< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الأكل و الشرب/ المفطرات/ کتاب الصوم

 

تتمة الكلام عن بحث "عدم تخليل الطعام عن الاسنان مع العلم بدخوله في حلقه"

قبل ان اتكلم عن مسألة بلع البصاق اعود الی المسألة السابقة‌ عليها حينما ذكر صاحب العروة انه لو لم‌يخلل بقايا الطعام عن اسنانه مع العلم بانها سوف تدخل في حلقه بطل صومه اذا دخل حلقه، اشكلنا عليه بانه اذا كان ملتفتا و لو من باب الجهل المركب بان بقايا الطعام لو لم‌يخللها سوف تدخل في حلقه اثناء النهار فيبطل صومه لان نية القاطع توجب بطلان الصوم عند صاحب العروة مطلقا و عند كثير من الاعلام في فرض الالتفات بكونه قاطعا و مفطرا.

السيد الخميني قدس سره هناك قال نية القاطع لاتبطل الصوم ما لم‌ترجع الی نية القطع استقلالا، و حتی اذا رجعت الی نيه القطع تبعا مو مهم، لابد حينما يريد ان يأكل الطعام ينوي انه ليس بصائم فيأكل الطعام و الا لو كان يريد ان يأكل الطعام فيبطل صومه بأكل الطعام و الا فلو تندّم أو لم‌يتمكن من اكل الطعام، لمّا اقترب من الطعام وجدت البزونا و شالت الطعام و شردت، وصل الحق الی اهله، يقول صومه لايبطل. هكذا قال. فلماذا هنا في بحث التخليل قال الاحوط وجوبا بطلان الصوم حتی لو اتفق انه لم‌تدخل بقايا الطعام في حلقه. ما هو الفارق بين المسألتين؟

ان كان يقصد بذلك ان تلك المسألة كان نية القاطع في اثناء الصوم و اما هنا هو من الليل يقطع بانه لو لم‌يخلل بقايا الطعام من بين اسنانه سوف في اثناء النهار تدخل بقايا الطعام في حلقه، ان كان مقصوده هذا الامر فهذا لايخلو عن اشكال، ما هو الفرق بين ان انوي انا آكل الطعام بعد ساعة ثم اتندم أو ما يتيسر لي آكل الطعام في اثناء النهار أو من الليل انوي الصوم و لكن اقول سوف آكل الطعام في اثناء النهار. يعني اذا شخص تمشی منه قصد الصوم مع علمه بانه سوف يأكل شيئا في اثناء النهار اذا تمشی منه قصد الصوم لماذا يقال ببطلان صومه بناءا علی ان نية القاطع لاتبطل الصوم كما هو مختار السيد الخميني قدس سره.

علی اي حال، هذا التفصيل بان تكون نية القاطع في اثناء ‌النهار فلايبطل الصوم بذلك ما لم‌يرتكب المفطر و اما اذا كانت نية القاطع من الليل فكان هذه النية تنافي نية الصوم من الليل، هذا امر غير واضح و لكن اردت ان ابيّن هذا التفصيل كي يتبين لكم ان نكتة تفصيل السيد الخميني هو هذه النكتة: التفصيل بين نية‌ القاطع في اثناء ‌النهار بعد ان نوی‌ الصوم فانها لاتبطل الصوم و بين نية القاطع من الليل فانها لاتجتمع عنده مع نية الصوم. و المسألة غير واضحة و لكن نحن انكرنا اصل المبنی فقلنا بان نية القاطع مع العلم بقاطعيته تخل بعنوان الصوم.

تتمة مسألة‌ بلع البصاق

اما مسألة‌ بلع البصاق فقبلنا كلام الاعلام من ان الأكل و الشرب منصرف عن بلع البصاق حتی لو كان تجمّع البصاق مستندا الی تصور الحامض لا مانع من بلعه و السيرة قائمة‌ علي ذلك في الجملة يعني السيرة‌ قائمة علی بلع البصاق و لو كان مستندا الی تصور شيء حامض أو دخول الماء البارد، دخول المارد البادر ايضا يوجب تجمع البصاق احيانا.

المناقشة سندا و دلالة في الاستدلال برواية ابي‌جميلة علی جواز بلع البصاق

و قد يستدل علی ذلك برواية ابي‌جميلة: لايبلع ريقه حتی يبزق ثلاث مرات يعني بعد ذلك لا مانع من بلع البصاق. الاستدلال بهذه الرواية مشكل اولا لضعف سندها بابي‌جميلة، فانه قال النجاشي في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي روی عنه جماعة غمّز فيهم و ضعّفوا منهم مفضل بن صالح.

السيد الزنجاني قال: الظاهر ان هذا التعبير اشارة الی تضعيف ابن الغضائري و الا فلو كان هناك تسالم من الاصحاب علی تضعيف ابي‌جميلة مفضل بن صالح، لكان يناسب ان يذكر شيخ الطوسي في كتاب الفهرست ذلك مع انه لم‌يشر اليه ابدا. فالمضعِّف هو ابن الغضائري دون غيره حيث قال عنه بان المفضل بن صالح كان كذابا يضع الحديث.

السيد الزنجاني يقول: حينما يروي امثال ابن ابي‌عمير و البزنطي و صفوان و كثير من الفقهاء المعاصرين له يروون عنه فهل تحتملون انهم كانوا يروون عن رجل وضّاع مزوّر كذاب اصلي؟ ميصير. و هم كانوا اعرف بحال ابي‌جميلة‌ من ابن الغضائري الذي كان متاخرا عنه. هذا مضاف الی ان ابن الغضائري قد يكون تضعيفه ناشئا عن ملاحظة الروايات التي يرويها الراوي فيری ان هذه الروايات تناسب الغلو، و حينما يری ان هذه الروايات تناسب الغلو فيقول: "الامام لايصدر منه هذه الروايات و الراوي المباشر عن الامام كزرارة لايزوّر فالمزوّر من هو؟ هذا ابوجميلة". و هذا مو صحيح. لان نقل الروايات التي قد تكون مناسبة للغلو بنظر بعض الاشخاص لايكون دليلا علی ان الرجل ليس بثقة. و لاجل ذلك وثّق السيد الزنجاني ابي‌جميلة.

و لكن الانصاف ان شهادة النجاشي شهادة‌ مطلقة، روی عنه جماعة غمّز فيهم و ضعفوا ظاهر سكوته انه قبل هذا التضعيف، و الا كان يناسب ان يقول و لكنه ليس بضعيف،‌ ظاهر سكوته حينما يقول روی عنه جماعة غمّز فيهم و ضعفوا منهم المفضل بن صالح انه يقبل هذا التضعيف. و ظاهر التضعيف انه لم‌يكن ثقة. فيكون معارضا لتوثيق امثال ابن ابي‌عمير.

و كون ابن ابي‌عمير قريبا الی عهد ابي‌جميلة لايدل علی كونه اعرف بحاله فقد يخفی علی المعاصرين لشخص امور سوف تنكشف علی الذين جاءوا من بعدهم و نقل اليهم تاريخ امثال ابي‌جميلة، المعاصر لابي‌جميلة ما كان يعرف هذه السوالف منه لكنه اجتمعت روايات عن حال ابي‌جميلة و نقلت للمتأخرين فاوجب ذلك معرفتهم بضعف ابي‌جميلة، فلايصح ان نقول بان المعاصر لابي‌جميلة كان اعرف بحاله ممن تأخر عنه، هذا لاوجه له.

فاذا تكون رواية ابي‌جميلة ضعيفة.

هذا من ناحية السند. و اما من ناحية الدلالة بعد ما يبزق الانسان ثلاث مرات في فضاء الحلق، يبزق ثلاث مرات، تمضمض و بزق ثلاث مرات، جربوا، ما يبقی شيء معتدبه، ثلاث مرات يبزق بزاق كامل. هل يمكن استفادة ان هذا المقدار المتبقّی يجوز بلعه نستفيد انه يجوز بلع البصاق الكثير؟‌ من اين ذلك؟‌ فاذا المهم انصراف اطلاقات النهي عن الاكل و الشرب عن بلع البصاق.

المسألة 3: ابتلاع الخلط

اما المسألة الثالثة و هي مسألة مهمة: لابأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط و ما ينزل من الرأس ما لم‌يصل الی فضاء الفم بل الاقوي جواز الجر من الرأس الی الحلق و ان كان الاحوط تركه و اما ما وصل منهما الی فضاء الفم فلايترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع.

الكلام في الخلط الخارج من الانف أو من الصدر، الخلط النازل من الرأس من طريق الانف أو الخلط الصادر من الصدر:

كلام المحقق الخوئي

السيد الخوئي قسّم ذلك الی قسمين كالمشهور، القسم الاول ما لم‌يصل الی فضاء الحلق،‌ ينزل خلط الرأس من طريق الأنف الی مجاري البلعوم أو يرجّع خلط الصدر الغير الواصل الی فضاء الحلق الی معدته،‌ يقول السيد الخوئي اصلا هذا لايعد اكلا و لا شربا. و اما القسم الثاني و هو ما وصل الی فضاء الحلق فمقتضی‌ القاعدة حرمة بلعه لانه أكل.

نعم توجد رواية معتبرة عبّر عنها السيد الخوئي بالموثقة، و هي معتبرة غياث بن ابراهيم:‌ لابأس ان يزدرد الصائم نخامته يقول السيد الخوئي اذا عرفنا ان معنی النخاع هل النخامة مطلق الخلط أو ان النخامة الخلط النازل من الرأس أو ان النخامة هي الخلط الصادر من الصدر،‌ كنا نفتي بمضمون هذه الموثقة، لابأس ببلع النخامة. النخامة إما مطلق الخلط كما هو ظاهر السيد السيستاني حيث افتی‌ بجواز بلع الخلط سواء كان خلط الرأس أو خلط الصدر و ان وصل الی فضاء الحلق، أو اذا استظهرنا ان النخامة بمعنی الخلط الرأس كنا نفتي بجواز بلع خلط الرأس و ان وصل الی فضاء الحلق أو اذا استظهرنا ان النخامة بمعنی الخلط الصدر كنا نفتي بجواز بلعه و لو وصل الی فضاء الحلق،‌ لكن السيد الخوئي يقول انا متحير، الكلمات مختلفة، كلمات الفقهاء كلمات اللغويين، و سوف نذكر كلماتهم، الكلمات مختلفة و انا متحير، فاذاً القدرالمتيقن تخصيص احد الخلطين إما خلط الرأس أو خلط الصدر من عمومات حرمة الاكل،‌ حرمة الاكل تشمل الخلط للصدر أو الرأس الواصل الی فضاء الحلق، و هذه الموثقة اخرجت فردا واحدا من الخلط عل الاقل إما خلط الرأس أو خلط الصدر، و تجري اصالة العموم في عمومات حرمة‌ الاكل بالنسبة الی الفرد الثاني، نقول لادليل علی تخصيص كلا الخلطين، القدر المتيقن تخصيص احدهما دون كليهما، فتوجد حجة اجمالية، بعد ما تمسكنا باصالة العموم توجد حجة اجمالية علی حرمة بلع احد الخلطين، و مقتضی الحجة الاجمالية لزوم الاحتياط.

فكان ينبغي للسيد الخوئي حينئذ يفتي بالاحتياط للحجة الاجمالية و لكنه ترحم علی المقلدين قال خطيئة، ليش أؤذيهم؟ ما يفتي بالاحتياط، احتاط في الفتوی فقال الاحوط وجوبا ترك بلع خلط الرأس و خلط الصدر بعد وصولهما الی الحلق. اما السيد السيستاني قال لا، انا افتي بجواز البلع لاني استظهر ان النخامة اعم من صدر الصدر أو الرأس.

ثم يقول السيد الخوئي في نهاية الأمر: لو خالف، هذا الذي يقال له: احتط، لاتبلع خلط الصدر و لا خلط الرأس عملا بالعلم الاجمالي، يخالف كلامي، يبلع خلط الرأس بعد ما وصل الی الحلق، لاتجب عليه الكفارة (واضح لانه لايعلم بانه ارتكب مفطرا، هذا المقدار معلوم. يقول تجري البراءة عن وجوب الكفارة هذا المقدار معلوم انا ما اناقش فيه) و كذلك عن وجوب القضاء لعدم احراز فوت الفريضة الا اذا بنيا علی ان موضوعه فوت الفريضة الاعم من الواقعية و الظاهرية كما هو رأيه. هو يقول ان موضوع وجوب القضاء اعم من فوت الفريضة الواقعية و الظاهرية يعني لو ثبت من طريق الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال وجوب شيء عليه في الصلاة أو الصوم فلم يفعله فقد فات منه الفريضة الظاهرية و يجب عليه القضاء،‌ يقول بناءا علی هذا المبنی‌ نعم يمكن ان نفتي بوجوب القضاء لانه كانت وظيفته الظاهرية و وظيفته الظاهرية ان يجتنب عن بلع خلط الرأس و خلط الصدر ففات منه هذه الفريضة الظاهرية. اما من يقول بان موضوع وجوب القضاء فوت فريضة الواقعية فهذا غير محرز فتجري البراءة عن وجوب القضاء.

الملاحظة الاولی للسيد الزنجاني

هذا محصل كلام السيد الخوئي و هنا توجد عدة ملاحظات، اذكر عنوان الملاحظة الاولی. السيد الزنجاني يقول:‌ حتی خلط الرأس و خلط الصدر اذا لم‌يصل الی فضاء الحلق بل بقي في مادون الحلق، يصدق عليه الاكل و الشرب. انتم قلتم بان شخصا لو شرب الماء من طريق خيشومه من طريق انفه يصدق انه شرب الماء مع انه لايصل الی فضاء الحلق. (جمع بين كلامين للاعلام) قال هذا الخلط شنو مشكلته؟‌ مشكلته انه خلط؟ الخلط اذا وصل الی فضاء الحلق تقولون بانه يحرم اكله و بلعه، اذا وصل الی فضاء الحلق فمن ناحية انه خلط ماكو فرق بينه و بين الطعام أو الشراب؟ ان كان الفرق من ناحية انه لم‌يصل الی فضاء الحلق و ينزل الی معدته من دون ان يمر علی فضاء الحلق، خب الذي يشرب الماء من طريق انفه الماء لايصل الی فضاء حلقه، أو ‌الذي يأكل الطعام من طريق انفه، بعض الناس الطعام اللين، شربة مثلا، يأكلون الطعام من طريق الانف، انتم قلتم يصدق عليه انه أكل الطعام.

فهذا البلع لخلط الصدر أو الرأس و لو لم‌يصل الی فضاء الحلق ان كانت مشكلته انه خلط فانتم قلتم ليس فيه مشكل هو مثل الطعام اذا وصل الی فضاء‌ الحلق،‌ لو كان مشكلته انه لم‌يمر علی فضاء الحق و انما دخل معدته من طريق‌ آخر انتم قلتم بان الطعام أو الشراب لو دخل من طريق آخر كطريق الانف يبطل الصوم و عليه لابد من الافتاء ببطلان الصوم حتی لو رجّع خلط الصدر غير الواصل الی الحلق أو نزّل خلط الصدر و لو لم‌يصل الی فضاء حلقه.

نقول يا سيدنا الزنجاني شيسوّي قال اعمل بهذه الرواية المعتبرة:‌ لابأس بان يزدرد الصائم نخامته، و هذا يشمل كلي الفرضين و اما اجمال النخامة بالنسبة الی خلط الصدر أو الرأس فاجاب عن ذلك بما سنبينه في ليلة الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo