< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن اشتراط صحة صوم المستحاضة بالاغسال النهارية

 

كان الكلام في انه لو طهرت المرأة الحائض من حيضها فلم‌تغتسل هل يبطل صومها في شهر رمضان؟

قلنا بان الظاهر ان صومها يبطل اذا كانت متعمدة لرواية‌ ابي‌بصير و سندها صحيح و ان كان الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب ينقلها عن كتاب ابن فضال و سند الشيخ الطوسي الی كتب ابن فضال كما ذكره في مشيخة التهذيب و في الفهرست احمد بن عبدون عن علی بن محمد بن الزبير عن علی بن الحسن بن فضال.

ذكر السيد السيستاني ان الشيخ الطوسي في الجزء‌ الاول في التهذيب ذكر طريقه الآخر قال اخبرنا جماعة عن احمد بن محمد بن سعيد ابي‌العباس ابن عقدة عن ابن فضال، ‌و احمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة هو الذي روی جميع كتب ابن فضال لمحمد بن جعفر، و محمد بن جعفر رواها للشيخ النجاشي، فيحصل الوثوق بان الشيخ الطوسي من طريق ابن عقدة كان له طريق الی جميع كتب ابن فضال.

لكن نحن ذكرنا انه لو حصل الوثوق بذلك فلا كلام لنا فيه لكن اذا كان الملحوظ ان تصل النسخ الی الشيخ الطوسي فلعل الجماعة الذين رووا عن ابن عقدة كتب ابن فضال للشيخ الطوسي نقلوا له نسخا من بعض كتبه ككتاب الحيض و النفاس و كتاب الوضوء، و لعلهم لم‌ينقلوا له نسخة من كتاب الصوم لابن فضال. و الذي يشهد به الشيخ الطوسي ان احمد بن عبدون اخبره بجميع كتب ابن فضال عن طريق احمد بن علی بن زبير، فيوجد احتمال وجداني ان كتاب الصوم لم‌يصل الی الشيخ الطوسي بنسخة يرويها جماعة كالشيخ المفيد و هارون بن موسی‌ عن ابن عقدة عن ابن فضال، ‌هذا محتمل. و ان كان النجاشي وصل اليه جميع تلك الكتب بهذا الطريق. لعله ذاك الوقت ما كان كتاب الصوم موجودا عند هؤلاء الجماعة، هذا محتمل. الا ان يقول شخص هذا الاحتمال ليس عقلائيا، و لكنه بحاجة الی شاهد و دليل، فقد ذكر الشيخ الطوسي هناك في الفهرست طرقا الی كتب شخص و استثنی منها كتابا معينا، قال الا كتاب بصائر الدرجات مثلا. المهم ان الرواية صحيحة سندا بنظرنا و لانتكلم عن ذلك اكثر مما ذكرنا.

قضاء صوم رمضان للحائض

ثم بعد ذلك وصل الكلام الی قضاء صوم رمضان. فصاحب العروة احتاط استحبابا في انه اذا ارادت الحائض التي طهرت من الحيض قضاء صوم رمضان تغتسل. السيد السيستاني قال هذا هو الاحوط وجوبا. و لكن السيد الخوئي وافق صاحب العروة في فتواه بعدم الوجوب،‌ بدعوی انه لا دليل علی تبعية القضاء للاداء الا في طبيعي الصوم، اما اذا كان هناك خصوصية لزمان الاداء لاجل تلك الخصوصية وجب الاغتسال من الحيض لايمكننا ان نقول بوجوب ذلك في القضاء ايضا.

الانصاف ان هناك ظهورا عرفيا في الامر بالقضاء في مسانخة القضاء مع الاداء. ان احتمل ان خصوصية وجوب الاغتسال من الحيض خصوصية رمضانية نعم هذه الخصوصية خصوصية شهر رمضان لايمكننا الغاء الخصوصية عنها الی قضاء صوم رمضان،‌ لكن الظاهر ان هذه الخصوصية خصوصية الصوم الواجب في رمضان. هذا الصوم مشروط بعدم البقاء علی الحيض،‌ هذا هو الظاهر. و لاجل ذلك لا اقل من ان يكون الاحوط وجوبا في قضاء صوم رمضان ان تغتسل المرأة التي طهرت من الحيض من حيضها ثم تقضي الصوم.

نعم لانقول بذلك في الصوم المندوب أو صوم واجب آخر كصوم الكفارة. و ان كان بعضهم ذكر ذلك بدعوی ان الظاهر من الامر بالصوم المندوب بعد ما امر الناس بالصوم الواجب ان يكون الصوم المندوب شبيها بالصوم الواجب. ‌و هذا ما ذكره السيد الزنجاني في المقام. لكن الانصاف انه لا دليل علی هذه المشابهة. نعم اذا كان المرتكز في ذهن المتشرعة ان الصوم بطبيعته مشروط بالاغتسال من الحيض فالامر بالصوم المندوب ينصرف الی الصوم الواجد لهذا الشرط، و لكن انّی لنا باثبات ذلك، بل لايبعد استظهار عدم ذلك.

نعم لو وصلت النوبة الی الشك في الظهور و اجرينا الاصل العملي فيدخل البحث في جريان اصل البراءة عن شرطية شيء في المستحبات و لنا فيه مناقشة انه في المستحبات هل يمكن اجراء البراءة عن شرطية شيء في المستحب أو جزئية شيء‌ فيه ام لا؟‌ لكن الظاهر انه لاتصل النوبة‌ الی الشك بل الظاهر من اطلاق الامر بالصوم و ان تصوموا خير لكم انه مطلق بلحاظ هذا الشرط.

ثم بعد ذلك ذكر صاحب العروة و اما لو طهرت قبل الفجر في زمان لايسع الغسل و لا التيمم أو لم‌تعلم بطهرها في الليل حتی دخل النهار فصومها صحيح واجبا أو ندبا علی الاقوی.

وجهه واضح لان الموضوع في الرواية التواني، و التواني لايصدق علی هذه المرأة التي طهرت في زمان لايمكنها أو يصعب عليها الاغتسال أو التيمم بدل الغسل.

مسألة 49: البحث عن اشتراط صحة صوم المستحاضة بالاغسال النهارية

مسألة 49: يشترط في صحة صوم المستحاضة علی الاحوط الاغسال النهارية‌ التي للصلاة دون ما لايكون لها فلو استحاضت قبل الاتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة أو الكثيرة فتركت الصوم بطل صومها اي علی الاحوط و اما لو استحاضت بعد الاتيان بصلاة الفجر أو الاتيان بالظهرين فتركت الغسل الی الغروب لم‌يبطل صومها و لايشترط فيها الاتيان بالاغسال الليلة المستقبلة‌ و ان كان احوط و كذا لايعتبر فيها الاتيان بغسل الليلة الماضية بمعنی انه لو تركت الغسل للعشائين لم‌يبطل صومها في اليوم الذي بعده نعم يجب عليها الغسل حينئذ لصلاة الفجر فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة.

ما هو الدليل علی شرطية الاغسال النهارية في صحة صوم المستحاضة؟

البحث عن متن صحیحة ابن مهزیار حيث نقل فيها ان فاطمة سلام الله علیها أمرت بالغسل

الدليل علی ذلك منحصر بصحيحة ابن مهزيار. هذه الصحيحة‌ لا اشكال في سندها، الاشكال كل الاشكال في متنها. و لاجل ذلك السيد السيستاني حيث لايقبل متن هذه الصحيحة افتی بانه لايشترط في صوم المستحاضة اتيانها بالاغسال التي تجب لاجل الصلاة. اقرأ هذه الصحيحة: الكافي، ابو علی الاشعري عن محمد بن عبدالجبار عن علی بن مهزيار قال كتبت اليه عليه السلام امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في اول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كله من غير ان تعمل ما تعمل المستحاضه من الغسل لكل صلاتين فهل يجوز صومها و صلاتها ام لا؟ فكتب عليه السلام تقضي صومها و لاتقضي صلاتها ان رسول الله صلي الله عليه و آله كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نساءه بذلك.

الصدوق في الفقيه و العلل حذف اسم فاطمة سلام الله عليها و ان الظاهر انه ينقل عن الكافي، هكذا ذكر في الفقيه: كان يأمر المؤمنات من نساءه بذلك، لانه رأی انه لايمكن ان يأمر النبي فاطمة سلام الله عليها بالاغتسال في ايام الاستحاضة،‌ فاطمة لم‌تكن تری‌ حمرة قط. في طبعة النجف ادرجوا لفظ فاطمة في كتاب الفقيه، هذا خطأ، كل نسخ الفقيه خالية عن هذا الاسم و هكذا علل الشرائع لان الصدوق رحمه الله كان يجتهد في نقل الروايات، يحذف ما لايری انه موافق لمذهبه، فرأی انه كيف يمكن ان يأمر النبي فاطمة سلام الله عليها من الاغتسال من دم الاستحاضة مع ان فاطمة لم‌تكن تری‌ الدم ابدا.

و لكن الكافي ينقل هكذا و الشيخ الطوسي في التهذيب ينقل كذلك: كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نساءه بذلك، فلايصح ان نقول لم‌تكن هذه اللفظة موجودة في الرواية، الصدوق حذفها و لكنها موجودة في الرواية.

اجابوا عنه لانه اولا: لعل المراد من فاطمة فاطمة بنت ابي‌حُبيش، هذه المرأة المسكينة كانت مبتلاة برؤية الدم في جميع ايامها، و جائت الی النبي و سألت النبي عن وظيفتها،‌ القضية معروفة موجودة في كتاب الحيض، فاطمة ابي‌حبيش، فلعل المراد من فاطمة فاطمة ابي‌حبيش. لاتقولون ليش مكتوب صلوات الله عليها؟ لا،‌ هذا اضافة من النساخ. كاتبين مثلا فلان مات في زمان ابي‌جعفر، فالناسخ الذي يستنسخ الكتاب شاف ان ابوجعفر يعني الامام الباقر عليه السلام، ميصير ما يكتب عليه السلام، فكتب مات في زمان ابي‌جعفر عليه السلام،‌ بينما ان المراد منه ابوجعفر الدوانيقي، مو ابوجعفر الباقر عليه السلام. هذا الخطأ يصدر من النساخ، كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نساءه بذلك.

هذا اولا. و ثانيا: قد يقال بان النبي كان يأمر فاطمة حتی تعلّم فاطمة سلام الله عليها سائر النساء بهذا الحكم، هذا و قد يكون خلاف الظاهر لكن لايمكن طرح هذه الرواية لاجل انه خلاف الظاهر، بقرينة سائر الروايات نجمع بين هذه الروايات و سائر الروايات.

المهم هو الاشكال الثاني علی هذه الرواية،‌ الرواية تقول تقضي صومها و لاتقضي صلاتها. اشلون يصير؟ المستحاضة التي تركت اغسال الصلاة و صلّت لاتقضي صلاتها و لكن تقضي صومها؟!

السيد الخوئي قال: عوفوا هذه الاشكالات، لاتقضي صلاتها خطأ، من وين صار هذا الخطأ؟ مو معلوم، لكن لايكون هذا مبررا لان لانعمل بقوله تقضي صومها. تقضي صومها واضح، صومها باطل، اما لاتقضي صلاتها خطأ، ليش نترك العمل بالجملة الاولی من الرواية لاجل خطأ الجملة‌ الثانية؟ ميصير. التفكيك في رواية واحدة امر معهود بين الفقهاء. رواية تشتمل علی جملتين الجملة‌ الثانية مشتملة علی الخطأ الواضح، يتركوها و يعملون بالجملة‌ الاولی.

هذا الجواب انصافا مو تام، هذا الخطأ يوجب الاضطراب في متن الرواية فلعل تقضي صومها مرتبط بامر آخر، لعله في هذه الرواية وقع تقطيع، سئل الامام عن قضاء الصلاة و الصوم في ايام الحيض و سئل عن حكم مستحاضة لم‌تغتسل غسل الاستحاضة، فلعل هذا الجواب مرتبط بسؤال سابق لم‌يذكر في هذه الرواية، تقضي صومها الذي فات منها اثناء الحيض و لاتقضي صلاتها. ما دُمنا نحتمل وقوع سقط في الرواية و هذا السقط اوجب الاضطراب في الرواية كيف ندعي ان بناء العقلاء‌ علی العمل بالجملة‌ الاولی تقضي صومها و لايعملون بالجملة الثانية؟

هناك اجوبة اخری ننقلها، فهذا الجواب الاول المعروف في الكلمات لم‌يتم عندنا.

الجواب الثاني: ما نقل عن الشيخ الطوسي انه تقضي صومها و لاتقضي صلاتها، لان وجوب غسل الاستحاضة وجوب ذُكري، في حال العلم يجب، اما المرأة التي تجهل بوجوب غسل الاستحاضة صلاتها صحيحة، نعم نلتزم، هكذا نقل عن الشيخ الطوسي.

و هذا غريب لانكم في ترك الغسل للصلاة تقولون هذا في مورد الجاهلة، فلابد ان يكون قضاء الصوم ايضا في مورد الجاهلة لوحدة السياق،‌ فاشلون التي تجهل بوجوب غسل المستحاضة لاجل صحة الصوم، صومها باطل و لكن صلاتها صحيحة؟ هذا غريب جدا.

جواب آخر: نقل عن السبط،‌ صاحب المعالم،‌ اشلون فكّر الاعلام لحل هذه المشكلة،‌ قال: من المحتمل ان تكون الرواية: تقضي صومها ولاءا (هذا هو الجواب عن قضاء الصوم) تقضي صلاته. فالمستنسخون اشتبهوا، ما فكّروا ان هذا ولاءا، هكذا كتبوا: تقضي صومها و لاتقضي صلاتها، لا، تقضي صومها ولاءا، هذا هو الجواب عن السؤال الاول، تقضي صلاتها، كتب الامام ذيل التوقيع تقضي صومها ولاءا تقضي صلاتها، فالمستنسخون اشتبهوا.

هذا رجم غيب، يعني مع كمال الاحترام لهؤلاء الاعلام رجم غيب. اشمدريكم كلامكم كان.

آخر جواب اذكرها هذه الليلة الجواب الذي ذكره السيد الخميني قدس سره في كتاب الطهارة: قال: حرف "لا" اضيف في الكتابة تقضي صومها و تقضي صلاتها لكن حيث كان المستنسخ معهودا في ذهنه احكام الحائض، ان الحائض تقضي صومها و لاتقضي صلاتها،‌ فقام يكتب،‌ غير يكتب تقضي صومها و صلاتها، انتقل ذهنه الی احكام الحائض فكتب تقضي صومها و لاتقضي صلاتها، اشتبه.

بعد ما يمكن ان نقول هذا رجم بالغيب، فنعوف و ننتقل الی بقية‌ الاجوبة في ليلة أخری.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo