< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء

 

تتمة الكلام عن المسألة 42

كان الكلام في المسألة 42 حيث ذكر المحقق النائيني في تعليقته علی العروة انه في الصوم المستحب أو الواجب الموسع لو وجب عليه الغسل الارتماسي لعدم توفر الامكانيات للغسل الترتيبي وجب عليه الارتماس في الماء حتی يغتسل. و بنفس هذا الوجوب يبطل صومه لما ذكر من انه لايمكن ان يقول الشارع ارتمس في الماء و اذا تركت الارتماس في الماء فاترك الارتماس في الماء أي الواجب في الصوم هو ترك الارتماس في الماء و اذا كان الامر بالصوم ترتبيا أي الامر بترك الارتماس في الماء ترتبيا فهذا يعني انه اذا تركت الارتماس فاترك الارتماس فی الماء.

و نحن اجبنا عنه بان الواجب ليس هو خصوص ترك الارتماس فی الماء بل مجموعة ترك المفطرات جميعا،. هذا هو الواجب الارتباطي. و يعتبر فيه قصد القربة بان يكون الداع الالهي يحركه نحو الاجتناب عن الجميع.

النقاش في جواب آخر للسيد الزنجاني لاشکال المحقق النائیني

السيد الزنجاني قال:‌ انا عندي مطلب آخر غير ما طرحته سابقا و انتم اشكلتم عليه، و هو ان الصوم عنوان قصدي فيمكن ان يقول الشارع ارتمس في الماء و لكن لو تركت ذلك فصم.

انا اقول: ان كانت المشكلة طلب الحاصل تقولون بانه ما هو الحاصل هو ترك الارتماس فی الماء، و اما قصد كونه صوما فليس بحاصل، و لكن يوجد اشكال آخر و هو تمشي قصد القربة منه. لولا ما جاوبنا عن المحقق النائيني من انه يكفي في تمشي قصد القربة ان يكون الاجتناب عن مجموع المفطرات لاجله سبحانه و تعالی بل قلتم بانه يجب ان يكون الاجتناب عن كل مفطر بداع قربي، و هذا [القصد الاجتناب المجموعي] لايفيد.

و يشهد علی ما ذكرنا ان من لم‌يتمكن من ارتكاب اي مفطر، سلب منه الاختيار في ان يأكل أو يشرب أو يجامع، بحيث لو رجع اليه الاختيار لارتكب الذي حرم منه، فيقول انا انوي الصوم، نية الصوم اختياري بعد، انوي ان يكون صائما، اولا نقول كيف تقول انوي ان اكون صائما لله تعالی؟ أليس الصوم هو الاجتناب عن المفطرات لاجله تعالی؟ هو يقول انا حرمت من هذه المفطرات و لو رجعوا اليّ اختياري لأن آكل أو اشرب أو اجامع لفعلته، كيف يتمشی من هذا الشخص قصد القربة؟ بل نقول الامر بالصوم منصرف عنه، الامر بالصوم ظاهر فيما يكون الاجتناب عن المفطرات باختياره و لو اختيارا تعليقيا. يعني شنو؟ يعني هذا المكلف يقول حتی لو تمكنت لما فعلت. شهر رمضان، هذا كان بنائه يصوم، فالواحد تعلم الاصول يريد ان يجرب الاصول في مجالات ارهابية، يجيء قال بروح ابيك ما اخليك ما تأكل شيئا و لاتشرب شيئا و لاتجامع، كل شيء ما اخلّيك تسوّيه من المفطرات، و انا واقف علی ر‌أسك، بمجرد ان تقوم تشرب ماءا اطلق الرصاص عليك، بمجرد ان تقوم تريد تجامع اهلك اطلق الرصاص عليك، و لكن هذا المسكين يقول: الله سبحانه و تعالی يدري انا لو كنت مختارا ايضا لم‌ارتكب هذه المفطرات. مي‌خالف،‌ هذا صائم، و هذا يكفي في تمشي قصد القربي منه.

و اما لو فرضنا ان شخصا يقول: لا، اولا: اليوم ما كان شهر رمضان و ما كان بنائي ان اصوم، و لو ارتفع الضغط عني، هذا الارهابي لو ابتعد عني اقوم بارتكاب المفطرات لكن اعلم بانه ما يخليني الی الليل، فكيف نقول بانه صائم، الصائم هو الذي يجتنب عن المفطرات باختياره و لو بالنحو الذي ذكرنا.

فالمهم ان نقول بان الامر الترتبي بقوله اذا تركت الارتماس في الماء فصم، امر بمجموع الامساكات و هذا الذي ذكرنا و يكفي فيه قصد القربة الی ترك بعض المفطرات. و قد سبق منا ان شخصا يقول انا تدرون أكون ضعيف الايمان، اهلي مسافرة، قالت ما اجيء الا بالليل،‌ اليوم هي ما تجيء، انا وحدي بالبيت، فانوي الصوم، ما يهمني اتغدّی، اتريّق، مو مهم عندي، و لكن اذا جاء اهلي انا ما اتحمل و لكن هي ما تجيء الی الليل، فترك هذا الشخص للجماع ليس تركا قربيا، و لكن يكفي فيه انه نوی الامساك عن مجموع المفطرات و قصد القربة. علی اي حال هذا المسكين و ان كان ضعيف الايمان في جهة مّا لكنه علی اي حال عنده شيء من الايمان يمسك عن الاكل و الشرب، هذا كافي.

تتمة المسألة 43: اذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعين

المسألة 43: اذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعين بطل صومه و غسله ان كان متعمدا.

اشكلوا عليه بان هذا يختص بالصوم شهر رمضان أو صوم القضاء بعد الزوال حيث يكون ارتكاب المفطر محرما، و اما اذا نذر ان يصوم يوم الخميس مثلا، و في يوم الخميس ارتمس في الماء، بمجرد ان نوی الارتماس فی الماء قالوا بانه يبطل صومه. هكذا قال السيد الخوئي و غيره، حيث انهم يرون ان العزم علی ارتكاب المفطر مبطل للصوم إما مطلقا كما يراه السيد الخوئي أو في فرض العلم بمفطريته كما يراه السيد السيستاني و نحن وافقنا السيد السيستاني و نفرض ان هذا عالم بمفطرية الارتماس في الماء‌ فحينما عزم علی الارتماس فی الماء بطل صومه، و بعد ذلك اجتنابه عن الارتماس فی الماء ليس واجبا لانه بطل صومه و حنث نذره و ارتكابه للمفطر لايحرم، فلماذا ذكر صاحب العروة انه يبطل غسله؟

السيد الزنجاني دافع عن صاحب العروة فقال: نعم، العزم علی ارتكاب المفطر مبطل لصومه لااقل في خصوص ما لو علم بانه مفطر، لكن العبادة التي يكون العزم عليها محرما و قبيحا كيف تكون صحيحة. صاحب الكفاية في التجري يقول ما هو القبيح العزم علی العصيان، العزم علی ارتكاب هذا الفعل، فحينما يتوضأ بالماء الذي يعتقد انه مغصوب صاحب الكفاية يقول هذا الفعل ليس قبيحا، القبيح هو عزمه علی ارتكاب هذا الفعل.

السيد الزنجاني يقول هذا يكفي في ان يبطل عمله الناشئ من قصد ليس مقربا، العمل الناشئ عن قصد مبعد عن المولی. نعم، لو قصد الارتماس فی الماء ثم تردد ثم قصد الارتماس فی الماء من جديد بنية الغسل الجنابة هذا صحيح لان هذا قصد جديد و ليس قبيحا اما اذا لم‌يتكرر منه قصد الارتماس فی الماء، نفس قصد الارتماس فی الماء المبطل لصومه هو الذي حركه نحو الارتماس فی الماء بقصد غسل الجنابة، هذا يرد عليه الاشكال بان العمل الناشئ عن قصد العصيان لايكون قربيا.

نقول في الجواب: اذا لم‌يكن هناك مندوحة بان لم‌يكن لديه الا هذا الماء و ينحصر في ان يرتمس فيه هنا قد يأتي الاشكال بان قصده للارتماس في هذا الماء لايمكن ان يكون موجبا لتمشي قصد القربة منه بعد ان كان قصد الارتماس في الماء‌ مبعدا عن المولی و موجبا لبطلان الصوم الواجب عليه، و اما لو كان الواجب عليه طبيعي الغسل لا خصوص هذا الغسل الارتماسي، فيحتاج هذا المكلف الی ان يقصد القربة في امتثاله لطبيعي الغسل. انا اريد اغتسل لكن اذا اسبح في ماء الحوض بالبيت، عندي غرض عقلائي أو غير عقلائي،‌ سفهائي، علی اي حال مو غرض قربي، هل فيه اشكال؟ لا، لان الواجب هو قصد القربة في صرف وجود الغسل. هذا الذي قصد الارتماس في هذا الماء لاينطلق قصد القربة من هذا القصد للارتماس في هذا الماء و انما ينطلق منه قصد القربة نحو اتيان طبيعي الغسل. في ذاك المثال يريد ان يراوي الناس انه يقدر يسبح، الاصدقاء يعيبون عليه: انت فالانسان كل شيء ما تعرف، اصلا متخلف، هذا يقول: اعرّفكم، فيجيء ارتمس في الماء، شنو الداعي منه؟ يريد يسكتهم يقول لهم انا مو متخلف، غسله صحيح؟ مع ان قصده قد يكون قصدا غير مطلوب شرعا، يريد ان يفتخر عليهم، علی اي حال لعله مو عمل مطلوب شرعا لكنه لابأس به من حيث انه امتثال لطبيعي الغسل الواجب، و تمشی منه قصد القربة نحو امتثال ذاك الطبيعي.

و العجب ان السيد الزنجاني كان يقول:‌ الوضوء بماء مغصوب (صدق مغصوب،‌ مو تجري) صحيح لان قصد القربة لابد ان يكون في امتثال طبيعي الواجب لا في خصوص اختيار هذا الفرد،‌ ثم احتاط وجوبا لاجل التشكيك في اطلاق دليل الامر و الا لم‌يشكك من ناحية الاصولية، شكک و احتاط من ناحية تشكيكه في الظهورات. و نحن قلنا و وصل ظاهرا هذا الكلام اليه انه مي‌خالف، اذا كان اشكالكم في الظهور تمسكوا بالبراءة، البراءة عن تقيد الامر بالوضوء بان لايكون بماء مغصوب بعد ان لم‌يكن هنا اشكال ثبوتي. لعل هذا الدفاع عن صاحب العروة مشيا و جريا علی مسلك الآخرين.

تتمة المسألة 44: الغسل في الصوم الواجب المعين

المسألة 44: يشكل صحة الغسل في الصوم الواجب المعين ايضا سواء كان في حال المكث أو حال الخروج.

هنا مطلبان:

المطلب الاول في خصوص صوم رمضان بناءا علی انه لايعتبر في صحة الغسل الاحداث، كل ما نذكره هنا مبني علی عدم اعتبار الاحداث في صحة الغسل كما عليه المشهور، المشهور لايعتبرون الاحداث لا في الغسل و لا في الوضوء،‌ يقولون بانه يجوز ان يدخل يده في الماء بدون نية الوضوء و حين يخرج يده من الماء يقصد الوضوء، السيد الخوئي قام يشكك ان هذا ليس احداثا للوضوء‌، ‌ليس احداثا للغسل و هكذا من دخل في المسبح بدون نية الغسل ثم في اثناء كونه في المسبح قصد الغسل ببقاءه في المسبح، المشهور ما يمنعون من ذلك، السيد الخوئي منع من ذلك احتياطا وجوبيا و تبعه في ذلك السيد السيستاني و الشيخ التبريزي و حتی الان السيد الزنجاني ما يری المشكلة‌ في الغسل البقائي و نحن الان نتكلم وفق رأي المشهور.

في صوم رمضان قد يقال بانه ما هو المانع من ان يقصد هذا الشخص حين خروجه من الماء الغسل الارتماسي؟ تقولون ارتكاب المفطر في شهر رمضان حرام حدوثا و بقاءا، نقول مي‌خالف، لكن هذا نظير حرمة الغصب حدوثا و بقاءا فيندرج في مسألة الصلاة حين الخروج من الدار المغصوبة اذا دخلها بسوء الاختيار. و لعل المشهور هناك انه اذا تاب و تندّم صحت صلاته حين الخروج. دخل مكانا مغصوبا، بستان مغصوب، دخل البستان و وصل الی آخر البستان و بعد ان وصل الی آخر البستان يريد يخرج من البستان ركب عربانة و يقدر ان يصلي علی العربانة‌ باختياره يسجد يركع، لان ابو العربانة يمشي بهدوء، المشهور قالوا مي‌خالف اذا يتوب حتی السيد السيستاني يقول التائب من الذنب كمن لا ذنب له، هذا اذا تاب بعدُ، يصير مثل الطفل الذي ولد من امه بلا اي ذنب،‌ فصلاته صحيحة.

فهنا ايضا يقال بان هذا الذي دخل في الماء ينجبر يخرج من الماء، شتسوي؟ يبقی في الماء؟ يرتكب حرام ازيد؟ هو مجبور يخرج من الماء، و اذا تاب يكون عمله غير مبغوض. فلماذا لايصح غسله؟ بل ذكر الشيخ عبدالكريم الحائري قدس سره انه حتی ما يحتاج ان يتوب، لا اشكال في الصحة حال الخروج كما انه لا اشكال في صحة العبادة حال الخروج من الدار المغصوبة. فصارت النتيجة شنو؟‌ حتی نكمّل البحث في الليلة القادمة و هو آخر ليلة من هذه السنة، صار النتيجة هكذا: لعل المشهور انه اذا تاب فكانه لم‌يرتكب معصية، فيصح منه الغسل الارتماسي بعد ذلك كما صحت صلاة من خرج من الدار المغصوبة بعد توبته من دخوله فيها عصيانا، و الشيخ الحائري قال حتی ما نحتاج الی التوبة حتی لو لم‌يتب فعمله و عبادته تكون صحيحا علی الخروج.

فنتأمل في هذين المطلبين و نتأمل في سائر المطالب الی الليلة القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo