< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المفطر الثامن: البقاء علی الجنابة

 

عدم مفطرية البقاء علی الجنابة عن جهل قصوري بالحكم

كان كلامنا امس حول ان البقاء علی الجنابة عن جهل قصوري بالحكم هل يوجب بطلان الصوم ام لا؟

فنقلنا عن السيد السيستاني دام ظله انه يری انه ليس مفطرا للصوم باي معنی فسرنا مفطريته سواء قلنا بمفطريته الحقيقي للصوم أو قلنا بمفطريته العقوبتية للصوم اي وجوب قضاء عقوبتي للصوم.

نحن نريد ان ندافع عن هذا التفصيل استنادا الی صحيحة معاوية بن عمار: قال قلت لابي‌عبدالله عليه السلام الرجل يجنب في اول الليل ثم ينام حتی يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شيء قلت فانه استيقظ ثم نام حتی اصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة.

ظاهر التعبير بالعقوبة انها علة لهذا الحكم، و العلة تخصص كما انها تعمم، فوجوب القضاء يدور مدار العقوبة، و الجاهل القاصر ينصرف عنه العقوبة. هذا المسكين حاول يتعلم، المرشد نقل المسألة له بشكل غير صحيح، هذا المسكين جاهل قاصر بعد، كيف نقول له اقض ذلك اليوم الذي بقيت علی الجنابة لانك لم‌تكن متمكنا علی الاغتسال فقال لك المرشد التيمم واجب لانه لايرفع الجنابة، فهذا المسكين لم‌يتيمم اعتمادا علی المرشد نقول يجب عليك القضاء عقوبة؟ شنو معنی العقوبة؟ فاذن نحن نلتزم بالتفصيل بين الجاهل القاصر و المقصر اعتمادا علی هذه الصحيحة.

اذا اخّر الغسل الی ان ضاق الوقت فتيمم في ضيق الوقت

ثم بعد ذلك طرحنا مسألة مذكورة هذه المسألة في المسألة 51، لكن احببت ان اذكر هذه المسألة هنا حتی نستعرض الروايات التي قرأناها اخيرا فنری هل تلك الروايات تدل علی حكم هذه المسألة و هي ان من ضاق عليه الوقت من الاغتسال بنحو لايتمكن الا من التيمم فاجنب نفسه، الوقت ضيق لايتمكن من الاغتسال يكون يتيمم، أو اخّر الغسل عمدا الی ان ضاق الوقت فجبر ان يتيمم، هل هذا التيمم يجزيه و يكون مصححا لصومه ام لا؟

كلام السيد الخوئي، و الملاحظة فيه

السيد الخوئي قال و ان كان المشهور قالوا بان هذا الصوم صحيح يجب علی هذا الشخص ان يتيمم و لو تيمم يصح صومه لكن نقل عن بعض الفقهاء انه منع من ذلك قال صومه لايكون صحيحا لخلو الروايات عن التيمم لاجل الصوم، ما عندنا رواية انه في ضيق الوقت عن الاغتسال قبل طلوع الفجر من شهر رمضان يتيمم و يصوم.

ثم ذكر السيد الخوئي الظاهر انه لابد من ان نبحث هل المانع عن صحة الصوم الجنابة أو حدث الجنابة؟ و نبحث ثانيا ان التيمم رافع للجنابة أو مبيح للصلاة؟ يعني اولا نبحث ان المانع عن صحة الصوم هو البقاء علی نفس الجنابة أو البقاء علی حدث الجنابة؟ فان قلنا بان المانع حدث الجنابة نلتزم بان التيمم يرفع حدث الجنابة، و ان قلنا بان المانع نفس الجنابة، حينئذ يكون دور البحث الثاني و هو ان نری ان التيمم يرفع نفس الجنابة رفعا موقتا مادام لم‌يصب الماء أو لا، ان الجنابة باقية و انما حدث الجنابة يرتفع بالتيمم. فحينئذ بعد ان اخترنا ان نفس الجنابة مانع عن صحة الصوم و اخترنا ان التيمم لايرفع الجنابة و انما يرفع الحدث فاذن يتم هذا الاشكال: من ترك الاغتسال الی ان ضاق الوقت بتيممه لايتمكن من رفع الجنابة نفسها و انما يرفع حدث الجنابة و هذا لايفيد شيئا بالنسبة الی الصوم.

ثم قال: انا اعتقد ان التيمم لايرفع الجنابة بالنسبة الی هذا البحث الثاني: ان التيمم هل يرفع نفس الجنابة رفعا موقتا أو يرفع حدث الجنابة، انا اقول: يرفع حدث الجنابة و لا يرفع نفس الجنابة. الجنب من تحقق فيه سبب الجنابة و لم‌يغتسل،‌ هذا هو الجنب. و لاجل ذلك في بعض الروايات يقول: عن جنب امّ قوما بتيمم، جنب يعني جامع أو احتلم و لم‌يغتسل، مع ذلك امّ قوما بتيمم. فاذن بالنسبة الی البحث الثاني يقول السيد الخوئي انا التزم بان التيمم لايرفع الجنابة رفعا موقتا بل يرفع الحدث الناشئ عن الجنابة. فهذا المتيمم جنب متطهر. لاتستوحشوا! جنب يعني شنو؟ يعني جامع أو احتلم و لم‌يغتسل،‌ جنبٌ متطهر بالتيمم.

فيقول السيد الخوئي: ينحصر اذن بحثنا في البحث الاول و هو ان نری ان المانع عن صحة الصوم البقاء علی حدث الجنابة أو البقاء علی نفس الجنابة؟ اذا كان المانع هو البقاء علی نفس الجنابة فالتيمم لايرفع نفس الجنابة، ‌و ان كان المانع البقاء علی حدث الجنابة فالتيمم يرفع حدث الجنابة.

ثم قال: مقتضی الجمود عل ظواهر النصوص ان المانع من صحة الصوم البقاء علی نفس الجنابة لعلاقة المفطرية في كثير من الروايات بذات الجنابة لا بحدث الجنابة.

و لكن نرفع اليد عن هذا الظهور الاولي و نحمل الروايات علی ان المانع هو حدث الجنابة لاجل المناسبة للحكم و الموضوع و المرتكز المتشرعي و البناء المتشرعي علی قيام التيمم مقام الغسل في كل مورد عجز المكلف عن الغسل الواجب. توسل السيد الخوئي الی ادلة غير مرئية، مناسبة الحكم و الموضوع، ارتكاز المتشرعة. و هو قبل ذلك يدافع عن الاشكال يقول لا، ‌ظاهر الروايات ان المانع من صحة الصوم البقاء علی نفس الجنابة.

انا اقول: هذان البحثيان لايكفيان في المقام بل لابد من بحثين آخرين: احدهما ان نری ان هذه الروايات هل يوجد لها اطلاق لمن تيمم في ضيق الوقت؟ فقد يقال بان منصرف هذه الروايات من لم‌يغتسل و لم‌يتيمم، اما من لم‌يغتسل و لكنه تيمم في آخر الوقت فهذه الروايات تنصرف عنه. فاذن البحث الاول زائدا علی البحثين الذين ذكرهما السيد الخوئي ان نری ان هذه الروايات لها اطلاق لمن تيمم في ضيق الوقت؟ ان لم‌يكن لها اطلاق نتمسك باصل البراءة أو نتمسك باطلاقات الصوم لنفي مفطرية البقاء علی الجنابة في فرض التيمم في ضيق الوقت.

و البحث الآخر: السيد الخوئي افترض ان هذا التيمم في ضيق الوقت رافع الحدث الجنابة، جعله امرا مفروغا عنه، و انما قال ان كان المانع لصحة الصوم البقاء علی حدث الجنابة فهذا التيمم يرفع حدث الجنابة و ان كان المانع البقاء علی نفس الجنابة فالتيمم لايرفع نفس الجنابة. يا سيدنا! من الذي يقول هذا التيمم لواجد الماء و الذي سوف يغتسل لصلاة الصبح و انما ضيق الوقت جبره ان يتيمم قبل طلوع الفجر، من الذي يقول هذا التيمم مشروع و رافع للحدث؟ من الذي يقول؟ غير ان تجيبون الاطلاق في دليل مشروعية التيمم؟ يا سيدنا! انتم في بحث الصلاة قلتم باننا نثبت مشروعية التيمم في حق من اخّر الصلاة الی ان ضاق الوقت فلم يتمكن من الاغتسال أو لم‌يتمكن من الوضوء، نثبت مشروعية التيمم بما دل علی ان الصلاة لاتسقط بحال، هل اهنانة اك دليل ان الصوم لايسقط بحال؟

جواب سؤال: اطلاق الدليل يقول الجنابة سبب لحدث الجنابة و الا فعلی كلامكم يمكن اتيان كل ما يشك في كونه رافعا للحدث، اطلاق دليل الجنابة يقتضي ان نقول بان الجنابة سبب لحدث الجنابة مطلقا الا ما خرج بالدليل، و الخارج بالدليل هو الاغتسال الرافع لموضوع الجنابة و التيمم المشروع الرافع لحكم الجنابة و هو حدث الجنابة، و لانحتاج الی استصحاب بقاء حدث الجنابة حتی تقول هو استصحاب في الشبهات الحكمية و السيد الخوئي لايری ذلك.

فاذن احتجنا الی بحوث اربعة. مو بحثين، بحوث اربعة: الاول ان نری ان المانع نفس الجنابة أو حدث الجنابة. البحث الثاني ان نری ان التيمم المشروع رافع لنفس الجنابة موقتا أو رافع لحدث الجنابة حتی تكون نتيجة هذين البحثين ان من قال بان المانع هو نفس الجنابة و قال بان التيمم لايرفع نفس الجنابة فلانتيجة للتيمم حينئذ. و البحث الثالث ان نری ان الروايات الدالة علی مفطرية البقاء علی الجنابة من دون اغتسال هل لها اطلاق لفرض التيمم في ضيق الوقت أو ليس لها اطلاق، اذا لم‌يكن لها اطلاق ليش نتعب ارواحنا؟ ما اك اطلاق في تلك الروايات، خلاص بعد. و البحث الرابع ان نری انه لو كان لتلك الروايات اطلاق و لو قلنا بان التيمم رافع لنفس الجنابة أو ان المانع هو حدث الجنابة و التيمم لو كان رافعا لحدث الجنابة يكفي لكن ما هو الدليل علی ان هذا التيمم لواجد الماء و انما ضاق عليه الوقت من الاغتسال قبل طلوع الفجر، ما هو الدليل علی ان هذا التيمم مشروع في حقه؟

البحث في الروايات

فاول شيء يلزمنا نقرأ الروايات، الروايات التي قرأناها سابقا اقرأ جملة منها، صحيحة معاوية بن عمار: الرجل يجنب في اول الليل ثم ينام حتی يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شيء قلت فانه استيقظ ثم نام حتی اصبح، لم‌يفرض فيه انه تيمم، قلت فانه استيقظ ثم نام حتی اصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة.

الرواية الثانية صحيحة ابن ابي‌يعفور قلت لابي‌عبدالله عليه السلام الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتی يصبح قال يتم يومه و يقضي يوما آخر و ان لم‌يستيقظ حتی يصبح اتم يومه و جاز له. فصّل بين النوم الاول و النوم الثاني، و النوم الثاني نوم الی ان يصبح، يعني لم‌يتيمم.

الرواية الثالثة صحيحة محمد بن مسلم: قال سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل ان يغتسل قال يتم صومه و يقضي ذلك اليوم، صومه باطل، الا ان يستيقظ قبل ان يطلع الفجر فان انتظر ماء يسخّن أو يستقی فطلع الفجر فلايقضي يوما. بالعكس، هذه الصحيحة تقول استيقظ قبل طلوع الفجر، انتظر ماء يسخّن، ميصير يغتسل بماء بارد، يتمرض، انتظر ماء يسخّن أو يستقی فطلع الفجر، فلايقضي يومه، هذا استيقظ و لم‌ينم نوم الثاني، اراد ان يغتسل انتظر ماء يسخّن أو يستقی طلع الفجر الامام لم‌يقل له اذا خفت طلوع الفجر لاتنظر الماء يسخّن أو يستقی تيمم رأسا، الامام لم‌يقل له ذلك. و المفروض انه لم‌يتيمم. فهذه الرواية مضافا الی انها فرض فيها عدم تيمم هذا الشخص نقول بل لم‌يأمر الامام فيها بالتيمم اذا خاف فوت الوقت.

الرواية الرابعة صحيحة ابن ابي‌نصر: سألته عن رجل اصاب من اهله في شهر رمضان أو اصابته جنابة ثم ينام حتی يصبح متعمدا قال يتم ذلك اليوم و عليه قضاءه.

الظاهر الاولي لهذه الصحيحة ايضا ان هذا الشخص لم‌يتيمم. رجل اصاب من اهله أو اصابته جنابة ثم ينام حتی يصبح، ينام يعني نومه يستمر الی ان يصبح، لايقول ثم لايغتسل حتی يصبح، اذا قال و لايغتسل حتی يصبح يشمل من تيمم في ضيق الوقت، لكنه قال ينام حتی يصبح يعني فرض فيه انه لم‌يتيمم قبل طلوع الفجر.

و هكذا موثقة سماعة يقول نام و قد علم بجنابته و لم‌يستيقظ حتی يدركه الفجر، اشلون انه قعد من النوم و قبل اذان الفجر تيمم؟ هذا خلاف مفروض الرواية.

و هكذا صحيحة الحلبي: رجل احتلم اول الليل أو اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتی اصبح. نام متعمدا حتی اصبح.

بقيت رواية و هي معتبرة ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله عليه السلام: في رجل اجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتی اصبح قال يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا و قال انه حقيق علی ان لااراه يدركه ابدا.

فالدليل علی ان من ترك الغسل متعمدا حتی اصبح يبطل صومه منحصر بمعتبرة ابي‌بصير و هذه المعتبرة تشمل من تيمم في ضيق الوقت. لكنها لاتشمل من اجنب نفسه في ضيق الوقت فاحتاج الی التيمم لانه يقول اجنب ثم ترك الغسل متعمدا، اما من اجنب نفسه في ضيق الوقت ماكو مجال، طلب من زوجته شيء غير مناسب، يا ابه ماكو مجال، يقول اك مجال للتيمم، هذه الرواية لاتشمل هذا الفرض لانه لم‌يترك الغسل متعمدا بعد ان اجنب و انما ترك الغسل لانه ما كان مجالا للغسل فتيمم و لكن بالنسبة الی من اجنب في سعة الوقت فاخر الغسل الی ان ضاق الوقت، ‌هذه الرواية تقول باطلاقها ان صوم هذا الرجل باطل.

لاتدل هذه المعتبرة علی ان صوم الرجل الاول صحيح، لا، ساكتة عن صحة أو بطلان صوم من اجنب عمدا في ضيق الوقت، هذه الرواية ساكتة عنه، صومه صحيح مو صحيح هذا بحث آخر، اما اطلاق المعتبرة يدل علی ان من اجنب في سعة الوقت و اخّر الغسل متعمدا الی ان ضاق الوقت فصومه باطل و لو تيمم في ضيق الوقت.

و هكذا رواية سليمان بن حفص المروزي لو قلنا باعتبارها كما كان السيد الخوئي يری اعتبارها سابقا. اذا اجنب الرجل في شهر رمضان بليل و لايغتسل حتی يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم.

فاذن وجدنا رواية مطلقة و هي معتبرة ابي‌بصير، فاذن البحث الثالث خلصنا، وجدنا اطلاقا، اما البحوث الثلاثة الاخری فتأتيكم في الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo