< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: صوم يوم الشك / احکام النیة/ کتاب الصوم

 

صوم يوم الشك علی وجه التعليق

كان الكلام في صوم يوم الشك علی وجه التعليق فيقول ان كان اليوم اول رمضان فانوي الصوم و الا فما انوي الصوم.

قلنا انه اذا كان الصوم امرا اعتباريا كاداء الدين يمكن تعليق قصده علی شيء، و هذا غير بعيد. يقول ان كان اليوم اول رمضان فانوي الصوم و الا فما انوي الصوم، أو يقول ان كان اليوم يوم ثلاثين من رمضان فانوي الصوم و الا فما انوي الصوم،‌ فلو تبين انه يوم عيد الفطر يقول انا ما نويت الصوم في هذا التقدير.

نعم، من يری مثل السيد الصدر ان نفس الامساك عن المفطرات في يوم العيد حرام ذاتي فيشكل. لكن ما ذكره لا دليل عليه فان الظاهر ان ما هو الحرام هو عنوان الصوم يوم العيد لا مجرد الامساك مع عدم نية الصوم. فلو ان شخصا ما يشتهي ان يأكل شيئا أو سوّی رژيما، الطبيب قال خلال هذا اليوم لاتأكل شيئا لاتشرب ماءا، و لاتجامع الزوجة، و ما يقدر يروح الی المسبح، لو قلنا بان الارتماس في الماء مفطر للصوم هذا ما يقدر يروح الی المسبح، فهو يقصد الامساك عن المفطرات بلاقصد القربة‌ و بلا نية انه صوم، العرف لايقول انت صمت يوم العيد، يقول انا ما نويت الصوم، الطبيب امرني بان لاآكل شيئا و لااشرب ماءا. غدا يريدون يسوون اختبارا،‌ تحليل دم مثلا، يقولون لاتشرب ماءا لاتأكل شيئا في هذا اليوم، الناس ما يقولون هذا صائم. و عليه فلا مانع من تعليق الصوم علی امر فان انتفی ذلك الامر فهذا يعني انه لايكون صائما.

و لكن ذكرنا انه في يوم الشك من اول رمضان لو نوی الصوم معلقا علی كون اليوم من رمضان شمله اطلاق النهي عن صوم يوم الشك بعنوان انه من رمضان.

فقه الرواية: صحيحة كرام: اني جعلت علی نفسي

بقي نكتة و هي انه في صحيحة كرّام ورد اني جعلت علی نفسي ان اصوم الی ان يقوم القائم عليه السلام فقال عليه السلام صم و لاتصم في السفر و لا العيدين و لا ايام التشريق و لا اليوم الذي يشك فيه يعني يشك فيه انه من رمضان. فنحن حملنا ذلك علی صوم يوم الشك بعنوان انه صوم رمضان.

السيد الخوئي قال: جعلت علی نفسي ليس فيه جعلت علی نفسي لله حتی يكون نذرا، لا، ليس نذرا، التزم نفسيا الّايصوم دائما.

انصافا حمل هذا الكلام علی خصوص عدم النذر خلاف الظاهر. جعلت علی نفسي تعبير متعارف. انا ما ادعي انه مختص بالنذر و لكن اخراج فرض النذر عنه خلاف الظاهر، خصوص مع ان الامام امره بالصوم فكيف نحمله علی مجرد الالتزام النفساني بانه يصوم دائما و لكنه لم‌ينشئ لا النذر و لا العهد، فالامام يأمره بالصوم؟ اخراج فرض النذر أو العهد عن هذا السؤال ليس عرفيا.

جواب سؤال: لكن الامام ترك الاستفصال، لم‌يسأله هل جعلت لله علی نفسك أو جعلت علی نفسك، بلا ان تقول لله علیّ أو عاهدت الله. لم‌يسأل الامام،‌ هذا ما يسمی بترك الاستفصال. ... جعلت علی نفسي ليس ظاهرا في انه لم‌ينشئ الالتزام لله، جعلت علی نفسي هذا يشمل ما لو جعل لله عليه ان يصوم، و اخراج هذا الفرد منه ليس عرفيا.

السيد الحكيم قال: نلتزم بان من نذر ان يصوم طول حياته لايصوم يوم الشك من رمضان لا انه يصوم بعنوان انه من رمضان، لا، اصلا لايصوم يوم الشك و لو بعنوان صوم شعبان.

لكن اي فرق بين هذه الصحيحة و الروايات الاخری التي تنهی عن صوم يوم الشك و حملناها علی صوم يوم الشك بقصد انه من رمضان جزما أو احتمالا. فهذه الصحيحة تقبل هذا التقييد، نقول لاتصم اليوم الذي يشك فيه بعنوان انه من رمضان و لو رجاءا.

المسألة 18: الإمساك التأدبي

المسألة 18: لو اصبح يوم الشك بنية الافطار ثم بان انه من الشهر فان تناول المفطر وجب عليه القضاء و امسك بقية النهار وجوبا تأدبا و كذا لو لم‌تناوله و لكن كان بعد الزوال و ان كان قبل الزوال و لم‌يتناول المفطر جدد النية‌ و اجزأ عنه.

اما الاخير: لو كان قبل الزوال ولم‌يتناول المفطر يجدد نية الصوم هذا امر فرغنا عنه و اشكلنا فيه و قلنا بانه لا دليل عليه و ان افتی المشهور به.

و اما انه لو تناول المفطر ثم بان له ان اليوم اول رمضان يجب عليه القضاء، هذا واضح، فات منه صوم هذا اليوم، فعليه القضاء.

و اما انه يمسك بقية النهار كامساك تأدبي فهو المتسالم‌عليه بين الفقهاء.

السيد الخوئي يقول: بل لعله من الواضحات التي يعرفها حتی عوام الناس فانهم لايشكون في ان من كان مكلفا بالصوم و ان لم‌يكن منجزا عليه لجهله فافطر و لو لعذر وجب عليه الامساك تأدبا و ان لم‌يحسب له الصوم.

كون هذا الحكم متسالم‌عليه بين الفقهاء صحيح، نقبل،‌ اما انه من الواضحات حتی للعوام، نحن من العوام، هذا ليس واضحا لدينا. المفروض انه حينما اكل شيئا كان جاهلا بان اليوم من رمضان، و بعد ذلك قالوا له ثبت عند السيد السيستاني ان اليوم اول رمضان، فيقول انا أكلت الفطور، خوش فطور كان. فيجب عليه القضاء لكنه يسأل هل علیّ اجتنب عن المفطرات الی الليل؟ ليس واضحا لدی العوام هذا المعنی انه يجب عليه الامساك تأدبا.

السيد الخوئي يقول: هذا و لكن ان لم‌يقبل شخص دليلية الاجماع، نحن قبلناها، السيد الخوئي يقول نحن قبلناها، لا لاجل الاجماع، بل لاجل التسالم، التسالم مقبول عند السيد الخوئي، و هو يختلف عن الاجماع، تسالم جميع الفقهاء من الاولين و الآخرين، هذا يوجب الوثوق بالحكم الشرعي. يقول السيد لاخوئي ان لم‌يقبل شخص دليلية الاجماع أو التسالم فاثبات هذا الحكم بحسب الصناعة مشكل لعدم الدليل عليه، الصوم واجب ارتباطي و بطل لاجل تناول المفطر، فاي دليل يقتضي وجوب الامساك تأدبا في بقية النهار؟ فمقتضی الصناعة جريان البراءة عن وجوب الامساك لولا الاجماع.

السيد الخوئي يقول: نعم، نلتزم بحرمة الجماع، الامساك التأدبي في خصوص الجماع يمكن اثباته بالدليل، لان الروايات الواردة في الجماع مطلقة لم‌يؤخذ في موضوعها عنوان الصائم أو عنوان الافطار، من أتی اهله في شهر رمضان فعليه كفارة عتق رقبة أو صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا، هذا مطلق يشمل ما لو بطل صومه قبل هذا الجماع. كل من كان مأمورا بالصوم فافسده معذور كان أو غير معذور فيشمله اطلاق النهي عن الجماع و ان عليه الكفارة لو ارتكب الجماع. بل تتكرر الكفارة بتكرر الجماع لاطلاق الدليل.

و لكن هذا الدليل خاص بالاجماع. و كان يبنغي للسيد الخوئي ان يضيف اليه الاستمناء لان الدليل علی الكفارة علی الاستمناء ايضا مطلق: من لاعب اهله فامنی في نهار شهر رمضان فعليه الكفارة.

الأدلة علی الإمساك التأدبي

بعض الفقهاء استدلوا علی وجوب الامساك التأدبي بعدة ادلة نذكر اهمها:

الرواية الاولی التي ورد في كلمات الفقهاء نقرأها لان الرواية و ان كانت عامية لكن نقلت في كتب الاصحاب. نقلها المحقق الحلي في المعتبر، و العلامة الحلي في التذكرة، و مستند هذه الرواية صحيح البخاري و سنن ابي‌داود، ليلة الشك اصبح الناس فجاء اعرابي شهد برؤية الهلال فأمر النبي صلی‌ الله عليه و آله مناديا ينادي من لم‌يأكل فليصم و من أكل فليمسك.

هذه الرواية ضعيفة سندا.

مضافا الی شبهة و هي ان النبي اعتمد علی شهادة اعرابي؟! مع انه لايثبت الهلال الا بشهادة عدلين.

لكن قد يجاب عن هذه الشبهة بان النبي صلی الله عليه و آله لعل حصل له الوثوق من خلال شهادة الاعرابي. احيانا و لو شخص واحد يجيء و يشهد برؤية الهلال و لكن حينما تتكلم معه و تسأله عن جزئيات الهلال تری انه بالدقة يشهد برؤية الهلال فتطمئن من كلامه. المهم ان الرواية ضعيفة‌ سندا.

الرواية‌ الثانية صحيحة‌ حلبي عن ابي‌عبدالله عليه السلام انه سئل عن رجل تسحّر ثم خرج من بيته و قد طلع الفجر و تبين (أكل السحور بعد طلوع الفجر و هو جاهل فخرج فرأی‌ ان السماء ليست مظلمة فعلم انه قد طلع الفجر حينما هو تسحر أو قبل ما تسحر) قال يتم صومه ذلك ثم ليقضه. يتم صومه يعني يمسك تأدبا لانه قال بعد ذلك ثم ليقضه.

و في موثقة سماعة بن مهران: "سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان فقال ان كان قام فنظر فلم‌ير الفجر (يعني فحص عن الافق و لم‌ير الفجر، لا انه نظر الی الساعة المنبهة أو نظر الی التلويزيون، لا، هذا لايفيد، ساعة خربانة بعد، لابد ان ينظر الی الافق، نظر فلم‌ير الفجر) فأكل، ثم عاد فرأی الفجر فليتم صومه و لااعادة عليه (هذا الصوم صحيح) و ان كان قام فأكل و شرب ثم نظر الی الفجر فرأی انه قد طلع الفجر فليتم صومه و يقضي يوما آخر لانه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة." يعني اذا قام و نظر الی الافق و لم‌ير شيئا فأكل صومه صحيح، و ان لم‌ينظر الی الافق، اعتمد علی الاستصحاب، اعتمد علی الساعة ابتناءا علی ان الساعة مو خربان، الان تبين ان الساعة خربان، فليتم صومه و يقضي يوما آخر. فهذا يعني وجوب الامساك التأدبي، و لايحتمل خصوصية في حقه.

الرواية الثالثة صحيحة الحلبي في رجل احتلم اول الليل أو اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتی اصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه. اتمام الصوم باي معنی؟ اتمام الصوم بمعنی الامساك التأدبي و الا لماذا قال ثم يقضيه.

السيد السيستاني يقول: اك احتمال: ان هذا الصوم صحيح واقعا و وجوب القضاء وجوب عقوبتي. كما ان وجوب الكفارة وجوب عقوبتي. يحتمل هذا الشيء. ان هذا الصوم و ان بقي علی الجنابة متعمدا لكن هذا الصوم صحيح، وجوب القضاء وجوب عقوبتي كما ان وجوب الكفارة وجوب عقوبتي. طبعا لايفتي بذلك لكنه يحتمل ذلك، مع احتمال ذلك تخرج هذه الصحيحة عن مورد الاستدلال، يتم صومه لان صومه صحيح، ثم ليقض من باب العقوبة.

الإعادة العقوبتي في كلام السماحة السيد السيستاني

السيد السيستاني في بعض المجالات يلتزم بوجوب الاعادة عقوبةً. مثل من نسي ان ثوبه نجس و قصّر يعني تساهل، كان نسيانه ناشئا عن التساهل و التقصير، فصلی، يقول السيد السيستاني صلاته صحيحة، و انما جعلت عليه الاعادة، هكذا في موثقة سماعة، و انما جعلت عليه الاعادة عقوبة لنسيانه كي يهتم بالشيء. و لاجل ذلك يفتي هناك السيد السيستاني بانه يمكن الاقتداء بهذا الامام،‌ امام مقصر، لا فاسق، مقصر يعني تساهل فنسي، ما ارتكب حراما، انت تعلم بانه ناسي، صلاته صحيحة، فان لم‌يتذكر الی ان ادركه الاجل ما يجب عليه شيء، و لكن اذا تذكر فتجب عليه اعادة تلك الصلاة عقوبة لنسيانه.

و القدر المتيقن من الاعادة العقوبتية اعادة الحج اذا افسده بالجماع قبل الوقوف بالمشعر. يتم حجه ثم يحج في عام قابل،‌ فيقول زرارة: ايهما حجته؟ الاولی أو الثانية؟ فقال الامام عليه السلام الاولی حجته و الثانية عقوبة. هذا مسلم لكن السيد السيستاني عمّم ذلك الی بحث نسيان النجاسة في الصلاة علی نحو الفتوی‌ و الی المقام في تعمد البقاء علی الجنابة من باب الاحتياط. فهو حينما يتم صومه ينوي ما في الذمة يقصد امتثال الامر الفعلي بنحو ما في الذمة لانه من المحتمل ان هذا امر باداء الصوم و من المحتمل انه امر بالامساك التأدبي. لكن هذا الرأي خلاف المشهور.

و بقية الكلام في ليلة‌ الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo