< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء

كان الكلام في مفطرية الارتماس في الماء حيث نقلنا عن المشهور انهم افتوا بمفطريته و لكن ذهب جماعة الی حرمته التكليفية فقط و جماعة آخرون الی كراهيته التكليفية. فنقل عن الكليني رحمة الله عليه انه كان يری كراهته حيث ذكر عنوان باب المسألة هكذا: باب كراهية الارتماس. و اما الشيخ الطوسي فهو كان يفتي بمفطريته الا في كتاب التهذيب حيث قال بكراهته و لعل منشأه انه اول كتاب كتبه في الفقه في ايام شبابه فافتی بكراهته ثم افتی وفق ما افتی به المشهور من مفطريته.

و الفقهاء المتاخرون كثير منهم استشكلوا في مفطريته و لاجل ذلك ترون انهم في تعليقة العروة الشيخ الحائري، السيد الحكيم، السيد الگلپايگاني، السيد الخميني كلهم قالوا بان الارتماس في الماء مبطل للصوم علی الاحوط و هذا السيد الحكيم في المستمسك قوّی القول بكراهته كما انا نقلنا عن السيد السيستاني انه يفتي بكراهته.

المهم ان نلحظ الروايات.

تتمة كلام السيد الخوئي حول رواية اسحاق بن عمار

السيد الخوئي قال الروايات كالصريحة في مفطرية الارتماس في الماء، تبقی رواية اسحاق بن عمار و لكنها لاتصلح لمعارضة تلك الروايات القطعية الصدور اجمالا لانها تصير خبرا مخالفا للسنة القطعية و الخبر المخالف للسنة القطعية ليست حجة، ما خالف الكتاب و السنة‌ فهو مردود. و مع غمض العين عن ذلك قال رواية اسحاق بن عمار موافقة للعامة لان احمد بن حنبل ذهب الی كراهة الارتماس في الماء.

يا ليت السيد الخوئي كان يقول رواية اسحاق بن عمار موافقة للعامة بشكل عام لانها تقول ليس عليه قضاء، من ارتمس في الماء متعمدا أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال ليس عليه القضاء و لايعودن. اما ان يقول السيد الخوئي بان هذه الرواية موافقة لفتوی احمد بن حنبل هذا غريب لان هذه الرواية من الامام الصادق عليه السلام و احمد بن حنبل ولد بعد وفاة الامام الصادق عليه السلام. نعم لو كان يقول هذه الرواية بقرينة ذيلها و لايعودن تدل علی الكراهة للارتماس في الماء و هي موافقة لفتوی الحسن البصري مثلا كان له وجه و لكن فتوی جماعة قليلين بالكراهة مع ذهاب مشهور العامة‌ الی جواز الارتماس في الماء في حال الصوم بلا اية‌ كراهة هل يجعل رواية اسحاق بن عمار موافقة للعامة اي موافقة لفتوی‌ من يفتي بالكراهة؟ كان ينبغي ان يقول السيد الخوئي هذه الرواية موافقة لكل العامة ‌من حيث انها تدل علی عدم القضاء اي تدل علی صحة الصوم.

كلام السماحة السيد الزنجاني في المقام

السيد الزنجاني اختار كون الارتماس في الماء محرما تكليفا و قال في وجهه ان ما دل علی ان الصائم لايرتمس في الماء اصلا ليس ظاهرا في الارشاد الی المفطرية، اصرار السيد الخوئي ان هذا الخطاب ظاهر في الارشاد لا وجه له و لااقل بقرينة ذكر المحرم مع الصائم فانه لاريب في ان المحرم يحرم عليه تكليفا الارتماس في الماء. و قد دلت الروايات ان الصائم و المحرم لايرتمسان في الماء فكيف ينعقد ظهور في هذه الروايات في انها بصدد الارشاد الی مانعية و مفطرية الارتماس في الماء في حال الصوم.

تبقی روايتان: رواية البرقي عن ابيه محمد بن خالد باسناد رفعه الی ابي‌عبدالله عليه السلام قال خمسة اشياء تفطر الصائم الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس في الماء و الكذب علی الله و علی رسوله و علی الائمة عليهم السلام. هذه الرواية مرسلة. الرواية‌ الثانية صحيحة محمد بن مسلم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الاكل و الشرب و النساء و الارتماس في الماء. يقول السيد الزنجاني في هذه الصحيحة عدة مناقشات بعضها تام و بعضها غير تام:

المناقشه الاولی ما يقال من ان هذه الصحيحة دلت علی ان الارتماس في الماء يضر بالصائم، ما قال يضر بصومه، حرام تكليفي و كل حرام تكليفي يضر بمرتكبه، مثل ما يقال اذا ارتمس المحرم في الماء اضر به لا انه اضر باحرامه اضر بالمحرم من حيث انه يوجب استحقاقه للعقاب. هذه المناقشة يقول السيد الزنجاني كما ذكر غيره من الاعلام غير تامة فان الظاهر من هذا التعبير ان الارتماس في الماء يضر بالصائم من حيث انه صائم. خصوصا و انه اقترن بالاكل و الشرب و النساء،‌ بل يقال ان ظاهر هذه الصحيحة ان الارتماس في الماء يوجب خللا في الصوم كما ان الاكل و الشرب و النساء ارتكاب الاكل و الشرب و الجماع مع النساء يوجب الخلل في الصوم. فهذه المناقشة الاولی‌ غير تامة.

المناقشة الثاني التي يقبلها السيد الزنجاني هي ان الارتماس في الماء يضر بالصوم لكن لايعني انه لايجزئ عن الصوم الواجب، هذا الصوم يصير ناقصا و لكن في نفس الوقت قد يكون الصوم الناقص المتضرر من جهة الابتلاء بالارتماس في الماء مسقطا و مجزئا عن الصوم الواجب.

ألاترون ان من يؤخر غسل الجنابة‌ في ليالي شهر رمضان الی ضيق الوقت هذا يضر بصومه و الا فغسل الجنابة ليس واجبا نفسيا،‌ لماذا قيل إسرع اغتسل من الجنابة قبل ضيق الوقت لئلا يوجب ضررا و نقصا في صومه و لكنه لو تيمم في ضيق الوقت و صام فالصوم الناقص مع التيمم يجزئ عن الصوم الواجب و لايكون علی هذا المتيمم قضاء الصوم. فاذا ورد في رواية ان ترك غسل الجنابة‌ يضر بالصوم و ورد في رواية‌ اخری ان من اخّر غسل الجنابة‌ الی ان ضاق الوقت فان تيمم في ضيق الوقت و صام فليس عليه قضاء فهل يوجد منافاة بينهما؟ لا،‌ الارتماس في الماء يضر بصومه، مي خالف، ‌يوجب نقصه، يصير صومه ناقصا، و لكن هذا الصوم الناقص المبتلی‌ بالارتماس في الماء يكون مجزئا عن الواجب اما الصوم الذي يكون مبتلی بالاكل لايكون مجزئا عن الواجب لان الدليل دل علی ان الارتماس في الماء اذا صام المكلف و ارتمس في الماء فليس عليه قضاء. و لااقل من كون ما ذكرنا مقتضی الجمع العرفي. لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب عن ثلاث الاكل و الشرب و النساء و الارتماس في الماء، ‌يعني ان الارتماس في الماء يضر بالصوم، رواية اسحاق بن عمار تقول من ارتمس في الماء‌ متعمدا فليس عليه قضاء و لايعودن. فالسيد الزنجاني يقول هذه المناقشة الثانية هي المناقشة التامة.

المناقشة الثالثة و التي لايقبلها السيد الزنجاني ان يقال بان الضرر اعم من النقص في الوصف الواجب و النقص في وصف الكمال. بمقتضی رواية اسحاق بن عمار نقول الارتماس في الماء يضر بصوم الصائم ضررا لايوجب فوت وصف واجب و انما يوجب فوت وصف كمال. يقول السيد الزنجاني هذه المناقشة لانقبلها لان كثيرا من المكروهات في الصوم توجب نقصا في الصوم فلماذا خصوا الارتماس في الماء بالذكر.

ان قلتم: الالتزام بان الارتماس في الماء لايبطل الصوم اخذا بقوله عليه السلام في رواية اسحاق بن عمار ليس عليه قضاء، و انه حرام لا مكروه، هذا يشتمل علی غرابة و هي كما ذكره جمع من الاعلام ان يكون الصوم المندوب محكوما بحرمة الارتماس في الماء في حال الصوم المندوب و هذا غريب. اذا قلنا بكراهته مي خالف لابأس، اذا قلنا بمفطريته لابأس اما نقول الصوم المندوب يحرم في اثناءه ان يرتمس الانسان في الماء هذا امر غريب، ‌لايحرم ان يبطل الانسان صومه لكن يحرم ان يرتمس في الماء؟ و هذا نقض علی القول بان حرمة الارتماس في الماء حرمة‌ تكليفية.

لكن السيد الزنجاني يقول لابأس بان نلتزم حتی في الصوم المندوب ان الارتماس في الماء حرام تكليفي مادام هو ناويا للصوم. فالاشكال بان ما دل علی ان الصائم لايرتمس في الماء أو ما دل علی انه لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب الارتماس في الماء ليس مختصا بالصوم الواجب يشمل الصوم المندوب و في الصوم المندوب غريب جدا ان نلتزم بكون الارتماس في الماء حرام تكليفي، لا، مادام هو ناويا للصوم المندوب يحرم عليه تكليفيا الارتماس في الماء، اي اشكال فيه؟

في العقد الجائز، هذا الكلام من عندي، وقع الكلام هل يجب الوفاء بالشرط المذكور في ضمن العقد الجائز ام لا؟ أو انه يختص وجوب الوفاء‌ بالشرط بخصوص العقد اللازم؟ فيقال و هو الصحيح ايّ مانع من ان نلتزم بوجوب الوفاء‌ بالشرط المذكور في ضمن العقد الجائز مادام لم‌يفسخ المتعاقدان أو احدهما هذا العقد الجائز. يا ابه! اذا تريد تفسخ العقد الجائز مي خالف افسخ،‌ عقد مضاربة عقد جائز افسخ هذا العقد المضاربة، مي خالف، تتمكن من ذلك، اما مادام لم‌تفسخ العقد المضاربة‌ فيجب عليك الوفاء بالشروط المذكورة‌ في العقد المضاربة. و هذا امر عقلائي.

فهنا نقول انت مادام ناويا للصوم فتعنون بعنوان الصوم و من آداب الصائم ان لايرتمس في الماء و يحرم عليه الارتماس في الماء. نعم اذا نويت ان لاتكون صائما مي خالف، ‌روح و ارتمس في الماء. و لاجل ذلك يقول السيد الزنجاني ان الارتماس في الماء حرام تكليفي في حال الصوم كما ان الارتماس في الماء حرام تكليفي في حال الاحرام جمعا بين الروايات.

و اما ما قد يقال بالنسبة‌ الی رواية اسحاق بن عمار رجل ارتمس في الماء‌ متعمدا هل عليه قضاء ذلك اليوم قال عليه السلام ليس عليه قضاء و لايعودن ما قد يقال من انه حيث كان العامة كلهم يفتون بان الارتماس في الماء ليس مفطرا، فيمكن حمل هذه الرواية علی الشيعي الذي ارتمس في الماء و هو جاهل بمفطرية الارتماس في الماء، فلعل الامام يری ان الارتماس في الماء لايبطل صوم الجاهل بحرمة‌ الارتماس في الماء و مفطريته. رأی الامام عليه السلام ان من يرتمس في الماء عادة جاهل لان الشيعة كانوا مختلطين مع العامة و العامة كلهم يفتون بصحة الصوم علی الارتماس في الماء و عدم حرمة الارتماس في الماء،‌ فالامام يقول هذا الذي ارتمس في الماء‌ متعمدا عادة لم‌يسمع ان الارتماس في الماء حرام و مفطر،‌ مي خالف، مادام لم‌يسمع ذلك فهو جاهل بكون الارتماس في الماء مفطرا فانا اقول ليس عليه قضاء و لكن لايعودن. السيد الزنجاني نعم هذا بيان لابأس به الا اننا ذكرنا في محله ان ارتكاب المفطرات عن جهل بمفطريته لايمنع من بطلان الصوم.

يا ليت السيد الزنجاني يقول هذا الحمل خلاف اطلاق الرواية. الحمل علی خصوص الجاهل و انه ارتمس في الماء متعمدا اي لم‌يكن ناسيا لصومه كان ملتفتا الی صومه فارتمس في الماء متعمدا حمل هذه الرواية‌ علی خصوص الجاهل خلاف اطلاق الرواية و يكون مجرد جمع تبرعي. يا ليت السيد الزنجاني هكذا يقول. و اما انه قال نحن منعنا عن الحكم بصحة صوم المرتكب للمفطرات عن جهل لماذا منعتم؟ اولا اك رواية في الجماع: رجل جامع اهله و هو صائم و هو يزعم انه حلال له قال ليس عليه شيء، اك رواية في خصوص الجماع. السيد الخوئي حمله علی انه ليس عليه شيء اي ليس عليه كفارة، مي خالف، و لكن بالنسبة‌ الی الارتماس في الماء رواية اسحاق بن عمار اذا اقتضت صحة صوم من ارتمس في الماء و هو جاهل بالحكم ما هو المانع من العمل بمقتضی هذه الرواية ان قبلنا باختصاص هذه الرواية بجاهل الحكم، ‌لماذا لانعمل بمضمون هذه الرواية؟

و يؤيد ذلك قاعدة السنة لاتنقض الفريضة. أليس السيد السيستاني يقول كل من ارتكب المفطرات غير الاكل و الشرب و الجماع، ارتكب سائر المفطرات التي لم‌يرد في القرآن الكريم بيان حكمها، فان كان جاهلا قاصرا صح صومه حتی يصرح يقول بعض الشباب العياذبالله في ايام شهر رمضان يمارسون العادة السرية يقول السيد السيستاني اذا هم عندهم جهل قصوري بمفطرية ممارسة العادة السرية فصومهم صحيح، حتی لو كانوا عالمين بحرمتها التكليفية. ممكن ان نلتزم بذلك في خصوص الارتماس في الماء علی الاقل لاجل هذه الرواية. و لكن المشكلة ان هذه الرواية‌ مطلقة لاتختص بالجاهل فهذا البيان غير صحيح.

تاملوا في دعوی السيد الزنجاني حيث قال الارتماس في الماء حرام تكليفي و لكنه ليس بمفطر للصوم،‌ فنلاحظ هل هذا البيان تام أو ان ما يذكره السيد السيستاني من انه حتی الارتماس في الماء مو حرام تكليفي، مكروه و ليس الا، هل اي من البيانين صحيح، نتكلم عن ذلك في ليلة الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo