< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: صوم يوم الشك / احکام النیة/ کتاب الصوم

 

تتمة المسألة 17: صور يوم الشك

كان الكلام في صوم يوم الشك فنحن وافقنا المشهور و منهم صاحب العروة ‌و السيد الخوئي من ان من صام يوم الشك و قصد انه ان كان اليوم اول رمضان فاصوم من رمضان بطل صومه اخذا باطلاق قوله عليه السلام و لاتصمه من رمضان. و لكن لو قصد طبيعي الصوم بقصد القربة فلايشمله النهي عن صوم رمضان و اما الامر بان يصوم ذلك اليوم من شعبان فقلنا بانه لايظهر منه الانحصار بل لعله تمهيد و توطئة للنهي عن صوم رمضان.

و قد يقال في رد مثل السيد السيستاني القائل بان صوم يوم الشك حتی لو كان بنية رمضان رجاءا لا مانع منه و انما يبطل فيما اذا قصد صوم رمضان جزما، فيقال بانه حتی لو تم علی القاعدة فيمنع منه صحيحة ابي‌ايوب الخزاز: ان شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلاتؤدوا بالتظني. يعني لاتصم يوم الشك بعنوان صوم رمضان، فانه فريضة من فرائض الله،‌ فلايمكن امتثاله بالامتثال الاحتمالي و الظني. السيد السيستاني اجاب عنه بان التظني بمعنی الاعتقاد الجازم الناشئ عن مناشئ غير عقلائية.

تتمة التفسير لصحيحة الخزاز: لاتؤدوا بالتظني

و نحن اشكلنا عليه بان التظني ان كان بمعنی الظن فهو ظاهر فيما يقابل العلم كما يستفاد من استعمالات مختلفة في الروايات. و لكن نحن ذكرنا ان التظني كما ورد في لسان‌العرب إعمال الظن، و اصله التظنن. فيكون ظاهر الرواية النهي عن اتباع الظن في اداء الفريضة. الصوم في يوم الشك برجاء انه من رمضان ليس اتباعا للظن. اتباع الظن هو ان ينوي جزما ان هذا اليوم رمضان استنادا الی امارات ظنية تدل علی ان هذا اليوم من رمضان.

اذا قلتم: اذا كان المعنی النهي عن اتباع الظن هذا لايختص بالفرائض؛ اتباع الظن لايجوز سواء في فريضة الله أو في غيرها، مع ان الظاهر من هذه الصحيحة ان للفريضة الله خصوصية، ما كان فريضة الله لايجوز امتثاله امتثالا ظنيا.

نقول: اولا: لعل المراد من فريضة الله مطلق الواجب لا خصوص الفريضة الالهية في قبال سنن النبي، كل ما كان واجبا شرعا فلايجوز اتباع الظن فيه. و هذا مثال للاحكام الالهية. أو نقول: لعل الظن في السنن النبوية حجة. كما ورد في حجية الظن بالركعات غير الركعتين الاوليين فاما الظن في الركعتين الاوليين فمحل الخلاف و قد يستفاد من بعض الروايات انه لايكفي في الركعتين الاوليين الظن، يعيدهما حتی يكون علی يقين منهما يعني يعيد الركعتين الاوليين يعني يعيد الصلاة اذا شك فيهما حتی يكون علی يقين أو حتی يثبتهما. فلعل النكتة في تخصيص الفرائض بالذكر ان الظن في السنن حجة في الجملة.

و ثانيا: اذا كان المراد من هذه الصحيحة النهي عن امتثال الظن في فرائض الله فهذا امر خطير و لو كان لبان. فهل تری ان من شك في كونه جنبا و اراد ان يغتسل من الجنابة احتياطا فهل يبطل غسل جنابته لان غسل الجنابة‌ فريضة من الله فلاتؤدوا بالتظني، لايأتي فيه الامتثال الظني؟ من يحتمل ان عليه قضاء صلاة أو قضاء صوم فيصلي احتياطا أو يصوم قضاءا احتياطا فهل نقول له ان قضاء الصلاة و قضاء الصوم فريضة من فرائض الله فلاتؤدوا بالتظني، لايأتي فيه الامتثال الظني؟ اذا كان مفاد الصحيحة هذا المعنی فهذا امر خطير جدا و يعني الغاء الامتثال الظني أو فقل الغاء الاحتياط في فرائض الله. إما ان تجزم بانه ثبت في حقك هذا الامر فتمتثله أو لاتجزم بثبوت الامر فيبطل الاحتياط فيه. و لاجل ذلك الصوم يوم الشك بعنوان انه رمضان باطل لانك لاتجزم بالامر بصوم رمضان في هذا اليوم. اذا كان هذا المطلب مفاد الصحيحة فهذا امر خطير يسري الی جميع الفرائض و يسري الی الاحتياط في جميع الفرائض، و لو كان لبان و انتشر.

و انا عندي تفسير آخر لهذه الصحيحة اذكره و انهي هذا البحث. انا اقول: هذه الصحيحة بصدد بيان عدم حجية الامارات الظنية في امر الهلال لان الامام عليه السلام قال بعد ذلك و ليس رؤية الهلال ان يقوم عدة فيقول واحد قد رأيته و يقول الآخرون لم‌نره، اذا رآه واحد رآه مأة و اذا رآه مأة رآه الف و لايجزي في رؤية الهلال اذا لم‌يكن في السماء علة اقل من شهادة خمسين. فتكون هذه الصحيحة علی وزان صحيحة محمد بن مسلم: ليس بالرأي و ليس بالتظني و لكن بالرؤية. لان العامة في بعض الاحيان كانوا يستندون الی الظن في اثبات الهلال فنقل في التذكرة‌ عن احمد بن حنبل انه اذا كانت السماء صافية كره صوم يوم الشك و ان كانت مغيّمة وجب صومه و يحكم بانه من رمضان. اذا كانت السماء مغيمة وجب صوم يوم الشك. اك غيم في السماء في يوم الشك وجب صومه و يحكم بانه من رمضان و هو مروي عن ابن‌عمر، عبدالله بن عمر، فالامام عليه السلام يقول لا،‌ شهر رمضان فريضة‌ من فرائض الله. لاتؤدوا بالتظني يعني لاتثبتوه بالامارات الظنية. و هذا لاعلاقة بالاحتياط في مقام الامتثال. فاذا الرواية اجنبية عن المقام.

هذا تمام الكلام في هذا البحث.

صوم يوم الشك علی وجه التعلیق

بقي فرض لم‌يتكلموا عنه و هو ان يكون في يوم الشك ناويا للصوم علی وجه التعليق. السيد الحكيم في بعض المجالات علی ما ببالي يذكر التعليق في النية. مثلا شخص هوی الی السجود، مال الی السجود، يشك اني ركعت ام لا، السيد الخوئي يقول: يجب عليك ان تعود فتركع. السيد السيستاني يقول: يجب عليك ان لاتعود و لو عدت بطلت صلاتك، أسجد. فهذا وقع بين السيد الخوئي و السيد السيستاني. السيد الخوئي يجرّ الی القيام و الركوع، السيد السيستاني يجرّ الی السجود. و هذا يريد يحتاط بين العلمين. يقول: مي خالف، اسوي شيئا السيد الخوئي و السيد السيستاني كلاهما يتعجبان، يقولان هذا طلع زرنگ.‌ يقول: اقوم و انحني و اقول في نيتي: ان وجب علیّ الركوع في هذه الركعة‌ فيكون هذا ركوعا و الا فيكون انحناءا. ليس كل انحناء ركوعا. و لذا ورد في بعض الروايات ان الشخص بامكانه ان ينحني، مثلا يأخذ شيئا أو اصلا اقول لكم: حينما بعد القيام من الركوع تسجدون في الاثناء يصير حالة ‌الركوع، الركوع اللغوي،‌ انحناء بعد، يعني بعد ما قمتم من الركوع حينما تريدون ان تسجدون فتركعون مرة ثانية‌ في كل ركعة؟ لا، تنحنون، انحناء يصير اما هذا ليس ركوعا لان الركوع يتقوم بالقصد، الانحناء بقصد التعظيم لله تعالی‌ و الا ليس كل انحناء ركوعا مامورابه في الصلاة. فانت تقول يا الهي و سيدي و مولاي انحني ان كان علیّ الركوع يكون ركوعا و الا يكون انحناءا. مثل انحناء الشجر.

السيد الحكيم طرح هذا البحث في المستمسك علی ما ببالي و قال لابأس به.

و هذا يسري في كل مسألة يتصور فيها قضية التعليق في النية. السيد اليزدي صاحب العروة في كتاب الزكاة طرح هذا البحث، قال: يدفع الف تومان للفقير حينما يدفع الف تومان للفقير يقول ان كان علیّ زكاة فهذه زكاتي، تعليق في النية بعد، هذا يختلف عن نية الزكاة جزما بقصد الاحتياط، لا، يقول ان كان علیّ زكاة فهذا زكاتي، و ان لم‌يكن علیّ زكاة فتكون رد المظالم، ان لم‌يكن علیّ رد المظالم فان كان علی ابي زكاة فتكون زكاة عنه، ان لم‌يكن علی ابي زكاة فان كان علی امي زكاة، دفع الف تومان للفقير لكن سوّی الف نية تعليقية!! هذا تعليق في النية.

بعضهم في الاحرام يخافون من نتائج الاحرام يحرم ثم يقع في مشاكل، الوقوف بعرفة به مشاكل، يكون في بعض الاحيان يحتاط في يوم الآخر ما عندي خلق احتاط، احيانا الظروف ما تسمح، ذبح الهدي في منی ما يمكن، في خارج منی بعض الشبهات قد يصير. هذا من الاول يريح نفسه يقول اقصد الاحرام بالحج ان كان هذا الحج المتعارف صحيحا و الا انا ما اقصد الاحرام، ابدا ما احرم، انما احرم علی تقدير ان يكون هذا الذي اسوّيه من الحج المتعارف مجزئا. هذا يريد يخلص روحه من المشاكل بعد ما رجع الی بلده ما يفكّر ان زوجته تحرم عليه لانه ان كان ذلك الحج المتعارف مجزئا فقد احرم و خرج من الاحرام، ‌ان لم‌يكن مجزئا فابد من الاول ما احرم، خلاص بعد.

هذا يسمی بالتعليق في النية. فيقال هنا بانه ينوي ان كان اليوم من رمضان فانوي الصوم و الا ابد ما انوي الصوم. لا ابد ما اكل شيئا، كل شيئ ما اسوي، لكن الصوم ليس مجرد الاكل و الشرب و الجماع، الصوم عنوان قصدي و الا فمن بنی انه هذا اليوم يسوي رژيما من كل شيء، رژيم من الطعام و الشراب و من سائر الاشياء، هذا مو صائم، في العرف المتشرعي مو صائم، فالصوم عنوان قصدي، فهو يقول انما انوي ان اكون صائما لو كان هذا اليوم من رمضان.

احيانا تريد تعطي خمسا أو انت مأذون في ان تعزل مقدار و تقول عزلته بعنوان الخمس، اذا ما كنت مأذونا لايفيد العزل، في الزكاة العزل يفيد اما في الخمس العزل ما يفيد الا باذن الحاكم الشرعي، انت آخذ الاذن من الحاكم الشرعي أو من وكيله و خليت مقدارا من الفلوس و قلت هذا خمس، اذا نويت ان هذا خمس جزما فان تبين لك بعد ذلك ان هذا كان مئونة، تحتاج اليه، لا السيد الخوئي يجوز لك ترجّع و لا السيد السيستاني. ليش؟ انت دفعت هذا كخمس و صدر من اهله و وقع في محله و ما كان لله فلايرجع فيه. خلاص بعد. فانت تسوي شيئا طلعت زرنگ اكثر من المقدار اللازم، ما تقول؟ تقول: انما انوي ان يكون هذا خمسا لو كان يجب علیّ دفعه. بعد ذلك تشوف انه مئونة لك في هذه السنة، وكيل السيد يريد يشيل هذا المبلغ و انت تسبقه في ذلك ما تخلي يشيل فلوسك، ليش؟ تقول انا نويت الخمس علی وجه المعلق: ان كان يجب علیّ دفع الخمس فانوي الخمس و الا فلاانوي الخمس. اداء الخمس عنوان قصدي انا قصدت علی وجه المعلق. فاذا تبين انه لم‌يكن يجب علیّ دفع هذا الخمس فلم يتحقق و لم‌ينطبق عليه عنوان اداء الخمس فارجّعه و اخليه في جيبي. هل هذا التعليق في النية صحيح؟

انا اقول سنتكلم ان‌شاءالله ان هذا التعليق صحيح أو مو صحيح لكن حتی لو كان صحيحا فاطلاق النهي عن صوم رمضان يشمل هذا الفرض. انت حينما تقول ان كان هذا اليوم من رمضان فانوي صوم هذا اليوم فيشمله قوله عليه السلام و لاتصمه من رمضان. فاذاً بناءا علی استظهارنا لا علی ما استظهره السيد السيستاني من ان المنهي‌عنه هو قصد الصوم جزما، بناءا علی استظهارنا وفاقا للسيد الخوئي، النهي عن صوم رمضان يشمل هذا الفرض و لكن بشكل عام نتأمل هل التعليق في النية مؤثر أو ليس بمؤثر انشاءالله نتكلم عن هذا في الليلة القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo