< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: نية القطع أو القاطع / احکام النیة/ کتاب الصوم

 

كان الكلام حول نية القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعين كصوم شهر رمضان حيث ذكر صاحب العروة انه يبطل صومه و اختار السيد عبدالهادي شيرازي رحمة الله عليه انه لاتبعد صحة صومه ما لم‌يرتكب المفطر خارجا و قال الشيخ عبدالكريم الحائري ان نية‌ القاطع ليست من المفطرات ما لم‌يرتكب المفطر و اما نية القطع أي نية ان لايكون صائما ففيه تفصيل بين ان ينوي ان لايكون صائما بالفعل فيبطل الصوم و بين ان لايكون صائما في المستقبل بعد ساعة ثم بعد ساعة تندم و نوی ان يستمر في صومه هنا يصح صومه.

و السيد الحكيم و السيد السيستاني قالا بان نية القطع اي نية ان لايصوم مبطلة للصوم مطلقا سواء نوی ان لايكون صائما بالفعل أو نوی ان لايكون صائما بعد ساعة و اما نية القاطع اي نية ارتكاب المفطرات فان كانت عن جهل بمفطريتها فلايبطل الصوم بذلك و ان كان عن علم بمفطريتها فيبطل صومه بمجرد نية ارتكاب مفطر الذي يعلم بمفطريته.

و اما السيد الخميني فقال نية ارتكاب القاطع اي المفطر ان لم‌ترجع الی نية القطع اي نية ان لايكون صائما مستقلا و انما استتبعت نية القاطع نية القطع فكانت نية القطع اي نية ان لايصوم نية تبعية فلايبطل الصوم بينما ان نية القطع استقلالا تبطل الصوم بنظر السيد الخميني.

فاسهل الاقوال قول السيد عبدالهادي شيرازي ان نية القطع و نية القاطع ليست مبطلة للصوم ما لم‌يرتكب المفطر خارجا. و اصعب الاقوال قول صاحب العروة و الذي وافق عليه السيد الخوئي من ان نية القطع أو نية القاطع مبطلة للصوم سواء كانت نية القاطع عن جهل بالمفطرية كما لو نوی الارتماس في الماء‌ لجهل بمفطرية الارتماس في الماء فانه يبطل صومه بنفس نية الارتماس و لو لم‌يرتمس خارجا. و هذا اصعب الاقوال.

منشأ كلام السيد عبدالهادي شيرازي لعله عدم دليل علی تقوم نية الصوم باكثر من احداث نية الصوم اما استمرار نية الصوم من طلوع الفجر الی غروب الليل فلادليل عليه. حينما طلع الفجر هذا كان ناويا للامساك من طلوع الفجر الی غروب الشمس،‌ فتمشی منه الصوم و لا دليل علی لزوم استمرار هذه النية الی غروب الشمس. نعم، لو ارتكب المفطر أكل أو شرب فيبطل صومه.

انصافا هذا الكلام غير عرفي. الدليل الدال علی لزوم احداث نية الصوم بان ينوي الصوم و الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الی غروب الليل، الدليل علی لزوم احداث هذه النية بنفسه كاف في اثبات لزوم استمرار هذه النية. بعد ان طلع الفجر يقول: لا، انا بعد مو صائم، ما اريد ان اصوم. نوی الصوم، بعد طلوع الفجر قال مو قوة انا ما اريد ان اصوم، هل نقول له انت صائم؟ لاتستشكلوا بان في هذا الفرض تنعدم نية القربة. لا، افرض ان نية القربة لاتنعدم، اصلا افرض ان الصوم ليس عبادة، الكلام في ان الصوم عنوان قصدي. هذا الذي يقول انا بعد مو صائم ما اريد ان اصوم، لعلي آكل شيئا الی الغروب، ما اريد ان اصوم، هل نقول له انت صائم؟ هذا موافق للمرتكز العرفي؟ ابدا ليس موافقا للمرتكز العرفي.

و اما القول الذي اختاره صاحب العروة و السيد الخوئي و هو القول الذي قلنا بانه اضيق و اصعب الاقوال، فاستدل عليه السيد الخوئي فقال: اما نية ان لايصوم فواضح ان هذه النية تبطل الصوم، هو ينوي ان لايكون صائما بعدُ، ينوي ان لايكون صائما بالفعل أو ينوي ان لايكون صائما بعد ساعة، هذا ليس ناويا للصوم الی غروب الشمس. و اما نية القاطع اي نية ارتكاب المفطر فهذه النية لاتوجب ان لايصدق عليه انه صائم، و لكن هذا الصوم ليس صحيحا. نية ان لايصوم تنافي عنوان الصوم و لكن نية ان يرتكب المفطر، نية ان يأكل شيئا أو يشرب ماءا، هذه النية لاتنافي صدق عنوان الصائم عليه، فهو ممسك فعلا و لم‌يرفع اليد عن صومه بوجه فعنوان الصوم باق الی ان يرتكب المفطر. و من هنا لايترتب شيء من الكفارات علی نية ارتكاب المفطر ما لم‌تتعقب بارتكاب المفطر خارجا، فان نوی ان يأكل و لكن لم‌يأكل خارجا فلاكفارة عليه لان الكفارة مترتبة علی عنوان المفطر، و نية المفطر ليست مفطرة. و لكن نحن لانتكلم عن صدق عنوان الصائم علی هذا الشخص، انما نتكلم عما هو الواجب و هو الصوم الصحيح القربي أي نية الامساك عن المفطرات ما بين طلوع الفجر الی غروب الشمس. هذا الذي يريد ان يأكل أو يتردد ان يأكل أو لايأكل، مادام لم‌يأكل يقال هو صائم، و لكن هذا هو معنی الصوم اللغوي و لكن الصوم الواجب هو عبارة عن نية الامساك عن المفطرات بين طلوع الفجر الی غروب الشمس، و نية ان يأكل شيئا قبل غروب الشمس تنافي هذا الصوم الواجب عليه.

فهو نظير ان يبدأ في الصلاة و يشرع في الصلاة بانيا علی ابطالها في الركعة الثانية فانه اذا بدأ بالصلاة‌ يقال هذا مصلي و لكن الصلاة المأموربها الصلاة المشتملة علی ركعتين، هذا يصلي و لكن صلاته فاسدة لم‌ينو الصلاة الصحيح التي تشتمل علی ركعتين. و ان لم‌يكن بالفعل قاطعا للصلاة، يقول في الركعة الثانية سوف ابطل صلاتي لكنه الان مستمر في الصلاة، هذا يصلي لكنه لايقصد ان يأتي بصلاة مأموربها و هي الصلاة ذات الركعتين.

يوجد ملاحظتان علی كلام السيد الخوئي:

الملاحظة الاولی: ان نية القطع اي نية ان لايكون صائما اذا كان كانت نية فعلية اي نوی ان لايكون صائما بالفعل، هذا يضر بصدق عنوان الصوم بلااشكال. و اما اذا قال سوف استمر في نية الصوم الی الزوال، بعد الزوال ما اريد اكون صائما،‌ ثم حينما زالت الشمس تبدل رأيه و قال استمر في الصوم الی الغروب،‌ ما هو الدليل علی انه لايصدق عليه انه صائم؟ كان ناويا للامساك الی الزوال، ثم من الزوال نوی الامساك الی غروب الشمس و تمشی منه قصد القربة لتخيل ان هذا ايضا صوم الضعفاء كالاطفال، لماذا لايصدق علی انه صائم؟

جواب سؤال: الان هو ناو الامساك. يعني حين طلوع الفجر نوی الامساك، بعد طلوع الفجر هذا هو مفروض الكلام، قال سوف استمر في نية الصوم الی الزوال،‌ من حين الزوال ما اريد اكون صائما، ثم حينما زالت الشمس تبدل رأيه و بنی علی استمرار نية الصوم الی غروب الشمس، و هذا الذي قال الشيخ الحائري انه صوم صحيح. ... في الصلاة التي ذكر السيد الخوئي لو ان شخصا نوی ان يصلي ركعة من صلاة الصبح، ابتناءه ان ركعة من صلاة الصبح ايضا لها ثوابها، يعطی نصف حورالعين اليه، فنوی ركعة، ‌نوی ان يأتي ركعة من صلاة الصبح، تمشی منه قصد القربة، و العوام يتمشی منهم قصد القربة، ثم بعد ما أتی بركعة فقال ما يسوی،‌ ليش ما اجيب بركعة ثانية للصلاة الصبح حتی يعطوني كامل حورالعين!! نحن هنا ايضا نقول لماذا لاتصح هذه الصلاة؟ اذا شخص لايتمشی منه قصد القربة صحيح كلامكم، لا، هذا من العوام يتمشی منه قصد القربة، نوی ان يأتي بركعة من صلاة الفجر. و بناءه ان يقطع صلاته بلا ان يمنع ذلك من تمشي قصد القربة منه، بعد ما اتی ‌بركعة بدا له ان يكمل صلاة الصبح، ما هو الدليل علی بطلان هذه الصلاة؟

جواب سؤال: السيد الخوئي قبل في بحث نية القاطع انه عرفا هذا الشخص صائم، اي ممسك عن الاكل فعلا، و لكن بناءه ان يأكل بعد ذلك فهذا صائم عرفا، و لكن حيث لاينوي ان يكون صائما من طلوع الفجر الی غروب الشمس فلايكون صومه صحيحا. نقول اذا يصدق عليه انه صائم و تمشی منه قصد القربة ما هو دليلكم علی ان صومه باطل؟ اذا تقولون لايصدق عليه انه صائم و تثبتون ذلك، هذا شيء آخر، تقولون هذا مو صائم، لكن انتم قبلتم و اعترفتم بان هذا صائم فاذا هو صائم و تمشی منه قصد القربة فما هو دليلكم علی بطلان هذا الصوم؟

اضيف الی ذلك ان السيد الخوئي قال: من نوی القطع نوی ان لايصوم فليس بصائم، و لكن من نوی القاطع اي نوی ان يأكل شيئا هذا صائم،‌ و لكنه لايصح صومه لاعتبار ان يكون الصائم ناويا للامساك من طلوع الفجر الی غروب الشمس و لاجل ذلك لايجب عليه الكفارة بمجرد ان ينوي ان يأكل شيئا ما لم‌يأكل. نقول: يا سيدنا الخوئي! من نوی القطع من نوی ان لايكون صائما انتم قلتم لايصدق عليه انه صائم مع ذلك لاتجب عليه الكفارة، من نوی قطع الصوم اي نوی ان لايكون صائما انتم اعترفتم بانه لايصدق عليه انه صائم، اعترفتم أو ادعيتم انه لايكون صائما، هكذا قلتم في نية القطع، قلتم من نوی ان لايكون صائما فلايصدق عليه انه صائم لان الصوم هو الامساك و هذا ليس ممسكا عن المفطرات بخلاف من نوی ارتكاب مفطر فانه يصدق عليه الصائم عرفا و لكنه يعتبر في صحة الصوم ان يكون مقرونا بنية الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الی غروب الشمس ثم استشهدتم علی ذلك قلتم بان هذا صائم و لكنه لايجب عليه كفارة، لانه صائم لايجب عليه الكفارة، هكذا كان عبارة السيد الخوئي.

اقرأ لكم عبارته: نية القطع لايكون صائما بالفعل لعدم كونه قاصدا للصوم و اما لو نوی القاطع فهو ممسك فعلا فعنوان الصوم باق الی ان يرتفع بمفطر و من هنا لايترتب شيء من الكفارات علی النية المحضة ما لم‌تتعقب باستعمال المفطر خارجا. نقول:‌ يا سيدنا الخوئي! في نية القطع نية‌ ان لايصوم لو لم‌يرتكب المفطرات خارجا ايضا لاتجب اي كفارة عليه مع انه لايصدق عليه انه صائم شخص اصلا ما نوی ان يصوم لكنه بعد ان طلع الفجر و بناءه ان يأكل الغداة يأكل الفطور، لكن الله سبحانه طيّح حظه و غلب عليه النوم،‌ نام، بعد غروب الشمس، بعد دخول الليل قعد من النوم، قال انا ما نويت الصوم، اردت ان اتغدی، ما وفقت لذلك، غلب علیّ الصوم أو سد الباب علیّ فلم اتمكن من الخروج الی المطعم، هذا يجب عليه كفارة؟ ابدا،‌ لان الكفارة تترتب علی عنوان الافطار،‌ هذا لم‌يفطر مع انه ليس بصائم،‌ ليس بصائم لانه ما نوی الامساك، و ليس بمفطر لانه لم‌يرتكب المفطرات. فوجه عدم وجوب الكفارة ليس صدق عنوان الصائم علی هذا الذي نوی القاطع، و انما لاجل ان الكفارة موضوعها ارتكاب المفطر الأكل الشرب الجماع الافطار، و الذي لم‌يرتكب المفطرات اذا لم‌ينو الصوم هو ليس بصائم لانه لم‌ينو الامساك و لكن مع ذلك ليس بمفطر، ليس بصائم لانه لم‌ينو الامساك، و ليس بمفطر لانه لم‌يرتكب المفطر خارجا.

فما ذكره السيد الخوئي في نية القاطع من انه يصدق عليه الصائم و انما لايصح صومه و لاجل ذلك لاتجب عليه الكفارة ما لم‌يرتكب المفطرات خارجا هذا مو صحيح، لانه يصدق عليه الصائم لاتجب عليه الكفارة؟ لا،‌ من نوی القطع من لم‌ينو الصوم من الليل ايضا لاتجب عليه الكفارة‌ ما لم‌يرتكب المفطرات مع انه ليس بصائم قطعا. فهناك تفصيل بين الصائم و المفطر، ‌الذي لم‌يأكل شيئا ليس بصائم اذا لم‌ينو الصوم و لكنه لايصدق عليه انه افطر، هذا لم‌يفطر، و لكن مع ذلك ليس بصائم.

فاذا الملاحظة الاولی علی السيد الخوئي انه يقال فيما ذكره بالنسبة‌ الی نية القطع ان نية‌ القطع تختلف عما لو كانت نية حالية أو نية استقبالية، في النية‌ الحالية‌ كلامكم مضبوط، نوی ان لايكون صائما بالفعل، هنا لايصدق عليه صائم و لكن لاتجب عليه الكفارة لانه لم‌يرتكب المفطرات، لايقال افطر بل يقال لم‌يصم، و اما اذا نوی القطع في زمان مستقبل،‌ نوی ان لايكون صائما بعد زوال الشمس، هنا يصدق عليه انه صائم، فهنا انتم تحتاجون الی اثبات شيء و هو انه لابد من استمرار نية الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الی غروب الشمس يعني كل آن لابد ان تكون ناويا للامساك من طلوع الفجر الی غروب الشمس، لولا النوم،‌ لولا الغفلة،‌ اذا لم‌تكن نائما اذا لم‌تكن غافلا تكون ناويا للامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الی غروب الشمس لابد من اثبات ذلك فان اثبتم ذلك فنقبل ان نية القطع في الزمان المستقبل توجب بطلان الصوم.

و بقية الكلام في الليلة‌ القادمة انشاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo