارتماس في الماء‌ اجتنب عن الإحتقان بالمايع و نحو ذلك.

الإحتقان بالمايع لايوجب الكفارة

اما كون الإحتقان بالمايع موجبا للكفارة يقال بان مقتضی صحيحة عبدالله بن سنان: من افطر في نهار شهر رمضان من غير عذر فعليه عتق نسمة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا، من افطر و الإحتقان بالمايع اذا كان مبطلا للصوم يصدق عليه انه افطر. فقالوا بان الافطار يصدق علی ارتكاب ايّ ما يوجب افساد الصوم.

لكن اشكل عليه فقيل بان الافطار ليس بمعنی ابطال الصوم مطلقا و انما بمعنی الاكل أو الشرب، افطر يعني نقض جوعه يعني نقض عدم اكله لانه حينما يقوم من النوم ليش يقولون جيء فطور، لانه ينقض حالة الامساك عن الاكل و الشرب. اول ما يأكل الانسان في نهاره يسمی بالفطور. فالافطار هو الاكل الاول أو الشرب الاول في النهار. هكذا قد يقال، و الا يقال بان من ابطل صومه بالرياء مثل ذاك الشخص الذي كان يصلي فمدحوها قالوا شنو هذه الصلاة؟! فهو قطع صلاته قال ما تدرون انا ايضا صائم. هذا الذي يرائي في اثناء صومه هذا ايضا ابطل صومه، هل يصدق عليه انه افطر؟ لايصدق. فاذن الخلاف في ان الافطار ظاهر في ابطال الصوم مطلقا ارتكاب المفطر مطلقا و لو بالإحتقان بالمايع فاذا فعل ذلك متعمدا صحيحة عبدالله بن سنان تقول من افطر من غير عذر فعليه الكفارة. أو ان الافطار إما جزما أو احتمالا لايشمل غير الاكل و الشرب اما الجماع فدليل الكفارة‌ فيه دليل خاص و هكذا البقاء‌ علی الجنابة.

و لاجل ذلك السيد السيستاني ناقش في وجوب الكفارة في غير الاكل و الشرب و الجماع و البقاء علی الجنابة و لعله لاجل عدم احراز صدق الافطار علی ارتكاب ما عدا هذه الاربعة. و لكن السيد الخوئي قال: لا، الافطار يشمل ارتكاب ايّ مفطر للصوم و لو كان مفطرا تعبديا كالكذب علی الله و رسوله و الإحتقان بالمايع و نحو ذلك.

تاملوا في هذه المسألة الی الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo