< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/07/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الرابع (الاستمناء)/ المفطرات/ کتاب الصوم

الدرس 80

الإثنين – 29 رجب‌الأصبّ 44

أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين

المفطر عند اعتقاد دخول الليل أو عند الشك في طلوع الفجر هو الأكل خارجا لا قصد الأكل

قلنا بانه لو نوی الاكل بعد طلوع الفجر مع عدم علمه بطلوع الفجر، فبناءا علی ما ذكره السيد الخوئي من ان الواجب في الصوم الامساك عن الأكل و الشرب في واقع النهار و الامساك يعني قصد الاجتناب عن الاكل و الشرب في واقع النهار فهذا قد اخل بصومه. ثم ذكرنا رواية معتبرة موثقة سماعة حيث ورد فيها ان من تخيل دخول الليل فمن أكل فعليه قضاء الصوم لانه أكل متعمدا مع انه اذا لم‌يأكل فليس عليه القضاء و لو نوی الأكل.

لكن اريد هذه الليلة أذكر وجها اوضح و اقوی من هذا الوجه فاقول بناءا علی ما ذكرنا من ان الصوم ماهية اعتبارية فان صدق عرفا ان هذا صائم فالمبطل لصومه ليس الا ارتكاب المفطر، و المقوم لماهية الاعتبارية للصوم ان يكون المقصود الاجتناب عن الأكل و الشرب بنحو مقيد يعني ينوي انه يجتنب عن الأكل و الشرب من طلوع الفجر الی غروب الليل، هذا يدخل في منويه، ‌فهو نوی ذلك،‌ و لكنه اراد ان يأكل شيئا لتخيل ان هذا الوقت قبل طلوع الفجر فهو لم‌يخل بنية الصوم؛ اذا سئل يقول انا صائم. لماذا؟ لان الصوم عبارة عن قصد الامساك عن الأكل و الشرب من طلوع الفجر الی غروب الليل، انا ناو لذلك، فحينما قمت الی المطعم حتی آكل شيئا فلما اخذت الطعام بيدي قالوا لي لم‌يدخل الليل بعد، فامسكت عن الطعام، اشتبهت في التطبيق اعتقدت ان الليل قد دخل، و هذا لايقدح بنية الامساك عن الأكل و الشرب من طلوع الفجر الی غروب الليل و ان كان قصدي للأكل مقارنا زمانا لما قبل دخول الليل، هذا لايقدح، الذي يقدح هو تحقق الأكل في واقع ما قبل دخول الليل،‌ اما قصد الأكل قبل واقع دخول الليل فلايوجب بطلان الصوم ما لم‌يخل بقصد تلك الماهية الاعتبارية. و الانصاف انه لايقدح قصد الأكل لتخيل دخول الليل أو قصد الأكل لعدم العلم بطلوع الفجر اعتمادا علی الاستصحاب، هذا لايقدح في تمشي قصد الصوم كماهية اعتبارية عن المكلف.

و لاجل هذا و موثقة سماعة نلتزم بان المفطر عند اعتقاد دخول الليل أو عند الشك في طلوع الفجر هو الأكل خارجا لا قصد الأكل و ان كان قد يترائی من كلمات السيد الخوئي خلاف ذلك.

النقاش في استدلالات المحقق الخوئي علی مفطرية الاستمناء بجميع انواعه

نرجع الی البحث عن مفطرية الاستمناء.

استدل السيد الخوئي علی مفطرية الاستمناء بجميع انواعه بعدة‌ روايات منها ما دل علی ان من عبث بزوجته فأمنی فعليه الكفارة. فاجبنا عن ذلك بان موضوع هذه الروايات العبث بالاهل الموجب للإمناء و لايشمل الاستمناء بطرق أخری.

و هكذا استدل السيد الخوئي بصحيحة الحلبي حيث ورد في صحيحة الحلبي، هكذا ورد في كثير من الكتب الروائية: رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني. فذكر السيد الخوئي ان التعليل معمم، ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني يعني كل ما كان يخاف منه من سبق المني فهو مبطل للصوم. فكيف بما اذا علم انه يؤدي الی خروج المني و لو بغير شهوة. و لازم ذلك ان من يعلم بانه مبتلا بيبوسة أو مرض البروستات أو هما معا فاذا ذهب الی المراحيض (تكرمون) يضغط عل روحه فيخرج منه المني بلاشهوة، مقتضی ذلك انه لايجوز. و ليس هذا احتلاما حتی يقول السيد الخوئي بان الاحتلام مستثنی في صحيحة عبدالله القداح.

السيد الزنجاني قبل هذا الاستدلال بشرط ان تكون النسخة الصحيحة هكذا: أيفسد ذلك صومه أو ينقضه. و لكن اشكل عليه فقال في نسختين معتبرتين من الكافي و التي احداهما اصح نسخة وصلت بايدينا و تكون بخط ملا فتح الله القاساني، أيفسد ذلك صومه أو ينقصه. و هذه النسخة موجودة في مكتبة المدرسة الفيضية. فبناءا علی احتمال ثبوت هذه النسخة يكون السؤال هكذا: رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقصه أي ينقصه من الكمال فقال ان ذلك ليكره للرجل الشاب،‌ مكروه، ما قال حرام، مكروه مخافة ان يسبقه المني،‌ هذا لايدل علی البطلان.

ما ذكره من وجود نسختين،‌ نعم، الكافي المطبوع حديثا في دارالحديث، في المتن اثبت ينقضه و في الهامش قال في ي، بف (يعني نسختين رمز احداهما ي و الرمز الاخری بف) ينقصه. و المجلسي الاول رحمه الله في كتاب لوامع صاحب‌قراني، شرح من لايحضره الفقيه بالفارسية،‌ كتاب محترم، خسر الذين لايعرفون الفارسية انه ما يقدرون يطالعون هذا الكتاب، و ان كان كتاب روضة المتقين ايضا لابأس به لكن قد يشتمل هذا الكتاب علی مزايا، و استفدنا منها بعض المطالب المهمة،‌ هناك في الجزء 6 صفحة 384 يقول بالفارسية: در صحيح حلبي منقول است، الی ان قال:‌ آيا روزه ايشان باطل می‌شود يا كمالش می‌رود، النسخة التي بيد المجلسي الاول أيفسد ذلك صومه أو ينقصه، كمالش می‌رود.

انا عندي اشكال آخر اقول حتی لو تمت النسخ المشهورة اليوم المشتملة علی ينقضه و يقال بان هذا و ان عطف علی يفسد بأو لكن مجرد تفنن في التعبير و الا فنقض الصوم هو افساد الصوم،‌ أيفسد ذلك صومه أو ينقضه مجرد تفنن في التعبير باستخدام أو. و ان كان هذا ايضا لايخلو عن غرابة.

مع ذلك انا اقول: حتی لو تمت هذه النسخة التي نقلها السيد الخوئي مع ذلك يمكن الاشكال فنقول كما قلنا في امثال هذه الرواية ان هذه الجملة لايستفاد منها كبری كلية: كل ما يخاف منه من سبق المني فهو يبطل الصوم، لا. اذا انت قلت لولدك المحروس: بوي! ابتعد عن التلفيزيون، لاتعاين التلفيزيون من قريب اخاف علی عينك، اخاف عليك من الصداع، تصاب بوجع في رأسك. ولدك يقول: بوي! مي خالف، فيبتعد عن التلفيزيون. و قد امرته كل يوم يروح يشتري الخبز، اليوم ما راح، بوي ليش ما راحت تشتري الخبز الیوم، امك جوعانة، فقال بوي انا خفت علی رأسي من الصداع، اروح اشتري الخبز و ارجع و الشمس مضيئة و حارة، اخاف علی رأسي من الصداع، اما قلت امس بوي لاتقترب من التلفيزيون اخاف تصاب بصداع، العلة تعمم، انت عالم دين، علمتني هكذا اشياء، العلة تعمم و تخصص، انا سمعت من كلامک لطلابك انت تقول لهم العلة تعمم و تخصص، هذه علة بعدُ. لو ما ضربت راژدي زين. هذا استقلال، لانه لم‌يكن ذاك الكلام ظاهرا في كبری كلية‌ و انما كان ظاهرا في بيان المقتضي للحرمة و قد يكون هناك مقتض اقوی لوجوب فعل كوجوب شراء الخبز و اعجب من ذلك فاليوم شفت ما يطالع، قال بوي انا اخاف اصاب بصداع.

الله يرحم السيد مهدي روحاني كان يقول: الواحد من المعاريف في قم يعني ما كان يشتغل بالدراسة كان يشتغل بالروضة‌خوانية، محترمين، ما اهچي عليهم، لكن اقول: الواحد منهم قال: سيد مهدي! انت هكذا مستمرين علی دراسة الاصول ما تتمرضون؟ انا قبل اربعين سنة فاليوم طالعت كتاب المعالم ستة اشهر كان رأسي يوجعني. فهذه المهلة ما يطالع، يقول العلة تعمم انا اخاف علی رأسي من الصداع، اخاف اتمرض، و لا احد يقبل منه هذا الهچي.

هناك رواية معتبرة في الحج المحرم لايصارع (كشتي‌گرفتن) مخافة ان يصيبه جراح أو يسقط منه شعر، السيد الزنجاني قال كل ما خيف منه في حال الاحرام من ان يكون مسقطا للشعر فلايجوز. شفنا فالواحد محرم ما رابط ازاره كامل، فدائما يوقع،‌ الان هيچي قال مخافة يسقط مني شعر. لا، العرف لايستفيد التعليل التام، بل يستفيد المقتضي، لايصارع مخافة ان يصيبه جراح أو يسقط منه شعر، لا ان هذا علة تامة للحكم. فلاتربط ازارك زين و دائما في معرض يوقع فيفضحك، اخذا بهذه الرواية المباركة؟‌ هذا خلاف الظاهر. فهنا ايضا نقول: ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني ليس ظاهرا في ان كل فعل يخاف من سبق المني فلايجوز في حال الصوم.

و الاشكال الآخر الذي قد يقال بان يكره ليس ظاهرا في التحريم، هو اعم من التحريم و الكراهة الاصطلاحية.

السيد الخوئي لم‌يكتف بهذا المقدار في الاستدلال، استدل بصحيحة اخری قرأناها سابقا، ورد فيها رجل اجنب في الليل و نام حتی طلع الفجر قال لابأس لان جنابته كانت في وقت حلال، السيد الخوئي يقول مفهوم هذا الكلام انه ان كانت جنابته في وقت حرام اي في وقت نهار من شهر رمضان فتضر بصومه، السيد الزنجاني قبل هذا الاستدلال.

انا عندي اشكال علی هذا الاستدلال ايضا. طبعا تدرون السيد الخوئي رتّب الروايات، لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال قد يقال بانه قد يقتضي عدم مفطرية الاستمناء، و سنتكلم عن مقتضی هذه الصحيحة، ثم قال هذه الصحيحة تدل علی ان كل ما اوجب الجنابة في نهار شهر رمضان فيكون مبطلا للصوم فيشمل الاحتلام فضلا عن الاستمناء، و هناك صحيحة عبداللله بن ميمون القداح اخرجت الاحتلام، فكل ما كانت الجنابة مستندة الی الاحتلام فلايبطل صومه بها، بخلاف جنابة لاتستند الی الاحتلام.

انا اقول: هذه الرواية التي تقول من اجنب في الليل فنام حتی اصبح و ان كان متعمدا، تقول الرواية صومه صحيح و ذلك لان جنابته كانت في وقت حلال، هل يدل هذا الجواب علی ان كل جنابة في نهار شهر رمضان فتبطل الصوم؟ هذا المفهوم المطلق من أين؟ يا مفهوم! لعله يقول مفهوم التعليل. مفهوم التعليل يعني مثلا لاتأكل الرمان لانه حامض يقتضي ان كل حامض يحرم أكله، و ان الرمان غير الحامض يجوز أكله، مخصص يخرج الرمان غير الحامض عن حرمة الأكل، و معمم يدخل كل حامض في حرمة‌ الأكل، هذا مفهوم التعليل،‌ اما ان نستفيد من قوله و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال ان كل جنابة في وقت حرام اي في نهار شهر رمضان فتبطل الصوم؟ هذا المفهوم المطلق ما اسمه؟‌ ما عرفنا هذا المفهوم المطلق في الاصول، مفهوم شرط؟ مفهوم الغاية؟ يا مفهوم! نعم هذا مفهوم وصف يعني في وقت حلال يدل علی ان الجنابة في وقت حرام في الجملة توجب بطلان الصوم، في الجملة لا اكثر. لابأس باكرام زيد و ذلك لانه يخدم الدين هل معناه ان من لايخدم الدين لايجوز اكرامه مطلقا؟ من اين هذا؟

اذكر مثالا اوضح، يستحب اكرام الطلبة لانهم يخدمون الدين هذا معناه انه لو كان هناك طالب علم لايخدم الدين،‌ يخدم روحه، هذا لايكرم، لان التعليل لايشمله و اذا كان هناك غير طلبة يخدمون الدين ايضا يكرمون، هذا هو مفهوم التعليل أو مفهوم الوصف في قوله يخدم الدين احترازا عمن يخدم غير الدين، و اما انه يثبت له مفهوم في ان من لايخدم الدين لايكرم مطلقا؟ من اين ذلك؟

فاذن نحن لانملك دليلا مطلقا علی ان الجنابة مطلقا تقتضي بطلان الصوم فلامانع حسب مقتضی القاعدة من ان يضبط الانسان علی روحه و هو مبتلا باليبوسة و مرض البرستات و هو يعلم بانه سوف يخرج منه المني أو انه في المختبر سحبوا منه المني، لا دليل علی انه مبطل للصوم.

اما ما ذكره السيد الروحاني من "انه لا بأس من حيث الصوم ان يذهب الی مكان و هو يعلم انهم يعبثون به فينزل، اذا ذهب الی مكان، افرض امرأة تأتي اليه و تفعل به شيئا تحرك شهوته فهو ينزل، عن شهوة، السيد الروحاني يقول حتی لو ذهب الی ذلك المكان بداعي ان يلعب به حتی تثار شهوته فلايبطل صومه بذلك لانه خارج عن مورد النصوص، هو اوجد الموضوع للانزال بشهوة و لكنه لم‌يعمل عملا يوجب الانزال بشهوة يعني لم‌يعبث بزوجته، لم‌ينظر الی صور خلاعية ليمني، لا، ذهب الی مكان و هو يعلم بانه سوف تحرك شهوته فيمني"، نقول: لا، هذا خلاف الظاهر من الادلة، العرف لايفرق بين ان يقال عبث بزوجته فامنی أو مس زوجته فامنی و بين ان ينظر الی زوجته بشهوة فيمني أو يذهب الی مكان يدخل بيته و هو يعلم بان زوجته تلتصق به و تبوّس من خده الايمن خده الايسر،‌ و هذا يصيح انا صائم، و هو كان يعلم بانه لو دخل بيته بعد سفر طال شهرا أو اكثر فزوجته ما تعوفه، أو مثلا هو كان يريد ان ينام فشاف ان زوجته التصقت به و هي ليست صائمة، مريضة مثلا، التصقت به و عبثت به حتی امنی نقول لااشكال فيه؟ هذا خلاف الظاهر، خلاف المناسبات العرفية.

هذا ما استظهرناه من الادلة من ان كل فعل يعلم بانجراره علی خروج المني بشهوة في غير حال الاحتلام، هذا لايجوز، كل فعل و لو بان يذهب الی مكان يعلم بانه يؤدي و لو بالتسبيب الی خروج المني منه بشهوة أو لايمتنع حينما تلتصق به زوجته و هو لايبتعد عنها يقول انا اخجل، ما يخجل من الله يخجل من زوجته، يقول انا اخجل، ما قال لزوجته شيئا الی ان امنی، لا، ظاهر الادلة ان هذا مبطل للصوم. و لكن هذه الادلة لاتشمل الاحتلام و كل مني كان ناشئا من الاحتلام أو خروج مني بغير شهوة.

و بقية الكلام في الليلة القادمة ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo