< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المفطر الثامن: البقاء علی حدث الحيض و النفاس

 

بقيت نكتة مما طرحناه امس حول مسألة النوم بعد الجنابة حيث قسّم السيد الخوئي روايات الباب الی ثلاث طوائف و طبّق عليها نظرية انقلاب النسبة، هذا بحث مهم رأيت ان الغمض عنه و عدم استمرار البحث فيه قبل ان نتكلم حول عدم اغتسال الحائض التي طهرت من حيضها، شفت ان هذا البحث مو مناسب يهمل فانه مشتمل علی ابحاث مهمة.

السيد الخوئي قال هنا ثلاث طوائف: الطائفة الاولی ما دل علی عدم بطلان الصوم بالنوم بعد العلم بالجنابة. و عدّ منها صحيحة ابن رئاب: الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان فينام و لايغتسل حتی يصبح قال لا بأس، و صحيحة ابن ابي‌نصر البزنطي عن ابي‌سعيد القماط عمن اجنب في شهر رمضان في اول الليل فنام حتی اصبح قال لا شيء عليه و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال. فدلت هاتان الروايتان علی ان النوم بعد العلم بالجنابة لايبطل الصوم و ان استمر الی اذان الصبح.

البحث عن اثبات وثاقة ابي‌سعيد القماط

ههنا دخل السيد الخوئي في بحث رجالي نحن مستغن عنه لاننا نقول البزنطي هو الراوي عن ابي‌سعيد القماط فهذا يكشف عن وثاقته لما قال الشيخ الطوسي في كتاب العدة من ان البزنطي و صفوان و ابن ابي‌عمير لايروون و لا يرسلون الا عن ثقة. و هذا مبنی السيد السيستاني و هو الصحيح. لكن السيد الخوئي لايعترف بذلك. المشكلة حينئذ ان اباسعيد القماط مردد بين خالد و صالح، خالد وثّقه النجاشي، و صالح لم‌يوثق.

صاحب الحدائق قال هذا هو خالد لانه كنّي بابي‌سعيد و ليس ابوسعيد الا خالد. و هذا غريب من صاحب الحدائق؛ يا ليت راجع رجال النجاشي و رجال الشيخ الطوسي و رجال ابن داود، كما ان خالد بن سعيد يكنی بابي‌سعيد القماط، كما في رجال النجاشي كذلك صالح بن سعيد. ففي رجال النجاشي صالح بن سعيد ابوسعيد القماط و في رجال الشيخ صالح بن سعيد ابوسعيد القماط و في رجال ابن داود صالح بن سعيد ابوسعيد القماط.

لكن كما ذكر السيد الخوئي ان هذه الكنية تنصرف الی خالد الذي وثّقه النجاشي. و يدل علی ذلك ما في الكافي الجزء 1 صفحة 70: عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن اسماعيل بن مهران عن ابي‌سعيد القماط و صالح بن سعيد عن ابان بن تغلب عن ابي‌جعفر عليه السلام. و اما ما ذكره السيد الخوئي من انه موجود في تفسير القمي فنحن لانری نظرية التوثيق العام لرجال تفسير القمي كما بيناه مرارا.

هذه هي الطائفة الاولی الدالة علی عدم بطلان الصوم بالنوم المستمر الی اذان الفجر بعد العلم بالجنابة. الطائفة الثانية ما دل علی البطلان مطلقا، و الطائفة الثالثة ما دل علی البطلان في فرض العمد.

السيد الخوئي قال: نطبّق علی هذا البحث نظرية انقلاب النسبة. الطائفة الثالثة‌ دلت علی بطلان الصوم بالبقاء علی النوم عمدا الی ان يصبح، و هذه الطائفة تقيّد الطائفة الاولی الدالة علی عدم البطلان، فالطائفة الاولی تصير اخص مطلقا من الطائفة الثانية لانها خصّصت بفرض عدم العمد. بعد ما اخرجنا فرض العمد من الطائفة الاولی صارت الطائفة الاولی مختصة بغير المتعمد، غير المتعمد لا بأس بصومه. فنخصّص الطائفة الثانية بالطائفة الاولی بعد ما خصّصنا الطائفة الاولی بالطائفة الثالثة. و هذا هو المسمی بانقلاب النسبة.

الجمع بين روايات الباب عن طريق الاخذ بشاهد الجمع

نحن اشرنا امس الی ان هناك طائفة رابعة طائفة تفصّل بين النوم الاول و النوم الثاني كصحيحة معاوية بن عمار: قلت لابي‌عبدالله عليه السلام الرجل يجنب في اول الليل ثم ينام حتی يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شيء قلت فانه استيقظ ثم نام حتی اصبح قال فليقض ذلك اليوم. فصّلت هذه الصحيحة بين النوم الاول و النوم الثاني و ليس منشأ هذا التفصيل عرفا الا انه في النوم الاول يكون معذورا فلايشمل من نام و هو قاصد متعمد ان يستمر نومه و لايغتسل الی ان يطلع الفجر. فهذه الصحيحة تدل علی ان النوم من غير تعمد و لو اصبح جنبا لايبطل الصوم. فصار هناك اربع طوائف: الطائفة الثالثة ما دلت علی ان المتعمد اذا بقي علی الجنابة نائما الی ان طلع الفجر يبطل صومه، و الطائفة الرابعة تدل علی العكس، ‌ان غير المتعمد في النوم الاول اذا بقي علی الجنابة الی ان طلع الفجر لايبطل صومه. و هذا يسمی بشاهد الجمع. شاهد الجمع إما رواية واحدة لها مفهوم و منطوق أو روايتان: رواية تخصص الطائفة الاولی و رواية تخصص الطائفة الثانية.

الجمع للروايات (لبعض المعاصرين) من التفصيل بین الاحتلام و بین الإجناب العمدي

رأيت في كلمات بعض المعاصرين انه قال و هو كان ملتفتا الی انه في البين توجد اربع طوائف، قال:‌ الصحيح ان نفصّل بين الاحتلام و بين الإجناب العمدي. يقول: ما دل علی عدم بطلان الصوم في النوم الاول بعد الجنابة (يعني اجنب ثم نام في النوم الاول لايبطل صومه) مختص بالإجناب العمدي. هذا الذي جامع اهله هو يتعب فيريد يستريح ينام، مي‌خالف، نومه الاول ما يضر بصومه، اما انه يستيقظ من النوم ثم ينام مرة اخری، لا، ميصير. اما الذي احتلم في النوم هذا خب مو تعبان، قعد من النوم شاف روحه جنبا، اذا نام حتی في النوم الاول و بقي نائما الی ان طلع الفجر يبطل صومه. ما هو المنشأ لهذا التفصيل؟ يقول: هذا ليس تفصيلا لم‌يقل به احد. الشيخ التبريزي رحمه الله كان يقول يتباحث معي المرحوم السيد جواد التبريزي (ببالي السید جواد الطباطبائی التبریزی) حول عدم اجزاء فتوی الفقيه فهو يتعجب قال هذا مما لم‌يقل به أُحُد!!. يقول [فی المقام:] هذا التفصيل لاتستشكلوا علیّ بانه لم‌يقل به أُحُد!!، لا، قال به بعض المتاخرين. شنو منشأ هذا التفصيل؟

يقول الظاهر من الطائفة الاولی الدالة علی عدم بطلان الصوم هو فرض الإجناب العمدي، صحيحة ابن رئاب: سئل ابوعبدالله عليه السلام و انا حاضر الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان فينام و لايغتسل حتی يصبح قال لا بأس يغتسل و يصلي و يصوم. و كذا موثقة ابن‌بكير و رواية ابي‌سعيد القماط. فاذن هذه الطائفة مختصة بالذي جامع اهله فنام، النوم الاول فيه لايبطل الصوم. و ظاهره انه ملوّن. اما الطائفة التي دلت علی بطلان الصوم فظاهرها فرض الاحتلام كموثقة سماعة: قال سألته عن رجل اصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها، هذا يعني احتلم، و الا فهل معقولة ان شخصا جامع اهله يقولون نام و قد علم بانه جامع اهله؟ هذا يعني انه احتلم فقعد من النوم علم بانه احتلم و لكنه نام بعد ذلك. النوم بعد الاستيقاظ من نوم الاحتلام،‌ هذا هو النوم الاول بعد. النوم بعد الاستيقاظ من نوم الاحتلام هو النوم الاول للاحتلام. هنا الامام قال عليه ان يتم صومه و يقضي صوما آخر. بعد ما استيقظ من النوم شاف روحه انه محتلم ما راح يغتسل، نام مرة ثانية. و نحوها صحيحة محمد بن مسلم عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قال ان استيقظ قبل ان يطلع الفجر فان انتظر ماء يسخّن أو يستقی فطلع الفجر فلايقضي صومه.

ان قلت: ينافي هذا التفصيل صحيحة العيص انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل ان يغتسل قال لا بأس. علی كلامكم علی تفصيلكم المحتلم اذا قام من النوم فنام مرة اخری و لم‌يستيقظ الی ان طلع الفجر فصومه باطل فاشلون اهنانه الامام يقول لا بأس. فيقول في الجواب هذ ناظر الی ان النوم بما هو نوم قبل الاغتسال ليس محرما، لم‌يفرض فيه انه لم‌يستيقظ الی ان طلع الفجر. و هذا كلام صحيح، تعرضنا اليه سابقا.

و يقال مرة‌ اخری: هذا التفصيل ينافي صحيحة ابن ابي‌يعفور: الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتی يصبح قال يتم يومه و يقضي يوما آخر. فيقال بان هذه الرواية‌ تخالف هذا التفصيل. يقول في الجواب: رواية ابن ابي‌يعفور مضطربة المتن لان الصدوق نقلها بشكل آخر، الصدوق هكذا نقل: قلت له الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتی يصبح قال يتم يومه و يقضي يوما آخر فان لم‌يستيقظ حتی يصبح اتم صومه. الفرق بين نقل الصدوق و نقل الشيخ الطوسي في ان نقل الشيخ الطوسي ليس فيه بعض هذه الجملة، في نقل الشيخ الطوسي الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتی يصبح، ‌لكن في نقل الصدوق بعد ما قال ثم ينام يقول ثم يستيقظ ثم ينام حتی يصبح. فهذه الرواية مضطربة المتن و لا اعتبار بها.

فاذن يقول: مقتضی ما ذكرناه هو التفصيل بين الاحتلام فانه لو احتلم ثم استيقظ من النوم و نام بعد ذلك و لم‌يستيقظ الی ان طلع الفجر بطل صومه، و من جامع اهله ثم نام في النوم الاول و لم‌يستيقظ الی ان طلع الفجر صح صومه.

انا الان لست بصدد الاشكال في ذلك، انا اقول مي‌خالف،‌ هذا التفصيل بين الاحتلام و الإجناب العمدي ممكن و لابد ان نتعرض اليه في بحث النوم الاول، لكن انا اقول: نحن ذكرنا ان الطائفة الرابعة كصحيحة معاوية بن عمار ظاهرها ان منشأ التفصيل بين النوم الاول و النوم الثاني انه في النوم الاول لايكون الشخص متعمدا، و الا ما هو الفرق بين النوم الاول و النوم الثاني. ففي النوم الاول حيث حكم بصحة الصوم يعني النوم الاول الذي ليس متعمدا،‌ فاذن يتجه التفصيل بين المتعمد و غير المتعمد بلاحاجة الی نظرية انقلاب النسبة. اما ان هذا التفصيل بين الاحتلام و بين الإجناب العمدي هل هو صحيح ام لا سنتعرّض اليه في الابحاث القادمة.

تتمة البحث عن المرأة التي لم‌تغتسل من الحيض

نرجع الی بحثنا حول الحائض التي طهرت من الحيض و لم‌تغتسل الی ان اصبحت فارادت ان تصوم صوم رمضان فقد ورد في رواية ابن فضال عن ابي‌بصير انها ان توانت فعليها ان تقضي ذلك الصوم، ان توانت أي ان تساهلت.

المشهور قبل العلامة الحلي كما نقل العلامة الحلي لم‌يتعرضوا لهذا الحكم عدا ابن ابي‌عقيل و الحلبي، و ان كان الشيخ الطوسي في كتاب النهاية صحفة 27 اشار الی ان من طهرت من الحيض تغتسل و تقضي صومها و لاتقضي صلاتها، و لكنه في بحث الصوم لم‌يذكر ان الحائض التي طهرت من الحيض يكون تغتسل. و لكن المشهور بين المتأخرين هو لزوم الاغتسال عليها قبل اذن الفجر.

السيد الخوئي كانّه رأی ان الاشكال السندي الذي ذكر في كلمات الاعلام في هذه الرواية منحصر بضعف إسناد الشيخ الطوسي الی كتاب ابن فضال. و لكنه ليس كذلك،‌ فان بعضهم اشكل في ابي‌بصير فقال ابوبصير مردد بين يحيي بن القاسم و ليث المرادي، و بعضهم يشكك في وثاقة‌ يحيي بن القاسم و يری انه هو الذي مهّد الارضية للواقفة. و قد كتب بعض الفضلاء كتابا حول ابي‌بصير و ان يحيي بن القاسم اوثق و اعدل من ليث المرادي، و انه برئ من هذه التهم.

تطبيق السيد الخوئي لنظرية تعويض السند علی المقام، و النقاش فیه

انا بس اشير الی مطلب أحوّل البحث الی ليلة القادمة: السيد الخوئي بالنسبة الی طريق الشيخ الی ابن فضال هنا ذكر نظرية تعويض السند بشكل إما نقول ناقص في كلامه أو ناقص في تقرير البحث عنه. عادة يقولون السهو من المقرر. اشلون؟‌ هنا السيد الخوئي طرح المطلب بشكل اوجب هجمة السيد الزنجاني عليه فقال: احمد بن عبدون ذكر طريقا ضعيفا لشيخ الطوسي و ذكر طريقا صحيحا للنجاشي، و حيث لانحتمل ان النسخة التي اعطاها احمد بن عبدون للنجاشي تختلف عن النسخة التي اعطاها احمد بن عبدون للشيخ الطوسي فنطبّق ذلك الطريق الصحيح للنجاشي علی رواية الشيخ الطوسي و ان كانت بسند ضعيف. السيد الخوئي في ببالي في كتاب النكاح عدّل بيانه لانه بهذا المقدار يعترض عليه يقال احمد بن عبدون سواء للشيخ الطوسي أو للنجاشي ذكر طريقا واحدا و هو ان كتب ابن فضال رواها احمد بن عبدون عن علی بن محمد الزبير عن ابن فضال، و علی بن محمد الزبير ضعيف، فطريق النجاشي ليس صحيحا بواسطة احمد بن عبدون.

السيد الخوئي ببالي في بحث النكاح يقول: للنجاشي طريقان: طريق ضعيف و هو نفس طريق الشيخ الطوسي: احمد بن عبدون عن علی بن محمد الزبير عن ابن فضال، و طريق آخر هو صحيح: و اخبرنا محمد بن جعفر في آخرين عن فلان عن ابن عقدة عن ابن فضال. السيد الخوئي هكذا يقول،‌ يقول: لايحتمل ان احمد بن عبدون روی للنجاشي بذاك الطريق الضعيف نسخة تختلف عن نسخة رواها للشيخ الطوسي. فالنسخة واحدة و ظاهر قول النجاشي و اخبرنا محمد بن جعفر في آخرين عن فلان عن ابن فضال الی كتبه ان الطريق الثاني الی نفس الكتب التي رواها احمد بن عبدون بسنده الضعيف حتی لايستشكل علی السيد الخوئي باحتمال تعدد النسخة و ان الطريق الثاني الی نسخة غير نسخة الشخ الطوسي و هذه الرواية لعلها كانت موجودة في نسخة الشيخ الطوسي. اشگد لطيف.

اكثر شيء يمكننا ان نستشكل علی السيد الخوئي اولا نقول: حتی لو كان السند في كتب الفهرست كفهرست الشيخ الطوسي و فهرست النجاشي الی النسخ،‌ من اين انتم جازمين بانه كان هناك نسخة واحدة؟ يقول السيد الزنجاني لعل احمد بن عبدون في زمان لم‌يكن لديه نسخة اعطاها أو اقرأها لشيخ الطوسي، و في زمان آخر كان لديه نسخة صحيحة اعطاها للنجاشي. هذا هو الاشكال الاول، من اين انتم تجزمون بعدم تعدد النسخة؟ احمد بن عبدون بسند ضعيف لكن لما كان ينقل للشيخ الطوسي اعطاه نسخة غير النسخة التي اعطی الی النجاشي. هذا محتمل، من اين انتم جزتم بعدم تعدد النسخ.

و الاشكال الثاني ما ذكرناه من انه اصلا ما كان هناك نسخة يعطيها الاستاذ لتلميذه الا ما احيانا يقال قرأت عليه، سماعا، قراءةً، و احيانا يقول اجازةً. و هناك قرائن كثيرة علی ان الشيخ الطوسي في الفهرست ليس له طريق الی النسخ و انما له طريق الی عناوين الكتب بل له طريق تيمني و تبركي الی كل ما رواه ذاك الراوي اما ان هذه رواية ذاك الراوي، هذا تطبيق مو قبِل الشيخ الطوسي، هذا الكتاب كتاب ذاك الراوي تطبيق من قبل الشيخ الطوسي. و نذكر في الليلة القادمة القرائت علی ذلك حتی نشوف هل هناك مخرج آخر لتصحيح ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب عن كتب ابن فضال لانها روايات كثيرة،‌ اذا كنتم مثل السيد القمي رحمه الله كل ما تشوفون الشيخ في التهذيب باسناد ابن فضال تقولون اسناده ضعيف. بعدُ ما يبقی حديث تسلم من اشكالكم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo