< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كلام السيد السيستاني حول مسألة 55 (اذا علم الجنب لو نام لم‌يستيقظ) و النقاش فيه

 

الدرس 22-129

السبت - 19 ربيع‌الثاني 45

 

كلام السيد السيستاني حول مسألة 55 (اذا علم الجنب لو نام لم‌يستيقظ) و النقاش فيه1

اذا نام الجنب و هو يحتمل انه يستيقظ للغسل أو يبقی نائما الی طلوع الفجر2

مسألة 56: نوم الجنب مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به اذا اتفق استمراره الی طلوع الفجر علی اقسام3

 

كلام السيد السيستاني حول مسألة 55 (اذا علم الجنب لو نام لم‌يستيقظ) و النقاش فيه

كان الكلام في المسألة 55 حيث قال صاحب العروة انه اذا كان شخص جنبا و علم بانه لو نام لم‌يستيقظ للغسل قبل طلوع الفجر لايجوز له ان ينام و لكن يجوز له النوم مع احتمال ان يستيقظ.

السيد السيستاني قال بناءا علی كون وجوب القضاء وجوبا عقوبتيا كما يحتمله السيد السيستاني من ان البقاء علی الجنابة لايكون مبطلا للصوم حقيقتا و انما يوجب قضاء الصوم قضاءا عقوبتيا لما ورد في صحيحة معاوية بن عمار: يقضي صومه عقوبةً، فيقول السيد السيستاني فحينئذ ما هو الدليل علی انه لايجوز له ان ينام؟ وجوب الصوم ثابت من اول الليل أو من اول شهر رمضان فيجب عليه عقلا امتثال الواجب الفعلي نظير انه اذا اذّن المؤذّن لصلاة الفجر هذا الشخص استيقظ من النوم يقول انام عشر دقائق، انا تعبان، و بعد عشر دقائق اقوم و اصلي صلاة الفجر، حتی لو كان شاكا في انه يستيقظ ام لا لايجوز له ان ينام فضلا عما اذا علم بانه لو نام سوف لايستيقظ من النوم لانه بعد فعلية الوجوب، العقل يقول الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني بخلاف ما لو نام قبل اذان الفجر فان السيد السيستاني يقول يجوز له ان ينام حتی مع علمه بانه سوف لايستيقظ من النوم الا بعد طلوع الشمس.

و ان كان هذا الكلام مخالفا لمبناه الاصولي من وجوب المقدمات المفوتة أي وجوب تحصيل مقدمات قبل الوقت اذا لم‌يحصّلها يفوت منه الواجب بعد وقته. و لكنه في فتواه افتی بانه يجوز [النوم] لمن يعلم بانه لو نام قبل اذان الفجر فسوف يبقی نائما الی ان يطلع الشمس، يقول نعم اذا ادّی ذلك الی الاستخفاف بالصلاة فلايجوز.

فهنا ايضا يقول اذا كان الصوم مشروطا بعدم البقاء علی الجنابة فوجوب الصوم فعلي إما من دخول الليل أو من دخول الشهر، و لكن اذا قلنا بان وجوب القضاء عقوبتي، العقوبة ليس بمعنی العقوبة الاخروية،‌ التفتوا! العقوبة الاخروية تكشف عن الحرمة، لا، هذه العقوبة عقوبة جزائية، عقوبة دنيوية،‌ مثل ما ذكره السيد السيستاني فيمن نسي ان ثوبه نجس فصلی فيه فيجب عليه قضاء تلك الصلاة وجوبا عقوبتيا اذا كان مقصرا لا انه ارتكب حراما، لا، امام جماعة،‌ عادل، الناس يصلون وراءه لكنه اهمل، نسي ان بثوبه نجاسة اهمل و قد يكون قبل الوقت لكنه يطلع من البيت و قالوا له انزح ثوبك النجس أو غسّل ثوبك النجس يقول لا، انا اريد اصلي صلاة الظهر ماكو انزح هذا الثوب أو اغسله فينسی هذا، اهمل، قصّر، لكنه لم‌يرتكب حراما، السيد السيستاني يقول صلاته صحيحة و لكن يجب عليه قضاء تلك الصلاة عقوبة كما ورد في موثقة سماعة.

فهنا ايضا بناءا علی احتمال ان يكون وجوب قضاء الصوم وجوبا عقوبتيا فيقال بان هذه العقوبة عقوبة دنيوية لا اخروية، و هكذا الكفارة، و عليه ما هو الدليل علی انه لو نام و هو يعلم بانه لايستيقظ قبل طلوع الفجر ارتكب حراما؟ لكن يحتاط وجوبا في ان لايفعل ذلك.

الا ان كونكم ترون انه حتی لو قلنا بان وجوب القضاء عقوبتي لكن الظاهر ان ثبوت الكفارة في حق المتعمد يقتضي ان نقول بحرمة‌ ذلك عليه، خلاف الظاهر ان نقول لم‌يرتكب حراما.

اذا نام الجنب و هو يحتمل انه يستيقظ للغسل أو يبقی نائما الی طلوع الفجر

انما الكلام فيما اذا نام الجنب و هو يحتمل انه يستيقظ للغسل أو يبقی نائما الی طلوع الفجر، السيد الخوئي في بحث الاستدلالي قال هذا ما يجوز لان استصحاب بقاء نومه يوجب صدق المتعمد عليه فلو استمر نومه يبطل صومه و عليه القضاء و الكفارة. لكنه في تعليقته علی العروة عدل عن ذلك و قال استصحاب بقاء النوم لايثبت عنوان التعمد. السيد السيستاني في البحث الآتي احتاط وجوبا فيمن لم‌يكن واثقا بالانتباه،‌ قال اذا كان واثقا بالانتباه و الا فالاحوط وجوب القضاء.

نحن ذكرنا مطلبا لتاييد ما ذكره السيد الخوئي في بحثه الاستدلالي و قلنا بانه كيف في استصحاب كون الشخص مؤمنا انتم تقولون اذا قتله يثبت انه قتل مؤمنا متعمدا، الاستصحاب يثبت عنوان التعمد، أو تقولون بان من استصحب كونه جنبا لايدري هل اغتسل من الجنابة ام لا، استصحب بقاء جنابته فنام من غير ان يغتسل يصدق انه تعمد البقاء علی الجنابة فهنا لماذا لاتقولون بان استصحاب بقاء النوم كاستصحاب الاستقبالي يثبت انه تعمد البقاء علی الجنابة؟

لكن يمكن ان يقال بالفرق بين المقام و بين ذاك المثالين. اذا كنت تستصحب ان هذا مؤمن فانت قتلت رجلا مؤمنا استصحابيا، الاستصحاب اثبت انه مؤمن و انت تعمدت قتل مؤمن استصحابي مؤمن تعبدي، و هكذا لو استصحبت بقاء الجنابة فلم‌تغتسل فقد تعمدت البقاء علی الجنابة الاستصحابية، و لكن في المقام قد يقال بانه يريد استصحاب بقاء النوم ان يثبت نفس عنوان التعمد لا ان يثبت متعلق التعمد، في قضية تعمد قتل المؤمن الاستصحاب يقول هذا مؤمن فيثبت انه هذا مؤمن و يترتب عليه آثار المؤمن و منه ان تعمد قتله تعمد قتل المؤمن بمقتضی ضم الوجدان الی الاصل، قتلت مؤمنا و انت تلتفت الی انه مؤمن بمقتضی الاستصحاب، و هكذا في البقاء علی الجنابة الاستصحابية، و اما في المقام تريد ان تثبت باستصحاب بقاء النوم عنوان التعمد نفسه و هذا هو منشأ عدول السيد الخوئي في بحث الاستدلالي عن كون استصحاب بقاء النوم مثبتا لعنوان التعمد.

و لكن الظاهر ان الاشكال في محله يعني المراد من التعمد هو ارتكاب شيء بلاعذر فلو قامت الحجة علی وجود انسان تحت اللحاف فرميت رصاصا اليه فقتلته مع انك تشك في وجود انسان تحت اللحاف، لعله قبل ساعة خرج من البيت، ألايصدق انك تعمدت قتل مؤمن؟ التعمد شنو معناه؟ التعمد يعني ارتكاب فعل بلاعذر، ارتكاب شيء مع الالتفات و بلاعذر، الالتفات الی الحجة علی انك لاتوفّق للاغتسال، استصحاب بقاء النوم أو فقل استصحاب عدم الاغتسال الی طلوع الفجر حجة علی ترك الاغتسال فانت نمت مع قيام الحجة علی انك سوف لاتغتسل.

جواب سؤال: الاستصحاب هنا وارد فان التعمد ليس بمعنی العالم العامد بل عرفا بمعنی ارتكاب شيء مع الالتفات الی عنوانه و قيام الحجة علی ذلك العنوان، هذا هو التعمد. ... انت الان تجد ماءا و لكنك تحتمل ان هذا الماء يتلف أو تعلم بانه يتلف و لكنك تحتمل بانه سيوجد ماء آخر قبل طلوع الفجر و يمكنك الاغتسال به، مقتضی قاعده الاشتغال وجوب الاغتسال عليك، لان الاغتسال علی من كان جنبا واجب علی من يريد ان يصوم في شهر رمضان فانت حينما تترك الغسل بذلك الماء مع انه خلاف قاعدة الاشتغال و خلاف استصحاب عدم الاغتسال اذا لم‌تغتسل بهذا الماء، فما هو معنی تعمد البقاء علی الجنابة غير هذا الشيء؟ انك بقيت علی الجنابة مع قيام الحجة علی انك تبقی علی الجنابة. و ان شككتم في معنی التعمد فيمكنكم الرجوع الی الاطلاقات التي قال اذا نام و لم‌يغتسل حتی طلع الفجر يقضي صومه.

و لاجل ذلك نحن ايضا نحتاط وجوبا كما يحتاط السيد السيستاني في ان من لم‌يكن واثقا بالانتباه لاينام أو يستخدم الساعة المنبهة، أو يوظّف شخصا يقعّد من النوم حتی يغتسل.

انا احب ان اذكر من يؤيد هذا القول حتی لاتستوحشوا من قلة القائلين بهذا القول لاتستوحشوا من قلة اهله، المحقق النائيني يقول: اذا احتمل انه يستيقظ و اعتاده علی الاحوط، السيد الگلپايگاني نفس الشيء. يقول في المسألة 55 و اما ان احتمل الاستيقاظ جاز له النوم، المحقق النائيني: و اعتاده علی الاحوط،‌السيد الگلپايگاني و اعتاده أو اطمئن به اما مع عدم الاعتياد و الاطمئنان فالاحوط انه كالعلم بعدم الاستيقاظ حتی النوم الاول.

مسألة 56: نوم الجنب مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به اذا اتفق استمراره الی طلوع الفجر علی اقسام

مسألة 56: نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به اذا اتفق استمراره الی طلوع الفجر علی اقسام، القسم الاول ان يكون مع العزم علی ترك الغسل، القسم الثاني ان يكون مع التردد في الغسل،‌ ينام و يعلم بانه يستيقظ مثلا لكنه متردد اذا استيقظتُ هل اغتسلت أو لا؟ القسم الثالث ان يكون مع الذهول و الغفلة عن الغسل، ينام غافلا عن غسله، القسم الرابع ان يكون مع البناء علی الاغتسال حين الاستيقاظ لكنه اتفق استمرار نومه الی ان طلع الفجر فصار اربعة‌ اقسام.

اما القسم الاول ان يكون مع العزم علی ترك الغسل يقول صاحب العروة ان كان مع العزم علی ترك الغسل لحقه حكم تعمد البقاء جنبا. واضح، ينام و هو عازم علی ترك الغسل كما يشاهد في الفجرة و الفسقة، هذا من مصاديق البقاء علی الجنابة متعمدا.

[صاحب العروة:] فان كان مع العزم علی ترك الغسل (هذا هو الفرض الاول) أو مع التردد فيه لحقه حكم تعمد البقاء جنبا. يقول صاحب العروة حتی لو نام و هو متردد في اني هل اغتسل اذا قمت من النوم قبل طلوع الفجر أو لااغتسل، يقول صاحب العروة هذا ايضا من البقاء علی الجنابة متعمدا.

السيد الخوئي قال: هذا هو الصحيح. لماذا؟ لان من لاينوي الاغتسال قبل طلوع الفجر مع كون الاغتسال من الجنابة قبل طلوع الفجر واجبا في الصوم و تركه عمدا مفطرا للصوم فمن يتردد في انه هل يجتنب عن هذا المفطر ام لا فيعني انه ليس ناويا للصوم. الذي يكون ناويا للصوم يعني ناوي للاجتناب عن المفطرات و منه البقاء علی الجنابة متعمدا، هذا الذي يقول انا لو استيقظت من النوم قبل طلوع الفجر ما ادري اغتسل أو ما اغتسل، هذا ليس ناويا للاجتناب عن المفطرات، و هو يعلم بكونه مفطرا. اذا لايعلم بكونه مفطرا يدخل فيمن ارتكب المفطر و هو جاهل بمفطريته، أو لم‌ينوي الاجتناب عن المفطر و هو جاهل بكونه مفطرا،‌ يتمشی منه قصد الصوم حسب مبنی الصحيح، و لكن من يعلم بكون البقاء علی الجنابة متعمدا مفطر للصوم مع ذلك يقول ما ادري متردد هل اجتنب عن هذا المفطر ام لا، و هو يعلم بكونه مفطرا هذا لايجتمع مع نية الصوم.

السيد السيستاني طبعا هنا يحتاط وجوبا لانه يری ان البقاء علی الجنابة قد لايكون مفطرا حقيقيا و لاجل ذلك هو في المتردد احتاط وجوبا.

هذا هو القسم الثاني. و الكلام في بقية الاقسام الی الليلة القادمة. من ساعة سبعة ان‌شاءالله نبدأ.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo