< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المفطر الثامن/البقاء علی الجنابة/

 

كان الكلام في مفطرية البقاء علی الجنابة في شهر رمضان الی طلوع الفجر متعمدا.

تتمة الروايات الدالة علی عدم مفطرية البقاء علی الجنابة

قرأنا سبع رواية و استدل بها علی عدم المفطرية. بقيت رواية ثامنة نقرأها هذه الليلة و هي صحيحة العيص ابن القاسم قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن رجل اجنب في شهر رمضان في اول الليل فاخّر الغسل حتی طلع الفجر قال يتم صومه و لا قضاء عليه. يقال بان اطلاق هذه الصحيحة يدل علی ان من اجنب في اول الليل من شهر رمضان و لم‌يغتسل حتی طلع الفجر فصومه صحيح و لا قضاء عليه.

الاعلام قالوا بان هذا الاطلاق قابل للتقييد بما ورد من مفطرية البقاء علی الجنابة متعمدا. و لكن اجبنا عن ذلك فقلنا بان هذا التقييد ليس عرفيا؛ فاذا سألكم شخص انه اجنب رجل في شهر رمضان في اول الليل فاخّر الغسل حتی طلع الفجر،‌ و انتم قلتم له صومه صحيح، ثم قلتم في وقت آخر كان مقصودي فرض عدم التعمد، ليس هذا جمعا عرفيا. خصوصا بعد ما كان الجو الفقهي عدم مفطرية البقاء علی الجنابة متعمدا. فصار عدد الروايات النافية لمفطرية البقاء علی الجنابة ثمانية.

اك رواية اخری لعيص بن القاسم لا علاقة له بالمقام يقول سأل اباعبدالله عليه السلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل ان يغتسل قال لا بأس. هذه الرواية اصلا ناظرة الی البقاء علی الجنابة الی طلوع الفجر، و انما يسأل السائل فيها عن جواز النوم قبل الاغتسال، ينام قبل ان يغتسل، يحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل ان يغتسل قال لا بأس بالنوم. ليس الغسل واجبا فوريا اما انه ينام الی طلوع الفجر لم‌يرد في هذه الرواية.

هذه الروايات اهمها صحيحة حبيب الخثعمي و الرواية المرسلة لحماد بن عثمان و رواية اسماعيل بن عيسی،‌ هذه الروايات الثلاثة اهم الروايات، اما بقية الروايات في الجو الهادئ غير المبتلی بالتقية ليس هذا البيان مقبولا ان يجيب الشخص بان من اجنب ثم بقي علی الجنابة الی طلوع الفجر يقال بانه لا بأس يتم صومه. في الجو الهادئ الغير المبتلی بالتقية، هذا الجواب بانه لا بأس يتم صومه، ليس مقبولا لدی العرف و ليس قابلا للجمع العرفي بحمله علی غير المتعمد.

اما اذا كان الجو متوتّرا، العامة يروون عن عائشة و ام‌سلمة ان النبي كان يجنب في ليلة رمضان ثم يبقی جنبا الی ان يطلع الفجر متعمدا، انتشر هذا الخبر بين عامة الناس، و فقهاء العامة افتوا بمضمون هذا الخبر، عدا ثلاث من فقهائهم تبعوا في ذلك اباهريرة،‌ و قالوا بمفطرية البقاء علی الجنابة متعمدا. في هذا الجو المتوتّر، قد يلتجئ الامام الی ان يجيب بجواب مطلق. فحينما يسأل رجل اجنب في شهر رمضان في اول الليل فاخّر الغسل حتی طلع الفجر يقول يتم صومه و لا قضاء عليه ثم في رواية صحيحة اخری يقول من اصبح جنبا متعمدا فصومه باطل. فالعرف يقبل عذر المجيب يقول هذا يعيش في ظروف التقية، ظروف قاسية، قد لايخاف الامام من الحكومات الظالمة و الغاصبة، بل يخاف من عامة الناس، لا انهم يسجنون الامام بل يضيّقون عليه اجتماعيا، يسقطون اعتبار كلام الامام عليه السلام يقولون هذا يتكلم علی خلاف سنة النبي، في هذا الجو المتوتّر يقبل عذر الاطلاق. اطلق رعاية للتقية مع انه في الجو الهادئ غير المتوتّر قد لايقبل عذر من يكون كلامه مطلق.

فاذن المهم تلك الروايات الثلاثة و هي قابلة علی الحمل علی التقية مضافا الی عدم تمامية سندها الا صحيحة حبيب الخثعمي.

النقاش في كلام المحقق الهمداني

اما الروايات الدالة علی مفطرية البقاء علی الجنابة، المحقق الهمداني استدل بعدة روايات تدل علی من نسي غسل الجنابة حتی خرج شهر رمضان أو حتی مضت جمعة علی مفطرية البقاء علی الجنابة متعمدا بالاولوية.

و لكنم ترون انه مبني علی ان نستظهر أو نلغي الخصوصية من البقاء علی الجنابة نسيانا في شهر رمضان الی ان يخرج الشهر أو الی ان تمضي جمعة نلغي الخصوصية عن ذلك الی البقاء علی الجنابة نسيانا حتی يطلع الفجر، و هذا لعله المشهور لكن قد لايكون واضحا. استمرار الجنابة و لو نسيانا الی غروب الشمس لااقل بل مفاد هذه الروايات استمرار الجنابة نسيانا الی عدة ايام، قد يقال بان فيه خصوصية. و لاجل ذلك ترون ان السيد الزنجاني فصّل في فرض النسيان قال من بقي علی الجنابة نسيانا حتی لو مضی عليه يوم واحد لايبطل صومه و انما يبطل صومه اذا مضی عليه اسبوع أو فقل مضی عليه يوم الجمعة أو خرج شهر رمضان. اذا اردتم ان تلغون الخصوصية عن مورد الروايات بس يمكن الغاء الخصوصية الی فرض استمرار نسيان غسل الجنابة الی غروب الشمس اما تلغون الخصوصية الی فرض نسيان غسل الجنابة حتی يطلع الفجر ثم يتذكر يغتسل، هذا غير واضح. مع ان الكلام في البقاء علی الجنابة متعمدا انه يطلع عليه الفجر و هو جنب متعمدا، هذا هو الذي دلت الروايات علی انه ليس بمفطر، فيكون نخرج هذه الطائفة من مجموعة الروايات الدالة علی مفطرية البقاء علی الجنابة متعمدا.

الرواية الاولی من الروايات الدالة علی مفطرية البقاء علی الجنابة: صحيحة ابن ابي‌يعفور

اما بقية الروايات، الرواية الاولی صحيحة ابن ابي‌يعفور: الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتی يصبح قال يتم صومه و يقضي يوما آخر و ان لم‌يستيقظ حتی يصبح اتم يومه و جاز له.

هذا قابل للحمل علی الاستحباب‌، يتم صومه و يقضي يوما آخر استحبابا.

ان قلتم: ماذا تصنع بذيل هذه الرواية؟ و ان لم‌يستيقظ حتی يصبح اتم يومه و جاز له، يعني ذاك الاول الذي قلنا بانه يتم صومه لايجوز له يعني لايكفيه. نقول: نعم، يمكن ان يحمل علی انه لايكفيه استحبابا يعني لايكفيه عن استحباب القضاء.

ما يذكره السيد الخوئي من ان الامر بالقضاء ارشاد الی الفساد فلايقبل الحمل علی الاستحباب، غير واضح. هو بنفسه جمع بين ما دل علی ان الاناء الذي شرب فيه الخمر سبع مرات علی الارشاد الی استحباب غسل هذا الاناء سبع مرات لاجل ما دل علی انه يغسل ثلاث مرات، يغسل ثلاث مرات يصير قرينة علی ان نقول بان يغسل سبع مرات محمول علی استحباب الغسل لاكثر من ثلاث مرات، مع انه قوله يغسل سبع مرات ارشاد الی بقاء نجاسته ما لم‌يغسل سبع مرات و كون المطهر له خصوص غسله سبع مرات لان هذا قابل لان يرفع اليد عن ظهوره في الارشاد بقرينة الرواية الاخری و يحمل علی التكليف الاستحبابي.

الرواية الثالثة صحيحة محمد بن مسلم

الرواية الثالثة صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام في حديث انه سأله عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قال ان استيقظ قبل ان يطلع الفجر فان انتظر ماءا يسخّن أو يستقی فطلع الفجر فلايقضي يومه. مفهومه: ان استيقظ قبل طلوع الفجر و لكنه لم‌يغتسل لا لانتظار ماء يسخن أو يستقی فيقضي يومه.

يأتي فيها نفس الكلام، يقضي يومه استحبابا. ليس صريحا في البطلان و لا في وجوب القضاء. مضافا الی انه وارد في النوم الاول، الرجل تصيبحه الجنابة في رمضان ثم ينام، نوم اول، و في النوم الاول لو كان بانيا علی ان يستيقظ فيغتسل فصومه يكون صحيحا.

الرواية الثالثة صحيحة الحلبي

الرواية الثالثة صحيحة الحلبي عن ابي‌عبدالله عليه السلام في رجل احتلم في اول الليل أو اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتی اصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه اذا افطر من شهر رمضان يعني ثم يقضيه بعد عيد الفطر، و يستغفر ربه. ظاهر يستغفر ربه انه لا كفارة عليه. فيتعارض مع ما دل علی ان عليه كفارة افطار العمد كمعتبرة ابي‌بصير: رجل اجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتی اصبح قال يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا و قال انه حقيق (او خليق) ان لااراه يدركه ابدا يعني باداء الكفارة لايدرك ما خسره من فوت ذلك الصوم. فهذه الصحيحة التي تقول و يستغفر ربه يعني انه لا شيء عليه الا الاستغفار، و موثقة ابي‌بصير تقول: لا، عليه كفارة عتق الرقبة.

السيد الخوئي احيانا كان يجمع بين الروايات في الكفارة مثلا ورد في رواية لا شيء عليه، و ورد في رواية اخری عليه دم شاة، كان يقول نقيد اطلاق لا شيء عليه بهذه الرواية الثانية، فنقول: لا شيء عليه الا دم شاة. نحن نقول بان هذا ليس جمعا عرفيا، فهل كان يتوقع ان يكون عليه كل الاشياء كل الكفارات؟ لا. لا شيء عليه شنو كان يتوقع؟ غير انه عليه دم شاة؟ فحينما يقول لا شيء عليه ظاهره نفي دم شاة، هذا ليس تقييدا ان نقول لا شيء عليه الا دم شاة.

هنا ايضا حينما يقول في صحيحة الحلبي و يستغفر ربه و لايتعرض للكفارة مفاده انه ليس عليه الا الاستغفار ثم في معتبرة ابي‌بصيرة يقول عليه عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا.

جواب سؤال: و يستغفر ربه، الاستغفار لازم علی اي تقدير، يستغفر ربه يعني لايحتاج الی اكثر من الاستغفار. يقضيه و يستغفر ربه و لكنه لايذكر ان عليه عتق رقبة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا، هذا لايخلو عن اشكال. ... ليست القضية قضية خارجية. الحلبي الذي كان فقيها يقول الامام قال في رجل لا في رجل معين، رجل احتلم اول الليل أو اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتی اصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه اذا افطر من شهر رمضان و يستغفر ربه. ... لا، الان كلامنا في ان قوله يستغفر ربه يتعارض أو يوجب الحمل لاداء الكفارة علی الاستحباب إما يتعارض معه أو يجعله محمولا علی الاستحباب.

اما اصل الاستغفار فلايبعد ان يكون ظاهره الاستغفار من الذنب و لكن هذا ظهور و ليس فيه صراحة، في بعض الروايات ارتكاب بعض محرمات الاحرام نسيانا يقول يستغر ربه، كان ناسيا و لكنه يقول يستغفر ربه. من القي القناء علی رأسه نسيانا قال يلغي القناء عن رأسه و يستغفر ربه مع انه ما ارتكب الحرام.‌ نعم لا يبعد ان يكون ظاهر الاستغفار لا صريحه هو الاستغفار من الذنب.

و لكن ماذا تصنع باستغفار النبي؟ و انه ليغان علی قلبي و اني لاستغفر الله، و استغفر لذنبك و للمؤمنين، النبي كان يرتكب المعصية؟ لا، الذنب ليس بمعنی العصيان، انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر، شنو؟ النبي كان يذنب؟ لا، الذنب هو التبعة، التبعة التي تلتحق بالانسان تبعات اجتماعية، الناس يحچون عليه، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تاخر يعني الذنب المتقدم البعيد و الذنب المتاخر القريب، الذنب ماذا؟ هو التبعة، كان يتكلمون علی النبي بعد ما فتح مكة و صار غالبا و اسلم المشركون له أو استسلموا و ما اسلموا،‌ خلاص بعد، و لا احد يتكلم. يقولون انه مجنون انه ساحر،‌ خلاص بعد، ذلك في ايام الذي النبي كان له اعداء و كان ضعيفا يحچون عليه، هذا هو الذنب، بعد ما غلب علی المشركين الكل يموت و لا احد يحچي عليه، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تاخر.

علی اي حال، و استغفر لذنبك الاستغفار ليس دائما بمعنی الاستغفار عن العصيان، نعم قد يكون ظاهر الاستغفار في ما لم‌يقم قرينة هو الاستغفار من الذنب، و الظهور قابل للحمل علی خلاف الظاهر بقرينة الروايات الاخری.

انا لست بصدد الغاء دلالة كل هذه الروايات، لخّصنا الروايات النافية لمفطرية البقاء علی الجنابة في ثلاث روايات، بقية‌ الروايات قلنا بانه في ظروف التقية و العرب لايأبی عن تقييدها و ان كان في الظروف العادية قد يأبی عن التقية. و لكن الان اردنا ان نتكلم عن الروايات الدالة علی مفطرية البقاء علی الجنابة علی الجنابة فنری ان هذه الروايات بعد اخراج ما يقبل الحمل علی الاستحباب أو يقبل التقييد، اشگد يبقی فيها مما لايمكن حملها علی محمل آخر بل يكون كالصريح في مفطرية البقاء علی الجنابة حتی بعد ذلك نطبّق القواعد حول هاتين الطائفتين.

و بقية الكلام في ليلة الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo