< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الثالث (الجماع) / المفطرات/ کتاب الصوم

الدرس 72

الثلثاء – 9 رجب‌الأصبّ 44

 

مفطرية وطئ الغلام مع عدم الانزال1

الاستدلال بصحيحة ابي‌بكر الحضرمي (لاينقّيه ماء الدنيا)1

الإشكال2

كلام المحقق الحكيم3

كلام المحقق الخوئي4

سببية وطئ المرأة في دبرها الجنابة4

عدم الدليل علی مفطرية‌ وطئ الغلام5

 

أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.

مفطرية وطئ الغلام مع عدم الانزال

كان الكلام في مفطرية وطئ الغلام مع عدم الانزال.

استدل جماعة علی ذلك بانه ثبت ان وطئ الغلام سبب للجنابة، و ثبت ان الإجناب العمدي في نهار شهر رمضان مبطل للصوم. و بذلك نثبت ان وطئ الغلام مع عدم الانزال ايضا مبطل للصوم.

نحن لانتكم عن الكبری فعلا نقبل بانه ثبت من الادلة ان الإجناب العمدي في نهار شهر رمضان مبطل للصوم. و ان ناقش في هذه الكبری بعضهم فقال من اين استفدتم ان كبری الإجناب عنوان الإجناب مبطل للصوم؟ ما هو المبطل للصوم هو الجماع مع النساء،‌ اما الإجناب يكون مبطلا للصوم بعنوانه المستقل؟ قد ينكر ذلك كما حاول السيد الروحاني الاشكال عليه فقال هل استفدتم ذلك من ادلة مبطلية البقاء العمدي علی الجنابة؟ البقاء العمدي علی الجنابة الی طلوع الفجر مبطل للصوم فبالاولوية نثبت ان الإجناب العمدي مبطل للصوم؟ لعل الشارع حين طلوع الفجر يريد ان يكون الصائم طاهرا من الجنابة، لايدخل في نهار شهر رمضان مع حالة الجنابة و اما انه يجنب بعد ذلك من دون جماع مع المرأة ما هو الدليل علی كونه مبطلا؟

لكن الانصاف عدم تمامية هذا الاشكال. و لعلنا نتكلم عن كبری مبطلية الصوم بالإجناب العمدي في نهار شهر رمضان، و لكننا فعلا نتكلم عن الصغری و هي ان وطئ الغلام من دون الانزال يوجب الجنابة أو انه و لو مع الانزال أو بدون الانزال يوجب جنابة الموطوء ام لا؟

قلنا بان السيد المرتضی ادعی الاجماع علی كون عمل الشنيع سببا للجنابة و اعترض عليه صاحب الشرائع قال لم‌يثبت هذا الاجماع.

الاستدلال بصحيحة ابي‌بكر الحضرمي (لاينقّيه ماء الدنيا)

بعض الفقهاء استدلوا بصحيحة ابي‌بكر الحضرمي التي قرأناها امس. و اول من رأينا انه استدل بهذه الصحيحة صاحب الرياض العلامة الطباطبائي ثم استدل بها النراقي في مستند الشيعة و صاحب الجواهر و من المعاصرين السيد الخوانساري في جامع المدارك و السيد الزنجاني في كتاب الصوم و هكذا بعض المعاصرين في كتاب الصوم، اقرأ هذه الصحيحة، عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال رسول الله صلی الله عليه و آله من جامع غلاما جاء جنبا يوم القيامة لاينقّيه ماء الدنيا و غضب الله عليه و لعنه و اعد له جهنما و ساءت مصيرا.

قالوا بانه يستفاد من هذه الصحيحة ان عمل الشنيع يوجب الجنابة و لكن غسل الجنابة لايزيل الجنابة عن هذا الفاسق واقعا و ان ازال عنه الجنابة فقهيا في عالم الدنيا لكنه يحشر في عالم الآخرة جنبا. مثل ما عن السيد الخوئي في قضية المخالفين يقول مسلم في الدنيا و كافر في الآخرة، في هذه الحيوة الدنيا يتعامل معه معاملة‌ المسلم لكنه يحشر في الآخرة‌ كافرا. و من كان في هذه اعمي فهو في الآخرة اعمي و اضلوا سبيلا. أو ورد في من سوّف الحج و مات انه يموت يهوديا، فليمت يهوديا أو نصرانيا مع انه مسلم فقهيا. هذا الذي جامع الغلام و اغتسل من الجنابة فهو يرتفع عنه حدث الجنابة فقهيا لكنه جنب عند الله و يحشر يوم القيامة جنبا. فهذا يعني انه في عالم الدنيا قبل ان يغتسل من الجنابة كان جنبا، ‌هذا هو المتفاهم من هذه الصحيحة.

الإشكال

قبل ان اقرأ‌ كلمات الاعلام حول هذه الصحيحة اذكر الاشكالين الذين خطرا ببالي ثم نلحظ كلمات الاعلام. الاشكال الاول: ان هذه الصحيحة ليست بصدد بيان حكم شرعي فقهي حتی نتمسك باطلاقها فيكفي في صدق هذه القضية ان يكون الملحوظ فيه ما هو المتعارف من انجرار العمل الشنيع الی الانزال. لو كانت الرواية هكذا: من جامع غلاما فليغتسل لم‌يكن منصرفا الی المتعارف و لكن حيث ان هذه الصحيحة ليست بصدد بيان حكم فقهي فلايری العرف ايّ خلل في هذه الصحيحة اذا لم‌يكن الوطئ الذي لايؤدي الی الانزال سببا للجنابة‌ و اختصت سببية الجنابة‌ بالوطئ المؤدي الی الانزال فيقول من جامع غلاما جاء جنيا يوم القيامة لاينقيها ماء الدنيا.

الاشكال الثاني: انه يقال ليس هناك ملازمة بين كون الواطئ للغلام جنبا عند الله و كونه جنبا في عالم الفقه حتی قبل ان اغتسل من الجنابة، لعله ليس جنبا كاعتبار فقهي يزول بغسل الجنابة. كما ورد في بعض الروايات من تزوج امرأة و ليس من نيته ان يعطيها صداقها فهو عند الله زان و لكن في عالم الدنيا يجری عليه حد الزنا؟ لا، فهو عند الله زان و يحشر يوم القيامة زانيا!!

هل نری تمامية هذين الاشكالين؟ اقرأ كلام بعض المعاصرين في كتاب الصوم. هو طبعا قال: نحن لولا هذه الصحيحة لكنا نستشكل حتی في سببية وطئ المرأة في دبرها للجنابة لعدم تمامية اي دليل علی ذلك و الدليل منحصر بهذه الصحيحة فاننا بالاولوية العرفية نقول وطئ الغلام من دون الانزال اذا كان سببا للجنابة فوطئ المرأة في دبرها من دون انزال يكون سببا للجنابة و ان كان وطئ الغلام اشنئ لكن سببية الجنابة في وطئ المرأة معهودة فان جماعها في دبرها سبب للجنابة و لم‌يقل احد بان وطئ الغلام من دون الانزال سبب للجنابة و لكن وطئ المرأة في دبرها ليس موجبا للجنابة و ان قال جمع بالعكس ان وطئ المرأة في دبرها موجب للجنابة‌ و لكن وطئ الغلام ليس موجبا للجنابة‌ كما عليه السيد الخوئي و جمع من الاعلام.

اذن ننتقل الی البحث السابق،‌ شنو الاشكال علی بقية الادلة في سببية وطئ المرأة في دبرها للجنابة؟ يقول بتقريب منا طبعا: اما الملامسة، لامستم النساء، فقد فسرت في بعض الروايات بالمواقعة في الفرج، يوجد بعض الروايات الصحيحة، ما يعني بهذا اي لامستم النساء الا المواقعة في الفرج و و دعوی ان الدبر فرج غير عرفي. افرض اطلق لفظ الفرج علی الدبر في بعض الاستعمالات لكن المنصرف من الفرج غير الدبر. و لاجل ذلك ورد في الكافي حرمة‌ الدبر اعظم من حرمة الفرج، ان الله اهلك امة بحرمة الدبر و لم‌يهلك احدا بحرمة الفرج.

جواب سؤال: بلااشكال حرمة الدبر يعني دبر الذكر و لكن جعل الفرج في قبال الدبر.

قلت لكم انتقلنا الی اشكاله في ادلة سببية وطئ المرأة في دبرها للجنابة‌ غير هذه الصحيحة، يقول اما ما ورد في الروايات الصحيحة اذا ادخله وجب الغسل اذا اولجه وجب الغسل فهو منصرف الی المتعارف فان محط النظر في هذه الروايات الی نفي توهم شرطية الانزال لان العامة اختلفوا، الانصار قالوا بان يشترط في سببية الجماع للجنابة الانزال، و المهاجرون قالوا لا، اذا التقی الختانان وجب الغسل. فهذه الروايات بصدد تاييد كلام المهاجرين، اذا اولجه اوجب الغسل اذا ادخله فقد وجب الغسل،‌ يعني لايشترط الانزال اما ان المولج‌فيه هو القبل أو الدبر ليس ناظرا الی ذلك. و قد يؤيد كلامه بان حذف المتعلق لايفيد العموم. اذا اولجه،‌ اولجه في اين؟ في اي مكان؟ المتعلق محذوف،‌ و حذف المتعلق مفيد للاجمال لا العموم، يكون يصير مجملا، اذا اوجله القدرالمتيقن ان المتعلق هو قبل المرأة.

و اما الاستدلال بقوله عليه السلام في صحيحة‌ زرارة نقلا عن اميرالمؤمنين حينما اعترض علی الانصار فقال أتوجبون عليه الحد و لاتوجبون عليه صاعا من الماء، حيث يقال بان الامام عليه السلام جعل الملازمة ‌بين ايجاب الحد و بين ايجاب الغسل بالجنابة. فيجيب عن ذلك يقول الملازمة المطلقة باطلة بالضرورة. السرقة توجب الحد و لاتوجب الغسل،‌ فلابد من تقييدها،‌ و لعل المقيد هو الجماع في قبل المرأة. فما بقی شيء الا صحيحة ابي‌بكر الحضرمي.

ثم تعرض لاشكال دلالي علی هذه الصحيحة فقال و الاشكال في الرواية‌ بعدم دلالتها علی وجوب الغسل بل علی عدم الجدوی في الغسل لقوله عليه السلام لاينقّيه ماء الدنيا ناشئ من عدم التامل في هذه الصحيحة فان الظاهر من هذه الصحيحة كون وطئ الغلام باطلاقه موجبا للجنابة المستلزم للغسل و لكن ينبّه علی ان ماء الدنيا مع وجوبه عليه لايرفع مفسدة عمله.

كلام المحقق الحكيم

رأيت في بعض الكلمات ككلام السيد الحكيم صاحب مصباح المنهاج انه ايضا تعرض للاستدلال بهذه الصحيحة و اشكل عليها هل اشكاله نفس الاشكالين الذين ذكرتهما و كانا خطرا ببالي؟ اقرأ كلام السيد الحكيم، يقول: و اما صحيحة ابي‌بكر الحضرمي فيشكل الاستدلال بها بلحاظ انها و ان كان ظاهرة في مسانحة الجنابة ‌الحاصلة‌ منه للجنابة‌ التي هي محل الكلام الا انها الجنابة الحاصلة‌ من عمل الشنيع بنحو لاينقّيها ماء الدنيا مانع عن وجوب الغسل لها. هذه الجنابة الشديدة تبقی لاينقيها ماء الدنيا، يغتسل الف مرة، ما يفيده. جنابة سوّدت صحيفة عمله، لو يغتسل الف مرة‌ ما يفيده، هذا يعني انه ينظر الی الاشكال الذي ذكرته انه يتكلم في هذه الصحيحة عن جنابة‌ معنوية لا جنابة فقهية توجب غسل الجنابة‌ في الدنيا.

و لكن اجاب عن هذا الاشكال قال اللهم الا ان يكون وجه الاستدلال ظهور هذه الصحيحة في المفروغية في استعمال ماء الدنيا يقول لاينقّيه ماء‌ الدنيا فرض انه يستعمل الماء لزوال جنابته و لكنه لايفيده في عالم الآخرة،‌ لا انه يردع عن غسل جنابته، لا، يقول غسل جنابتك لايرفع جنابتك في عالم الآخرة حتی يزجره عن هذا العمل الشنيع. فاذن اجاب السيد الحكيم عن احد الاشكالين.

لكنه قال فلعل الاولی‌ الاشكال فيه بانه حيث لم‌يكن واردا لبيان سبيية‌ الوطئ للجنابة و الغسل بل للتغليظ فيها مع المفروغية عن ثبوتها بنحو يتبع الغسل فلااطلاق له يشمل الادخال من دون الانزال الذي لايبعد كونه فردا نادرا غير ملتفت اليه. قبِل احد الاشكالين و اجاب عن ثانيهما.

كلام المحقق الخوئي

السيد الخوئي في الموسوعة الجزء 3 صفحة 263 اجاب عن هذه الصحيحة فقال الجنابة التي لاترتفع بالاغتسال بماء الدنيا خارجة عن الجنابة المصطلح عليها التي رتبت عليها احكام من وجوب الغسل و حرمة المكث في المساجد و نحوها فهي جنابة واقعية و مغايرة مع الجنابة‌ المصطلحة للقطع من ان واطئ الغلام اذا اغتسل صحت منه الصلاة، فلادلالة‌ للرواية علی ان الجنابة‌ المصطلح عليها تتحق في حق واطئ الغلام.

و الانصاف تمامية هذا الاشكال بل كلا الاشكالين علی هذه الصحيحة و لايتم اقتناع السيد السيستاني و بعض المعاصرين بتمامية‌ دلالة‌ هذه الصحيحة‌ علی سببية وطئ الغلام للجنابة.

سببية وطئ المرأة في دبرها الجنابة

و اما ما نقلناه من انه لو لم‌تكن هذه الصحيحة لم‌يكن لدينا ايّ دليل آخر علی سببية وطئ المرأة في دبرها الجنابة، فالجواب عنه اولا:‌ بلحاظ الصوم يكفينا اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء، و اما بلحاظ سببية الجنابة لاوجه للمنع عن اطلاق قوله اذا ادخله وجب المهر. لايسمی هذا بحذف المتعلق،‌ هذا مثل العالم،‌ مثلا العالم يحتاج الی الإضافة، العالم باي شيء،‌ و لكن العرف يری عنوان العالم غير محتاج الی تصور متعلق له، العالم بالفقه العالم بالاصول العالم بالفلسفة، لا، العالم،‌ بعض العناوين و ان كان في مقام الثبوت من صفات ذات الاضافة‌ و لكن في عالم الاثبات قد لايحتاج بعض العناوين الی تصور متعلق لها.‌ العرف يفهم من قوله اذا ادخله انه ادخله في موضع يتناسب الدخول عرفا و هو إما قبل المرأة أو دبرها.

عدم الدليل علی مفطرية‌ وطئ الغلام

نعم قطعا موضوع هذه الروايات الوقاع مع المرأة و لااطلاق لها لوطئ الغلام. و اما بلحاظ وطئ الغلام فلانملك دليلا علی سببية وطئ الغلام للجنابة، نحن لانقول صحيحة محمد بن مسلم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء دليل علی عدم مفطرية وطئ الغلام بدون الانزال للصوم،‌ لا، ليس دليلا علی هذا، لماذا؟ لاننا قلنا هذه الصحيحة ناظرة الی المفطر الحلال المتعارف و الا فاي معنی لان يحصر الامام عليه السلام المفطر في الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء؟‌ مع ان هناك مفطرات أخری، هذه الصحيحة ناظرة الی المفطر الحلال المتعارف، و لاجل ذلك لم‌يذكر فيها الامور المحرمة كالكذب علی الله و رسوله أو امور محللة غير متعارفة كالتقيء و الاحتقان بالمايع.

لكن المهم ان نحصّل دليلا علی مفطرية‌ وطئ الغلام، و الی حد الان لم‌نحصّل شيئا يدل عليه عدا دعوی الاجماع من قبل السيد المرتضی و انكره المحقق في الشرائع و نعم ما صنع لان الشيخ الطوسي انكر ما ادعی عليه الاجماع السيد المرتضی و هو سببية وطئ المرأة في دبرها للجنابة. فالاجماع غير ثابت.

و المهم انه قد يقال بان كون وطئ الغلام اشنع و اشد من وطئ المرأة حلالا أو حراما، توجب استبعاد العرف ان يكون وطئ المرأة حلالا أو حراما سبب للجنابة و وطئ الغلام لايكون سببا للجنابة. هذا مجرد استبعاد. أو يكون وطئ المرأة مبطلا للصوم و لكن وطئ الغلام لايبطل الصوم، هذا انصافا امر غريب و لكن الفتوی بمجرد هذا الاستغراب بكون وطئ الغلام سببا للجنابة بحيث لايحتاج الی ضم الوضوء أو سببا لبطلان الصوم كفتوی مشكل،‌ فالاحتياط اللزومي في محله.

و بقية الكلام في ليلة الاثنين ان‌شاءالله تعالی.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo