< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الخامس (الكذب علی الله و الرسول و الائمة عليهم السلام)

 

تتمة في مفطرية الاستمناء

قبل ان استمر في البحث عن مفطرية الكذب علی الله و الرسول و الائمة عليهم السلام ارجع الی بحث سابق بسيط ان ذكره في محله و هو انه اذا قبّل زوجته مع خوف الانزال و لكنه لم‌ينزل، ظاهر السيد الخوئي انه يبطل صومه و لكن مادام لم‌ينزل فلاكفارة عليه بينما ان صاحب العرو‌ة حتی في من كانت عادته الانزال لاعب زوجته و من عادته الانزال، و هو غير قاصد للانزال لكن من عادته الانزال اتفق ان لم‌ينزل، يقول بان صومه صحيح. و ليس صاحب العروة مثل السيد الخميني حيث يری ان نية المفطر لاتبطل الصوم، لا، صاحب العروة يری ان نية المفطر تبطل الصوم حتی مع جهل المكلف بمفطريته كالسيد الخوئي لكنه يقول هنا انه لم‌ينو المفطر، اطمئن بانه سوف يؤدي التقبيل الی انزال المني لكنه لم‌ينوه. فان اتفق انه لم‌ينزل فلايبطل صومه.

معنی نية المفطر ليس خصوص ان يكون الداعي له ارتكاب المفطر

طبعا يرد اشكال علی صاحب العروة و هو ان من كان من عادته ان ينزل فهو يعلم بانه ينزل، و معنی نية المفطر ليس خصوص ان يكون الداعي له ارتكاب المفطر، يعلم بانه لو دخل في المسبح يرتمس رأسه في الماء، يطمئن بذلك، هذا قاصد للافطار. مثل من يطمئن بانه لو ركب هذه السيارة ستؤدّي هذه السيارة الی ثمانية فراسخ، عادتا هذه السيارة تؤدّيه الی المسافة الشرعية و لكنه ليس مريدا لذلك، و لكن المهم انه يطمئن بانه سوف يؤدي الی ذلك، هذا يعني القصد، ليس معنی‌ القصد هو الداعي بل يشمل ما لو حصل له الوثوق بانه يؤدي الی ذلك. و لكن هذا البيان لايأتي في فعل يخاف منه من الانزال، يقبّل زوجته و يلاعبها مع خوف الانزال هنا قد يقال بانه ما لم‌ينزل فما هو الموجب لبطلان صومه.

السيد الخوئي يقول هذا لم‌يجتنب عن الانزال العمدي. اذا لم‌يكن الخوف منجزا، كما في قضية السباحة، يسبح و يخاف ان يرتمس رأسه في الماء، الخوف ليس منجزا، فلو اتفق انه ارتمس في الماء فهذا الارتماس ليس عمديا، ارتماس عذري لجريان الاستصحاب الاستقبالي في انه لا يدخله رأسه في الماء، فحتی لو اتفق انه دخل رأسه في الماء لايبطل رأسه. لكن هنا جعل الشارع خوف الانزال منجزا فاذا قبّل زوجته مع خوف الانزال و لم‌ينزل فهذا لم‌يجتنب عن الانزال، انما لم‌يتحقق منه الانزال صدفة لو انزل كان انزاله بلاعذر فاتفق انه لم‌يتحقق منه الانزال بلاعذر،‌ هذا ليس اجتنابا هذا ليس امساكا. و لاجل ذلك كلام السيد الخوئي في محله. هو اذا قبّل زوجته و هو يخاف من الانزال و لو لم‌ينزل بطل صومه عند السيد الخوئي.

لكن ذكرنا سابقا ان الصوم ماهية اعتبارية و نية ارتكاب المفطر لاتقدح في قصد تلك الماهية الاعتبارية ما لم‌يكن الشخص عالما بمفطريته حيث يكون علمه بمفطريته منافيا لنية تلك الماهية الاعتبارية. و هنا ارتكاب عمل يخاف معه من الانزال لاينافي قصد تلك الماهية الاعتبارية برجاء ان لاينزل. هنا نوی هذه الماهية‌ الاعتبارية برجاء ان لاينزل، ‌نعم لو كان يخاف من الانزال فقبّل زوجته فانزل هذا الانزال مفطر لكنه لو لم‌يتحقق منه الانزال ففي بطلان صومه اشكال و ان كان الاحوط وجوبا ان يقضي صومه و لكن لا كفارة عليه قطعا.

كلام السيد الزنجاني الاشکال الثالث في مفطرية الکذب

نرجع الی بحث مفطرية الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام. قلنا بان جمعا من الاعلام ناقشوا في مفطريته لعدة وجوه. وصلنا الی الوجه الثالث و هو التمسك بما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسی عن سماعة قال سألته عن رجل كذب في شهر رمضان فقال قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم يقضي صومه و وضوءه اذا تعمد. فقيل بان التعبير ب‌ و هو صائم يعني انه صائم لكن ينبغي ان يقضي صومه استحبابا. أجبنا عن هذا الوجه لكن بقيت نكتة اشار اليها السيد الزنجاني. نكتة لطيفة قد تخطر ببال المتتبع.

السيد الزنجاني يقول لعل الشيخ الطوسي اشتبه فاخذ قطعة من موثقة سماعة و قطعة من رواية ابي‌بصير، و كلتاهما موجودتان في كتاب النوادر للحسين بن سعيد. كتاب النوادر يقال نوادر احمد بن محمد بن عيسی الاشعري لكن في بداية هذا الكتاب صفحة 17 في الباب الاول، يقول احمد بن محمد بن عيسی عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسی عن سماعة، فنسب الكتاب الی احمد بن محمد بن عيسی مع انه كتاب حسين بن سعيد. ثم في الباب الثاني باب ما يكره للصائم في صومه قال و عنه عن سماعة، فصاحب الوسائل استظهر ان الضمير في عنه يرجع الی عثمان بن عيسی الذي سبق ذكره في اول الباب الاول، لا، السند القريب اليه و هو ابن النعمان. قال سألته عن رجل كذب في رمضان قال افطر و عليه قضاءه فقلت فما كذبته التي يفطر بها قال يكذب علی الله و علی رسوله. في صفحة 24 عن الحسين بن سعيد عن قاسم بن محمد عن علی بن ابي‌حمزة البطائني عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله عليه السلام من كذب علی الله و رسوله و هو صائم نقض صومه و وضوءه اذا تعمده. يقول السيد الزنجاني ان من المحتمل ان الشيخ الطوسي و ان ذكر سندا صحيحا الی رواية ابي‌بصير لكنه اشتبه عليه كان يريد ان ينقل رواية سماعة فكتب رجل كذب في رمضان قال قد افطر و عليه قضاءه و لم‌يستمر في كتابة‌ رواية سماعة فقلت فما كذبته التي افطر بها قال يكذب علی الله و علی رسوله اشتبه عليه الامر أو علی الناسخ لكتاب التهذيب فذكر بعده الفقرة الاخيرة من رواية ابي‌بصير. من كذب علی الله و علی رسوله و هو صائم، من هنا، و هو صائم نقض صومه و وضوءه اذا تعمد. ان قلت: الموجود في التهذيب يقضي صومه. يقول السيد الزنجاني: تصحيف نقض ب‌ يقضي متعارف في الاستنساخات.

هذا بيان لطيف و غير مستبعد بالنسبة الی الاستنساخات و كثرة الاخطاء فيها.

الاشكال الرابع، و البحث عن اجوبة الثلاثة للسيد الخوئي عنه

الوجه الرابع لانكار مفطرية الكذب ما قيل من انه في جملة‌ من تلك الروايات جمع بين نقض الصوم و نقض الوضوء و حيث ان نقض الوضوء نقض لكمال الوضوء، اذا كذب علی الله و رسوله نقض وضوءه اي نقض كمال وضوءه فبالنسبة‌ الی نقض الصوم نلتزم بانه نقض لكمال الصوم. في موثقة ابي‌بصير الكذبة ‌تنقض الوضوء و تفطر الصائم. و في نقل الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسی عن سماعة رجل كذب في شهر رمضان يقضي صومه و وضوءه اذا تعمد.

السيد الخوئي اجاب عنه بثلاثة اجوبة:

الجواب الاول: حمل ينقض الوضوء علی نقض الكمال هل يوجب ان نحمل نقضي الصوم علی انه نقض لكمال الصوم؟ من اين ذلك؟ تستندون الی قرينية السياق؟ السياق ليس له ايّة قرينية. اغتسل للجمعة و الجنابة،‌ دل الدليل علی ان غسل الجمعة مستحب و لكنه لايشكّل قرينة علی ان نحمل الامر بغسل الجنابة‌ علی الاستحباب.

السيد الزنجاني اشكل علی هذا الجواب فقال فرق بين المقامين، في الامر، ‌الامر مستعمل في جامع البعث و العقل أو العقلاء يوجبون امتثال الامر من دون ظهور لخطاب الامر في ذلك، و اين هذا من المقام؟ هنا حملنا نقض الصوم علی معنی آخر غير النقض الحقيقي، فان اردت ان تمثل للمقام فمثّل بقوله يجب غسل الجمعة و الجنابة فتری انه اذا حمل يجب غسل الجمعة علی الاستحباب، علی الثبوت بالمعنی اللغوي بالنسبة‌ الی غسل الجنابة‌ تلتزم بان الوجوب بالمعنی العرفي غير اللغوي و هو الفرض؟

الانصاف عدم تمامية هذا الاشكال علی السيد الخوئي. اي مانع من ان نقول الرواية التي ورد ان الكذب ينقض الوضوء و يفطر الصائم خصوصا مع اختلاف التعبيرين ينقض الوضوء و يفطر الصائم، نقول نقض الوضوء نقض لكماله و لكن تفطير الصائم تفطير حقيقي،‌ هكذا يحتج العرف.

الجواب الثاني للسيد الخوئي قال:‌ توجد روايات خالية عن هذا الاقتران. غاية الامر ان الروايات المقترنة بنقض الوضوء بسبب الكذب علی الله صارت مجملة، لماذا لانتمسك بالروايات المبينة الخالية عن الاقتران بنقض الوضوء كموثقة ابي‌بصير في نقل الصدوق الكذب علی الله و رسوله و الائمة يفطر الصائم.

قد يناقش في هذا الجواب فيقال بانه توجد رواية اخری بنفس السند، ابن ابي‌عمير عن منصور بن يونس عن ابي‌بصير الكذبة‌ تنقض الوضوء و تفطر الصائم قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب انما ذلك الكذبة علی الله و علی رسوله و علی الائمة. نعم، رواه الصدوق في معاني الاخبار عن ابيه عن سعد عن احمد بن محمد بن خالد عن ابيه محمد بن خالد عن ابن ابي‌عمير عن منصور بن يونس عن ابي‌بصير الا انه اقتصر علی ذكر تفطير الصائم دون نقض الوضوء، لكن هنا ماكو تعارض، الصدوق لم‌ينقل الزيادة، لا انه ينفي تلك الزيادة، لاينقلها، هل من الواجب ان يروي الصدوق تمام الرواية مع ان الزيادة لا دخل لها في مقصوده و تلك الزيادة موجبة للارتباك؟

الجواب الثالث الذي ذكره السيد الخوئي قال حتی موثقة سماعة نقلت بنحوين، لم‌يثبت اشتمالها علی نقض الوضوء، نقض الوضوء موجود في نقل الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسی عن سماعة،‌ و لكن لاتوجد في نقل علی بن مهزيار عن عثمان بن عيسی‌ عن سماعة رجل كذب في رمضان قال قد افطر و عليه قضاءه فقلت فما كذبته قال يكذب علی الله و علی رسوله، و الروايتان واحدة لايحتمل ان سماعة سمعها مرتين من الامام، مرة مع الزيادة و مرة بدون الزيادة.

قد يورد علی هذا الجواب الثالث فيقال ما هو الدليل علی وحدة الروايتين؟ و الرواية مضمرة و المتن فيهما مختلف فلعل سماعة سأل الامام الباقر عليه السلام مرة و سأل الامام الصادق عليه السلام مرة اخري مثلا، و اي استبعاد في ذلك؟ الا ان الانصاف ان الوثوق النوعي علی خلاف ذلك؛ الوثوق النوعي علی وحدة الروايتين.

المهم هو الجواب الاول الذي وافقنا السيد الخوئي في ذلك و هو ان حمل النقض الوضوء علی نقض الكمال لايستلزم حمل تفطير الصائم علی تفطير الصائم بمعنی تفطير كمال الصوم. و نحن نلتزم بذلك في غير المقام ايضا، لاصلاة لجار المسجد الا في المسجد و لا صلاة الا بفاتحة الكتاب، قامت القرينة علی ان لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد نفي للكمال لكن العرف يحتج بقوله لا صلاة الا بفاتحةالكتاب علی انه نفي لصحة الصلاة لا لكمالها فقط.

فالانصاف تمامية ما ذهب اليه المشهور من مفطرية الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام.

الكذب مفطر و لو في امور الدنيا

يقول صاحب العروة: الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام مفطر للصوم سواء كان متعلقا بامور الدين أو الدنيا.

كاشف الغطاء رحمة الله عليه منع من ذلك قال هذه الروايات منصرفة الی الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام في امور الدين. اما فالواحد يقول زار النبي ذاك الصحابي في بيته افرض انه كذب، مو مهم. السيد الزنجاني ايضا وافقه في ذلك قال: الحجة هو الظهور المفيد للاطمئنان و العرف يترد حينما يسمع ان الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام مفطر يتردد هل يشمل هذا التعبير الاخبار الكاذب عن قضايا دنيوية؟ الامام الصادق كان يحب اكل البطيخ مثلا، يقولون يا ابه! من اين عرفت ان الامام الصادق كان يحب اكل البطيخ، كذب بعد حتی يبيع البطيخ الذي عنده. يقول العرف يتردد. و لكن لا وجه لدعوی التردد، يكذب علی الله يكذب علی النبي و لو في قضايا غير الدينية، الدليل مطلق و لا وجه لدعوی انصرافه.

السيد الخوئي قال بعض الروايات لا مانع من دعوی الانصراف فيها و لكن تلك الروايات لاترتبط بالمقام،‌ ففي الكافي يوجد باب بدء البيت و الطواف، عدة‌ من اصحابنا عن احمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عمران بن عطية عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال بينا ابي و انا في الطواف اذ اقبل رجل شرحب من الرجال فقلت و ما الشرحب قال الطويل فقال السلام عليكم و ادخل رأسه بيني و بين ابي فالتفت اليه ابي و انا فرددنا عليه السلام ثم قال اسألك رحمك الله فقال له ابي نقضي طوافنا ثم تسألني فلما قضی ابي الطواف دخلنا الحجر و صلينا الركعتين ثم التفت فقال اين الرجل يا بني فاذا هو وراءه قد صلی فقال ممن الرجل قال من اهل الشام فقال و من اي اهل الشام فقال ممن يسكن بيت المقدس فقال قرأت الكتابين قال نعم قال سل عما بدا لك قال اسألك عن بدء هذا البيت و عن ن و القلم و عن قوله و الذين في اموالهم حق معلوم فقال يا اخا اهل الشام اسمع حديثنا و لاتكذب علينا فانه من كذب علينا في شيء فقد كذب علی رسول الله و من كذب علی رسول الله فقد كذب علی الله و من كذب علی الله عذبه الله عز و جل عما بدء هذا البيت، الی آخر هذا الحديث. السيد الخوئي يقول هنا حيث قال الامام من كذب علينا فقد كذب علی النبي من كذب علی النبي فقد كذب علی الله ظاهر في انه كذب في حكم شرعي لان ما يخبر به الامام عن حكم شرعي فيرجع الی اخبار الله تعالی بذلك.

لكن الصحيح ان هذه الرواية ايضا لاتنصرف الی الكذب علی الامام في الدين‌. خصوصا و ان المورد بدء بيت الله الحرام، متي بني هذا البيت؟ هذا ليس حكما شرعيا. و عليه نحن نقول خلافا لكاشف الغطاء و السيد الزنجاني اطلاق دليل مفطرية الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام يشمل الاخبار عن غير الحكم الشرعي و هذا يحمل مسؤولية كبيرة علی الذين يصعدون المنبر، ينقلون قصصا عن النبي و عن الائمة عليهم السلام و لو في غير الاحكام الشرعية فاذا كان كذب فيبطل بذلك صومهم.

و بقية الكلام في ليلة الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo