< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المفطر الثامن: البقاء علی الجنابة

 

کلام السيد الخوئي فيمن اخّر الغسل الی ان ضاق الوقت فتيمم في ضيق الوقت

كان الكلام في من وجب عليه غسل الجنابة في شهر رمضان قبل طلوع الفجر فأخّر الغسل عمدا الی ان ضاق الوقت فيتيمم هل تيممه مجزئ و لو كان عاصيا في تاخير الغسل ام لا. فالمشهور انه مجزئ.

السيد الخوئي في فتاواه التي رأيناها قبِل كلام المشهور لكنه في البحث الاستدلالي انكر ذلك و قال مقتضی الصناعة ان التيمم مع تأخير الغسل الی ان ضيق الوقت لايكفي في صحة الصوم. طبعا هو يقبل ان من كان فاقدا للماء أو كان مريضا يمكنه ان يجنب نفسه و يتيمم و يكون صوما صحيحا، انما يستشكل فيمن كان متمكنا من الاغتسال و لكنه أخّر الغسل الی ان ضاق الوقت أو أجنب نفسه متعمدا في ضيق الوقت بحيث لايتمكن من الاغتسال.

ففي الجزء 21 من الموسوعة صفحة 199 يقول: بعد الفراغ عن مشروعية التيمم للصوم فهل يختص بمن كان فاقدا أو عاجزا عن الغسل بطبعه أو يعم من اجنب نفسه عمدا في وقت لايسع الغسل أو من أخّر الغسل عامدا الی ان ضاق الوقت فهل يسوّغ التيمم عندئذ و يكون مشروعا في حقه أو لا؟ الظاهر عدم المشروعية لقصور المقتضي فان المستفاد من قوله تعالی فلم تجدوا ماءا بحسب الفهم العرفي عدم الوجدان بالطبع لا ان يجعل الانسان نفسه غير واجد بان يريق الماء أو يجنب نفسه كما في المقام.

نعم في خصوص باب الصلاة التزمنا بمشروعية التيمم و لو أخّر الغسل أو الوضوء الی ان ضاق الوقت فانجبر ان يتيمم لاننا هناك استفدنا من صحيحة زرارة ان الصلاة لاتترك بحال. و قلنا بان هذا الذي أخّر الغسل الی ان ضاق الوقت لاتسقط عنه الصلاة، و لا صلاة الا بطهور، فنستكشف ان التيمم جعل طهورا في حقه. و اما في باب الصوم فلم‌يرد مثل هذا الدليل. و قد عرفت ان دليل المشروعية ايضا قاصر الشمول لامثال المقام في حد نفسه لان قوله فلم تجدوا ماء لايشمل من عجّز نفسه. اذن فكما انه عاص في تعجيز نفسه كذلك لايصح صومه ايضا لكونه من مصاديق البقاء علی الجنابة عامدا.

و الحاصل: انه لايمكن ان يستفاد من الادلة قيام التيمم مقام الغسل في موارد التعجيز الاختياري عن تحصيل الطهارة المائية الا اذا قام عليه دليل بالخصوص و قد قام في باب الصلاة، و لم‌يقم في باب الصوم، فاذن فصحته مع التيمم في غاية الاشكال. فلاجل ذلك احتطنا في المسألة يعني فيمن اجنب نفسه متعمدا في ضيق الوقت عن الاغتسال أو أخّر الغسل الی ان ضاق الوقت فاراد ان يتيمم لاجل ذلك احتطنا في المسألة بان يتيمم و يصوم احتياطا و يقضي يوما مكانه. [انتهی کلامه قدس سره]

ليش ما قال: و يحتاط باداء الكفارة، يتيمم و يصوم احتياطا و يقضي يوما مكانه. مقتضی الصناعة ان يقول و يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا احتياطا.

نعم، السيد الخوئي في الموسوعة صفحة‌ 215 قال: لو كان فاقدا للماء بطبعه إما تكوينا أو تشريعا كالمريض فيصح منه التيمم لاجل الصوم و لايكون عاصيا بإجناب نفسه. كرّر هذا المطلب هناك. و هناك في هذا البحث الذي طرحه في صفحة 215 بيّن هذا المطلب و هو اننا لماذا نقول بانه يتيمم؟ لان التيمم رافع لحدث الجنابة و المرتكز ان المانع عن صحة الصوم هو البقاء علی حدث الجنابة فيما اذا كان مريضا أو فاقدا للماء، لا من كان واجدا للماء و انما اجنب نفسه في وقت يضيق عن الاغتسال قبل طلوع الفجر أو أخّر الاغتسال الی ان ضاق الوقت، ‌في بحث الاستدلالي يقول: اهنانه ما اقول بان التيمم مجزئ، ابد.

سيدنا! ما تقول زين، ليش ما اوردته في تعليقتك علی العروة و لا في المنهاج؟ خليت تلميذك الشيخ الوحيد يعلق و يغير فتواك في المنهاج.

و نحن كان كلامنا في من أخّر الغسل الی ان ضاق الوقت عمدا لا المريض الذي لايتمكن من الاغتسال فأجنب نفسه. فهناك نقبل كلام السيد الخوئي بتوضيح نذكره. يعني ما ذكره السيد الخوئي في بحثه الاستدلالي قوي جدا من التفصيل بين فاقد الماء أو المريض فيمكنه ان يجنب نفسه و ان كان يعلم بانه لايتمكن من الاغتسال، لماذا؟ لانه كما استظهر التيمم يقوم مقام الغسل في هذا المجال، لا لاجل ما ذكره من ان المانع عن صحة الصوم ليس هو نفس الجنابة و انما هو حدث الجنابة و التيمم المشروع يرفع حدث الجنابة فالمتيمم بتيمم مشروع جنبٌ متطهر.

النقاش في عدم كون التيمم المشروع رافعا لنفس الجنابة

انا اشوف ان هذا يشتمل علی تهافت عرفي. العرف لايتحمل ان نقول هذا جنب متطهر، و ان كان لا تهافت بينهما عقلا. لو فسرنا الجنب بمن تحقق منه الجماع أو الاحتلام و لم‌يغتسل، هذا هو الجنب، هذا ينطبق علی المتيمم، لكن انا اقول يشتمل قولنا الجنب المتطهر علی تهافت عرفي. و ما ورد في بعض الروايات عن جنب أمّ قوما بتيمم لايظهر منه انه بعد التيمم جنب، هو جنب يعني مع قطع النظر عن التيمم. فالتيمم حسب المرتكز المتشرعي رافع للجنابة موقتة مادام لم‌يصب ماء، مادام لم‌يبرء من مرضه، هذا مو جنب. المريض الذي يحتاج الی ان يتيمم بدل الغسل يزور الامام عليه السلام، يدخل المسجد، هل يعتبر روحه انه جنب و لكن المانع من دخول الحرم أو المسجد الابتلاء بحدث الجنابة أو لا، يقول انا متيمم مو جنب. هذا هو المرتكز المتشرعي و لا دليل علی خلافه.

فنحن نقول: بعد التيمم المشروع هذا ليس جنبا بحسب المرتكز المتشرعي فلو كان التيمم مشروعا لايصدق انه باق علی الجنابة متعمدا. و لكن لو غمضنا العين عن ذلك نقبل كلام السيد الخوئي بان المرتكز العرفي المتشرعي بمناسبات الحكم و الموضوع يقتضي ان نقول هذا المريض الذي تيمم بدل الغسل يجوز له ان يصوم، و لايحرم علی المريض ان يجامع اهله في شهر رمضان لانه لو كان المانع عن صحة الصوم هو الجنابة التي لاترتفع بالتيمم فلابد ان نقول المريض الذي لايتمكن من الغسل أو الانسان الذي لايجد الماء مادام لايقع في حرج لايجوز له ان يجامع اهله، هذا خلاف السيرة المتشرعية و الارتكاز المتشرعي. فاذن في التيمم المشروع اذا دل دليل علی ان التيمم مشروع كما في المريض أو فاقد الماء حلت المشكلة.‌ نقول:‌ لو قام دليل علی ان التيمم مشروع كما في المريض أو فاقد الماء اهنانه التيمم مشروع بلااشكال،‌ لم‌تجدوا ماء فتيمموا، فاولا نقول: التيمم المشروع حسب المرتكز المشروع رافع لنفس الجنابة. ‌و ثانيا: لو لم‌يرفع نفس الجنابة فحسب الارتكاز المتشرعي التيمم رافع للمانع‌ فيكون المانع هو حدث الجنابة.

طبعا هناك فرع آخر، حتی السيد السيستاني في ذاك الفرع الآخر خالف المشهور، الميت اذا لم‌يغسّل بل يمّم،‌ المشهور يقولون: يصير طاهرا و من مسه لايجب عليه غسل مس الميت. السيد الخوئي، السيد السيستاني و غيرهما من جمع من الاعلام قالوا: لا، هذا الميت يبقی نجسا. الله يرحم السيد الخوئي! لم‌يرحم حتی الشهداء، قال: الشهيد يبقی نجسا و يجب غسل مس الميت بمسه. السيد السيستاني اهنانه ما يقبل، اما الميت الذي يمموه لانه لايمكن تغسيله، السيد الخوئي السيد السيستاني و غيرهما قالوا بان هذا الميت لم‌يغسّل و الرافع للنجاسة و لوجوب غسل مس الميت هو الاغتسال، ما لم‌يغسّل ان اصبت جسد الميت برطوبة يتنجس جسدك. هناك ايضا قد يقال بان الظاهر الاغتسال لا خصوصية له و انما يرتفع به حدث ذاك الحدث اذا ارتفع يرتفع بالتيمم بدل الاغتسال و ذاك الحدث اذا ارتفع يصير الميت طاهرا و لايجب غسل مس الميت بمسه.

مو مهم، نرجع الی البحث. فنقول اذا ثبت كون التيمم مشروعا المشكلة محلولة بنظرنا، ليش؟ لاننا نقول اولا: التيمم المشروع بحسب المرتكز المتشرعي رافع لحدث الجنابة، العرف ما يتحمل ان نخاطب آيةالله الفلاني (ما يقدر يغتسل،‌ مريض، يتمم يجيء للحضرة) ايها الجنب المتطهر سلام عليكم. يا ابه شنو الجنب المتطهر؟ بحسب المرتكز المتشرعي ميصير. فالتيمم يوجب الطهارة و يرفع الجنابة مادام العذر باقيا.

و ثانيا: لو فرض تمامية كلام السيد الخوئي من ان التيمم لايرفع الجنابة نفسها و انما يرفع الحدث المترتب علی الجنابة فنقول حسب الارتكاز المتشرعي و ادلة قيام التيمم مقام الغسل في جميع آثاره ان التيمم المشروع يرفع مانعية الجنابة عن صحة الصوم، و هذا يعني ان حدث الجنابة كان مانعا و التيمم رفعه.

النقاش في مشروعیة المطلقة للتيمم

اما اذا لم‌يكن هناك دليل علی مشروعية التيمم و انما هذا المكلف أجنب نفسه في ضيق الوقت أو أخّر الغسل الی ان ضاق الوقت، انصافا اشكال السيد الخوئي قوي. ليش؟ نحن نقول: ما هو الدليل علی كون هذا التيمم مشروعا؟ قلنا بان هناك ابحاث اربعة، عرفنا ان التيمم اذا كان مشروعا تنحل كل المشاكل، كالمريض الفاقد للماء تيممه مشروع و كل المشاكل تنحل بالنسبة اليه يمكنه ان يجنب نفسه في ليلة‌ رمضان و يتيمم لان تيممه مشروع و تنحل المشكلة عنه نهائيا، و لكن ما هو الدليل علی مشروعية التيمم لمن أخّر الغسل الی ان ضاق الوقت عمدا أو اجنب متعمدا في ضيق الوقت عن الاغتسال. تقولون: التيمم احد الطهورين، هذا مطلق، أو تقولون: ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا. ما عندكم غير هذا، عندكم شيء آخر؟ جيبوه، ما عندكم شيء آخر. إما ما دل علی ان التيمم احد الطهورين أو ما دل علی ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا.

نقول: اما ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا، لايدل علی انه متی يطهر و بايّ شرط يطهر. مثل ما ورد جعلت لي الارض مسجدا و طهورا، اما ان الارض اشلون تطهر، هل تطهر اي شيء؟ ما تطهر كل شيء. ان الله جعل التراب طهورا، مي‌خالف اما اشلون يطهر؟ اشوقت يطهر؟ في اي حدود تكون مطهرية التراب؟ مو معلوم. كما ان قوله كما جعل الماء طهورا، لايدل علی ان الماء طهورا مطهر من الخبث في كل شيء؟ اشتريت اللبن من السوق أو الحليب، فتنجس، تفتح ماء الحنفية عليه تريد تطهره؟ ميصير، ما يطهر.

اما قوله: التيمم احد الطهورين، اقرأ هذه الرواية، شوفوا! رجل تيمم فدخل في الصلاة فلما ركع اصاب ماءا الامام قال لايعيد صلاته فان التيمم احد الطهورين. هل له اطلاق؟ يا ابه! هذا الذي تيمم و المفروض انه تيمم تيمما مشروعا يقول الامام دخل في الصلاة بتيمم مشروع و التيمم المشروع احد الطهورين، ليش يبطّل صلاته، لا، يستمر في صلاته. اما هل له اطلاق في اثبات مشروعية مطلق التيمم في ايّ مجال؟ من وين؟ من وين؟

فاذن ما عندنا دليل علی مشروعية هذا التيمم قبل اذان الفجر لمن أخّر غسله من الجنابة الی ان ضاق الوقت أو اجنب في وقت يضيق الوقت عن الاغتسال. فالاحوط وجوبا من فعل ذلك ان يصوم و يقضي صومه و يدفع كفارة. روحوا ترحموا علی السيد الخوئي! اولا في فتواه عدل و ما افتی بمثل المشهور بان التيمم مجزئ، و ثانيا في بحثه الاستدلالي ما طرح قضية الكفارة.

هذا هو البحث المهم في المقام. و ان‌شاءالله في ليلة الاحد نتكلم عن البقاء علی الجنابة متعمدا في قضاء صوم رمضان أو في الصوم المندوب أو الصوم الواجب غير اداء صوم رمضان أو قضاءه. و نبدأ من ساعة سبعة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo