< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الثالث (الجماع) / المفطرات/ کتاب الصوم

الدرس 73

الأحد – 14 رجب‌الأصبّ 44

أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.

كان الكلام في انه بعد عدم تمامية الاستدلال بصحيحة ابي‌بكر الحضرمي علی ان وطئ الغلام مع عدم الانزال يوجب الجنابة فقد ذكر بعض المعاصرين في كتاب الصوم انه حينئذ لايبقی‌ دليل علی كون وطئ المرأة في دبرها سببا للجنابة و مبطلا للصوم لان كل الادلة المذكورة‌ في كلمات الاعلام مخدوشة.

و قد ذكر ان الآية‌ الكريمة‌ التي تقول أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا عنوان كنائي منصرف الی الوطئ في القبل و لا دليل علی كونه كناية عن مطلق الوطئ و لو في الدبر. و يؤيد ذلك ما ورد في معتبرة ابي‌مريم الانصاري قلت لابي‌جعفر عليه السلام ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو جاريته فتأخذه بيده حتی ينتهي الی المسجد فان من عندنا يزعمون انها الملامسة فقال لا و الله ما بذلك بأس و ربما فعلته و ما يعنی بهذا أو لامستم النساء الا المواقعة في الفرج.

نقول: الظاهر ان الملامسة بمعنی الجماع و الوقاع و اتيان الاهل، و العرف يری‌ انه يشمل الوطئ في الدبر و لا موجب لانصرافه عنه. و هذه الصحيحة الظاهر منها الحصر الاضافي، ما يعنی بهذا اي بقوله تعالي لامستم النساء الا المواقعة في الفرج يعني ما دون ذلك ليس مرادا من الآية و ليست هذه الصحيحة ظاهرة في نفي شمول عنوان الملامسة للوطئ في الدبر.

هذا و قد ذكر بالنسبة الی قوله عليه السلام اذا اولجه فقد وجب الغسل أو اذا ادخله فقد وجب الغسل انه ناظر الی ان الانزال ليس معتبرا في تحقق الجنابة‌ بالجماع و ليست هذه الروايات ناظرة الی تعميم سببية الجماع للجنابة‌ الی الجماع من الدبر.

و لكن هذا الكلام ايضا غير صحيح. لاتوجد اية‌ قرينة‌ في هذه الروايات انها بصدد نفي اعتبار الانزال في تحقق الجنابة، ففي صحيحة داود بن سرحان عنه عليه السلام اذا اولجه فقد وجب الغسل، و العرف يری‌ شمول هذا التعبير للوطئ في الدبر. و ترون ان السيد الزنجاني الذي قبل الاجمال في عنوان ملامسة النساء، أو لامستم النساء،‌ هنا قبل الاطلاق و قال لا موجب للانصراف عن الوطئ في الدبر، طبعا هذا في خصوص النساء و لا اطلاق له لغير النساء.

و اما ما ورد من قوله اذا التقی الختانان فقد وجب الغسل فالظاهر انه بصدد بيان عدم شرطية الانزال، كلام هذا المعاصر صحيح بالنسبة الی ما ورد من انه اذا التقی الختانان فقد وجب الغسل ففي صحيحة ابن بزيع سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلاينزلان متي يجل الغسل؟ فقال اذا التقی الختانان فقد وجب الغسل يعني لايعتبر الانزال و لايعني انه اذا وطئها في دبرها فلم يلتقي الختانان، اذا التقی الختانان يعني يكفي التقاء الختانين في وجوب الغسل، لا انه يعتبر في الاجناب الجماع من القبل، و هكذا صحيحة الحلبي، سئل ابوعبدالله عليه السلام عن الرجل يصيب المرأة‌ فلاينزل أعليه غسل قال كان علی عليه السلام يقول اذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل. فنحن في هذه الرواية التي تقول اذا التقی الختانان فقد وجب الغسل فقد ندعي ما ادعاه هذا المعاصر في تلك الرواية‌ التي كانت تقول اذا اولجه فقد وجب الغسل نقول هذه الرواية ناظرة الی نفي شرطية الانزال و ليست ظاهرة في ان الوطئ في الدبر ليس مصداقا للاتقاء الختانين فلايوجب الغسل. مضافا الی ما ذكرنا مرارا ان الجملة الشرطية ليس لها مفهوم مطلق بان نقول مفهوم هذه الجملة‌ اذا لم‌يلتق الختانان فلايوجب الغسل ابدا. بل القدر المتيقن من مفهومها انه اذا لم‌يدخل بمقدار الحشفة فلايتحقق به الجنابة.

بقيت تلك الرواية الصحيحة التي كانت تقول كيف توجبون عليه الحد و الرجم و لاتوجبون عليه الغسل حيث كان يقال بان اميرالمؤمنين عليه السلام في هذا الجدال جعل الملازمة بين ايجاب الحد و بين ايجاب الغسل، فاذا كان الوطئ في دبر المرأة موجبا للحد بلااشكال فبالملازمة نقول انه موجب للغسل، و هكذا وطئ الغلام الذي يوجب حدا شديدا فيوجد ملازمة بين ايجاب الحد و ايجابه الغسل، أجاب عنه بعض المعاصرين بانه لا معنی لهذه الملازمة بنحو المطلق،‌ فالسرقة توجب الحد و لاتوجب الغسل، فهذا الكلام ناظر الی بعض الموارد و القدرالمتيقن هو كونه ناظرا الی الجماع في الفرج. هذا الكلام صحيح و لكن ينبغي ان اوضح هذا الحديث فقد يقال بان الامام عليه السلام استخدم القياس كيف توجبون عليه الحد، هذا الذي جامع و لم‌ينزل كيف توجبون عليه الحد و لاتوجبون عليه صاعا من الماء، فالامام استخدم القياس فيقال بانه استخدم القياس جدلا لان عمر كان يری القياس. و لكن لم‌يثبت انهم كانوا يرون القياس.

و قد يقال و هو الصحيح و قد ورد في كلمات السيد الخوئي ان اميرالمؤمنين عليه السلام قال لهم انتم تتمسكون لايجاب الحد باطلاق الدليل الدال علی ان من زنی يجلد أو يرجم، من وطئ امرأة حراما يجلد أو يرجم، نفس هذا الدليل الذي تتمسكون باطلاقه بالنسبة الی ثبوت الحد و لو من دون انزال نفس هذا الاطلاق موجود في ادلة ايجاب الغسل. لماذا هناك تمسكتم بالاطلاق و اثبتتم الحد مع خطورته فهنا لاتتمسكون بالاطلاق و تثبتون الغسل بعد عدم خطورته. سبحان الله تثبتون عليه الحد و لاتثبتون عليه صاعا من الماء، فاذن هذه الرواية ليست بصدد التوسعة للحكم و جعل الملازمة بين ثبوت الحد و ايجاب الغسل.

و اما النقض بقضية السرقة‌ و نحوها فقابل للجواب لان المنصرف من هذه الرواية ان ما يوجب الحد من الاعمال الجنسية يوجب الغسل، يوجد قرينة لبية متصلة علی ذلك.

و كيف كان، فحن بالنسبة الی وطئ المرأة في دبرها نقبل الاطلاق،‌ اذا لامستم النساء، اذا اولجه وجب الغسل لكن في قضية وطئ الغلام في دبرها لم‌يكن ان نثبت الاطلاق في سببية وطئ الغلام من دون الانزال للجنابة و بالنسبة‌ الی الغلام حتی لو انزل الواطئ لم‌يكن ان نثبت صيرورته جنبا. و لو اثبتنا ذلك، قلنا بان وطئ الغلام من دون انزال يوجب جنابة الواطئ كما يوجب جنابة‌ الموطوء، فما هو الدليل علی ان مطلق الجنابة العمدية تبطل الصوم؟

السيد الخوئي تمسك بتلك الرواية، معتبرة القماط: عمن اجنب في شهر رمضان في اول الليل فنام حتی اصبح قال لاشيء عليه و ذلك لان جنابته كانت في وقت حلال، فقال: مفهومه انه لو كانت الجنابة في وقت حرام بطلت الصوم.

السيد الخوئي أراد ان يثبت انحصار المفطرية بالإجناب، فالجماع الذي لايكون موجبا للاجناب فلايكون مفطرا للصوم، نحن خالفناه، قلنا بانه لايثبت ان الاجناب سبب منحصر لمفطرية الصوم فلعل الجماع و لو لم‌يكن موجبا للجماع كما لو لم‌يكن بمقدار الحشفة يوجب بطلان الصوم كما هو الاحوط وجوبا، لكن الانصاف يقتضي ان نوافق السيد الخوئي في الجانب الايجاب من كلامه و هو ان الجنابة العمدية‌ في نهار شهر رمضان تبطل الصوم، فلو ثبت ان وطئ الغلام في دبره موجب للجنابة فنضم اليه هذه الكبری و هي ان الجنابة‌ العمدية في نهار شهر رمضان مبطلة للصوم.

و النقاش فيه بان لازم هذا الاستدلال ان شخصا لو اجنب في اليوم الاول من رمضان و غلب عليه النوم، غلب عليه النوم الی ان اصبح، لما جامع غلب عليه النعاس و النوم، في وقت حرام، في نهار شهر رمضان في اليوم الاول، كان بانيا علی ان يصوم في اليوم الثاني،‌ في اليوم الاول ايضا كان صائما لكن الشيطان سيطر عليه، فأجنب من حرام، استمنی مثلا،‌ و غلب عليه النوم،‌ قال ان‌شاءالله لما اقوم من النوم أو غلبه عليه النوم بلااختيار أو كان يعتقد انه سوف يقعد من النوم فيغتسل و يصوم في اليوم الثاني لكن بقي نائما الی ان طلع الفجر هل تقولون بان صومه باطل؟ لان جنابته كانت في وقت حرام. هذا الاشكال المذكور في المنتقی قابل للجواب لان هذا العنوان عنوان كنائي يعني جنابته لم‌تكن في نهار شهر رمضان كي يبطل صومه في ذلك النهار، ظاهر هذا التعليل ان جنابته لم‌تكن في نهار شهر رمضان كي يبطل صومه في ذلك النهار، مع ان ذلك ان جنابته لو كانت في نهار شهر رمضان و كانت عمدية فيبطل صومه في ذلك الوقت.

كما يمكننا الاستدلال علی سببية الجنابة‌ العمدية‌ لبطلان الصوم بما دل علی بطلان الصوم بالبقاء العمدي علی الجنابة بناءا علی ما استظهره المشهور لا ما احتمله السيد السيستاني من ان البقاء علی الجنابة عمدا لايبطل الصوم حقيقتا و انما يوجب الكفارة و يوجب وجوب القضاء العقوبتي من دون ان يبطل صومه،‌ لا، هذا الاحتمال الذي احتمله السيد السيستاني خلاف الظاهر كما سيأتي، فالبقاء ‌العمدي علی الجنابة‌ مبطل للصوم فكيف لايكون الاجناب العمدي في نهار شهر رمضان مبطلا للصوم؟

قال السيد الروحاني في كتاب الصوم: لعل المفسدة في الاصباح جنبا متعمدا. الله سبحانه و تعالی ما يريد يؤذن المؤذن لصلاة الفجر من شهر رمضان و انت جنب و باقي علی الجنابة متعمدا،‌ هذا هو الذي الله سبحانه و تعالی يريد منك اما انه بعد ان اذّن المؤذّن تجنب عمدا لعله ما يضر.

انصافا هذا الاحتمال يكاد يلحق بانياب الاغوال،‌ خلاف الظاهر. الظاهر ان الجنابة العمدية بقاءا لما كانت مبطلة للصوم فحدوثا مبطلة للصوم و لو بالملازمة العرفية.

ثم بعد ذلك ذكر صاحب العروة انه اذا وطئ الصائم بهيمة بطل صومه بل و ان وطئته البهيمة. سبحان الله! هل يوجد صائم هكذا؟ الاعلام اشكلوا عليه و نفس صاحب العروة في بحث الجنابة‌ ما افتی هكذا بهذا النحو،‌ لكن هنا قال يبطل الصوم لو وطئ بهيمة أو وطئته البهيمة. و لكن انتم تدرون حتی لو تم دعوی المشهور في وطئ الغلام من انه سبب للجنابة و لبطلان الصوم فلا دليل علی بطلان الصوم بوطئ البهيمة أو وطئ البهيمة للصائم بل و لا دليل علی كونه سببا للجنابة بدون الانزال. فلعل المسألة واضحة.

و رأيت انه ذكر في الخلاف الذي يقتضيه مذهبنا ان لايجب الغسل في فرج البهيمة يعني لو وطئ بهيمة في فرجها لايوجب الغسل. و في طهارة المبسوط: فاما اذا ادخل ذكره في فرج بهيمة أو حيوان آخر مما لا نص فيه فلا نص فيه فينبغي ان يكون المذهب ان لايتعلق به غسل لعدم الدليل الشرعي عليه و الاصل براءة الذمة. لكن في كتاب الصوم في المبسوط قال و الجماع في الفرج من المفطرات انزل أو لم‌ينزل سواء كان قبلا أو دبرا فرج امرأة أو غلام أو ميتة أو بهيمة. و في صوم الخلاف قال اذا اتی بهيمة و لم‌ينزل يقتضي المذهب ان عليه القضاء، لانه لا خلاف فيه و اما الكفارة‌ فلاتلزمه لان الاصل براءة الذمة. اشلون الذي يقتضيه المذهب ان عليه القضاء لانه لا خلاف فيه؟‌ يعني هذا مقتضی الاحتياط و انتم يا شيخ الطائفة ذكرتم في طهارة المبسوط ان الاصل براءة الذمة.

يقع الكلام في المسألة السادسة: لافرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الانزال و عدمه.

واضح، للاطلاقات.

المسألة السابعة: لايبطل الصوم بالايلاج في احد الفرجين بلاانزال الا اذا كان قاصدا للانزال فانه يبطل و لو لم‌ينزل حيث انه نوی المفطر.

هذا داخل في بحث ان من نوی المفطر و لم‌يرتكب المفطر هل يبطل صومه ام لا قلنا بانه لو كان ملتفتا الی انه مفطر يبطل صومه.

المسألة الثامنة: لايضر ادخال الاصبع و نحوه لا بقصد الانزال.

المسألة التاسعة:‌ لايبطل الصوم بالجماع اذا كان نائما. في حال النوم قام و جامع زوجته، زوجته تصيّح يا فاسق يا فاجر انت ما عندك دين؟ انت مو صائم؟ ابد ما يلتفت بعد ان فرغ من عمله قعدت زوجته من النوم قال ابد ما التفتت، مي خالف،‌ اذا يهچي صدق،‌ لايبطل الصوم اذا كان نائما.

او كان مكرها بحيث خرج عن اختياره. المكره علی قسمين: مكره لايزول منه الاختيار، يهدد إما ان تجامع اهلك و الا نقتلك، هذا ينجبر يجامع اهله،‌ يبطل صومه لانه جامع باختياره. و رفع ما استكرهوا عليه لاينفي اثر وجوب القضاء المترتب علی فوت الصوم و لو لم‌يكن باختياره. و اما اذا الجئ علی الجماع، الجأوه علی الجماع،‌ سلب منه الاختيار بالمرة، لايقال هذا جامع اهله بل يقال الجئ علی الجماع مع اهله، و لا دليل علی بطلان صومه به. كما لايضر اذا كان سهوا يشمله ما دل علی انه رزق رزقه الله.

اقرأ هذه المسألة‌ العاشرة‌ و نبحث عنها في الليلة‌ القادمة: لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في احد الفرجين لم‌يبطل. و لو قصد الادخال في احدهما فلم يتحقق كان مبطلا من حيث انه نوی المفطر.

تاملوا في هذه المسألة و بقية المسائل الی الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo