< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/10/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء

الأحد – 16 شوال‌المكرّم 44

كان الكلام في حكم الارتماس في الماء حيث تعارضت فيه الروايات.

اما الروايات التي استدل بها علی مفطرية الارتماس في الماء فهي علی قسمين: القسم الاول ما دل علی ان الصائم و المحرم لايرتمس في الماء. هذه الروايات بنظرنا ليست ظاهرة‌ في الارشاد الی الحكم الوضعي بقرينة السياق فان اقتران الصائم بالمحرم يمنع من ظهور الحديث في الارشاد الی المفطرية فانه كان من الواضح جدا في العرف المتشرعي ان الارتماس في الماء لايبطل الاحرام لايبطل الحج و لا العمرة‌ و انما هو مجرد حرام تكليفي. فيمنع ذلك من ظهور النهي عن ارتماس الصائم في الماء في الحكم بالمفطرية. فهذا القسم لايدل علی اكثر من الحكم التكليفي. و اما القسم الثاني و هو الذي لم‌يكن مقترنا بحكم المحرم فهي عدة روايات.

اقرأ روايات القسمين. باب وجوب امساك الصائم عن الارتماس في الماء:

الرواية‌ الاولی صحيحة‌ يعقوب بن شعيب عن ابي‌عبدالله عليه السلام لايرتمس المحرم في الماء و لا الصائم. اقترن النهي عن ارتماس المحرم في الماء بنهي الصائم عن الارتماس في الماء هذا الاقتران يمنع من ظهور نهي الصائم عن الارتماس في الماء في الارشاد في المفطرية.

الرواية‌ الثانية صحيحة محمد بن مسلم الصائم يستنقع في الماء و يصب علی رأسه يعني يدخل في الماء و لايغمس رأسه في الماء. هذه الرواية اصحيحة من القسم الثاني، ليست مقترنة بحكم المحرم.

السيد الزنجاني ذكر ان هذه الرواية ايضا لاتدل علی حكم وضعي، فمن المحتمل انه يبيّن حكما تكليفيا. و هذا كلام متين. تارة يتعلق النهي بفعل في مركب، لاتقهقه في الصلاة هذا يكون ظاهرا في الارشاد الی المانعية، و اما اذا قيل الصائم لايغمس رأسه في الماء، فمن أين ندعي انه ظاهر في الارشاد الی المانعية؟

النهي عن فعل في مركب ارشاد الی المانعية، الامر بشيء في مركب ارشاد الی الجزئية أو الشرطية، سلمنا ذلك و ان كنا في الاصول و لانزال ندعي انه ليس هناك ضابط كلي بل يتبع مناسبات الحكم و الموضوع، من تكلم سهوا فيسلم ثم يأتي بسجدتين، لماذا تقولون بانه ارشاد الی جزئية سجدتي السهو في هذا الحال؟ انصافا العرف لايستظهر انه ارشاد. و لاجل ذلك المشهور لم‌يراعوا هذه القاعدة‌ التي تدعي ان الامر بشيء في مركب ارشاد الی جزئيته أو شرطيته و النهي عن شيء في مركب ارشاد الی مانعيته و لاجل ذلك السيد الخوئي يعترض عليهم في الفقه حينما يصلون الی ابحاث تندرج تحت هذه القاعدة‌ قد يقولون هذا حكم تكليفي، لاتقطع رأس الذبيحة، لاتنخّع الذبيحة، المشهور قالوا بانه حرام تكليفي، ‌اذا ذبح ذبيحته و لكن قبل ان تزهق روحها قطع رأسها المشهور قالوا هذا حرام تكليفي، السيد الخوئي يقول ابد، هذه الذبيحة تصير ميتة، و ان كان رعاية للناس أو خوفا من المشهور قال تحرم علی الاحوط، لكن في الطير كالدجاجة اك رواية‌ تدل علی ان الطير بشكل عام، اذا قطع رأسه قبل زهاق روحه فلايصير ميتة لكن في الشاة كثير من الناس تشوفون يقطعون رأس الشاة قبل زهاق روحها، السيد الخوئي قال: حتی لو صدر في حال الجهل بالحكم تصير ميتة علی الاحوط.

نحن قلنا في الاصول بان هذه القاعدة ليست ثابتة باطلاقها و تتبع مناسبات الحكم و الموضوع و لكن لو قبلنا تلك القاعدة التي تدعي ان الامر بشيء في ضمن مركب ظاهر في الارشاد الی جزئيته أو شرطيته و النهي عن شيء في ضمن مركب ارشاد الی مانعيته لكنه يختص بما اذا كان ظاهرا في النهي عن شيء أو الامر بشيء في ضمن مركب لا نهي المكلف المتلبس بهذا الوصف. الصائم لايرتمس في الماء من اين تدعون انه ظاهر في الارشاد الی المانعية حتی لو نظرنا الی مثل صحيحة محمد بن مسلم التي هي ليست مقترنة بحكم المحرم.

الرواية الثالثة رواية سهل بن زياد عن بعض اصحابنا عن مثني الحناط و الحسن الصيقل قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن الصائم يرتمس في الماء‌ قال لا و لا المحرم،‌ هذه الرواية من جملة‌ روايات القسم الاول التي قلنا بانها مقترنة بنهي المحرم عن الارتماس في الماء.

الرواية الرابعة معتبرة حنان بن سدير انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن الصائم يستنقع في الماء (يدخل في الماء) قال لابأس و لكن لاينغمس (أي لايرمس جسده في الماء) و المرأة لاتستنقع في الماء لانها تحمل الماء بقبلها. يحمل علی الكراهة هذا الذيل، فهذه من الروايات القسم الثاني و لكن مجرد نهي و قلنا بانه لايكون ظاهرا في الارشاد الی المفطرية بل قابل للحمل علی الحكم التكليفي يعني من اساسها ليست ظاهرة في الارشاد الی المفطرية.

الرواية الخامسة صحيحة الحلبي عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال الصائم يستنقع في الماء و لايرمس رأسه. هذه الرواية من قبيل القسم الثاني و لكن قلنا بانها ليست ظاهرة في الارشاد الی المانعية. الصائم يسنتقع في الماء يجوز له ان يدخل في الماء لكن لايجوز له ان يرمس رأسه، لماذا؟ هل هذا حرام تكليفي عليه أو انه مبطل لصومه، مو معلوم.

الرواية السادسة صحيحة حريز عن ابي‌عبدالله عليه السلام لايرتمس الصائم و لا المحرم رأسه في الماء. هذه الرواية من جملة روايات القسم الاول.

الرواية السابعة موثقة علی بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبدالله عن عبدالله بن سنان عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال يكره للصائم ان يرتمس في الماء.

قد يناقش في سند هذه الرواية من ناحية ان اسناد الشيخ الطوسي الی كتب ابن فضال يشتمل علی علي بن الزبير القرشي و هو لم‌يوثق.

و اجيب عنه بجوابين:

الجواب الاول ما ذكره السيد الخوئي من انه هنا يمكن تعويض السند، فان النجاشي ذكر طريقين الی كتب ابن فضال: الطريق الاول نفس الطريق الشيخ الطوسي، احمد بن عبدون عن علی بن الزبير القرشي عن ابن فضال. هذا الطريق ضعيف. ثم قال النجاشي:‌ و اخبرنا بها في آخرين محمد بن سعيد عن ابن فضال. الطريق الثاني صحيح. و ظاهر كلام النجاشي انه يشهد بانه اخبره بنفس تلك النسخ التي اخبر بها الطريق الاول و المفروض ان الطريق الاول طريق الشيخ ايضا، فيعني ان الطريق الثاني للنجاشي اخبر بما اخبر به الطريق الاول الشيخ و النجاشي من نسخ كتب ابن فضال. فهذا يسمی بتعويض السند الذي يقبلها السيد الخوئي. و لكنه مبني علی ان تكون هذه الطرق طرقا الی نسخ الكتب لا الی عناوين هذه الكتب فانه لو لم‌يكن طريقا الی نسخ الكتب لاينفعنا، النجاشي يذكر انه الی كتاب ابن فضال له طريق معتبر، لكن لعل الشيخ الطوسي ينقل من نسخة ليس اليها طريق معتبر.

الوجه الثاني ان الشيخ ذكر طريقا آخر في كثير من المجالات الی كتب ابن فضال، و هذا الطريق معتبر و حيث انه كرر هذا الطريق الثاني الی كتب ابن فضال فيحصل الوثوق بانه كان لديه اكثر من طريق الی كتب ابن فضال، و خاصة ان كتب ابن فضال كانت كتبا مشهورة و اصالةالحس تحكم بانها وصلت الی الشيخ الطوسي بطرق لو وصلت الينا لكنا نطمئن بها. فان الشيخ الطوسي يشهد بان ما ينقل منه هو كتاب ابن فضال.

فالسند معتبر.

اما الدلالة، يكره للصائم ان يرمس رأسه في الماء، قد يقال بان لفظ الكراهة في الروايات ظاهر في الكراهة الاصطلاحية و هذا ما قد يترائی في كلمات السيد الداماد قدس سره. و في قبال ذلك يدعی كما ورد في كلمات السيد السيستاني ان كلمة يكره في الروايات ظاهرة في الحرمة. و لكن نحن نقول لا هذا و لا ذاك، مجملة، لاتدل لا علی الكراهة الاصطلاحية بخصوصها و لا علی الحرمة بل جامعة بينهما لكن مع ذلك نقول هذه الرواية ايضا لاتدل علی الارشاد الی المفطرية يكره للصائم ان يرتمس في الماء حتی لو دل علی انه يحرم. لو كان "يكره" ظاهرا في الكراهة الاصطلاحية‌ لكان يعارض الروايات الدالة علی حرمة الارتماس في الماء في حال الصوم.

الرواية الثامنة صحيحة محمد بن مسلم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشرب و النساء و الارتماس في الماء. هذه الرواية اهم الروايات. نحن امس قلنا بانه بناءا عي مبنی السيد الصدر لو تعارضت هذه الصحيحة‌ مع رواية اسحاق بن عمار: رجل صائم ارتمس في الماء‌ متعمدا هل عليه قضاء ذلك اليوم قال عليه السلام ليس عليه قضاءه و لايعودن، لو تعارضت هاتان الروايتان المعتبرتان فعلی مسلك السيد الصدر يكون المرجع بعد تساقطها و عدم مرجح لايّ منهما و لا جمع دلالي بينهما، يكون المرجع تلك الروايات الاخری الظاهرة غير الصريحة في مفطرية الارتماس في الماء و لكن هذه الليلة قرأنا تلك الروايات فلم نظفر علی رواية تكون ظاهرة في الارشاد الی المفطرية بل كلها مجملة تصلح لان يراد منها الحرمة التكليفية.

و بالنسبة الی صحيحة محمد بن مسلم و رواية اسحاق بن عمار ذكرنا انه انصافا يوجد جمع دلالي عرفي، احدهما يقول كلما صنع الصائم لايضره بشرط ان يجتنب عن الطعام و الشراب و الجماع و الارتماس في الماء، يعني اذا ارتمس في الماء فهو يضر بالصائم، اذا ارتمس الصائم في الماء فهو يضره، "يضره" ظاهر في انه يبطل صومه لكن ليس صريحا في ذلك، يمكن ان يكون مضرا بالصائم بلحاظ انه ارتكب محرما و اوجب نقص وصف واجب لصومه لكنه مع ذلك يكون مجزئا هذا الصوم الناقص عن الواجب.

السيد الخوئي قال هذه الرواية صريحة في المفطرية لانه ان حملت علی الحرمة التكليفية فاشكاله ان الصوم لايختص بالصوم الواجب، هل تلتزمون بانه في الصوم المستحب يكون الارتماس في الماء حرام تكليفي و لكن ابطال الصوم ليس حراما تكليفيا؟ كيف تلتزمون بذلك،؟ فلايمكن حمل هذه الصحيحة علی بيان الحرمة التكليفية. و الحمل الثاني ان تحمل هذه الصحيحة‌ علی بيان الكراهة الوضعية و هذا ايضا غير محتمل لانه لامعنی للكراهة الوضعية،‌ الحكم الوضعي يعني البطلان، الكراهة الوضعية يعني كراهة البطلان؟ شنو معناه؟ استحباب البطلان كراهة البطلان لا معنی له.

نقول يا سيدنا الخوئي! انتم منعتم من الحمل الاول و هو الحمل علی الحرمة الوضعية لان صحيحة محمد بن مسلم لاتختص بالصوم الواجب المعين بل يشمل غيره و لايمكن الالتزام بان ابطال الصوم في غير الصوم الواجب المعين جائز لكن الارتماس فيه ليس بجائز. لماذا لاتقولون بان ما ذكرتم يشكل قرينة لبية علی حمل صحيحة محمد بن مسلم علی ارادة الحرمة التكليفية في خصوص الصوم الواجب المعين و اما في غير الصوم الواجب المعين فنلتزم بالكراهة، اي مانع من ذلك؟ نعم نحن معكم في ان الارتكاز العرفي يأبی عن القول بان الاكل أو الشرب أو الجماع في الصوم الواجب غير المعين كصوم القضاء قبل الزوال أو الصوم المندوب حلال لكن لو ارتمس هذا الصائم في الماء يعاقب عليه و الملائكة تلعنه؟ هذا خلاف المرتكز لكن ما هو المانع من ان يكون ما ذكرتم قرينة لبية علی حمل النهي عن الارتماس في الماء في هذه الروايات و في رواية اسحاق بن عمار حيث ورد فيها و لايعودن، نقول بان النهي فيها نهي تكليفي الزامي و لكن مختص بمن كان صائما صوما معينا خصوصا رواية اسحاق بن عمار موردها من صام و ارتمس في الماء هل عليه قضاء، يعني صوم الواجب، و لعله الصوم الواجب الذي يعبر بان عليه القضاء و الامام يقول ليس عليه قضاء و لايعودن.

و اما ما يذكره السيد الزنجاني من انه اي مانع من ان يكون الصوم المندوب مادام شخص صائما محكوما بحكم تكليفي؟ ألاتری ان المحرم في حج مندوب أو عمرة‌ مندوبة يكون محكوما باحكام تكليفية مادام محرما؟ نقول يا سيدنا! من احرم لايمكنه ان يبطل احرامه، يبقی محرما حتی يقضي النسك نعم هذا يحرم عليه محرمات الاحرام اما في المقام في كل آن و لحظة يجوز لهذا الصائم في الصوم الواجب غير المعين أو الصوم المندوب ان يبطل صومه بلا نية مسبقة، و لو لم‌ينو الابطال للصوم، رأسا اكل الطعام، رأسا جامع اهله، لم‌يرتكب محرما لكنه لو ارتمس في ماء الحوض الملائكة تلعنه؟ و لكن لو اكل أو جامع اهله الملائكة ترحّب به، هذا خلاف المرتكز.

نحن ذكرنا مثالا آخر، العقد الجائز الشرط فيه لازم الوفاء مادام العقد جائزا و لكنه يمكن فسخ العقد الجائز، صحيح لكن هناك اك انشاء لفسخ العقد، مادام لم‌يفسخ العقد يجب الوفاء به و بشروطه، صحيح اما هنا ليس ابطال الصوم المندوب امرا انشائيا، يبطل بالاكل بالجماع و لو لم‌ينشئ فسخه قبل ان يرتكب هذا الشيء و هذا حلال و لكن لو ارتمس في الماء تقولون حرام، هذا خلاف المرتكز.

فاذن نحن نقول بان مقتضی الصناعة ان نلتزم بالحرمة‌ التكليفية للارتماس في الماء‌ في الصوم الواجب المعين و لو كان معينا بالعرض كما لو زالت الشمس و هو كان ناويا لصوم القضاء عن نفسه. و اما بالنسة الی غير هذا الصوم نلتزم بالكراهة.

و اما التزام السيد السيستاني بالكراهة مطلقا و لعله لاجل اطلاق صحيحة محمد بن مسلم يشمل الصوم المندوب و لايعقل الالتزام بحرمة الارتماس فيه فلابد ان نحمل النهي عن الارتماس أو النهي عن العود علی الكراهة، فجوابه انه لامانع من الالتزام بالكراهة في غير الصوم الواجب المعين، لماذا في الصوم الواجب المعين تلتزمون بالكراهة؟ لا،‌ التزموا فيه بالحرمة‌ و هذا مورد اسحاق بن عمار.

و اما ما في المستمسك من ان التعبير ب‌ لايعودن مثل هذا التعبير ورد في عدة روايات و يكون ظاهرا في الكراهة، لم‌نجد، انا ما خطر ببالي مورد آخر يكون مثل رواية اسحاق بن عمار الظاهر في الكراهة.

فالحاصل ان مقتضی الصناعة الالتزام بكون الارتماس في الماء حرام تكليفي في الصوم الواجب المعين و لكن حيث ان المشهور افتوا بمفطريته فنحتاط وجوبا بكونه مفطرا و لكن ينبغي الافتاء بحرمته التكليفية في حق الصائم في الصوم الواجب المعين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo