< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/03/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المفطر الثامن: البقاء علی الجنابة

 

الروايات الدالة علی جواز البقاء علی الجنابة متعمدا

كان الكلام في الروايات حول مفطرية البقاء علی الجنابة. فكان هناك عدة روايات تدل علی جواز البقاء علی الجنابة متعمدا الی طلوع الفجر من شهر رمضان.

الرواية الاولی (صحیحة حبيب الخثعمي) تامة سندا و دلالة

اهمها صحيحة‌ حبيب الخثعمي عن ابي‌عبدالله عليه السلام كان رسول الله صلی الله عليه و آله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخّر الغسل متعمدا حتی يطلع الفجر. فقلنا بان حمل الفجر علی الفجر الكاذب ليس عرفيا ابدا، فظاهره ان النبي احيانا كان يؤخّر غسل الجنابة الی طلوع الفجر الصادق.

اورد علی الاستدلال بهذه الصحيحة بان مفاد هذه الصحيحة ليس قابلا للالتزام لانها تدل علی عمل مستمر من النبي، كان رسول الله كذا، و لايحتمل ان النبي استمر علی هذا الشيء، اخّر غسل الجنابة الی طلوع الفجر مكررا، في مورد أو موردين يمكن النبي كان معذورا بعذر عرفي، ما كان هناك ماء ساخن مثلا، أو كان تعبانا، بحيث زالت الكراهة عن البقاء علی الجنابة متعمدا لبعض الاعذار العرفية المتشرعية، اما الاستمرار فلايحتمل ان يكون دائما مقرونا بعذر رافع للكراهة.

اجبنا عن ذلك بانه قد يناقش في دلالة‌ "كان" علی الاستمرار، ان النبي كان يقول كذا،‌ هل يعني دائما كان يقول؟ كان ابي يقول لي: بوي روح ادرس زينا، هل يعني ان ابوك دائما هكذا يكرر هذا المطلب؟ فالمرة و المرتين قال لك روح ادرس زينا. "كان ابي يقول" ليس معناه انه كان يتكرر منه ذلك. كان رسول الله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب احيانا ثم يؤخّر الغسل متعمدا حتی يطلع الفجر احيانا، مرة أو مرتين، يكفي في صدق هذا الخبر.

سؤال: استمرار كل شيء بحسبه، ففي بعض الاحيان يصدق الاستمرار و لو تكرر في شهر مثلا. جواب: الذي يقول كان ابي يوصّيني بشيء هل يعني دائما يوصيني بهذا الشيء؟

جواب سؤال: كان يوصّيني فعل مضارع، هل يعني يتكرر منه الوصية؟ ... اوصاني أو كان يوصيني، اوصاني لعله عدل عنه، اوصاني ثم عدل عن وصيتي، اما اذا كان يوصيني دال علی انه لم‌ينسخ هذه الوصية.

لايدل لفظ "كان" علی الاستمرار، غايته انه مرة مرتين ثلاث مرات في طول حياته الشريفة بقي علی الجنابة متعمدا حتی طلع الفجر لاعذار عرفية، هذا ليس فيه منقصة علی النبي لو كان جائزا في حد ذاته.

جواب سؤال: كان رسول الله يحرم للحج من الشجرة، هل معناه انه تكرر منه ذلك؟ ... لماذا لاتقولون في سائر المجالات، كان ابي يقول كذا، هل يدل علی انه تكرر منه ذلك؟ غايته انه تكرر منه مرتين أو ثلاث مرات اما انه دائما كان يقول لايستفاد منه. مرة مرتين ثلات مرات، ممكن ان النبي كان مبتلا باعذار عرفية، متشرعية، لم‌يجد ماء ساخنا أو كان تعبانا أو كان مريضا فاخّر الغسل الی طلوع الفجر،‌ هذا ليس منقصة في النبي لو كان جائزا في حد ذاته.

فالظاهر ان هذه الرواية التي هي تامة سندا لا نقاش في دلالتها في حد ذاتها.

الرواية الثانية (مرسلة المقنع)

الرواية الثانية رواية المقنع مرسلا عن حماد بن عثمان انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن رجل اجنب في شهر رمضان من اول الليل و اخّر الغسل حتی يطلع الفجر فقال كان رسول الله يجامع نساءه من اول الليل ثم يؤخّر الغسل حتی يطلع الفجر و لااقول كما تقول هؤلاء الاقشاب يقضي يوما مكانه.

الاستدلال بهذا واضح. و لكن اشكل علی هذه الرواية مضافا الی ارسالها ان مضمون هذه الرواية ليس قابلا للالتزام:

اولا: يقول: النبي كان يجامع نساءه من اول الليل ثم يؤخّر الغسل حتی يطلع الفجر، متی كان يصلي صلاة الليل.

فاجبنا بانه لعله في هذه الليالي كان يصلي صلاة الليل في اول الليل و هذا جائز إما مطلقا أو لكبار السن أو للمرضی.

و اشكل عليها ثانيا بان الامام كيف يقول لااقول كما تقول هؤلاء الاقشاب يقضي يوما مكانه؟ صدرت روايات الامر بالقضاء من نفس الائمة عليهم السلام و من نفس الصادق عليه السلام، امر الامام الصادق في سائر الروايات بالقضاء ثم يقول في هذه الرواية لااقول كما تقول‌ هؤلاء الاقشاب الذين كل خير ما هم بهم، من ليس له خير من الرجال، الامام بنفسه كان يقول يقضي يوما آخر، هنا يقول انا لااقول كما يقول الذين ما هم بهم خير، يقضي يوما مكانه، هذا مو محتمل. و جعل ذلك قرينة علی ان صدر هذه الرواية مشتمل علی الاستنكار كانّ الامام هكذا قال: كان رسول الله يجامع نساءه من اول الليل؟ ثم يؤخّر الغسل حتی يطلع الفجر؟ هكذا قال النبي؟ هكذا يقولون؟ لااقول كما تقول هؤلاء الاقشاب هذا القول، لااقول كما تقول هؤلاء الاقشاب هكذا الكلام بل اقول يقضي يوما مكانه.

الانصاف ان طرح هذه الرواية اولی من هذا التوجيه. اشلون الامام استنكر و لكن الراوي نقل هكذا كان رسول الله يجامع نساءه ثم يجنب ثم يؤخّر الغسل حتی يطلع الفجر و لااقول كما تقول هؤلاء الاقشاب يقضي يوما مكانه، هذا طرح للرواية و ليس حملا للرواية علی معنی محتمل عرفي.

و اما انه لماذا الامام في بقية‌ الروايات امر بالقضاء هنا يقول انا لاآمر بالقضاء كما يقول هؤلاء الاقشاب، فجوابه ان طاووس و عروة بن زبير و ابراهيم بن نخعي كانوا يقولون ببطلان الصوم مع البقاء علی الجنابة متعمدا و يوجبون القضاء، لعل الامام يشير الی هؤلاء يقول هؤلاء الاقشاب، هؤلاء الذين ليسوا فقهاء حقيقتا، هؤلاء يقولون ببطلان الصوم و يأمرون بالقضاء يوما آخر، انا اقول مثل هؤلاء. و ما ورد من الامر بالقضاء في سائر الروايات لعله من باب استحباب القضاء أو من باب القضاء العقوبتي لا مثل هؤلاء يقولون، هؤلاء يقولون ببطلان الصوم، انا لااقول ببطلان الصوم، انا غايته اقول يستحب القضاء.

المهم ضعف سند هذه الرواية.

الرواية الثالثة (رواية اسماعيل بن عيسی) ضعیفة سندا و دلالة

الرواية الثالثة التي قرأناها رواية اسماعيل بن عيسی سألت الرضا عليه السلام عن رجل اصابته جنابة في شهر رمضان فنام حتی يصبح ايّ شيء عليه قال لايضره هذا و لايفطر و لايبالي فان ابي قال قالت عائشة ان رسول الله اصبح جنبا من جماع غير احتلام قال لايفطر و لايبالي.

الرواية ضعيفة سندا لضعف اسماعيل بن عيسی و جهالته. و الانصاف ان هذا المضمون لاتجري فيه اصالة الجد، الامام يروي عن ابيه يعني يروي عن الامام موسی الكاظم عليه السلام انه نقل عن عائشة، خب كلام عائشة معروف، فاشلون الامام يستند الی رواية ابيه عن عائشة؟ اذا كان الامام يريد ان يبيّن الحكم الواقعي يبيّن الحكم بنفسه لماذا يستند الی ما روي عن عائشة؟ فهذا يسقط اصالة‌ الجد في هذه الرواية.

يوجد هنا اشكال و هو انه قد يقال بان الحمل علی التقية يعني ان الامام ارتكب ضرورة التقية لمبرزّات تقتضي ارتكاب المحذورات، الضرورات تبيح المحذورات، اية ضرورة تقتضي ان يروي الامام عن ابيه عن عائشة؟ يعني هل كان هناك ضرورة؟ الضرورة غايتها ان يقول الامام لايبطل الصوم بالبقاء علی الجنابة متعمدا اما انه يزيد علی ذلك فينسب الی ابيه امرا خلاف الواقع، هذا يزيد عن مقدار الضرورة.

و الجواب عنه: لعل الامام الكاظم نقل عن عائشة، ما قال: النبي كان يفعل كذا، قال: عائشة كانت تقول، خب عائشة كانت تقول. بالعكس،‌ هذا اسلوب جميل في التقية،‌ صدق، كان ابي يقول ان عائشة كانت تقول كذا. و لعل الامام الكاظم بعد ما نقل عن عائشة انها كانت تقول كذا ألحق هذا النقل بما يناسب و لكن الامام الرضا حذف التعليق، لعله كذا، و هذا يختلف عما ينسب الامام امرا خلاف الواقع الی النبي أو الی امام آخر فيقال بان هذا يزيد عن مقدار الضرورة في التقية.

مع ان ضرورات التقية لايمكن تقديرها، نحن لانقدّر ظروف الائمة. توجد روايات، الامام عليه السلام بدأ بالكلام من دون سبق سؤال قال لاخي زرارة اذا اقيمت الجمعة مثلا فمن لم‌يشارك في صلاة الجمعة كان كذا، و هو نقل لزرارة، فقال زرارة الامام عمل بالتقية، قال اشلون عمل بالتقية؟ ابتدأ بالكلام،‌ انا ما سألته عن شيء، فجاء زرارة الی الامام عليه السلام،‌ الامام بيّن الواقع و بيّن انما قاله اولا لاخي زرارة كان صادرا عن التقية. فان زرارة تعجب قال اشلون نصلي وراء عدو الله، عدو الله فاسق هل نصلي خلفه؟ فلما جاء الی الامام و سأل الامام، الامام بيّن له الحكم الواقعي قال اذا اقيمت الجمعة فلم‌يشارك احد من غير عذر و ايّ عذر اوضح من ان الامام فاسق لايمكن الصلاة خلفه. فالامام ابتدأ بكلام وفق التقية. ظروف الائمة كان ظروفا صعبة، نحن لايمكننا ان نقدرها.

فهذه الرواية الثالثة لاتجري فيها اصالة الجد لانه يوجد فيها نكات تأبی عن الحمل علی الجد، و عمدتها نقل الامام عن والده عليهما السلام عن عائشة، فانها لايناسب الامام.

الرواية الرابعة (رواية ابي‌سعيد القماط)

و هناك روايات اخری كرواية ابي‌سعيد القماط انه سأل اباعبدالله عليه السلام عمن اجنب في اول الليل في شهر رمضان فنام حتی اصبح قال لا شيء عليه.

ظاهر السؤال انه سؤال عن الفرض المتعارف، نام حتی اصبح منصرف الی فرض التعمد و الا كان يقول نام و لم‌يستيقظ لا انه نام حتی اصبح. ما يقوله السيد الخوئي من ان نام حتی اصبح مطلق يقبل الحمل علی فرض التعمد هذا بعيد جدا لان ظاهر السؤال في ذاك الجو الفقهي الذي كانت العامة تقول بجواز البقاء علی الجنابة متعمدا حينما يسأل الراوي يقول من اجنب في اول ليل في شهر رمضان فنام حتی اصبح انه سؤال عن الفرض المتعارف الذي وقع فيه الكلام و النزاع الفقهي و هو البقاء علی الجنابة متعمدا، يقول لا شيء عليه و ان جنابته كانت في وقت حلال.

الرواية‌ الخامسة (صحيحة سليمان بن ابي‌زُنيبة) ليس له اطلاق

الرواية‌ الخامسة رواية صحيحة بنظرنا، يروي صفوان عن سليمان بن ابي‌زُنيبة، في الوسائل كاتب سليمان بن ابي‌زينبة،‌ يقال بانه مصحّف ابي‌زنيبة،‌ حيث انه مروي‌عنه لصفوان و ما يرويه صفوان فقد يرويه عن الثقات عرف انه لايروي و لايرسل الا عن ثقة‌، فالرواية صحيحة، و الراوي عن صفوان في التهذيب النوفلي و في الاستبصار البرقي و هو الظاهر فان النوفلي يقال بانه لم‌يوجد له رواية عن صفوان. و في قرب الاسناد ايوب بن نوح عن صفوان. فالسند الی صفوان صحيح و من صفوان الی الامام بنظرنا صحيح لان صفوان لا يروي الا عن ثقة.

قال كتبت الی ابي‌الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام عن رجل اجنب في شهر رمضان من اول الليل فاخّر الغسل حتی طلع الفجر فكتب اليّ بخطه عليه السلام اعرفه مع مصادف‌ (مصادف صديقه، قال مصادف ايضا رأی ذاك الخبر) كتب يغتسل من جنابته و يتم صومه و لا شيء عليه.

يقال بان هذه الرواية ايضا مطلقة، اخّر الغسل حتی طلع الفجر لعله كان ساهيا و غير متعمدة.

الانصاف انه خلاف الظاهر. حينما يسأل في ذاك الجو الفقهي خصوصا رجل اجنب في شهر رمضان من اول الليل فاخّر الغسل حتی طلع الفجر ينصرف هذا السؤال الی فرض التعمد و الا كان يقول اخّر الغسل حتی طلع الفجر سهوا أو نام، اخّر الغسل حتی طلع الفجر هذا منصرف الی فرض التعمد. اخراج فرض التعمد عن هذه الرواية ليس عرفيا.

و الرواية الاخری صحيحة ابن رئاب قال سئل ابوعبدالله عليه السلام و انا حاضر عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان فينام و لايغتسل حتی يصبح قال لا بأس يغتسل و يصلي و يصوم.

يقال ان هذه الرواية ايضا مطلقة ينام و لايغتسل حتی يصبح قابل للتقييد بالنوم الذي لايقصد ان لايغتسل، ينام و هو قاصد لان يستيقظ فيغتسل لكنه لايستيقظ من نومه.

ذكرنا ان هذا انصافا خلاف الظاهر، حمل هذه العبارة علی فرض غير التعمد ليس عرفيا. انتم اذا سألكم فالواحد سؤال: الرجل يجنب في شهر رمضان بالليل فينام و لايغتسل حتی يصبح انت تجيبه لا بأس يغتسل و يصلي و يصوم ثم تقول انا قصدي كان فرض عدم التعمد؟ العرف يقبل منك ذاك الاعتذار؟ لا.

الرواية السادسة (رواية محمد بن الوليد)

و آخر رواية رواية محمد بن الوليد عن عبدالله بن بكير قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن رجل اجنب في شهر رمضان بالليل ثم نام حتی اصبح قال لا بأس.

فصار تقريبا ثماني أو تسعة رواية[1] تدل علی جواز البقاء علی الجنابة متعمدا في نهار شهر رمضان،‌ فدعوی ان هذه الروايات ليست قطعية الصدور كما هو ظاهر كلام السيد الخوئي انصافا ليست دعوی مقبولة.

فماذا نصنع؟ هناك طائفة اخری كانت تدل علی انه يجب القضاء و الكفارة اذا بقي علی البقاء علی الجنابة متعمدا.

المناقشة في طريق الجمع للمحقق السبزواری من الحمل علی الاستحباب

قلنا بان المحقق السبزواري قال نحمل الامر بالقضاء و الكفارة علی الاستحباب.

السيد الخوئي قال الحمل علی الاستحباب في الخطابات التكليفية،‌ اما الخطابات الارشادية فليست قابلة للحمل علی الاستحباب. الامر بالقضاء ظاهر في بطلان الصوم، ارشاد الی بطلان الصوم، و نفي القضاء ارشاد الی صحة الصوم فكان احدی‌ الطائفتين اخبرت بان الصوم صحيح و لو بقي علی الجنابة متعمدا و الطائفة الاولی دلت علی ان صومه ليس بصحيح، لايمكن الجمع بين قوله صومه صحيح و صومه مو صحيح.

انا اقول: الذي يوجب صعوبة الحمل علی الاستحباب هو بعض التعابير في روايات الدالة علی مفطرية البقاء علی الجنابة كقوله يقضي عقوبة.‌ اذا كان هناك استحباب للقضاء لايناسب ان يقول يقضي عقوبة. و هكذا الامر بالتصدق علی ستين مسكينا، لايناسب هذا التشديد في الكفارة لانه يستحب اداء هذه الكفارة! و لااقل من الشك في صحة هذا الجمع.

فصار هناك طائفتان كل واحدة منهما قطعية الصدور اجمالا و الجمع بينهما بالحمل علی الاستحباب إما غير عرفي أو مشكوك في كونه عرفيا.

فماذا نصنع؟

هناك طريقان اذكرهما و احوّل البحث الی ليلة اخری:

الطريق الاول ان نقول بان الطائفة الاولی قطعية الصدور و قطعية الدلالة و قطعية الجهة و هذا يكشف عن خلل في الطائفة الثانية و ان كثرت الروايات فيها بعد ما كانت تلك الروايات موافقة للعامة. هنا العقلاء لايبنون علی اصالة الجد في هذه الطائفة الثانية. و لو فرض جريان اصالة‌الجد فيها فنحن نقول بعد عدم تمامية الكتاب لنفي مفطرية البقاء علی الجنابة متعمدا نقول الترجيح مع الطائفة الاولی لانها مخالفة للعامة، و هذه الطائفة الثانية موافقة للعامة و لو فرض جريان اصالة الجد فيها.

هذا هو الطريق الاول. و الطريق الثاني: ان نلحظ هل يمكن تقسيم الروايات الی ثلاثة اقسام؟ اذكر هذا الطريق الثاني بشكل مختصر في مثال: يقال بانه قد يكون هناك في خطابات متعارضة ثلاث طوائف: يجب اكرام العالم لايجب اكرام العالم اكرم العالم. فمن الخطأ ان نقول بتعارض هذه الروايات بكاملها و تساقطها بكاملها، لا، الخطابان الصريحان، يجب لايجب، يسقطان بالمعارضة ان لم‌يكن لاحدهما مرجح علی الآخر. و لكن لا وجه لسقوط ذاك الخطاب الثالث الظاهر في وجوب اكرام العالم، و ليس متعارضا بنحو التعارض المستحكم و المستقر مع اي من الخطابين الاولين. اكرم العالم ليس متعارضا مع يجب اكرام العالم، من الواضح انه ليس متعارضا معه، و ليس متعارضا مع لايجب اكرام العالم،‌ لماذا؟ لان لايجب قرينة عرفية لحمل اكرم العالم علی الاستحباب، و القرينة و ذي القرينة‌ ليس بينهما تعارض مستقر. فاذن هذا الخطاب الثالث بعد تعارض الخطابين الصريحين يكون هو المرجع و يفتی بعد تساقط الخطابين الصريحين بوجوب اكرام العالم استنادا الی هذا الخطاب الثالث، اهنانه الهدوء كان بصانع هذا الخطاب الثالث. الخطاب الاول و الثاني كانا متشددين، صريحين، سقطا بالمعارضة، لكن هذا الخطاب الهادئ قعد في مكان بهدوء و نظر الی التعارض بين الخطابين الصريحين واحد منهما يقتل الثاني و بعد ما انقتلا ذاك الخطاب الهادئ الثالث قام و قال: ايها المؤمنون اعملوا بمضموني و انا اقول لكم بحسب ظاهري ان اكرام العالم واجب.

هل يمكن تطبيق هذه القاعدة علی المقام ام لا؟ تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة ان‌شاءالله.


[1] الماتن: فی الوسائل ذكر ثماني روایة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo