< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الخامس (الكذب علی الله و الرسول و الائمة عليهم السلام)

 

المسألة 24: نقل الخبر المکذوب في کتاب

المسألة 24: لا فرق في البطلان بين ان يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الاخبار أو لا فمع العلم بكذبه لايجوز الاخبار به و ان اسنده الی ذلك الكتاب الا ان يكون ذكره له علی وجه الحكاية دون الاخبار.

يقول صاحب العروة: اذا رأی في كتاب خبرا عن النبي أو الامام عليهما السلام و كان يعلم بكذبه لايجوز له ان يخبر به الا ان يقول ورد في كتاب ان الامام قال كذا. هذا هو المقصود من قوله الا ان يكون ذكره له علی وجه الحكاية دون الاخبار يعني لايخبر عن الامام و انما يحكي عن ذلك الكتاب. فاذن المقصود من قوله لايجوز الاخبار به و ان اسنده الی ذلك الكتاب هو ان يخبر عن الامام لكن يقول أعتمد علی هذا الكتاب، هو يخبر عن الامام، ‌هو يقول قال الامام عليه السلام كذا، و مستندي كتاب فلان، فهو كذب علی الامام عليه السلام الا ان يكون مقصوده ان الامام قال كذا علی ما نقله ذلك الكتاب، فحينئذ لايبطل صومه بذلك.

ثم قال بل لايجوز الاخبار به علی سبيل الجزم مع الظن بكذبه بل و كذا مع احتمال كذبه الا علی سبيل النقل و الحكاية. لايجوز يعني لايجوز تكليفا. فالاحوط لناقل الاخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر ان يسنده الی الكتاب أو الی قول الراوي علی سبيل الحكاية.

اولا: افتی بانه مع احتمال كذب هذا الخبر الموجود في كتاب لايجوز ان يخبر به جزما، ثم قال الاحوط ان يسنده الی الكتاب، ان كان المقصود هو الاحتياط في مقام التكليف هذا ينافي الفتوی السابقة بعدم جواز الاخبار الجازم مع عدم حصول العلم له بصدق هذا الخبر. و ان كان مراده من الاحتياط الاحتياط بلحاظ الحكم الوضعي، يعني بعد ان لم‌يجز الاخبار بغير علم قطعا كفتوی يقول الاحوط لزوما انه يخل بصومه، الاحوط انه يخل بصومه اذا اخبر بغير علم، و هنا قد يقال الاخبار بغير علم حرام إما مطلقا كما قد يستفاد من قوله عليه السلام حق الله علی العباد ان يكفوا عما لايعلمون، و يؤيده ما ورد في نهج البلاغة من قوله عليه السلام لاتقل ما لاتعلم، أو ان القول بغير علم حرام في خصوص الاخبار عن الحكم الشرعي، حرم عليكم ان تقولوا علی الله ما لاتعلمون و من افتی بغير علم لعنته ملائكة السماء و الارض.

الإخبار بغير علم

انما الكلام في انه هل يبطل صومه بذلك إما فتوی أو احتياطا؟ الشيخ الانصاري قال لا دليل عليه. الاخبار بغير علم قد يكون مطابقا للواقع فلايكون كذبا. ‌يكون الاخبار بغير علم شبهة مصداقية للكذب، فتجري البراءة عن مفطريته.

المحقق الهمداني قال: لا، تتنجز مفطريته و مثّل له بالعلم الاجمالي بكون احد المايعين ماءا حيث تتعارض البراءة عن مفطرية هذا المايع مع البراءة عن مفطرية المايع الآخر، فلايجوز له ارتكاب ايّ منهما قضاءا لحق العلم الاجمالي.

تمسك السيد الخوئي بالعلم الاجمالي

السيد الخوئي كبّر هذا العلم الاجمالي، فإما انه اخذه من المحقق الهمداني كما استفاد هو كثيرا من هذا المحقق العظيم و اعترف في بعض كلماته بانا قد استفدنا من هذا الرجل من المحقق الهمداني كثيرا، أو انه خطر بباله، علی اي حال كبّر هذا العلم الاجمالي، قال: يعلم اجمالا في موارد الشك ان الاخبار بالوجود إما كذب أو الاخبار بالعدم كذب، انت تشك ان الامام الصادق قال تجب صلاة ‌الجمعة أو لم‌يقل،‌ فتعلم اجمالا بانك لو اخبرت انه قال الامام تجب صلاة الجمعة كذبٌ أو انك اذا قلت لم‌يقل الامام ذلك، إما انه قال أو لم‌يقل، فإما ان الاخبار بانه قال كذبٌ لو لم‌يقل أو ان الاخبار بانه لم‌يقل كذب لو قال. و هذا العلم الاجمالي منجز. و لاجل ذلك قال: الاخبار بغير علم مبطل للصوم علی نحو الفتوی لانه حتی لو لم‌يكن كذبا في الواقع انت لم‌تجتنب عن الكذب المنجز. و لكن مادام لاتحرز ان اخبارك خلاف الواقع لاتتنجز في حقك الكفارة و لكن يجب عليك القضاء.

النقاش في تمسك المحقق التبريزي بالروايات لاثبات كون الاخبار بغير علم كذبا

هنا مطالب: المطلب الاول: الشيخ الاستاذ الشيخ التبريزي كان يدعي احيانا بان يستفاد من بعض الروايات ان الاخبار بغير علم كذب. و هي رواية وردت في قذف غير المسلمين، صحيحة عبدالله بن سنان عن ابي‌عبدالله عليه السلام انه نهی عن قذف من ليس علی الاسلام الا ان يطلع علی ذلك منهم و قال ايسر ما يكون ان يكون قد كذب. مع انه لو كان الاخبار بغير علم غير الكذب ايسر ما يكون ان يكون اخبارا بغير علم، فهذا يعني ان الامام رأی ان الاخبار بغير علم كذب.

و الجواب عنه اولا: ان الاستعمال اعم من الحقيقة فلعله كذب توسعا لا كذب تعبدا حتی نلتزم بالحكومة لترتيب احكام الكذب علی القول بغير علم. الكذب له معنيان: معنی مضيق و هو الاخبار المخالف للواقع و معنی موسع و هو الاخبار بغير علم. و هذا المعنی الموسع ليس ظاهرا من اطلاق الكذب، فلعل الامام استعمل الكذب في هذه الرواية‌ في ذلك المعنی الاعم و لايظهر منه التنزيل لترتيب آثار الكذب علی القول بغير علم.

و ثانيا: لعل الاخبار بغير علم ليس محرما شرعا في غير الاحكام الشرعية، و انما يتنجز علی الانسان ان يجتنب عنه لوجود العلم الاجمالي الذي ذكره السيد الخوئي، فايسر ما يكون في مقام مخالفة الحكم الشرعي ان يكون قد كذب.

فلايتم الاستدلال بهذه الصحيحة علی كون الاخبار بغير علم كذبا تعبدا.

النقاش في تمسك السيد الخوئي بالعلم الاجمالي في المقام

المطلب الثاني: هذا العلم الاجمالي الذي ذكره السيد الخوئي مضافا الی انه قد يقال انه لايبرر فتوی السيد الخوئي ببطلان صوم من اخبر بغير علم بعد ان لم‌يبين للناس وجود هذا العلم الاجمالي، فهذا العلم الاجمالي الذي تفطن له السيد الخوئي و لايتفطن له كثير ممن سبقه أو لحقه كيف يتفطن له العامي و يصير موضوعا لوجوب الاحتياط. مضافا الی هذا الاشكال قد يقال بانحلال هذا العلم الاجمالي بنحوين:

النحو الاول: ما يقال من ان استصحاب عدم صدور هذا الخبر من الامام انت تشك ان الامام قال تجب صلاة الجمعة أو لم‌يقل، الاستصحاب يقول لم‌يقل، فعلی مسلك السيد الخوئي انت عالم تعبدا بان الامام عليه السلام لم‌يقل،‌ فاخبارك بانه لم‌يقل يكون اخبارا بعلم، و الاخبار بعلم ليس مصداقا للكذب. من اخبر بعلم و لو اخطأ فهو ليس بكاذب،‌ لايقالوا له انت كذاب، ليش اخبرت ان زيدا جاء هذا اليوم من السفر،‌ انا خابرت قال لا، بعدُ انه في السفر يقول لصديقه يا كذاب، انت قلت له زيد جاء من السفر، يقول له ذلك الشخص انا مو كذاب، انا اطمئنت ان زيدا جاء من السفر فاخبرتك،‌ الكذب الخبري شيء آخر اما انني كذبت،‌ تسند الكذب الیّ هذا مو صحيح انا لست كذابا. فالاخبار بعلم ليس كذبا و استصحاب عدم صدور هذا الخبر من الامام علی رأي السيد الخوئي يجعلك متعبدا بانك عالم بعدم صدور هذا الخبر من الامام. فالاخبار بعدمه ليس كذبا و ان كنت شاكا في ذلك.

و هذا له حكومة واقعية علی دليل حرمة الكذب، لا حكومة ظاهرية، و بذلك ينحل العلم الاجمالي رأسا. الاخبار عن عدم صدور هذا الكلم من الامام ليس حراما قطعا لانه ليس كذبا تعبدا لان الكذب هو الاخبار بخلاف الواقع مع عدم العلم بكونه مطابقا للواقع، الاخبار علی خلاف الواقع مع عدم العلم بكونه موافقا للواقع،‌ انا عالم بان الامام لم‌يقل هذا الكلام بمقتضی الاستصحاب فانا عالم بان ما اخبرت به من ان الامام لم‌يقل ذلك مطابق للواقع علما تعبديا فاخباري ليس بكاذب فلايحرم واقعا و بذلك ينحل العلم الاجمالي من اساسه.

الطريق الآخر لحل العلم الاجمالي ما يقال من ان هذا الاستصحاب،‌ استصحاب عدم صدور هذا الكلام من الامام يثبت ان اخبارك بصدور هذا الكلام من الامام اخبار مخالف للواقع، هذا اخبار عن قول الامام بانه تجب صلاة الجمعة و الاستصحاب يقول لم‌يصدر من الامام هذا الكلام فهذا اخبار بشيء و يكون ذلك الشيء مخالفا للواقع بمقتضی الاستصحاب. فبضم الوجدان الی الاصل يثبت ان الاخبار عن صدور هذا الكلام من الامام مبطل للصوم بلاحاجة الی ذلك العلم الاجمالي.

فتاملوا هل هذان الطريقان لحل العلم الاجمالي صحيح ام لا،‌ تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo