< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء

تتمة الكلام في المسألة 37

كان الكلام في المسألة 37 حيث ذكر جمع من الاعلام انه لو القی نفسه من شاهق في الماء و احتمل انه سوف يرتمس رأسه في الماء ففي صحة صومه اشكال. السيد البروجردي السيد الگلپايگاني هكذا قالوا، بينما ان السيد الخوئي قال لا،‌ حيث يحتمل انه لايدخل رأسه في الماء فحتی لو دخل رأسه في الماء لايبطل صومه.

نحن وجّهنا كلام هؤلاء الاعلام فقلنا بانه بناءا علی انكار الاستصحاب الاستقبالي فواضح، هذا مكلف بالاجتناب عن الارتماس في الماء و قاعدة الاشتغال تقتضي ان لايعمل عملا يخاف من انجراره الی رمس الرأس في الماء. كما لو وجب علی شخص ان لاينام، فيستصحب انه لاينام، فيستريح في السرير، من لايقبل الاستصحاب الاستقبالي يقول هذا الاستصحاب مو صحيح‌، و قاعدة الاشتغال تقتضي ان لاتستريح في السرير،‌ تقوم و تمشي أو تغسل وجهك بالماء البارد حتی تطمئن بانك سوف لاتنام. فهنا ايضا من لايری الاستصحاب الاستقبالي هكذا لابد ان يقول بانه مكلف بالاجتناب عن الارتماس في الماء فيجب عليه ان لايعمل عملا يخاف من انجراره الی رمس الرأس في الماء.

ان قلتم فلماذا هؤلاء الاعلام في مسألة بقايا الطعام في الاسنان لم‌يعلّقوا علی كلام صاحب العروة حيث جوّز عدم تخليل الاسنان مع احتمال ان بقايا الطعام بين الاسنان سوف تدخل في الحلق في اثناء النهار. نقول لعل هناك سيرة متشرعية علی ذلك و لعل هذا هو الفارق بين المقامين. أو هناك تمسكوا برفع النسيان لانه كان مفروض كلام صاحب العروة انه يحتمل ان بقايا الطعام سوف تدخل في حلقه اثناء النهار نسيانا. اما هنا ماكو قضية النسيان، لا، يلقي نفسه من شاهق في المسبح و يخاف ان رأسه يدخل في الماء، ماكو نسيان.

و اذا لم‌يجر الاستصحاب الاستقبالي فيجب عليه الاجتناب. و لكن من يؤمن بالاستصحاب الاستقبالي كالسيد الخوئي و السيد السيستاني و نحن نمشي وراءهم، نطبع اثرهم، فالظاهر انه لا وجه للاشكال يجري الاستصحاب الاستقبالي في انه لايدخل رأسه في الماء. فلو وقع رأسه في الماء كان ذلك عن عذر و المفروض اننا الغينا الخصوصية عن ارتكاب المفطرات نسيانا الی ارتكاب المفطرات عن عذر، فهذا اجتنب عن المفطرات بلاعذر، هذا الارتماس في الماء بمقتضی الاستصحاب الاستقبالي كان عن عذر و المفروض ان يجتنب عن كل مفطر لايكون ارتكابه عن عذر، ارتكاب هذا المفطر كان عن عذر، لم‌يجتنب عنه و لكن لايتقوم الصوم بالاجتناب عن المفطرات التي تقع عن عذر.

المسألة 40: اذا كان مكرها او مقهورا في الارتماس

اما بالنسبة الی المسألة 40 اذا كان مكرها في الارتماس لم‌يصح صومه بخلاف ما اذا كان مقهورا.

وافق الاعلام علی هذه الفتوی حيث فصّل صاحب العروة بين الاكراه و الالجاء. الالجاء يعني ان الفعل لايستند الی الملجَأ، بينما ان الاكراه لايسلب الاختيار عن المكره بل يختار المكره هذا الفعل دفعا للشر المتوجه اليه من قبل المكرِه.

و لاجل ذلك في قضية الاكراه علی الجماع يقولون اذا الرجل يجيء و اجبر زوجته علی الجماع بحيث سلب منها الاختيار، صوم المرأة صحيح، اما اذا لا، حددها، فهي ان قبلت ان يجامعها زوجها لكن باكراه فحينئذ يبطل صومها و لكن كفارتها علی زوجها. الامر هنا ايضا كذلك، اذا اكره علی الارتماس في الماء، حدد، قال اذا لم‌ترتمس في الماء نسجنك أو نقتلك يجوز له ذلك و لكن يبطل صومه. طبعا هذا يختلف عما لو الجأوه علی الارتماس في الماء، سلبوا منه الاختيار، اخذوا بيده و رجله و القوه في الماء، لا، هنا اصلا صومه لايبطل بشرط انه اذا تمكن من الخروج من الماء‌ أو اخراج رأسه من الماء يخرج رأسه من الماء.

هنا يوجد وجهان لتصحيح صوم المكره:

الوجه الاول لتصحيح صوم المکره (حديث الرفع) و النقاش فیه

الوجه الاول التمسك بعموم قوله عليه السلام رفع عن امتي ما استكرهوا عليه. يقال لماذا هذا الحديث لايرفع مانعية و مفطرية هذا الارتماس في الماء؟ رفع عن امتي ما استكرهوا عليه، اكره علی هذا الارتماس في الماء فرفع اثره عنه، اثره كونه مفطرا. و هكذا في رواية صحيحة ما صنعتم في شيء من تقية فانتم منه في سعة، طبعا هذه الصحيحة واردة في خصوص التقية، و لكن في رواية ثالثة كل شيء يضطروا اليه ابن آدم فقد احله الله. السيد الخميني رحمة الله عليه كان يقول التعبير باحله الله اعم من ان يكون حلال وضعي أو تكليفي، و كل شيء اضطر اليه ابن آدم فقد احله الله وضعا و تكليفا. هذا الارتماس في الماء اضطر اليه، و الاكراه قد يكون من مصاديق الاضطرار يعني لافرق بين الاضطرار و الاكراه من هذه الجهة، فقد احله الله يعني حلال تكليفي حلال وضعي.

هذا بحث اصولي. رأيت ان السيد الزنجاني قال خوش هذا القول بان ما استكرهوا عليه يرفع جميع الآثار اذا قبلنا ظهور هذا الحديث في رفع ما اضطروا اليه باطلاقه. يقول انا اری ان هذا الحديث لاظهور له في اكثر من رفع المؤاخذة كالشيخ الانصاري، رفع ما اضطروا اليه يعني رفعت المؤاخذة ما اضطروا اليه رفعت المؤاخذة‌ علی ما استكرهوا عليه، و لكن مثل السيد الخوئي الذي يقبل ان رفع ما اضطروا اليه مطلق، رافع لجميع الآثار، رفع ما استكرهوا عليه مطلق رافع لجميع الآثار، فلا وجه لان لايقبل رفع اثر المانعية و المفطرية في المقام.

نحن قلنا مضافا الی ان المتيقن من حديث الرفع رفع المؤاخذة انه حتی لو كان الحديث مطلقا كما يقول به السيد الخوئي، فوجوب القضاء اثر ترك صوم الواجب، هذا اكره علی ترك الصوم الواجب، فترك الصوم الواجب مو حرام لايعاقب عليه، ما يقولون له ليش تركت الصوم الواجب، يقول انا اكرهت علی ترك الصوم الواجب بما فيه الاجتناب عن الارتماس في الماء، لكن ترك الصوم الواجب و ان لم‌يستند الی المكلف فهو موضوع لوجوب القضاء، حديث الرفع لايرفع اثر الذي لا دخل لتعمد المكلف فيه. من اكره علی ترك الصلاة، خلوا علی رأسه المسدّس قالوا اذا تقوم تصلي نقتلك، هذا انجبر يترك الصلاة، هل يرتفع عنه وجوب القضاء؟ وجوب القضاء اثر ترك الصلاة اثر فوت الصلاة و لو لم‌يكن للمكلف اي ارادة و تعمد؟؟ في ذلك. فهنا رفع ما استكرهوا عليه يقول انت مكره علی ترك الصوم الواجب بما فيه الاجتناب عن الارتماس في الماء فهو مرفوع عنك يعني لايحرم عليك تركه، و لكن وجوب القضاء اثر ترك الصوم الواجب و ان لم‌يستند اليك و ان لم‌يكن لك ايّ تعمد في ذلك.

جواب سؤال: شرطية الاجتناب عن الارتماس في الماء في الصوم كشرطية الطهارة من الحدث في الصلاة هذه الشرطية ليست ثقيلة. فاذا اجبر الانسان علی ترك الوضوء و التيمم، يريد من الله يترك الصلاة، يقول ما يخلوني لااتيمم و لااتوضأ، اترك الصلاة، بقاء شرطية ‌الطهارة من الحدث ليس فيه ايّ ثقل علی هذا المكلف، يشكر ربه،‌ يقول هذا الظالم اللعين ما خلاني لااتوضأ و لااتيمم، من الله اريد تبقی شرطية الطهارة من الحدث في الصلاة حتی اترك الصلاة رأسا، فما هو الثقيل وجوب الصلاة مع الطهارة و يرتفع. هنا الثقيل علی هذا المكره وجوب الصوم المتقيد بالاجتناب عن الارتماس في الماء، هذا الوجوب ارتفع اما رفع الشرطية مع ان شرطية الارتماس في الماء ليست ثقيلة علی المكلف لانه اذا اكره علی الارتماس في الماء يقول الحمد لله بعد ان ارتمس في الماء اجيء و اتغدی اك كباب من البرة اشتريه فما اقدر آكل، و الاطفال ما يبقون شيئا الی المغرب، من الله يريد ان تبقی شرطية الاجتناب عن الارتماس في الماء، فليس في بقاء هذه الشرطية و الجزئية ايّ ثقل علی المكلف.

الوجه الثاني

الوجه الثاني ما يذكره السيد السيستاني و ان كان يحتاط في مقام الافتاء، و هو ما اشرنا اليه في الليالي الماضية من ان السنة لاتنقض الفريضة، كل واجب في الصوم أو في غير الصوم ثبت بالقرآن الكريم فهو فريضة و كل جزء أو شرط في المركب ثبت من غير القرآن الكريم فهو سنة، و الاخلال بذلك الذي ثبت بالسنة عن عذر لايوجب بطلان الفريضة. الصوم فريضة من فرائض الله، و الاجتناب عن الارتماس في الماء سنة لم‌يرد في القرآن الكريم، فهذا اخل بالسنة عن عذر، و الاخلال بالسنة عن عذر لايوجب انتقاض الفريضة.

لكن السيد السيستاني ما ادري ليش اهنانه ما افتی، قال اذا اضطر أو مثلا اكره علی شيء من المفطرات فان كان هو الجماع أو الاكل أو الشرب بطل صومه لانه فريضة، و اذا كان غير الاكل و الشرب و الجماع فيبطل صومه علی الاحوط يعني يجب عليه ان يستمر في الصوم و يقضي بعد شهر رمضان علی الاحوط. طبعا هذه المسألة خب مو مطروحة عند السيد السيستاني هنا لانه اصلا ما يری مفطرية الارتماس في الماء من اساس، لكنه لو كان مفطرا مثل مفطرية الاحتقان بالمايع و مفطرية القيء و مفطرية الاستمناء يقول مفطرية هذه الاشياء ثبت بالسنة يعني بغير القرآن الكريم و الاخلال العذري بها لايوجب انتقاض الصوم المفروض.

المسألة 41: اذا ارتمس لانقاذ غريق

المسألة 41: اذا ارتمس لانقاذ غريق،‌ هذا اضطرار أو تزاحم، بطل صومه و ان كان واجبا عليه.

المسألة 42: اذا كان جنبا و توقف غسله علی الارتماس

المسألة 42: اذا كان جنبا و توقف غسله علی الارتماس انتقل الی التيمم اذا كان الصوم واجبا معينا.

هذا مسلم عند الاصحاب و ذكروا في وجهه امورا نذكرها في الليالي القادمة ان‌شاءالله و لكن اصل المسألة مسلم. اذا كان الارتماس في الماء محرما و توقف غسل الجنب علی ارتماس في الماء فيكون الغسل غير مقدور له فهو لايقدر علی الغسل خصوصا و ان نفس هذا الغسل مصداق للحرام لا انه يتوقف علی مقدمة محرمة أو ترك واجب، لا، نفس هذا الارتماس في الماء محرم و مع كونه محرما فلايكون الغسل مقدورا، فينتقل وظيفته الی التيمم.

و ان كان مستحبا أو كان واجبا موسعا كصوم القضاء قبل الزوال وجب عليه الغسل و بطل صومه.

ما هو المقصود من قوله بطل صومه؟ هل يبطل صومه بمجرد وجوب الغسل عليه؟ هذا الذي صام صوم قضاء انتبه من النوم شاف نفسه محتلم، ما عنده قدرة علی انه يروح الی الحمام و يغتسل غسل ترتيبي، ما عنده الا طريق و هو يغتسل غسل ارتماسي و الا ماذا يصنع بالصلاة الظهر و العصر؟ فيجب عليه الارتماس في الماء كي يغتسل، انحصر الغسل بان يرتمس في الماء فيجب عليه، اذا لم‌يرتمس في الماء قال ما ارتمس في الماء،‌ خالف، فهل صومه يبقی صحيحا أو نفس وجوب الغسل عليه يوجب بطلان صومه؟

السيد الخوئي هنا ذكر مطلبا لازمه ان نقول ان وجوب الغسل عليه يوجب بطلان صومه. لماذا؟ قال هذا ليس من باب التزاحم. الوجوب الغسل عليه يعني يجب عليه الارتماس في الماء، لايمكن ان نقول يتوجه امر ترتبي في حقه بالصوم فيقالوا له ان لم‌ترتمس في الماء فيجب عليك ان لاترتمس في الماء، ميصير، الصوم ماذا؟ الصوم هو الاجتناب عن الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس في الماء فهل نصح ان نقول له ان لم‌ترتمس في الماء فيجب عليك الصوم اي يجب عليك ان لاترتمس في الماء، اذا لم‌ترتمس في الماء فيجب عليك ان لاترتمس في الماء، هذا طلب للحاصل.

السيد الخوئي حاول ان نجيب عن هذا الاشكال بجواب يا ليته لم‌يجب بهذا الجواب. ماذا قال؟ قال: الواجب حصة خاصة من ترك الارتماس في الماء و هو ترك التعبدي، الترك لله، اي مانع من ان يكون الواجب الترتبي هكذا: ان لم‌ترتمس في الماء فلاترتمس في الماء لله، و بهذا صح هذا الصوم.

لكن انا اسألكم سؤالا، اخليكم تفكرون في هذا المطلب الی الليلة القادمة، هل معقول انا اقول لكم مثلا اخرج من بيتك، يجب عليك ان تخرج من بيتك، لكن ان عصيتني و لم‌تخرج من بيتك فيكون ترك خروجك لاجلي. شنوها؟! كيف يكون تركك للخروج بتحريك مني و انا قلت لك اخرج من بيتك؟ انا امرتك بالخروج من بيتك فكيف يكون لك داع قربي الی ترك امتثال هذا الواجب؟ يا سيدنا الخوئي! الله سبحانه و تعالی امر هذا الشخص بالارتماس في الماء فكيف يصح ان يقول اذا كنت تترك هذا الواجب فيكون لك داعي الهي الی ترك الواجب؟ هل يعقل ان يكون للانسان داعي الهي الی ترك الواجب مع ان ترك الواجب حرام.

اصلا اذا لم‌يكن الانسان يری ان المولی يفرح بفعله لايمكن ان يقول انا فعلت هذا لخاطرك، لابد ان المولی يفرح بفعله. فاذا انا اشوف المولی ابدا ما يفرح بترك الارتماس في الماء يقول هذا ترك للواجب، يقول يا خبيث اشلون تترك الارتماس في الماء، انا اشوف هكذا، بعدا اقول انا لخاطرك يا الله، يا الهي لخاطرك اترك الارتماس في الماء، و الله سبحانه و تعالی يقول لاتترك، انا اقول اترك الارتماس في الماء لاجلك، هذا مو معقول.

فان كان هناك جواب عن ذاك الاشكال فينحصر ان نقول ان الصوم واجب مركب، واجب ارتباطي، فلا مانع من ان يقول الله سبحانه و تعالی ارتمس في الماء و لو كنت تترك الارتماس في الماء فصم يعني اجتنب عن مجموعة اشياء و يكفي في قصد القربة في الصوم ان يكون للانسان داعي الهي في ترك هذا المجموع و ان لم‌يكن له داع الهي في ترك الارتماس في الماء. فان تم هذا الجواب منا و قبلتموه فأهلا و سهلا و الا انا اوّصيكم لاتقبلوا هذا الذي ذكره سيد اساتذنا السيد الخوئي رضوان الله عليه في المقام فانه قابل للاشكال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo