< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/11/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء

تتمة البحث عن المسألة 44 (حکم الخروج من الماء بعد الارتماس)

كان الكلام في المسألة 44 حيث قال صاحب العروة يشكل صحة الغسل في الصوم الواجب المعين سواء كان في حال المكث أو حال الخروج.

قلنا بانه بناءا علی صحة الغسل بالبقاء في الماء أو في حال الخروج من الماء‌ فهل يصح هذا الغسل فيما اذا وجب علی الانسان صوم يوم معين كما في صوم شهر رمضان أو صوم منذور بنذر معين أو لايصح.

الشيخ الحائري قدس سره قال: نحكم بصحة هذا الغسل لان الخروج من الماء لهذا الصائم حتی في صوم شهر رمضان مو حرام، كما ان الصلاة حين الخروج من الدار المغصوبة صحيحة لان الخروج من الدار المغصوبة ليس محرما. هذا رأي اختاره الشيخ الانصاري و المحقق النائيني. و نقل عن صاحب المدارك انه قال: القول بحرمة الخروج اشتباه من جمع من الاصوليين. يعني كانّ ما قال به الفقهاء علی قولة المرحوم شيخ رازي قال للواحد من الطلبة حينما هو تكلم بمقالة الاصوليين قال تكلم بمقالة‌ الفقهاء. فيقول صاحب المدارك هذا قول الاصوليين انه يحرم الخروج، الخروج من المكان المغصوب مصداق للتخلص من الغصب و التخلص من الغصب واجب، اصلا من الاول مو حرام. فكانّ‌ الشيخ الحائري رحمة الله عليه ارتضی هذا المبنی.

لكن هذا المبنی مو صحيح. الخروج من المكان المغصوب أو الخروج من الماء بالنسبة الی من يحرم عليه الارتماس في الماء حدوثا و بقاءا هذا الخروج مصداق للحرام أو مو مصداق للحرام؟ مصداق للحرام، مصداق للارتماس المحرم مصداق للغصب المحرم. كيف لايكون محرما؟ الخروج من هذا الماء أو الخروج من ذلك المكان مقدمة للتخلص من الحرام و ليس بنفسه تخلصا من الحرام، الخروج مقدمة لان يتخلص بعد ما خرج من المكان المغصوب أو خرج من الماء يتخلص من الحرام.

فهل تری (ارجو معذرة اذكر مثال الجنسي حتی افهمكم اكثر) اخراج العضو التناسلي من فرج المرأة المزني بها مو حرام لانه تخلص من الزنا؟ اشلون؟ ميصير. الزنا حدوثا و بقاءا حرام، التخلص من الزنا باخراج العضو التناسلي من فرج المرأة المزني بها حرام و لو روحا اي مبغوض و لكن يجب عقلا ارتكاب هذا المبغوض بعد ما تحقق الزنا للتخلص من الافسد و هو استمرار الزنا.

السيد البروجردي و السيد الخميني قدس سرهما ذكرا مطلبا آخر و هو انه لو تاب هذا الشخص، هذا الذي دخل في الماء يقال له الارتماس في الماء حرام علی الصائم، فقام و يخرج من الماء، تاب، و قال استغفر الله و اتوب اليه قام يخرج من الماء، بعد ما تاب يقول السيد البروجردي التائب من الذنب كمن لا ذنب له و عليه هذا كمن لا ذنب له، فهو كانّه وقع في الماء بغير اختياره و اراد ان يخرج.

و السيد السيستاني ايضا يرضی هذا المطلب، ارتضی‌ به و قبله في بحث مكان المصلي.

و لكن اشكلنا عليه، قلنا التائب من الذنب كمن لا ذنب له في نفي العقاب، لا في انتفاء مبغوضية الفعل، التائب من الذنب كمن لا ذنب له أي لايعاقب، لا انه لايكون ما يصدر منه مبغوضا. فالواحد رمی الرصاص من بعيد علی قلب انسان مؤمن، بمجرد ان رمی الرصاص و قبل ان يصل الرصاص الی قلب هذا المؤمن و يدخل في قلبه و يقتله، بمجرد ان ذاك الرامي للرصاص رمی الرصاص تاب و قال استغفر الله و اتوب اليه و بعد ما تاب الرصاص قتل هذا المؤمن، هذا القتل أليس مبغوضا للمولی؟ هل يمكن لهذا الشخص ان يتقرب الی الله بذاك القتل لان التائب من الذنب كمن لا ذنب له؟ ميصير. و عليه فنحن نلتزم بان هذا الخروج بعد ما كان الدخول في الماء بسوء الاختيار، هذا الخروج مبغوض للمولی و ان سقطت حرمته لان بقاء حرمته لا اثر له، و لكن تبقی مبغوضيته التي لا تجتمع مع المقربية و لا يصلح للعبادة.

نعم هنا مطلب آخر و هو اننا نستشكل علی صاحب العروة، في صوم شهر رمضان الخروج مصداق للحرام،‌ مي‌خالف، لان ارتكاب كل مفطر الی الليل حرام في شهر رمضان، و لكن في الصوم المنذور في يوم معين ابطال الصوم حرام. افرض ان ابطال الصوم بالدخول في الماء، مي‌خالف، نحن قلنا بان ابطال الصوم بقصد الارتماس في الماء، انتم تقولون لا، افرض ان الارتماس في الماء مبطل للصوم، مي‌خالف، لكن هنا لايشمل الحرام الارتماس المستمر بعد زمان الحدوث، احداث الارتماس حرام. لاتقل هذا ارتماس واحد فهو حرام، لا، الحرام احداثه، لانه باحداثه يبطل الصوم.

مثل ما قلنا وفاقا للسيد السيستاني من ان من دخل مكة بغير احرام احداثه للدخول في مكة بغير احرام حرام اما بقاءة في مكة بعد ذلك لايكون مصداقا للحرام. و لايصح ان تدعي ان هذا كون واحد مستمر في مكة، مي‌خالف لكن احداثه حرام، من الاول لم‌يشمل الدليل للحرمة اكثر من احداث هذا الشيء. و الامر هنا كذلك.

المسألة 46: الارتماس مفطر و لو كان جاهلا

المسألة 46: لافرق في بطلان الصوم بالارتماس بين ان يكون عالما بكونه مفطرا أو جاهلا.

طبعا هذا يندرج في بحث ارتكاب المفطرات عن جهل. اذا كان جهله تقصيريا فلافرق بينه و بين العمد. و اما اذا كان جهله قصوريا فيندرج في بحث ان السنة اي الاخلال بالسنة عن جهل قصوري يوجب بطلان الفريضة. السيد السيستاني يقول الصوم مركب من فرائض و سنن، الفرائض هو الاجتناب عن الاكل و الشرب و الجماع، و اما السنن فهو الاجتناب عما عدا ذلك، فلو ارتكب بعض ما يجب عليه الاجتناب عنه في السنن اي فيما ثبت في كلمات المعصومين عليهم السلام و لم‌يكن من الفرائض اي التي ثبتت في القرآن الكريم كالاجتناب عن الاكل و الشرب و الجماع، الاخلال بالسنة عن عذر كجهل قصوري لايوجب بطلان الصوم الذي هو فريضة.

و لكن نحن اشكلنا في صغری هذا القاعدة لا كبراها فقلنا لايعلم ان الارتماس في الماء الذي يجب الاجتناب عنه في حال الصوم مما شرّعه النبي بل لعله مما شرعه الله سبحانه و تعالی، و لكن بيّنه النبي، ان ثبت ان الاجتناب عن الارتماس في الماء مما شرعه النبي فنقبل ان الاخلال بالسنة عن جهل قصوري لايوجب بطلان الفريضة و لكن لم‌يثبت لنا ذلك. و السيد السيستاني لايری اختصاص الفريضة بما بيّن في الكتاب بل يقول قد يكون هناك شيء بيّن في لسان الائمة عليهم السلام و لكنه يكون فريضة كما ورد في الروايات ان الركعتين الاوليين في الصلاة فريضة مع انه لم‌يرد في القرآن الكريم ذكر وجوب الركعتين الاوليين من الصلاة.

و هناك رواية فيمن جامع اهله و هو يزعم انه حلال له قال ليس عليه شيء، هذا طبعا من الفريضة الاجتناب عن الجماع، وقع الكلام في انه هل ينفي وجوب القضاء أو لا؟ ليس عليه شيء يعني ليس عليه كفارة و اما وجوب القضاء فهو من آثار ترك الصوم الواجب و هذا ترك الصوم الواجب. و الكلام فيه يأتي ان‌شاءالله في محله.

المسألة 47: الارتماس في الوحل و الثلج

المسألة 47: لايبطل الصوم بالارتماس في الوحل، ماء الطين، و لا بالارتماس في الثلج لان المفطر هو الارتماس في الماء، غايته اننا نلغي الخصوصية عن الماء الی كل مايع و الوحل قد لايكون مايعا قد يكون جامدا، الوحل له مراتب فاذا كان مايعا فهناك تكلمنا انه هل نلغي الخصوصية من الماء المطلق الذي لايجوز الارتماس فيه الی الارتماس في الماء المضاف أو الی الارتماس في كل مايع، صاحب العروة لم‌يلغ الخصوصية لكن المحقق النائيني الغی الخصوصية و نحن احتطنا في ذلك وجوبا كالسيد الصدر في تعليقته علی المنهاج.

المسألة 48: اذا شك في تحقق الارتماس

المسألة الاخيرة و هي المسألة 48: اذا شك في تحقق الارتماس بنی‌ علی عدمه.

قد يقال بان هذا لا اثر له، اذا كان هذا عازما علی الارتماس في الماء فيبطل صومه بالعزم علی الارتماس في الماء سواء تحقق الارتماس ام لا، نعم يفيد ذلك بالنسبة‌ الی نفي الكفارة، و اما بالنسبة الی صحة الصوم عزمه علی الارتماس في الماء اوجب بطلان صومه و لو لم‌يتحقق الارتماس في الماء و ان لم‌يعزم علی الارتماس في الماء من دون عزم حتی لو تحقق الارتماس في الماء بلاعزم حتی لو تحقق الارتماس في الماء بلاعزم لايبطل صومه فضلا عما اذا شك في ذلك.

لكن قد يجاب عن هذا الاشكال اولا: بانه بناءا علی المختار من ان الجاهل بمفطرية الارتماس في الماء اذا ارتكب الارتماس في الماء يبطل صومه، اذا لم‌يرتكبه لايبطل صومه كما عليه السيد السيستاني،‌ فهنا تظهر الثمرة: اذا شك في تحقق الارتماس مع عزمه علی الارتماس لكن عن جهل بمفطرية الارتماس فبناءا علی المسلك الذي اختاره السيد السيستاني و نحن وافقناه في ذلك مادام لم‌يحرز انه ارتمس في الماء يستصحب عدم تحقق الارتماس منه فيحكم بصحة صومه. نعم بناءا علی مسلك السيد الخوئي و صاحب العروة من ان من نوی المفطر و ان كان جاهلا بمفطريته بطل صومه بنفس العزم و النية في ارتكاب المفطر اذا عزم علی الارتماس في الماء يبطل صومه و لو شك في تحقق الارتماس.

الثمرة الثانية لهذه المسألة ما لو كان عازما من الاول علی ما يشك في انه ارتماس ام لا، لايدري اذا دخل في الماء بهذا المقدار هل يتحقق منه الارتماس في الماء ام لا، هنا يستصحب عدم تحقق الارتماس في الماء اذا دخل في الماء بهذا المقدار. بينما انه لو لم‌يشك و علم بانه سيتحقق منه الارتماس في الماء بطل صومه.

هذا تمام الكلام في مفطرية الارتماس في الماء. وصلنا الی المفطر الثامن و هو البقاء علی الجنابة عمدا الی اذان الصبح في صوم شهر رمضان أو قضاء الصوم. و المشهور علی مفطريته بينما ان السيد السيستاني يحتاط في انه هل هو مفطر للصوم أو ان الصوم صحيح و لكن يجب قضاء ذلك اليوم عقوبة، قضاء عقوبتيا. و ثمرته لو ان شخصا بقي علی الجنابة و صام صوم قضاء عن والد زيد، فهذا الصوم يجزي عن والد زيد و ان وجب علی هذا الصائم قضاء هذا الصوم وجوبا عقوبتيا كما تجب عليه الكفارة‌ وجوبا عقوبتيا هذا ما احتاط فيه السيد السيستاني و لكن هذا خلاف المشهور، المشهور قالوا بان الصوم يبطل و ان وجب عليه الامساك تأدبا الی الليل.

ان‌شاءالله في السنة القادمة اذا وفقنا نتكلم حول هذه المسألة و نستودعكم الله و نسألكم الله كما لاننساكم عن الدعاء ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين و صلی الله عليه سيدنا محمد و آله الطاهرين اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه و علی آباءه في هذه الساعة و في كل ساعة وليا و حافظا و قائدا و ناصرا و دليلا و عينا حتی تسكنه ارضك طوعا و تمتعه فيها طويلا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo