< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الثالث (الجماع) / المفطرات/ کتاب الصوم

الدرس 76

الأحد – 21 رجب‌الأصبّ 44

 

النقاش في كلام السماحة السید السيستاني في الخنثی المزدوجة و الخنثی الممسوحة1

كلام السماحة السيد الزنجاني2

 

أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.

كان الكلام في المسألة 11 حيث قال صاحب العروة انه اذا دخل الرجل بالخنثی قبلا لم‌يبطل صومه و لا صومها و كذا لو دخل الخنثی بالخنثی‌ و لو دبرا اما لو وطئ الرجل الخنثی‌ دبرا بطل صومهما.

النقاش في كلام السماحة السید السيستاني في الخنثی المزدوجة و الخنثی الممسوحة

فكان هناك كلامان للاعلام المعاصرين احدهما للسيد السيستاني و الثاني للسيد الزنجاني. اما كلام السيد السيستاني فظاهر تعليقته علی العروة انه اذا كانت الخنثی ذات جهازين تناسليين، فيصدق علی الرجل الذي ادخل ذكره في فرج هذه الخنثی انه لم‌يجتنب عن النساء أو يقال بان النكتة العرفية للزوم الاجتناب عن النساء تأتي بالنسبة الی الخنثی التي هي ذات شخصية مزدوجة،‌ هم واجدة لصفات الانثی و هم واجدة لصفات الرجال. و قد ذكر في المنهاج في بحث الميراث ان الخنثی هي التي تكون ذات جهازين تناسليين مختلفين.

نحن ذكرنا ان هذا الكلام التي طبعا تكون بالنسبة الی الخنثی المشكل فلو لم‌يشخص الاطباء بالطرق العلمية انها رجل أو امرأة و رجعنا الی القواعد الشرعية‌ لتشخيص انها رجل أو امرأة بان نظرت الخنثی ان البول يسبق ايّا من الآلتين هل يخرج من فرجها قبل ذكرها أو يخرج من ذكرها قبل فرجها، فيقول السيد السيستاني اذا سبق خروج البول من فرجها فهي امرأة‌ شرعا و اذا خرج البول من ذكرها فتكون رجلا شرعا، و يحتاط السيد السيستاني فيما اذا تقارن خروج البول من كليهما و لكن انقطع من احدهما قبل الآخر، هنا قال في المسألة اشكال. علی اي حال كلامنا في الخنثی المشكل التي لايشخص الاطباء بالطرق العلمية انها رجل أو امرأة‌ و لاتوجد قواعد شرعية لتشخيص ذلك،‌ هنا يقول السيد السيستاني انه يتعامل مع جماع الرجل معها معاملة الجماع مع المرأة‌ و جماع الرجل مع الرجل في قضية الصوم كما ان الخنثی اذا ادخل ذكرها في فرج امرأة يحكم بجنابتها و جنابة تلك الخنثی لانها بحكم الرجل ايضا.

و لكن اشكلنا عليه فقلنا بان هذا خلاف المرتكز العرفي ان نقول هي رجل و امرأة، فلو جامعها رجل في فرجها فكأنه جامع انثی في فرجها و اذا جامعت هي مع الانثی فكما جامع رجل مع انثی‌، هذا انصافا خلاف المرتكز العرفي.

و اما اذا لم‌تكن كذلك، يعني لم‌يكن لها ما للرجال و لا ما للنساء،‌ فان قلنا انها تعد حينئذ طبيعة ثالثة لا هي ذكر و لا انثی فمقتضی القاعدة عدم بطلان صومها و لا صوم غيرها بادخالها فيه أو ادخاله فيها. نقول هذا خلاف ظاهر الروايات. ان كان المقصود من مقتضی القاعدة مع غمض العين عن الروايات من باب انه يحتمل انها لا رجل و لا امرأة‌ فاذا ادخل الرجل ذكره في فرجها فلايشمله انه لم‌يجتنب عن النساء بل نجري الاستصحاب و نقول لم‌يقارب النساء،‌ و لكن ان كان المقصود من القاعدة ما تشمل الروايات الواردة، فمقتضی الرواية الواردة‌ في مولود ليس له لا ما للرجال و لا ما للنساء انه يقرع.

ففي صحيحة الفضيل بن يسار قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن مولود ليس له ما للرجال و لا له ما للنساء قال يقرع عليه الامام أو المقرع يكتب علی سهم عبدالله و علی سهم امة الله ثم يقول الامام أو المقرع اللهم انت الله لا اله الا انت عالم الغيب و الشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا امر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب. ما فرض في الكتاب هو سهم الابن و الابنة، المفروض في الكتاب هو هذا، للذكر مثل حظ الانثيين. بيّن لنا كيف يورث ما فرضت له في الكتاب ثم تطرح السهام في سهام المبهمة ثم تجال السهام علی ما خرج و ورث عليه. ظاهره انه إما انثی أو ذكر، و بالقرعة نخرج السهم المفروض له في الكتاب. نعم، ان قلتم هذا خاص بمسألة الارث دون سائر الاحكام فلاجواب لنا الا ان نقول هذا خلاف الظاهر لان الدعاء لتبيين ما فرض له في الكتاب يعني تبيين كونه ذكرا أو انثی.

فاذن ما ذكره السيد السيستاني من انه اذا لم‌تكن الخنثی كذلك يعني لم‌تكن ذات جهازين تناسليين يعني كانت بنحو لاتملك ذكرا و لا فرجا، فان قلنا انها تعد طبيعة ثالثه لا هي ذكر و لا هي انثی فمقتضی القاعدة عدم بطلان صومها و ان قلنا انه لاتخلو من كونها ذكرا أو انثی و لو لاجل هذه الصحيحة التي قرأناها فلابد لها من رعاية الاحتياط، فاذن اشكالنا علی تعليقة السيد السيستاني ان الخنثی التي تكون ذات جهازين تناسليين لايقبل العرف انه رجل أو امرأة و انما المحتمل ان نقول انها طبيعة ثالثة، و صحيحة الفضيل ليست واردة في الخنثی ذات جهازين تناسليين فلاتنافي ان نقول بان الخنثی التي تكون ذات جهازين تناسليين طبيعة ثالثة. و لكن المشهور قالوا بانها ايضا إما رجل أو امرأة.

كلام السماحة السيد الزنجاني

و لكن السيد الزنجاني خالف في ذلك فقال لا دليل علی كون الخنثی مرددة بين الرجل و المرأة بل لعلها طبيعة ثالثة و كان يقول هذا هو الظاهر ثم تردد في ذلك فقال الرجولية و الانوثية ليستا امرين مبهمين لدی العرف، يعني الرجولية ليس لها واقع في عالم الغيب، القول بان روح هذه الخنثی إما روح رجل أو روح امرأة، هذا ليس مما يفهمه العرف. الرجل ما له قابلية ذاتية لان يوجب حبل المرأة‌ و الانثی ما لها قابلية ذاتية لان تحبل، و هناك شخص يكون واجدا لكلتي الخصوصيتين، يعني الخنثی التي تكون ذات جهازين تناسليين هذا ليس رجلا و لا امرأة،‌ و من وراءهما برزخ، هذا برزخ بين الرجل و المرأة. و لذا حكم في الروايات بكون ارث الخنثی المشكل نصف ارث الرجل و نصف ارث المرأة.

هذا الذي ذكره السيد الزنجاني قد يقال بانه خلاف ظاهر الآيات مثل قوله تعالی يهب لمن يشاء اناثا و يهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا و اناثا و يجعل من يشاء عقيما. فيقال بان هذه الآية الكريمة قسّمت الناس الی من يهبهم الله البنات و الی من يهبهم الله سبحانه و تعالی الابن و الی مَن الله سبحانه و تعالی يرزقهم ابن و بنت، و الی قسم رابع يكون عقيم، و لم‌يقل ان هناك قسما خامسا و هو من يهبهم الله سبحانه و تعالی الخنثی. و هكذا قوله تعالی من عمل صالحا من ذكر أو انثی و هو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة، ما قال من عمل صالحا من ذكر أو انثی أو خنثی و هذا يعني ان الخنثی داخل إما في الذكر أو الانثی. و هكذا قوله تعالی انا خلقناكم من ذكر و انثی.

الانصاف ان هذه الآيات ليست ظاهرة في نفي كون الخنثی طبيعة ثالثة لان هذه الآيات ليست في مقام التشريع. مثلا قوله تعالی يهب لمن يشاء اناثا و يهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكورا و اناثا و يجعل لمن يشاء عقيما لانه ظاهر الی المتعارف و في مقام البيان المتعارف،‌ ليس في مقام بيان الاستيعاب الكامل. و هكذا قوله تعالی‌ من عمل صالحا من ذكر أو انثی و هو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة. علی انه يحتمل في قوله تعالی انا خلقناكم من ذكر و انثی كون المراد منهما آدم و حوا، انا خلقناكم من ذكر يعني من آدم و حوا.

فاذن نقبل هذه الدعوی من السيد الزنجاني ان الخنثی التي تكون ذات جهازين تناسليين العرف يراها طبيعة ثالثة. و لااقل من احتمال ذلك. فلايشملها لا حكم الرجل و لا حكم المرأة.

السيد الزنجاني بعد ذلك قال حول صحيحة الفضيل انها لاتدل علی ان الخنثی التي ليس لها ما للرجال و لا ما للنساء مردد امرها بين الرجولية و الانوثية، لا، القرعة اعم من وجود واقع المجهول،‌ ففي تزاحم الحقوق يقرع، تزاحم الحقوق مثل الولدان ورثا من ابيهما سيارتين، احداهما بيضاء و الاخری حمراء،‌ كلاهما مچلّبين بهذه السيارة البيضاء، ماذا يفعل؟ هذا الولد يقول انا كان ودي ارث السيارة البيضاء، الولد الآخر يقول انا ايضا ودي كان هكذا، شنو السيارة الحمراء،‌ هي للنساء، ما تناسبنا، فصار تزاحم بين الحقين، بالقرعة يحلون المشكلة.

انصافا هذا الكلام للسيد الزنجاني خلاف صحيحة فضيل: بيّن لنا، هكذا ورد في صحيحة فضيل: بيّن لنا امر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب،‌ يعني فرضك في الكتاب له له واقع لم‌يتبين لنا. فهذا الكلام للسيد الزنجاني مو صحيح لكن هذه الصحيحة قلنا بانه مختصة‌ بمن ليس له ما للرجال و لا ما للنساء، كل شيء ماكو، و نحن الان في الخنثی التي تكون ذات جهازين تناسليين.

السيد الزنجاني بعد ما قال هي طبيعة ثالثة لاتشمله احكام الرجال و لا احكام النساء،‌ قال لو غمضنا العين عن ذلك و قلنا بما قاله المشهور من انها إما في علم الله رجل أو امرأة، مع ذلك نقول اطلاقات التكاليف المختصة بالرجال أو النساء منصرفة عن هذه الخنثی، العرف حينما يسمع ان الرجل مكلف بشيء، فيتردد هل هذا الحكم يشمل الخنثی؟ و لو في علم الله هي رجل. أو ان المرأة حكمها هكذا هل يشمل هذا الخطاب للخنثی و لو كان في علم الله امرأة. فماذا يقال هنا؟ لايضر الصائم اذا اجتنب ثلاثة‌ خصال النساء منصرف عن لزوم اجتناب الخنثی، هذا لازم كلام السيد الزنجاني.

و لكنكم ترون انه لا وجه لدعوی الانصراف عن فرض غير المتعارف.

ثم قال السيد الزنجاني بعد ذلك: اصلا لو قبلنا ان الاطلاقات تشمل الخنثی فهي تعلم اجمالا بانه إما رجل فتكليفها كذا أو امرأة فتكليفها كذا، العلم الاجمالي ليس منجزا بنظرنا الا في اطار الروايات الخاصة، و الا فمقتضی قوله عليه السلام كل شيء فيه حلال أو حرام فهو لك حلال حتی تعرف الحرام منه بعينه ان اطراف العلم الاجمالي مباحة حتی في فرض العلم الاجمالي. و لكن رفعنا اليد عن عموم حلية اطراف العلم الاجمالي بمثل موثقة سماعة الواردة‌ في الانائين المشتبهين، وقع في احدهما قذر قال يهريقهما و يتيمم يعني طرفان متشابهان تعلق علم اجمالي بتكليف فعلي في حقهما، هذا المقدار، و اما اكثر من ذلك فلا دليل علی منجزية العلم الاجمالي. فهذا العلم الاجمالي الذي حصّلناه في قضية الخنثی بانه إما يجب عليها ما يجب علی الرجل و يحرم عليها ما يحرم علی الرجال أو يجب عليها ما يجب علی النساء أو يحرم عليها ما يحرم علی النساء،‌ علم اجمالي غير منجز.

مضافا الی ان هذا العلم الاجمالي يعيشه الفقهاء، هذه الخنثی‌ متی حصل له هذا العلم الاجمالي حتی يكون منجزا في حقه؟

علی ان منجزية هذا العلم الاجمالي حتی لو حصل للخنثی نفسها و حتی لو قلنا بان مقتضی القاعدة منجزية العلم الاجمالي مع ذلك لايكون منجزا لكون الاحتياط حرجيا علی هذه الخنثی. اشلون تحتاط هذه المسكينة؟‌ تعمل بوظائف الرجال و تجتنب عن المحرمات علی الرجال و تعمل بوظائف النساء و تجتنب عن ما يحرم علی النساء،‌ انت لو كنت مكانها تفعل هذا؟ حرج، و لزوم الاحتياط اذا كان حرجيا يرتفع بمقتضی قاعدة لاحرج.

تاملوا في كلام السيد الزنجاني الی الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo