< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء

 

كان الكلام في ذي الرأسين حيث ذكر الاعلام انه اذا اشتبه الرأس الاصلية بغير الاصلية فيحصل علم اجمالي بحرمة ارتماس الرأس الاصلية المشتبهة بينهما فيتنجز علی الصائم ان يجتنب عن رمس اي منهما.

مسألة ذي الرأسين باطلة من اساسها

و لايخفي ان ما رأيناه في بعض المواقع من ذي الرأسين ان هناك شخصين اندمج جسد احدهما بالآخر و لكن ظهر رأس كل منهما مثلا رأيت اختين كبيرتين لكن كل منهما تحرك اليد التي في طرفها فاحداهما تحرك يد اليمنی و الآخری تحرك يد اليسری فهما شخصان. و هكذا رأيت في الفيدئو‌ من بقر كان له رأس آخر في عقبه فهما بقران ملتصقان. و عليه فلانتعقل ان يكون شخص واحد له رأسان لان الرأس يتقوم بالدماغ المستقل و هذا يشكّل شخصية مستقلة.فما مر منا من صدق الرأس علی كل منهما مع كون الشخص واحدا فيشمله اطلاق ما دل علی ان الصائم لايرمس رأسه فرض غير معقول، فهما شخصان. نعم من الرقبة الی اسفل الرجلين اندمج جسد احدهما بالآخر. و اما اذا كان شخص واحد فلانتعقل ان يكون له رأسان بحيث يكون لكل رأس دماغ مستقل و تفكير مستقل، نعم يمكن ان يكون له رأس و له شبه رأس و لكن هذا لايشتبه علی نفس هذا الانسان بل لايشتبه علی الآخرين و لو فرض انه اشتبه علی الآخرين اي منهما رأسه فهو كيف يخفی عليه ان هذا رأسه دون ذلك لانه بهذا الرأس يفكّر و يأخذ قرار، يعزم علی شيء.

فاذن هذه المسألة باطلة من اساسها. نعم نحن تعقلنا وجود الرأسين لكن لشخصين. شوفوا بعض الفيدوئات اختين تسوقان سيارة و كل منهما تتكلم مع الاخری و تحرك كل منهما اليد التي في طرف رأسها، اما انسان واحد يكون له رأسان و تشتبه الرأس الاصلية بغيرها هذا فرض غير معقول بتاتة مي خالف، كفرض غير واقع نتكلم عنه.

كلام السيد الخوئي في المقام

السيد الخوئي طبّق علی هذا البحث مبناه في بحث الصوم في فرض العلم الاجمالي بمفطرية احد فعلين و حاصل مبناه في الشبهة الموضوعية للمفطر انه حيث يعلم اجمالا بلزوم الاجتناب عن هذا لكونه رمس الرأس في الماء مثلا أو ذاك لكون ذاك رمس الرأس في الماء، فيتعارض الاصل المؤمّن لنفي مفطرية رمس هذا في الماء‌ مع الاصل المؤمّن كاصل برائة المفطرية رمس الآخر و بعد تساقط الاصلين المؤمّنين فيتنجز ان يجتنب عن كل منهما. فلو رمس احدهما في الماء فحتی لو انكشف له بعد ذلك انها لم‌تكن رأس الاصلية، بطل صومه لان الصوم متقوم بالاجتناب عن الارتماس في الماء مثلا، الاجتناب غير الترك، لم‌يفعل مي خالف اما انه اجتنب عنه؟ لا. مثل شخص يخلي نفسه في الحوض و هو يتخيل انه به ماء، فيتبين انه لا، سراب، ما به ماء، هذا لم‌يجتنب عن الارتماس في الماء،‌ لم‌يرتمس في الماء لكنه لم‌يجتنب عنه، لم‌يبتعد عنه، لم‌يمسك نفسه عنه. فصومه باطل بالعلم التفصيلي فيما اذا فعله احدهما فقط و اما اذا فعل كلی الامرين خب واضح انه بطل صومه. فما يقول صاحب الكفاية من انه لايحكم ببطلان صومه الا برمس كلی الرأسين، هذا مو صحيح، حتی لو رمس احد الرأسين بطل صومه لانه لم‌يجتنب عن رمس الرأس في الماء بلاعذر. و لكن لاتجب عليه الكفارة‌ لان موضوع الكفارة‌ من ارتكب المفطر و الاستصحاب يقول هذا لم‌يرتكب المفطر.

طبعا هذا الكلام من السيد الخوئي مختص بالشبهة الموضوعية اما في الشبهة الحكمية كما مر سابقا في العلم الاجمالي بانه إما بلع خلط الصدر مفطر أو بلع خلط الرأس مفطر، ذكر السيد الخوئي انه لو بلع خلط الرأس مثلا لايحرز انه لم‌يجتنب عن المفطر، فلعل المفطر هو بلع خلط الصدر و هو اجتنب عنه، كان بناءه ان لايبلع خلط الصدر، و انما اراد ان يبلع خلط الرأس و هو في علم الله ليس بمفطر، فهو اجتنب عن المفطر. و لكن فيما اذا كانت الشبهة موضوعية كما في المقام أو المثال الذي سيأتي في المسألة 35 اذا كان مايعان يعلم بكون احدهما ماءا، هناك كل من المايعين شبهة مصداقية للماء و بعد تعارض اصل البراءة فيهما فهو اذا ارتمس في احدهما حتی لو لم‌يكن ماءا فهو لم‌يجتنب عن الارتماس في الماء فليس بصائم.

الملاحظات

هنا عدة مطالب:

المطلب الاول: نقول:‌ يا سيدنا الخوئي! اذا كان شخص قاطعا بان هذا ماء مثلا، فارتمس فيه ثم تبين انه ليس بماء،‌ صحيح كلامكم. نوی المفطر ثم تبين انه لم‌يرتكب المفطر، هذا ليس بصائم لانه لم‌ينو الاجتناب عن المفطر. و هكذا في المقام لو جزم بان هذا رأسه فرمسها في الماء ثم تبين انه لا، رأس الاصلية غير هذا. و اما في مورد العلم الاجمالي فهو يرتكب احد طرفي العلم الاجمالي برجاء انه ليس بمفطر، ان‌شاءالله مو مفطر، ان‌شاءالله هذا مو رأسي الاصلية، ان‌شاءالله هذا مو ماء، فارتمس فيه برجاء انه ليس بمفطر، هذا ليس منافيا للصوم بالنظر العرفي، هذا صائم.

كما ذكرنا فيمن لاعب زوجته كان يخاف من الإمناء و لكن برجاء ان لايحصل الإمناء لاعب زوجته و الحمد لله تاليا ما صار شيء، لم‌يمنِ، السيد الخوئي قال يبطل صومه لان لم‌يجتنب عن الإمناء بلاعذر، اتفق انه لم‌ يمن،‌ فقلنا هناك: لا، الواجب في الصوم ان يكون ناويا للصوم و من ينوي المفطر مع اعتقاده انه مفطر هذا يتنافی مع نيته الصوم و اما من ينوي المفطر برجاء انه ليس بمفطر، هذا لاينافي انه صائم بالنظر العرفي، نوی الصوم و هذا صائم.

و اما قوله عليه السلام في صحيحه محمد بن مسلم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الاكل و الشرب و النساء و الارتماس في الماء، لايظهر من الاجتناب اكثر من الترك، اجتنب يعني لم‌يرتكبه. لايظهر منه انه لو لم‌يرتكبه و لكن لو كان يتفق له فيعزمه احد الی ان يذهب الی المسبح فيرتمس في الماء لعله كان يقبل و لكنه تاليها لم‌يأت احد يعطي بطاقة مجانية بلاش، هذا يدوّر علی كل بلاش، و لا احد يجیء يقول تعال اعطيك بطاقة بلاش روح للمسبح، فما راح الی ان غربت الشمس، يقول: لا، صومك باطل لانك لم‌تجتنب عن الارتماس في الماء، العرف لايستظهر من هذا التعبير انه يلزم ان يكون بانيا علی عدم الارتماس في الماء علی اي تقدير، لابد ان يكون عرفا صائما و هذا صائم و انما لم‌ينو الاجتناب عن الارتماس في الماء لانه كان يعتقد انه ليس بمفطر، كان يعتقد انه ليس بمفطر، تاليها ترك الارتماس في الماء لسبب آخر، لايستظهر العرف من قوله عليه السلام لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الاكل و الشرب و النساء و الارتماس في الماء‌ انه مثلا لو كان هذا الشخص جاهلا بمفطرية الارتماس في الماء‌ و لاجل ذلك ما كان بناءه علی الاجتناب عن الارتماس في الماء لكنه اتفق انه لم‌يذهب الی المسبح و لم‌يرتمس في الماء نقول صومك باطل لانك لم‌تجتنب عن الارتماس في الماء. العرف يری التقابل بين الاجتناب عن الارتماس في الماء و ارتكاب الارتماس في الماء،‌ لايستظهر من العبارة‌ اكثر من هذا. نعم ماهية الصوم تتقوم بالنية، و لكن ماهية الصوم التي تتقوم بالنية الامساك عن المفطرات، بالارتكاز المتشرعي لاتتقوم بان لاينوي ارتكاب ما يحتمل انه مفطر برجاء انه ليس بمفطر، تاليه خب لم‌يرتكب المفطر، ارتمس في هذا المايع الذي هو طرف العلم الاجمالي بانه إما هذا ماء أو ذاك المايع الآخر برجاء انه ليس بماء، ثم تبين انه ليس بماء، هذا صائم عرفا.

فاذن هنا ايضا نقول بان هذا الذي رمس احدی رأسيه في الماء و هو اشتبه عليه ان ايّا منهما رأسه الاصلية، رمس رأسه الاولی برجاء‌ انها ليست رأسه الاصلية. لو اتفق انها لم‌تكن رأسه الاصلية لماذا نقول بانه ليس بصائم.

هذا هو المطلب الاول.

المطلب الثاني: لو قبلنا كلامكم سيدنا و مولانا، يا سيدنا الخوئي! قبلنا ان هذا العلم الاجمالي يوجب بطلان الصوم لو نوی ارتكاب احدهما، خلافا لصاحب العروة،‌ فيمكن ان نقول بوجوب الكفارة ايضا. فانه لايختص الصوم الواجب بهذا اليوم، غدا ايضا اك صوم واجب، ففي ذاك اليوم يعني بعد ما رمس رأسه الاولی في ماء يعلم اجمالا بانه إما يجب عليه قضاء صوم هذا اليوم لو كان رمسه ارتكابا للمفطر،‌ رمسا للرأس الاصلية أو انه يجب عليه الاجتناب عن رمس الرأس الاخری‌ في اليوم التالي. فهنا علمان اجماليان: علم اجمالي بوجوب الاجتناب عن رمس احد الرأسين و العلم الاجمالي انه إما وجبت عليه الكفارة برمس الرأس الاولی‌ في هذا اليوم أو يجب عليه الاجتناب عن رمس الرأس الاخری لانها هي الرأس الاصلية. اذا كان هذا العلم الاجمالي الثاني الذي احد طرفيه وجوب الكفارة، متأخرا زمانا عن العلم الاجمالي بوجوب الاجتناب عن رمس احد الرأسين فعلی مبنی السيد الخوئي لم‌يكن هذا العلم الاجمالي منجزا و لكن بالنسبة الی الايام اللاحقة الانسان مو عالم بانه سوف يبقی فاذا علم بانه سوف يبقی فيحدث علم اجمالي بوجوب الاجتناب عن رمس احد الرأسين و علم اجمالي آخر موجود بوجوب كفارة الصوم لانه رمس احدی رأسيه في اليوم السابق، و هذان العلم الاجماليان منجزان.

اذكر لكم مثالا من بحث الطهارة و النجاسة:

تارة اناء ساعة ثمانية علمت اجمالا بانه إما اناء زيد نجس أو اناء عمرو، ثم في الساعة التاسعة علمت اجمالا بانه إما اناء عمرو نجس أو اناء بكر،‌ فالعلم الاجمالي الثاني متاخر زمانا عن العلم الاجمالي الاول، فكل علم اجمالي متاخر زمانا كان احد طرفيه مشتركا مع العلم الاجمالي المتقدم زمانا، فالسيد الخوئي يقول هذا العلم الاجمالي المتاخر زمانا لايكون منجزا، لان اصل الطهارة أو اصل المؤمن الآخر يجري في الطرف الجديد و هو إناء بكر بلامعارض، لان اصل الطهارة في اناء عمرو تعارض مع اصل الطهارة في اناء زيد في الساعة السابقة و تنجز العلم الاجمالي بنجاسة احدهما في الساعة السابقة. هذا مبناه الاصولي وفاقا لجمع من الاعلام كصاحب الكفاية. و نحن خالفنا السيد الخوئي في ذلك و وافقنا صاحب البحوث و قلنا بان هذا العلم الاجمالي المتاخر منجز في عرض منجزية ‌العلم الاجمالي السابق.

و لكن علی مبنی السيد الخوئي نقول في المقام هناك علوم اجمالية‌ كثير‌ة في المقام، علم اجمالي بان رمس هذه الرأس في الماء مبطل للصوم أو رمس تلك الرأس في هذا اليوم، هذا هو العلم الاجمالي الاول، ‌العلم الاجمالي الثاني: إما رمس هذه الرأس مفطر أو رمس الرأس الثانية‌ في غد، هذا العلم الاجمالي قد يحصل متأخرا لاني لااعلم ببقائي الی غد أو الی بعد غد أو الی بعد شهر أو الی بعد سنة، ذاك العلم الاجمالي ليس متاخرا عن العلم الاجمالي بوجوب الكفارة علی هذا الشخص الذي رمس احدی رأسيه في هذا اليوم أو بوجوب اجتنابه عن رمس رأسه الاخری في يوم آخر في الايام القادمة و لاجل ذلك يكون مقتضی الاحتياط وجوب دفع الكفارة.

و بقية المطالب في الليلة القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo