< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المفطر الثامن: البقاء علی الجنابة

 

تتمة البحث عن البقاء علی الجنابة عمدا في قضاء صوم رمضان

كان الكلام في قضاء صوم شهر رمضان حيث ذكر المشهور و منهم صاحب العروة انه في قضاء شهر رمضان لايجوز البقاء علی الجنابة متعمدا فالبقاء علی الجنابة متعمدا مانع عن صحة صوم القضاء. بل ذكروا ان البقاء علی الجنابة و لو من غير تعمد مانع عن صحة صوم القضاء، يعني من اجنب في الليل و لم‌يستيقظ الی ان طلع الفجر، في شهر رمضان يصح صومه و لكن في قضاء صوم شهر رمضان لايجوز له ان يقضي الصوم مع حالة الجنابة المتبقية من الليل.

السيد السيستاني قال: لا، المانع عن صحة صوم القضاء البقاء علی الجنابة متعمدا. صاحب العروة قال: ‌و اما الاصباح جنبا من غير تعمد فلايوجب البطلان الا في قضاء شهر رمضان، السيد السيستاني قال بل الاقوي عدم البطلان فيه ايضا. فاذن رأي المشهور ان البقاء علی الجنابة سواء كان عن تعمد أو لا عن تعمد مانع عن صحة صوم القضاء.

نحن اولا نتكلم عن فرض التعمد ثم نتكلم عن فرض عدم التعمد.

تطبيق قاعدة الاشتراك بين الاداء و القضاء و الندب في الخصوصيات في المقام

لم‌يكن هناك ايّ اشكال في ان البقاء علی الجنابة متعمدا مانع عن صحة صوم القضاء لوجود روايات متعددة و لكن يقال لاحاجة الی هذه الروايات بل نفس الامر بالقضاء ظاهر في ان يكون القضاء بنفس الكيفية التي يؤتی بها في الاداء بل اسّسوا قاعدة‌ و قالوا حتی في صوم المندوب لو لم‌يكن لدينا دليل علی ان البقاء علی الجنابة متعمدا لايمنع من صحة صوم المندوب فمقتضی ظهور الخطاب ان الامر الندبي تعلق بنفس الصوم الذي عرف بتعلق الوجوب به في شهر رمضان، ذاك الصوم بتلك الكيفية التي وجب في شهر رمضان كتب عليكم الصيام، شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن، من شهد منكم الشهر، ذاك الصوم الذي عرّف و حدّد بحدود، نفس ذاك الصوم الماموربه في الامر الندبي في بقية‌ الايام. و هكذا في الصلاة المندوبة ظاهر الامر بالصلاة المندوبة ان كيفيتها نفس كيفية الصلاه الواجبة، فلو ان زيادة الركن في الصلاة الواجبة مبطلة‌ لها فمقتضی القاعدة ان يكون ظاهر دليل الامر بصلاة النافلة مشروطا بعدم زيادة ركن في صلاة النافلة. نعم لو دل دليل خاص علی الفرق بينهما فيكون هو المتبع، و هنا ايضا دل الدليل الخاص بنظر المشهور المتاخرين في الفرق بين الصوم المندوب و الصوم الواجب و الا لو لم‌يكن لدينا هذا الدليل لكنا نقول بان الصوم المندوب يعتبر فيه كل ما يعتبر في الصوم الواجب.

عندنا ملاحظتان علی هذه القاعدة:

الملاحظة الاولی

الملاحظة الاولی انه قد يكون في الصوم الادائي نكتة لاتأتي في الصوم القضائي، نكتة احترام شهر رمضان. مو معلوم ان البقاء علی الجنابة متعمدا في صوم شهر رمضان أخذ عدمه في ماهية الصوم الواجب في شهر رمضان و حدا من حدوده، لا، لعل ذلك من حالات الاداء لا من حالات ماهية الصوم. حالة اداء الصوم في شهر رمضان ان يراعی فيها آداب شهر رمضان فالصائم لايبقی علی الجنابة متعمدا الی ان يصبح، هذا محتمل. ففي الصلاة لماذا تقولون المرأة تقضي صلاة الرجل بكيفية صلاة المرأة،‌ تلبس العباءة تصلي صلاة الصبح من دون ان تجهر بالقراءة، ليش ما تقولون لها تضع العباءة عن رأسها تلبس العقال و تجهر بالقراءة؟ ليش؟ لان هذا من حالات المصلي‌و ليس دخيلا في ماهية الصلاة. فكل ما استظهرنا من الدليل انه دخيل في ماهية الصوم مثلا في المقام عرفا و صار حدا من حدود الصوم هنا قد يقال بان القضاء تابع للاداء، فلابد في صوم القضاء من رعاية ذلك الشرط،‌ اما اذا احتمل احتمالا عرفيا انه من آداب شهر رمضان لمن ‌يصوم فيه فهنا نحتمل خصوصية في صوم الاداء، فكيف نقول بان ظاهر صوم القضاء رعاية تلك الحالة؟ و لو شككنا في ذلك تصل النوبة الی الاصل العملي و هو البراءة عن مانعية البقاء علی الجنابة ‌متعمدا في قضاء صوم رمضان.

الملاحظة الثانية

الملاحظة الثانية: ليس واضحا انه في الصوم المندوب الذي ليس المأخوذ في خطاب القضاء ان يكون ظاهر الامر بالصوم المندوب كون صوم المندوب مشتملا علی كل شرائط صحة الصوم الواجب. من اين هذا؟ هل غير ان يكون مرتكز المتشرعي يعرفون الصوم به فحينما يقول الشارع يستحب صوم ايام البيض فينصرف الی هذا الصوم الذي يصومه الناس في شهر رمضان؟ اما اذا لا، لم‌يتشكل المرتكز المتشرعي من هذا القبيل فيشكل دعوی انصراف الامر بالصوم المندوب الی الصوم المشتمل علی جميع شرائط صوم الواجب، لعله من الاول العرف المتشرعي صار مرتكزه اشتراط صوم الواجب بشرائطها الخاصة كما في الصلاة،‌ المرتكز المتشرعي ان الصلاة الواجبة لابد ان تشتمل علی سورة بعد قراءة سورة الحمد، اما حينما يقال صل صلاة الليل فهل ينصرف الامر بصلاة الليل الی صلاة مشتملة علی السورة بحيث نحتاج في عدم وجوب السورة الی دليل خاص و الا كان مقتضی الاطلاق الاولي وجوب السورة حتی في الصلاة الليل؟‌ هذا مو واضح.

البقاء علی الجنابة من غیر تعمد في قضاء صوم رمضان

و كيف كان فالبقاء علی الجنابة ‌متعمدا في قضاء الصوم مانع عن صحة الصوم لوجود روايات خاصة فيه. و اما البقاء علی الجنابة من غير تعمد هل يمنع من صحة الصوم القضاء ام لا؟‌ المشهور قالوا يمنع، السيد السيستاني قال الاقوی انه لايمنع.

المشهور استدلوا بروايات خاصة. لانه صار الفرع اشد من الاصل، صوم الاداء في شهر رمضان ليس مشروطا بان لايبقی علی الجنابة من غير تعمد، يبقی علی الجنابة‌ من غير تعمد، صوم الاداء في شهر رمضان يكون صحيحا، فاشلون صوم القضاء ما يكون صحيحا؟ صار القضاء اشد و اصعب من الاداء، هذا يحتاج الی دليل خاصع فالمشهور قالوا بان نفس تلك الروايات التي دلت علی عدم صحة صوم القضاء مع البقاء علی الجنابة متعمدا باطلاقها دلت علی عدم صحة صوم القضاء مع البقاء علی الجنابة من غير تعمد.

نقرأ تلك الروايات:

صحيحة ابن سنان: الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من اول الليل و لايغتسل حتی يجيء آخر الليل و هو يری ان الفجر قد طلع قال لايصوم ذلك اليوم و يصوم غيره. يقال بان هذا يشمل غير المتعمد، يجنب في اول الليل و لايغتسل الی ان يطلع الفجر، كان متعمد أو غير متعمد هو مطلق.

و هكذا صحيحته الثانية كتب ابي الی ابي‌عبدالله عليه السلام و كان يقضي شهر رمضان و قال اني اصبحت بالغسل و اصابتني جنابة فلم اغتسل حتی طلع الفجر فاجابه عليه السلام لاتصم هذا اليوم و صم غدا.

و هكذا موثقة سماعة: سألته عن رجل اصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم‌يستيقظ حتی ادركه الفجر فقال عليه ان يتم صومه و يقضي يوما آخر [فَقُلْتُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الرَّجُلِ وَ هُوَ يَقْضِي رَمَضَانَ قَالَ فَلْيَأْكُلْ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَ لْيَقْضِ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِهُ رَمَضَانَ شَيْ‌ءٌ مِنَ الشُّهُورِ]. ‌هذه الرواية الاخيرة لااشكال في اطلاقها لمن علم بانه اجنب و نام بعد ذلك أو نسي و لم‌يستيقظ حتی طلع الفجر. هذا مطلق، سواء كان بانيا علی ان يغتسل أو لم‌يكن بانيا. مع انه في النوم الاول اذا كان بانيا علی ان يستيقظ من النوم قبل اذان الفجر و يغتسل لو لم‌يستيقظ كان صومه في شهر رمضان صحيحا لكن صومه قضاءا لايكون صحيحا لإطلاق هذه الموثقة. و اما اذا لم‌يعلم بانه اصابته جنابة،‌ احتلم بالليل،‌ نوی صوم القضاء و نام، احتلم بالليل،‌ اذان الفجر قام من النوم شاف روحه انه يحتاج الی غسل الجنابة، هذه الموثقة لاتشمل هذا الفرض.

كما ان منصرف صحيحة ابن سنان غير هذا الفرض، الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من اول الليل و لايغتسل، ظاهره ان مقتضی الغسل تحقق بالنسبة اليه.‌ متی يتحقق مقتضی الغسل؟ ان يلتفت الی انه اجنب، اما اذا احتلم في النوم و لم‌يستيقظ الا بعد اذان الفجر ينصرف عنه بيان انه اجنب في اول الليل و لم‌يغتسل حتی اصبح، فعليه ينبغي التفصيل بين البقاء علی الجنابة و لو من غير تعمد مع العلم بالجنابة فان الظاهر ان اطلاق هذه الروايات يشمل هذا الفرض فيكون صوم القضاء باطلا حينئذ بخلاف ما اذا لم‌يعلم بجنابته الی ان طلع الفجر.

اذن لابد ان نلحظ لماذا السيد السيستاني لم‌يقبل بطلان صوم القضاء مع البقاء علی الجنابة من غير تعمد كما لو علم بجنابته فنام، كان بناءه ان يقوم من النوم يروح يغتسل و لكنه ما قعد من النوم الی ان طلع الفجر، اطلاق هذه الروايات ألايشمل هذا الفرض؟ فلماذا سماحة السيد دام ظله لم‌يقبل بطلان صوم قضاء هذا الشخص؟ تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة.

و لكن التفتوا الی نكتة:

كل ما يصحح السيد السيتاني صوم القضاء خلافا للمشهور لايجوز لمن كان اجيرا في الصوم القضاء ان يكتفي به. السيد السيستاني ما يقبل، [يجب ان] يكون يصوم صوما متعارفا.‌ فاذا يری المشهور ان هذا الصوم القضائي مو صحيح فلايجوز لمقلدي السيد السيستاني ايضا ان يكتفي به في صوم القضاء عن غيره اذا استؤجر عليه.

مثلا السيد السيستاني في صوم المستحاضة يقول ابد ما يشترط فيه الاغسال الليلية و لا النهارية، المستحاضة و لو لم‌تغتسل غسل واحد، اصلا ما صلت، مستحاضة لاتصلي و لكن تصوم،‌ لان السيد السيستاني يقول صوم المستحاضة الكثيرة فضلا عن المتوسطة من دو غسل صحيح، لكن هذه المستحاضة لو صامت بدون غسل و كانت اجيرة علی صوم القضاء عن شخص آخر لايجتزأ بصومها. و قد صرح السيد السيستاني في ذلك.

و لكن تاملوا في نكتة عدم فتوی السيد السيستاني ببطلان صوم القضاء مع البقاء علی الجنابة من غير تعمد مع ان الظاهر وجود اطلاق في هذه الروايات لفرض العلم بالجنابة في الليل ثم ينام أو يسهو أو لايتمكن من الاغتسال، لايبعد اطلاق هذه الروايات فلماذا السيد السيستاني لم‌يفت بهذا الاطلاق، ‌تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo