< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المفطر الثالث: الجماع / المفطرات/ کتاب الصوم

 

نزیف الدم من اللثة

قبل ان نتكلم عن المفطر الثالث ينبغي ذكر مسألة قد تكون مبتلی‌بها و هي ان من يسوي عملية جراحية في اسنانه يبتلی بنزیف الدم من لثته و هكذا من تكون لثته مبتلاة بالعفونة فحتی اذا ينام يطلع من لثته دم و يدخل في فضاء حلقه، فذكر السيد السيستاني انه لو علم بان الدم ينزل الی حلقه و تمكن من منع ذلك و لم‌يمنع بطل صومه.

ان قلتم: يتوقف ذلك علی ان ينام كي يذب بصاقه الممتزج بالدم غير المستهلك في الخارج و هذا حرج عليه. يقول السيد السيستاني: مي خالف، ما جعل عليكم في الدين من حرج، يروح ينام بالمقدار الذي يكون عدم نومه حرجا عليه و لكن هل تتوقعون انه لايجب عليه القضاء؟ شنو هذا التوقع الزائد؟ يكون يقضي هذا الصوم.

نقل علی السيد الزنجاني انه قال: لا، هذا الدم لايبطل الصوم. هذا يتم علی مبناه من ان الدم ليس بطعام و لا شراب متعارف و لم‌نستفد من الروايات ان بلع الدم بهذا المقدار الزئيل يوجب بطلان الصوم.

و ما ذكره غير بعيد لان التمسك باطلاق صحيحة محمد بن مسلم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الاماء يصعب الالتزام باطلاقه لمثل هذا الفرض، بعد ان كان الطعام ظاهرا في ما يطعم عادتا. نعم، استفدنا حرمة اكل ما ليس بطعام متعارف من مناسبات الحكم و الموضوع و نحو ذلك لكن هذه المناسبات يشكل تسريها الی مثل المقام مما يكون الدم عاديا و الامتناع عن بلع الدم حرجيا علی الصائم و لذا كلام السيد الزنجاني غير بعيد. لكن طبعا يقتصر في ذلك بالمقدار الذي يكون حرجا علی الصائم بان يمتنع عن بلع الدم الخارج من اللثة.

المفطر الثالث: الجماع

نتكلم عن المفطر الثالث. يقول صاحب العروة الثالث الجماع و ان لم‌ينزل للذكر و الانثی قبلا أو دبرا صغيرا كان أو كبيرا حيا أو ميتا واطئا أو موطوئا و كذا لو كان الموطوء بهيمة بل و لو كانت هي يعني البهيمة واطئة و يتحقق بادخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها فلايبطل باقل من ذلك بل لو دخل بجملته ملتويا و لم‌يكن بمقدار الحشفة لم‌يبطل و ان كان لو انتشر كان بمقدارها.

اصل مفطرية الجماع مسلم بل هو من الضروريات بين المسلمين لقوله تعالی احل لكم ليلة‌ الصيام الرفث الی نساءكم فانه يعني حرمة الرفث الی النساء في نهار شهر رمضان. و هكذا صحيحة محمد بن مسلم: لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء.

لكن القدرالمتيقن من مفطرية الجماع هو الجماع مع المرأة في قبلها سواء انزل أو لم‌ينزل. لان هذا هو القدرالمتيقن من ان الرفث الی النساء مبطل للصوم و الرفث الی النساء لايتقوم بالانزال. و لكن وقع الكلام في انه هل وطئ المرأة في دبرها من دون انزال مبطل للصوم؟ لانه مع الانزال الانزال مبطل للصوم لانه استفيد من الروايات ان الانزال العمدي سبب لبطلان الصوم كما ورد في روايات الملاعبة مع الزوجة من انها تبطل الصوم اذا كانت مقترنة بخوف الانزال. فالكلام فيما اذا وطئ زوجته من دبرها من دون الانزال و هكذا في المرأة الموطوئة دبرا.

كما يقع النزاع فيما اذا وطئ الزوجة قبلا بما دون الحشفة،‌ لم‌يدخل الحشفة‌ بتمامها في فرجها. فان بعض الاحكام كما افتی جمع من الفقهاء لاتختص بالوطئ بمقدار الحشفة، كمن عقد علی ذات بعل و دخل بها عمدا أو جهلا أو زنی بذات بعل حيث يری المشهور ان الزنا‌ بذات البعل توجب حرمة ابدية فانه لايختص هذا الحكم بالدخول بمقدار الحشفة حتی لو دخل باقل من الحشفة قد يثبت هذا الحكم. فاذا قد يقال بان اطلاق مفطرية الرفث الی النساء يشمل ما لو دخل بزوجته باقل من الحشفة.

كلام المحقق الخوئي في الغاء الخصوصية عن الجماع و ان الموضوع هو الإجناب

السيد الخوئي قال: استفدنا من الروايات ان الموضوع للمفطرية الإجناب فكل ما تحقق الاجناب من دون عذر بطل الصوم، فالجماع باقل من الحشفة لايوجب الاجناب فلايبطل الصوم، لماذا؟ لانه ورد في الروايات المعتبرة اذا التقی الختانان وجب الغسل و وجب الحد و ثبت المهر. التقاء الختانين يعني دخول تمام الحشفة في فرج المرأة، اقل من الحشفة‌ لايحقق عنوان التقاء الختانين.‌ فالموجب للاجناب هو الادخال بمقدار الحشفة و اقل من ذلك و ان صدق عليه الاجماع لكنه لايوجب الاجناب فلايبطل الصوم.

و اما وطئ الزوجة في دبرها حتی لو لم‌ينزل فهذا يوجب اجنابه و اجنابها، لانه يشمله ما دل علی ان الجماع و اتيان الاهل موجب للاجنابة. و اما قوله عليه السلام اذا التقی الختانان وجب الغسل ناظر الی فرض الدخول من القبل و ليس له مفهوم في انه بالنسبة الی الوطئ من الدبر لايتحقق الالتقاء للختانين. اذا التقی الختانان وجب الغسل يفرض بالنسبة‌ الی ما يكون اقل من التقاء الختانين لا ما يكون فيه فرض الختان كخلف الزوجة و سيأتي توضيح ذلك.

فاذاً اطلاقات الجنابة تشمل وطئ الزوجة في دبرها و قد ورد في بعض الروايات انه احد المأتيين. هذا التعبير موجود في بعض الروايات اقرأها و ان كانت الرواية لاتخلو عن اشكال سندي. ابن ابي‌عمير عن حفص بن سوقة عمن اخبره قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن رجل يأتي اهله من خلفها قال هو احد المأتيين فيه الغسل. هذه الرواية ضعيفة سندا. و لكن المهم ان السيد الخوئي يقول الاطلاقات في سببية الاتيان للاهل للجنابة تشمل وطئها من خلفها كصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال سألته متی يجب الغسل علی الرجل و المرأة قال اذا ادخله، اذا ادخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم. هذه يشمل الادخال من الخلف.

بعد ذلك دخل السيد الخوئي في ان وطئ الغلام بدون الانزال بالنسبة الی الواطئ أو بالنسبة الی الموطوء و لو انزل الواطئ حيث لا دليل علی كونه سببا للجنابة و ان كان المشهور ذهبوا الی ان وطئ الغلام و لو من دون انزال يوجب الجنابة علی الواطئ و يوجب الجنابة‌ علی الموطوء و لكن السيد الخوئي يقول لا دليل عليه ابدا. و لاجل ذلك قلنا بانه لابد من الجمع علی الاحوط بين الغسل و الوضوء اذا لا دليل علی كونه سببا للجنابة. و عليه نقول هنا ايضا لا دليل علی ان هذا الشيء يوجب بطلان الصوم فضلا عن وطئ البهيمة اذا لم‌ينزل أو وطئ البهيمة للصائم و العياذ بالله من هذه الاشياء و لكن قدر يورد في بعض الاستفتاءات بعض الناس يسألون،‌ صائم ارتكب عمل الشنيع مع صائم آخر.

السيد الخوئي يستشكل في مفطرية هذه الامور لانه يری ان السبب الوحيد في هذا المقام لبطلان الصوم الاجناب. ما هو دليله علی ان الاجناب هو السبب في بطلان الصوم و الجماع مصداق للاجناب؟ فطبعا يقيد الجماع بما اذا كان المقدار الحشفة،‌ اذ بدون هذا المقدار لايتحقق الاجناب، استدل السيد الخوئي ببعض الروايات:

الرواية الاولی صحيحة البزنطي عن ابي‌سعيد القماط، ثقة لان النجاشي قال خالد بن سعيد ابو سعيد القماط كوفي ثقة، فالرواية معتبرة، سئل ابوعبدالله عليه السلام عمن اجنب في اول الليل في شهر رمضان فنام حتی اصبح قال لا شيء عليه و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال. يقول السيد الخوئي هذا مفهومه انه ان كانت جنابته في وقت حرام يعني في النهار بطل صومه بذلك، فالجنابة العمدية في اثناء النهار تبطل الصوم. و اذا كان الجماع مبطلا للصوم ايضا فالجماع دائما يتحقق قبل تحقق الجنابة، لان الجماع يتحقق ثم يدخل مقدار الحشفة و بعد ذلك تتحقق الجنابة، فتحقق الجماع دائما يكون قبل تحقق الجنابة، بمجرد الادخال يتحقق الجماع، و لكن لم‌تتحقق الجنابة لعدم ادخال مقدار الحشفة فحينما يقول الامام عليه السلام الجنابة في النهار مبطلة للصوم ينفي ذلك استناد البطلان الی الجماع نفسه.

الرواية الثانية صحيحة يونس عن موسی بن جعفر عليه السلام قال في المسافر يدخل اهله و هو جنب قبل الزوال و لم‌يكن أكل فعليه ان يتم صومه و لا قضاء عليه يعني اذا كانت جنابته من احتلام يعني اذا كانت جنابته من غير الاحتلام فلايجزيه ان يصوم.

انتم تدرون بان السيد الخوئي فرض ان هذا الذيل يعني اذا كانت جنابته من احتلام نفس كلام الامام عليه السلام لا تفسير الراوي و الا لم‌يكن يستدل به.

الرواية الثالثة اقرأها و اكمّل البحث في الليلة القادمة ان‌شاءالله. رواية ذكرها السيد الحكيم الذي وافق السيد الخوئي في ان الجنابة‌ هي الموضوع لمبطلية الصوم، و الجماع ليس له خصوصية، الجماع انما يوجب بطلان الصوم لكونه سببا للجنابة، و الجماع بما دون الحشفة ليس سببا للجنابة فلايبطل الصوم به. السيد الحكيم يستند الی هذه الرواية: علل الشرائع الجزء 2 صفحه 379 عمر بن يزيد قال قلت لابي‌عبدالله عليه السلام لاي علة لايفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر الصائم قال لان النكاح فعله و الاحتلام مفعول به، يعني الاحتلام ليس فعل المكلف و ما هو فعله هو النكاح.

يقول السيد الحكيم في المستمسك الجزء 8 صفحة 240 ان الظاهر منه كون المرتكز في ذهن السائل مساواة الاحتلام و النكاح في خصوص الجنابة التي هي السبب في الافطار و لاجل ذلك سأل الامامَ قال لاي علة الاحتلام مع كونه سببا للجنابة لايوجب بطلان الصوم و لكن النكاح الذي هو سبب للجنابة يوجب بطلان الصوم، فكان مرتكزه ان الجنابة هي التي تبطل الصوم فقال اذا ما هو الفارق بين الاحتلام و بين النكاح؟ الامام عليه السلام اجابه بالفرق بينهما بالعمد و عدمه قال الاحتلام مفعول به يعني الجنابة في الاحتلام ليست عمدية بينما ان الجنابة في النكاح عمدية و لاجل ذلك هذه الجنابة العمدية هي التي توجب بطلان الصوم. فاذاً سبب بطلان الصوم صار الجنابة العمدية فلاخصوصية للجماع.

فالمهم ان نثبت ما هو سبب الجنابة العمدية؟ فاثبتنا بان السبب الجنابة العمدية الوطئ بمقدار الحشفة في القبل و الدبر في خصوص المرأة و هكذا في مورد الانزال و لو من دون وطئ و اما ما عدا ذلك كوطئ البهمية و الغلام و العياذبالله و نحو ذلك فالواطئ ما لم‌ينزل لا دليل علی بطلان صومه بذلك كما لا دليل علی بطلان صوم الموطوء.

تاملوا في هذه المسألة الی الليلة ‌القادمة‌ ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo