< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: نية القطع أو القاطع / احکام النیة/ کتاب الصوم

 

المسألة 22 لو نوی القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعين بطل صومه سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي.

وقع الكلام في انه في صوم شهر رمضان مثلا قد ينوي الصائم ارتكاب مفطر سواء نوی ارتكاب المفطر بالفعل اراد ان يشرب ماءا ثم تندم، أو اراد ان يرتكب المفطر في المستقبل،‌ اراد ان يتغدی حينما يرجع الی البيت بعد الظهر ثم تندم، هذا يكون نية القاطع يعني نية ذات المفطر إما ينوي ان يرتكبه فعلا في الزمان الحال العرفي أو ينوي ان يرتكبه في الزمان المستقبل. و قد ينوي قطع الصوم يعني ينوي ان لايكون صائما و هذا ايضا إما يكون بمعنی انه ينوي ان لايكون صائما بالفعل أو ينوي ان لايكون صائما بعد الزوال، يقول انا انسان ما عندي خلق مِن اصوم اصير عصبيا، يكفيني ان اصوم الی الزوال، ما یسمی كله‌گنجشگي، هذا شاب، يقول انا اريد اصوم هكذا مثل ما يصوم الاطفال، و تمشی منه قصد القربة، هذا يعني نية القطع يعني نية ان لايكون صائما إما بالفعل أو في المستقبل.

اختلف الاعلام هل هذا قادح بالصوم ام لا؟

القول الاول (المشهور بين المتاخرين): البطلان مطلقا

القول الاول الذي لعله المشهور بين المتاخرين القول ببطلان الصوم مطلقا و هو الذي اختاره صاحب العروة‌ و السيد الخوئي من غير تفصيل بين ان تكون نية ارتكاب المفطر اي نية القاطع عن جهل بمفطريته أو عن علم بمفطريته. يعني شخص نوی‌ الصوم و بعد ما صام قالوا له هل تأتينا معنا الی المسبح نسبح؟ هذا ابتناءه ان الارتماس في الماء ليس مفطرا، جاهل بمفطريته، فقال نعم أو قال اشوف ان صار توفيقي اجیء معکم، و ما صار توفيق، هم عفوه، راحوا الی المسبح. المهم ان هذا يسأل السيد الخوئي و صاحب العروة هل صومي صحيح؟ بناءا علی ان الارتماس في الماء مفطر واقعا كما يراه صاحب العروة و السيد الخوئي. ما هو جوابهما؟ جوابهما ان صومك باطل. خسر الدنيا و الآخرة!! لا هو راح الی المسبح و لا صح صومه. السيد الخوئي يقول و الوجه في ذلك انه ما لم‌يرتكب المفطر هو صائم بالمعنی اللغوي و لكن الصوم كحقيقة شرعية المحتاجة الی قصد الامساك عن المفطرات اختل بنية القطع أو نية القاطع.

القول الثاني (المشهور بين القدماء): الصحة مطلقا

القول الثاني ما نسب الی المشهور بين القدماء من صحة هذا الصوم مطلقا كانه يكفي انه نوی الصوم حين طلوع الفجر فلو نوی القطع أو القاطع لايزال صائما ما لم‌يرتكب المفطر خارجا. و استدلوا عليه باستصحاب صحة الصوم تارة و ببعض الروايات كقوله عليه السلام لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال. هذا اجتنب في طول نهاره عن الاكل و الشرب، لم‌يأكل و لم‌يشرب و انما نوی القطع و ان لايكون صائما أو نوی القاطع، نوی ان يرتكب المفطر و لكنه ما ارتكب، لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال.

المرحوم سيد عبدالهادي الشيرازي هذا الفقيه العظيم في تعليقة العروة حينما ذكر صاحب العروة بطل صومه قال لاتبعد الصحة. يعني مطلقا، بلا اية تفسير.

القول الثالث (صاحب الجواهر): مبطلية نیة القطع الحالي و عدم مبطلية نية القاطع مطلقا

القول الثالث: ما اختاره صاحب الجواهر و وافقه في ذلك الشيخ عبدالكريم حائري في تعليقة العروة فقال انما يوجب بطلان الصوم نية القطع الحالي. نية ان لايكون صائما بالفعل، بعدني ما اريد ان اكون صائما هذا يكون مبطلا للصوم و اما نية ان لايكون صائما بعد ساعة أو نية ان يرتكب المفطرات و التي سميت بنية القاطع، ما لم‌يرتكب المفطر لايبطل صومه. المبطل للصوم بدون ارتكاب المفطرات ليس الا نية قطع الصوم بالفعل، ان يقول انا من الان ما اريد ان اكون صائما، هذا يكون مبطلا للصوم. و اما لو قال انا بعد الظهر اريد ما اكون صائما، الی الظهر ابقی صائما من الظهر ما اريد اكون صائما أو يقول اريد اشرب ماءا إما بالفعل أو بعد الظهر، إما في نفس الزمان الذي اراد ان يرتكب المفطر يقول اريد ان اشرب الماء الان أو بعد ساعة لايبطل صومه مادام لم‌يرتكب المفطر فاذا ارتكب المفطر بطل صومه.

القول الرابع (السماحة السيد السيستاني): مبطلية نیة القطع و نیة القاطع مع العلم بقاطعيته

القول الرابع التفصيل الذي اختاره السيد الحكيم في المستمسك و السيد السيستاني دام ظله من بطلان الصوم بنية القطع و بنية القاطع مع العلم بقاطعيته و مفطريته. اذا نويت ان لاتكون صائما يبطل صومك سواء نويت ان لاتكون صائما بالفعل أو نويت ان لاتكون صائما بعد ساعة، يبطل صومك. و اما اذا نويت ان ترتكب المفطر إما بالفعل أو بعد ساعة فان كنت عالما بان هذا مفطر للصوم هذا يرجع الی نية‌ قطع الصوم، انت ملتفت بانك اذا شربت الماء يبطل صومك فقصدك لان تشرب الماء يعني رجوع عن نية الصوم. و انما لايبطل الصوم في فرض واحد و هو نية ارتكاب المفطرات أي نية القاطع من الجهل بمفطريته.

بالنسبة الی مثال ارتماس في الماء هذا مو خوش مثال للسيد السيستاني لان السيد السيستاني لايری ان الارتماس في الماء‌ مبطل للصوم و هكذا بعض الامثلة كارادة التقيّئ مع الجهل بكونه مفطرا ليس مثالا صحيحا للسيد السيستاني لانه لو تقيّأ و هو جاهل بكون القيء عمدا مفطرا يندرج تحت قوله عليه السلام السنة لاتنقض الفريضة. اذكر لكم مثالا اوضح شاب ينوي ان يستمني حتی لو تستمني‌ و هو جاهل قاصر بمفطريته لايبطل صومه عند السيد السيستاني لان وجوب الاجتناب عن الاستمناء ثبت بغير القرآن الكريم فهو سنة و السنة لاتنقض الفريضة.

اذا تريدون اذكر مثالا دقيقا لكلام السيد السيستاني: من اراد ان يجامع اهله لجهله بكون الجماع مفطرا، بعض الناس يجهلون ان الجماع الذي لايؤدي الی الانزال مفطر، بعض العوام سألوا بعض الطلبة من اصدقاءنا قالوا ما كنا ندري ان مجرد الادخال بدون الانزال مبطل للصوم، فكثير من الايام في شهر رمضان كنا نفعل ذلك، و انما نجتنب عن الانزال، نتخيل ان هذا ليس مبطلا للصوم، السيد السيستاني يقول طيّحت حظك كل صومك باطل، لايصح هنا ان يقول السنة لاتنقض الفريضة، الاجتناب عن الجماع فريضة فصومك باطل، لكن اذا نويت ان ترتكب ذلك و انت جاهل بمفطريته و ما صار توفيق ترتكبه، هنا التزم بان صومك صحيح. من نوی القاطع و هو جاهل باقطعيته و مفطريته فصومه صحيح عند السيد السيستاني وفاقا للسيد الحكيم. هذا هو القول الرابع.

القول الخامس (الإمام الخميني): مبطلية نية القطع مطلقا و عدم مبطلية نية القاطع و لو مع العلم بمفطريته

القول الخامس ما ذكره السيد الخميني قدس سره من ان نية القطع أي نية ان لايكون صائما موجبة لبطلان الصوم، سواء نوی ان لايكون صائما بالفعل أو نوی ان لايكون صائما في المستقبل بعد ساعة. و اما نية القاطع، نية ان يرتكب المفطر إما في الزمان الحال أو في الزمان المستقبل، فهذه النية للقاطع لاتوجب بطلان الصوم حتی مع العلم بمفطريته. مجرد ان نية القاطع مع العلم بقاطعيته و مفطريته تستتبع نية قطع الصوم هذا لايوجب بطلان الصوم، لابد ان تكون نية قطع الصوم نية استقلالية، لا نية تبعية. يقول: الاقوی‌ عدم بطلان الصوم بنية القاطع و ان كانت مستلزمة لنية القطع تبعا. نعم لو نوی القاطع و توجه الی الالتزام و نوی القطع استقلالا بطل علی الاقوی.

كلام صاحب الجواهر و المناقشة فيه

ماذا نفعل مع هذه الاقوال؟ ماكو چاره‌ الا ان نقرأ كلمات الاعلام و نبدأ بكلام صاحب الجواهر، قلنا بانه اختار ان نية القطع في الزمان الحالي توجب بطلان الصوم فقط، اما نية القاطع أو نية القطع في الزمان المستقبل ليست موجبة لبطلان الصوم. يقول: لو عقد نية الصوم ثم نوی الافطار و لم‌يفطر ثم جدد النية كان صحيحا وفاقا للاكثر و للمشهور (هذا تقريب لكلام المشهور) استصحابا للصحة. استدل علی عدم بطلان الصوم باستصحاب الصحة.

استصحاب الصحة انتم تدرون بانه اولا: استصحاب في الشبهات الحكمية و نحن لانعترف به وفاقا للسيد الخوئي.

و ثانيا: ان كان المراد من الصحة الصحة الفعلية فهي مشكوكة الحدوث، هذا الصوم الذي نوينا القطع في اثناءه أو نوينا القاطع في اثناءه صحيح بالفعل؟ من اين نحرز ذلك؟ مشكوك الحدوث. اما اذا اريد من الصحة الصحة الشأنية و التأهلية فلاشك في بقاءها. الصحة التأهلية بايّ معنی؟‌ الصحة التأهلية يعني الاجزاء السابقة لو انضم اليها باق الاجزاء و الشرائط صح العمل. نحن لانشك في ان هذا الصوم لو انضم اليه بقية الصوم باجزاءه و شرائطه تم الصوم، انما الكلام في ان هذا الصوم الذي وقع الخلل المشكوك في اثناءه هل مصداق لانضمام بقية الصوم باجزاءه و شرائطه ام لا؟

جواب سؤال: شرط عقلي، ماكو فرق.

ثم استدل للمشهور بهذه الصحيحة: لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء، أو ثلاث خصال. فيقال بان نية القطع أو نية القاطع بمقتضی عموم هذه الصحيحة لاتضر مادام تجتنب عن الاكل و الشرب و الجماع فصومك مضمون.

و لكن الجواب عن هذه الصحيحة ايضا ان هذه الصحيحة ناظرة الی المفطرات الخارجية. لايضر الصائم ما صنع خارجا اذا اجتنب الطعام و الشراب و النساء، يعني لايضره ان لايجتنب عن اشياء اخری. هذا هو الظاهر منه.

و ان شئت قلت: تقوّم الصوم بقصد العنوان و قصد القربة هذا مسلم، إما انه قيّد هذا العموم بهذا القيد أو انه من الاول كان مأخوذا فيه الصوم مع قصد العنوان و قصد القربة، انما الكلام هنا في انه هل نية القاطع أو نية القطع تقدح بقصد العنوان أو قصد النية أو قصد القربة ام لا؟ فلايمكن التمسك بهذا العموم لاثبات صحة الصوم في هذا الفرض الذي وقع النزاع في ان نية القطع أو نية القاطع هل توجب ان لايقال بان هذا صائم اي ناو للامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الی غروب الليل.

و الحاصل ان هذه الصحيحة لايمكنها تنقيح موضوعها و هو الصوم في المقام بعد ان علمنا من الخارج ان الصوم متقوم بامرين: قصد العنوان و قصد القربة، و هذا الذي نوی ان لايصوم اي نوی القطع أو نوی ان لايرتكب مفطرا من المفطرات يقال بان هذا اخل بقصد عنوان الصوم لان الصوم هو الامساك عن نية من طلوع الفجر الی غروب الليل، كما اخل بقصد القربة.

الي ان قال: و التحقيق حصول البطلان بنية القطع التي هي بمعنی انشاء رفع اليد عما تلبس به من الصوم ضرورة خلو الزمان المزبور عن النية. و اما نية القطع بمعنی العزم علی ما يحصل به ذلك و ان لم‌يتحقق الانشاء المزبور و كذا نية القاطع فقد يقوّی عدم البطلان بهما.

يقول صاحب الجواهر قد يقوّی عدم بطلان الصوم بنية القاطع أي ارتكاب المفطر أو نية ان لايصوم في المستقبل. يقول انا اصوم الی الزوال، بعد الزوال ما اصوم، بعض الناس ليس دينهم و التزامهم التزاما قويا،‌ ايمان ضعيف، ما يتحمل الجوع،‌ يقول: يا ابه! انا مي خالف، اصوم، ما اتحمل الجوع الشديد و العطش الشديد، اذا اجوع اروح اتغدی، اذا اصير عطشانا اروح اشرب ماءا، و لكنه إما انه ما صار جوعانا ما صار عطشانا أو صار جوعانا صار عطشانا لكنه قال الی هذه الساعة كنت صائما هل ابطّل صومي لساعة و ساعتين؟ ما ابطّل صومي، فاستمر في صومي. صاحب الجواهر يقول خب هذا صائم، و انما يبطل صومه اذا قال انا من الان ما اريد اكون صائما، هذا ليس بصائم فقط.

تاملوا في هذه المطالب الی البحث التالي اي البحث ليلة الاحد في الاسبوع الذي بعد الاسبوع القادم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo