< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الثالث (الجماع) / المفطرات/ کتاب الصوم

الدرس 75

الثلثاء – 16 رجب‌الأصبّ 44

 

تتمة مسألة مفطرية وطئ البهيمة1

تتمة المسألة 11: مقتضی العلم الاجمالي في حق الخنثی2

كلام السيد السيستاني3

 

أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.

تتمة مسألة مفطرية وطئ البهيمة

قبل ان نتكلم حول المسألة 11 ينبغي ان اشير الی نكتة و هي انه نقل عن بعض المعاصرين انه ذكر في كتاب الصوم انه يمكن الاستدلال علی مفطرية وطئ البهيمة برواية سليمان المروزي قال سمعته يقول اذا تمضمض الصائم أو استنشق أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك له مفطر مثل الاكل و الشرب و النكاح.

هذه الرواية ضعيفة سندا لاجل عدم ثبوت وثاقة المروزي و غرابة كثير من رواياته و اشتمال كثير من رواياته علی مضامين غريبة، و لكن من حيث الدلالة قد يقال بانها تامة دلالة علی ان النكاح مفطر و النكاح يشمل نكاح البهيمة. من نكح بهيمة، موجود في الروايات. و لعله لاجل ذلك صاحب العروة هنا افتی بمفطرية وطئ البهيمة أو وطئ البهيمة للصائم، بينما انه في بحث الجنابة إحتاط لانه هناك ما عندنا دليل علی ان النكاح سبب للجنابة، اما هنا توجد رواية تدل علی ان النكاح سبب لبطلان الصوم.

هذا مو صحيح. اصلا هذه الرواية ليست بصدد مفطرية النكاح، بل جعل مفطرية النكاح مفروغا عنها فقال ان ذلك يعني دخول التراب في الانف متعمدا مفطر مثل ان الاكل و الشرب و النكاح مفطر، جعل كون النكاح مفطرا واضحا و شبّه به مفطرية دخول الغبار الغليظ في الحلق. فليست في مقام البيان من ناحية المشبه‌به.

و ثانيا: ينصرف النكاح عند اطلاقه الی النكاح مع المرأة. النكاح سنتي، مطلق، المنصرف من النكاح النكاح مع المرأة. و لااقل من الشك في الانصراف.

و ثالثا: لماذا قلتم بان منشأ فتوی صاحب العروة هنا بمفطرية وطئ البهيمة للصوم و احتياطه في باب الجنابة هو مثل هذه الرواية؟ لا، ظاهر الاعلام انهم الغوا الخصوصية من مفطرية وطئ المرأة الی كل وطئ محرم، ما يسمی وطئا عرفا، فلاتنقضوا بادخال الذكر في فم امرأة مع التلذذ مثلا من دون انزال، لا، هذا ليس وطئا، الظاهر ان الاعلام الغوا الخصوصية بمناسبة الحكم و الموضوع من مفطرية وطئ المرأة الی مطلق الوطئ كانهم احسوا بالحس السادس يسمّون. ان المفطر هو الوطئ، لايتناسب ان يكون الصوم صحيحا و هذا كالمرأة وطئته البهيمة هذا اليوم، بهيمة شبقت هجمت علی هذه المرأة أو علی هذا الرجل المخنث فوطئته البهيمة أو هذا الرجل وطئ البهيمة من دون انزال، طاح هذا الصوم و هذا الصائم.

و هذا مو بعيد تری، لكن هذا لايبلغ حد الحجة الشرعية، و الا فمن يستخدم الآلات الصناعية آلة الذكور آلة الانوثة، يبيعون في بلاد الكافرة، ايضا نفس الشيء هذه المرأة من دون ان تصل الی حد الاستمناء، خلّت هذه الآلة الذكرية في فرجها و ايضا تقرأ الدعاء ايام شهر رمضان!! ميصير، يعني العرف يحس بنوع من المنافرة بين حالة الصوم و هذه الحالة. لكن هذا لايصل الی حد الحجة الشرعية، فما يمكن الافتاء بان مطلق الوطئ مبطل للصوم و لكن يراعی فيه الاحتياط الوجوبي.

تتمة المسألة 11: مقتضی العلم الاجمالي في حق الخنثی

اما قضية الخنثی: ذكر صاحب العروة انه اذا دخل الرجل بالخنثی قبلا لم‌يبطل صومه و لا صومها.

قلنا بالنسبة الی حكم الخنثی انه قد يقال بانه يتشكل علم اجمالي في حق هذه الخنثی الذي دخل بها رجل في قبلها حيث ان هذه الخنثی تقول إما اني امرأة فبطل صومي بادخال هذا الرجل ذكره في قبلي،‌ هكذا تقول، أو اني ذكر فيحرم عليّ النظر الی النساء. نحن قلنا لماذا السيد الخوئي و امثاله من الاصوليين العباقرة هنا لم‌يلتفتوا الی هذا العلم الاجمالي؟

فدافعنا عن السيد الخوئي بان السيد الخوئي يقول العلم الاجمالي بانه إما بطل صوم هذه الخنثی بادخال الرجل ذكره في فرجها أو بحرمة نظر هذه الخنثی الی النساء ليس منجزا لان الطرف الثاني و هو حرمة نظر هذه الخنثی الی النساء تنجزت بعلم اجمالي سابق، و كل ما كان هناك علمان اجماليان لهما طرف مشترك و هذا الذي لهما طرف مشترك فالعلم الاجمالي متاخر زمانا لايكون منجزا. و لاجل ذلك قالوا بانه لو علمت اجمالا بان احد الانائين نجس ثم وضعت يدك في احدهما يحكم بطهارة يدك مع انه يوجد علم اجمالي جديد بان يدك هذه نجسة أو ذاك الاناء الآخر نجس لكنهم يقولون الاناء الآخر تنجزت نجاسته بعلم اجمالي سابق. نعم لو حصل العلمان الاجماليان في وقت واحد يعني حينما وضعت يدك في الاناء الاول قالوا لك ماذا تفعل؟ وقع قذر في احد هذين الانائين، بعد يكون تجتنب عن كلي الانائين و تغسل يديك لان العلم الاجمالي بنجاسة احد الانائين و العلم الاجمالي بنجاسة يدك أو الاناء الآخر قد حصلا في وقت واحد فكلاهما يكونان منجزين. هذا ما قاله جمع من الاعلام كصاحب الكفاية السيد الخوئي السيد السيستاني.

هذا ما دافعنا به عن هؤلاء الاعلام. لكن هذا دفاع لا عاقبة له لاننا اشكلنا عليهم في ابحاثنا فقلنا هذه الخنثی حين بلوغها حيث تلتفت الی انها إما رجل أو امرأة، بناءا علی ان الخنثی ليست طبيعة ثالثة‌ لا رجل و لا امرأة‌،‌ بناءا علی نظر المشهور من انها إما رجل أو امرأة،‌ و هي ملتفتة‌ الی انه توجد احكام في الشريعة للرجال و توجد احكام في الشريعة للنساء، يحصل لها علم اجمالي اني إما رجل فيجب عليّ ما يجب علی الرجال و يحرم عليّ ما يحرم علی الرجال أو اني امرأة فيحرم عليّ ما يحرم علی النساء و يجب عليّ ما يجب علی النساء، و من جملة ما يجب علی النساء الاجتناب في حال الصوم عن ادخال ذكر رجل في فرجها.

لاتقولوا بان هذا اذا لم‌يكن عن عقد شرعي فهو حرام تفصيلي، نقول: لا، الكلام في كونه حراما وضعيا بلحاظ الصوم و الا فهذه الخنثی لو كانت رجلا فالرجل الآخر حينما يضع ذكره في ثقب مفتوح في قبل هذا الرجل، هذا ليس محرما من ناحية الصوم، بل و اذا كان لابسا شيئا علی ذكره و لم‌يكن بشهوة قال السيد الخوئي بانه مو حرام، لانه ليس مسا للذكر و ليس عن شهوة.

فاذن قلنا بان هذا العلم الاجمالي من بدء بلوغ هذه الخنثی موجود، إما انه يحرم عليّ كخنثی ان انظر الی النساء ان كنت رجلا، هكذا تقول الخنثی، تقول الخنثی: إما يحرم علی الخنثی النظر الی النساء ان كانت رجلا أو يحرم عليها في حال الصوم ان تمكن رجلا من ادخال ذكره في فرجها ان كانت الخنثی انثی. هذا العلم الاجمالي موجود من بدء بلوغ الخنثی، ليس علما اجماليا متأخرا. لماذا جعلتم الطرف الآخر للعلم الاجمالي بطلان الصوم حتی تقولوا بانه بعد ما ادخل الرجل ذكره في فرج هذه الخثنی يحصل هذا العلم الاجمالي؟ لا، اجعلوا الطرف لهذا العلم الاجمالي حرمة تمكين هذه الخنثی للرجل من ادخال ذكره في فرجها في حال الصوم، و هذا العلم الاجمالي لايوجد اي مانع من منجزيته.

فاذن دفاعنا عن مثل السيد الخوئي ما نجح.

كلام السيد السيستاني

فنلاحظ تعليقة السيد السيستاني اولا. السيد السيستاني قال تعليقا علی قول صاحب العروة اذا دخل الرجل بالخنثی قبلا لم‌يبطل صومه و لا صومها، تاملوا! تعليقة عميقة، تعليقة لاتخلو عن تدقيق، يقول السيد السيستاني: اذا فرض كون الخنثی ذات شخصية مزدوجة بان كانت ذات جهازين تناسليين مختلفين. تدرون ان الخنثی علی قسمين: الخنثی‌ التي ليس لها لا ذكر و لا فرج،‌ ممسوح، كل شيء ماكو، خلوا الثقب بين الفخذين كي يخرج منه الفضولات و لا احد يسمی هذا الثقب بالفرج و لا بالذكر، و اخری تكون الخنثی ذات جهازين له ذكر و فرج، يسمي السيد السيستاني هذه الخنثی بذات شخصية مزدوجة، بالفارسية يقولون تعدد شخصيت، دوشخصيتي، دوجنسيتي، كان السيد السيستاني يعتبر رجل و امرأة. حينما تدق الباب عليك تصيّح: من انت؟ هي تقول: رجل و امرأة. يقول السيد السيستاني هكذا رجل و امرأة فالظاهر في مثل ذلك بطلان صومها بالادخال في قبلها و بادخالها يعني بادخال هذه الخنثی ذكرها في قبل الانثی و كذا في دبر الانثی علی الاحوط كما يبطل صوم الرجل اذا ادخل فيها قبلا و كذا دبرا علی الاحوط. يعني يجري علی هذه الخنثی بالنسبة الی هذه القضايا الجنسية حكم كل من الرجل و المرأة،‌ فهذا الرجل الذي ادخل ذكره في فرج هذه الخنثی يصدق انه لم‌يجتنب عن النساء كما ان هذه الخنثی اذا ادخل ذكرها في فرج انثی هي لم‌تجتنب عن النساء، رجل لم‌يجتنب عن النساء، شخصية مزدوجة بعد.

و اما اذا لم‌تكن كذلك،‌ لم‌تكن ذات شخصية مزدوجة،‌ فان قلنا انها تعد حينئذ طبيعة ثالثة لا ذكر و لا انثی، فمقتضی القاعدة عدم بطلان صومها و لا صوم غيرها بادخالها فيه أو ادخاله فيها و لكن هذه الخنثی‌ التي ليست شخصية مزدوجة و لم‌نقل بانها طبيعة ثالثة‌ يحصل علم اجمالي بانه إما رجل أو انثی، و ان قلنا انها لاتخلو عن كونها ذكرا أو اثنی و لم‌يتيسر تشخيص ذلك،‌ خنثی مشكلة، فلابد لها من رعاية الاحتياط فيما اذا دخل الرجل بها قبلا أو ادخلت هي في الانثی و لو دبرا. انا احتمل ان السيد السيستاني في هذا الذيل كان ملتفتا الی ما ذكرنا من حصول علم اجمالي لها من بدء بلوغها.

جواب سؤال: اذا خنثی ليس ذات شخصية مزدوجة ليس لها ذكر و لا فرج، و لكن هي في الواقع حيث ليست طبيعة ثالثة فإما رجل واقعا و اما انثی‌ واقعا، فيحصل علم اجمالي الذي اشرنا اليه.

انا اعلق علی هذا الذيل اقول يا سيدنا! انت ذكرت في كتابك الاجتهاد و التقليد و نبهّت علی نكتة لطيفة، فقلت هناك في فرع من فروع العلم الاجمالي فقلت اشكلنا علی بعض الاعلام قلنا له: هذا العلم الاجمالي انتم حصل لكم بعد الممارسة العامي ليس لديه هذا العلم الاجمالي فكيف تحملون عليه آثار العلم الاجمالي. انا سألتُ السيد السيستاني فالمرة قلت: بعض الاعلام، من هم؟ قال: ما اقول. ما ادري السيد الخوئي كان؟ السيد البجنوردي كان؟ لان السيد السيستاني كان يعايش السيد البجنوردي و هو يحترمه يجلله. علی اي حال. نقول يا سيدنا! انتم عملتم بمقتضی منجزية‌ العلم الاجمالي هنا، انا اشكلت ايضا علی السيد السيستاني اقول يا سيدنا انت فعلت هكذا، العلم الاجمالي حملته علی المقلدين. قال خوفا منكم، خفت ان تعترضون علي!!. ان كان خوفا منا مي خالف،‌ و لكن كنكتة علمية يقال انتم حصل لكم هذا العلم الاجمالي و العامي أو هذه الخنثی‌ الله ابتلاها بمشاكل نفسية و جسدية و اجتماعية، اصلا لم‌تكن فكرت حتی حصل لها هذا العلم الاجمالي.

لكن انا اقول هذه الخنثی في ضميره أو في مرتكزها تحس بانها إما رجل أو امرأة و الشريعة جعلت احكاما مختصة بالرجال و احكاما مختصه بالنساء، فمن الطبيعي حصول العلم الاجمالي لها. مضافا الی ما قد يقال من ان رأي الاجمالي للفقيه حجة للعامي، فالرأي الاجمالي للفقيه حجة لهذه الخنثی و منجز في حقها. مي خالف.

جواب سؤال: الذي ادركه الفقيه من وجود علم اجمالي بتكاليف الشريعة إما تكاليف الرجال في حق الخنثی أو تكاليف النساء، هذا رأي اجمالي للفقيه و هذا الرأي الاجمالي حجة في حق العامي و منه الخنثی فلابد ان ترجع الخنثی الی الفقيه لتتعلم منه ما هو منجز عليها. و هذا الكلام لابأس به كما اشار اليه مقرر البحوث في تعليقة البحوث بداية الجزء الرابع.

نرجع الی اول تعليقة السيد السيستاني، نقول: فعلا لا علاقة‌ لنا بان الخنثی طبيعة ثالثة أو انها مرددة بين الرجل و الانثی، سنتكلم عن ذلك انشاءالله في ليلة أخری. و لكن اقول ما فرضتم في بداية الامر انه اذا فرض كون الخنثی‌ ذات شخصية مزدوجة يعني الخنثی التي لها ذكر و فرج هم رجل هم امرأة؟ هذا ما يأبی عنه العرف. الرجولية ‌و الانثوية‌ وصفان متضادان عرفا. فمن الاحسن ان نقول اذا لم‌تكن الخنثی في علم الله رجل أو انثی فهي ليس لا رجل و لا انثی، لا انها رجل و انثی، لا رجل و لا انثی، يعني طبيعة ثالثة، فلماذا جعلتم هذا الخنثی‌ التي فرضتم انها شخصية‌ مزدوجة في قبال الطبيعة‌ الثالثة، فاذا كانت الخنثی‌ لا رجل و لا امرأة، فيتم ما ذكره من انه لايبطل صوم الرجل اذا ادخل ذكره في فرج هذه الخنثی لاحتمال انها ذكر و ادخال الرجل ذكره في ثقب رجل آخر لا في دبره، في ثقب مفتوح من قبله لايبطل الصوم. المبطل للصوم هو الجماع في قبل المرأة. فرض كون هذه الخنثی هم رجل هم امرأة مستبعد عرفا. مثل ما يقال بالنسبة الی الجنين الذي هو بيضته من امرأة و لكن ولدت امرأة اخری، اخذت بويضة امرأة و لقّحوها بنطفة رجل و لقحوا البويضة بتلك النطفة هذه النطفة الملحقة زروعها في رحم امرأة‌ فولدت ولدا، اختلفوا:

السيد الخوئي يقول ان امهاتم الا اللائي ولدنهم، هذه المرأة الثانية الام لهذا الجنين و المرأة‌ الاولی ما لها ربط بهذا الجنين. و لاجل ذلك يقول السيد الخوئي لو اخذوا بويضة امرأة مع نطفة رجل و لقحوهما و جعلوا النطفة‌ الملقحة في رحم صناعي و صار ولدا، يجيء الی الحوزة و صار عالما،‌ يمكن ان تقول له بالفارسية اي بي‌مادر! لا ام لك، و ليس كذبا. هذا رأي السيد الخوئي.

الرأي الثاني ان يقال بان ام هذا الطفل المرأة الاولی عرفا. و هذا رأي السيد الزنجاني و بعض المعاصرين. و المرأة الثانية مجرد ظرف كرحم صناعي. طبعا السيد السيستاني مردد، يقول ما افتي، مردد. و لاجل ذلك لايحكم بان الاولی ترث من هذا الطفل أو الثانية ترث و ان كانت الثانية‌ محرما لهذا الولد.

و هناك قول آخر يقال كلتاهما ام، لهذا الولد امّان. يخاطب كلتيهما يمّاه، و لا حق لاحدهما ان تعترض ان تقول ليش خاطبت هذه المرأة الثانية يماه؟ انا لي امان. هذا (ان تكون له امان) كما ذكر السيد السيستاني خلاف المرتكز.

بقية الكلام في ليلة الإثنين ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo