< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: صوم يوم الشك / احکام النیة/ کتاب الصوم

 

كان الكلام في انه هل يتم ما ذكره السيد السيستاني من انصراف الروايات الناهية عن صوم يوم الشك بلسان قوله لاتصمه من رمضان، الی الصوم الجزمي بعنوان انه صوم رمضان جزما فلابأس بنيته علی وجه الترديد حتی لو قال ان كان اليوم من شعبان فاصوم تطوعا و ان كان اليوم من رمضان فاصوم صوما واجبا، أو قال: اصوم هذا اليوم برجاء انه من رمضان قربة الی الله تعالی، و ان كان علی تقدير كونه من شعبان لايصح صومه لانه عبد لم‌يستأذن من مولاه في الصوم المندوب.

هل يتم ما ذكره السيد السيستاني؟ أو يتم ما ذكره السيد الخوئي وفاقا لصاحب العروة من ان هذا النهي عن صوم يوم الشك بعنوان انه من رمضان يشمل قصد رمضان و لو علی وجه الترديد في النية. ان قال اصوم هذا اليوم ان كان من شعبان بقصد انه من شعبان و ان كان من رمضان بقصد انه من رمضان فيشلمه قوله عليه السلام و لاتصمه من رمضان. و لكن لو قال اصوم هذا اليوم قربة الی الله تعالی فلايصدق انه صامه من رمضان و ان لم‌يصدق انه صامه من شعبان لكن الامر بصومه من شعبان ليس ظاهرا الا في كونه مقدمة للنهي عن صومه بعنوان رمضان.

او لا، لايتم لا كلام السيد السيستاني و لا كلام السيد الخوئي بل يدعی كما ادعاه السيد الزنجاني اخيرا ان قوله عليه السلام صمه من شعبان ظاهر في الحصر الحقيقي، صمه من شعبان، لابد ان تنوي ان هذا الصوم من شعبان. حتی لو قلت اصوم هذا اليوم قربة الی الله بطل صومك فضلا من ان تقول ان كان هذا اليوم من شعبان فاصوم صوما تطوعا و ان كان هذا اليوم من رمضان فاصوم صوم رمضان.

المناقشة فيما ذكره السيد السيستاني من انصراف الروايات الناهية عن صوم يوم الشك الی الصوم الجزمي

اما ما ذكره السيد السيستاني فلايسعنا الموافقة معه لانه استند الی ما ادعاه من كون الجو الفقهي في ذلك الزمان البحث عن صوم يوم الشك بقصد انه من رمضان جزما و انه افتي جمع من العامة بجوازه أو وجوبه.

انا اقرأ لكم كلمات عن كتاب الفقه علی المذاهب الاربعة، يقول: الحنفية قالوا: يحرم صوم يوم الشك اذا صامه جازما انه من رمضان و يكره تنزيها اذا صامه مترددا بان قال: نويت صوم غدا فرضا ان كان من رمضان و الا فيكون صوما مستحبا. و الشافعية قالوا: ان نوی صوم يوم الشك علی انه من رمضان و تبين انه من رمضان فان كان صومه مبنيا علی تصديق من اخبره ممن لاتقبل شهادته كالعبد و الفاسق صح عن رمضان و ان لم‌يكن مبنيا عليه لم‌يقع من رمضان، و ان نوی صومه علی انه ان كان من شعبان فهو نفل و ان كان من رمضان فهو صوم رمضان صح صومه نفلا ان ظهر انه من شعبان و ان ظهر انه من رمضان لم‌يصح فرضا و لا نفلا. و المالكية قالوا: اذا صام يوم الشك احتياطا بحيث ينوي انه ان كان من رمضان احتسب به و ان لم‌يكن من رمضان كان تطوعا ففي هذه الحالة يكون صومه مكروها فان تبين انه من رمضان فلايجزئ عنه. و الحنابلة قالوا: اذا كان السماء صافيا فان صام بنية التطوع أو صام بنية انه ان كان من رمضان فيكون صوم رمضان ثم تبين انه من رمضان لم‌يجزء عن رمضان.

كل هؤلاء ذكروا فرض الترديد في النية، فقال بعضهم بصحته و قال بعضهم ببطلانه، فكيف نقول الجو الفقهي في ذلك الزمان كان منحصرا بصوم يوم الشك بعنوان انه صوم رمضان جزما.

اما ما نقله في كتاب المغني لابن‌قدامة عن احمد بن حنبل انه لو صام يوم الشك و لم‌يكن له جزم في النية‌ فصومه باطل و ان كان مع الجزم بالنية فصومه صحيح، فالذي يستظهره انه يقول لايصح صوم يوم الشك الا بقصد صوم رمضان جزما و حيث لايتمكن من ذلك فلايصح صومه مطلقا، لا انه يتمشی منه قصد صوم رمضان جزما و لو نوی ذلك صح منه، لانه نقل عن احمد بن حنبل هکذا: لايجزي في يوم الشك اذا اصبح صائما و ان كان من رمضان الا بعزيمة من الليل انه من رمضان يعني الا اذا نوی انه من رمضان و لايصح غير ذلك فهل يعني ذلك انه مع الشك ينوي ذلك جزما أو لا، شخص تخيل ان هذا اليوم من رمضان، يوم الشك عرفا و عادة لكن شخص حصل له علم من خلال شهادة عبده بان هذا اليوم من رمضان فحصل له الجزم فنوی ذلك. و كيف كان مع وجود هذه الكلمات كيف نشك في كون الصوم في يوم الشك علی وجه الترديد في النية داخلا في ذاك البحث المطروح في ذلك الزمان انه هل يصح أو لايصح؟

انا احتمل شيئا آخر في كلام احمد بن حنبل، احتمل انه حتی اذا كان المكلف شاكا، لايشرّع و لايقول هذا اليوم من رمضان جزما و ان الله امر بصوم هذا اليوم كصوم رمضان، هذا تشريع، أو قول بغير علم، لا، ينشئ عنوان صوم رمضان لكنه لايجزم بانه ماموربه. مثل انك تحتمل ان علی والدك قضاء صوم فتصوم هذا اليوم، تارة تقول اصوم عن والدي ان كان عليه قضاء و عن امي ان لم‌يكن علی ابي قضاء و كان علی امي قضاء، هذا ترديد في النية، تارة تقول انا اصوم عن ابي جزما بلا اي تقدير، اصوم عن ابي،‌ لكن برجاء ان علیه صوم و انا ماموربه بقضاء الصوم عنه، هذا جزم في النية، هذا ليس ترديدا في النية. الجزم في النية لايعني الجزم بثبوت الامر.

اذكر مثال ذلك: الانسان احيانا احتاط في عقد الزواج، الله يحفظ الشيخ الوحيد سابقا قال هكذا، يقول: نقرأ صيغة النكاح مرتين مرة علی مبنی المشهور من كون الانشاء ايجاد المعنی باللفظ و مرة‌ اخری علی مبنی السيد الخوئي من كون الانشاء ابراز الاعتبار. بعد ذلك عاف عن هذا الاحتياط. علی اي حال، فشخص يقول انا اريد احتاط، فيذكر صيغة النكاح مرتين، فبعضهم اشكلوا قالوا هذا يخل بالجزم في النية، هم تقرأ عربيا و لاتفهم معناه و هم تقرأ صيغة النكاح بالفارسية‌ و تفهم معناه، احتياطا، لانه يحتمل ان الزوج و الزوجة اذا لم‌يعرفا العربية فمجرد تلفظهما بالصيغة العربية للنكاح لايفيد، يحتمل ذلك، كما يحتمل انه يجب عليهما التلفظ بالصيغة العربية، فيحتاطان. اول الشيء، الزوجة تقول زوجتك نفسي، ما يفتهم شنو "زوجتك نفسي متعتك نفسي"، في المدة المعلومة علی المهر المعلوم، الزوج ايضا يقول قبلت، لكن لا الزوج يدري و لا الزوجة تدري ان هذا الايجاب و القبول بصيغة عربية ملحونة لايعرفان معناها هل مؤثر في ايجاد الزوجية الشرعية ام لا، و لذا يكرران بالفارسية أو بالتركية ينشئان الزوجية مرة اخری و بالاحتياط يحرزان تحقق الزوجية الشرعية. هذا لايخل بالجزم في النية. لماذا؟ لان كل من الزوج و الزوجة قصدهما انشاء الزوجية، انما يجهلان ترتب الاثر الشرعي، هذا مو مهم،‌ و قد يعلم الموجب أو القابل بعدم ترتب الاثر الشرعي كما في بيع الغاصب يعلم بعدم ترتب الاثر الشرعي، هذا لايخل بالجزم في النية.

فهنا ايضا قد يقول ابن‌حنبل (و ان كنت استبعد انه يستوعب هذه المطالب) لابد ان يكون له جزم في صوم رمضان، هذا ليس تشريعا. السيد الخوئي يقول هذا تشريعا، لا، هذا ليس تشريعا، جزم بالنية، نوی صوم رمضان لا علی وجه الترديد و لكن برجاء الامر به، هذا ليس تشريعا، و لكن انا اقول: لاينحصر البحث الفقهي في قصد صوم رمضان في صوم يوم الشك جزما بل يكون مصداقه الآخر و لعله المتعارف هو الصوم علی وجه الترديد في النية.

فاذاً لم‌يتم لنا كلام السيد السيستاني.

المناقشة في كلام السيد الزنجاني من بطلان الصوم الا في فرض ما لو نوی صوم شعبان

و اما كلام السيد الزنجاني من بطلان الصوم الا في فرض ما لو نوی صوم شعبان، قال اصوم صوم مندوب، خلاص بعد، أو اصوم صوم قضاء، بناء علی ان هذا اليوم من رمضان بمقتضی الاستصحاب،‌ هو صامه، هنا ان صادف شهر رمضان اجزأه عن صوم رمضان فذلك يوم وفق له و اما اذا قال اصوم هذا اليوم قربة الی الله تعالی، الملائكة يقولون شنو هذا؟ ليش نويت هكذا اصوم هذا اليوم قربة الی الله تعالی؟ لابد ان تقول اصوم صوما مندوبا، يعني تبني في نفسك علی ان هذا اليوم من شهر رمضان أو اصوم صوم قضاء. هو استند الی ظهور قوله عليه السلام صمه من شعبان و لاتصمه من رمضان. ثم واجه اشكالا و هو ان ادلة الدالة علی صوم يوم الشك لابد ان يحمل علی هذا الفرض النادر و هو ان ينوي ان هذا اليوم من شعبان و الشاك عادة لاينوي ذلك. ثم قال حمل المطلق علی الفرد النادر لااشكال فيه لانه ينكشف عدم كون المولی‌ في الخطاب المطلق في مقام البيان.

و اشكلنا عليه بانه لايتم هذا الكلام، تارة لايكون المولی بصدد بيان شرائط شيء كشرائط المرجع فيقول قلد مجتهدا و ليس في مقام بيان شرائطه و تارة‌ اخری‌ يجعله موضوعا يقول اكرم المجتهد ثم يقول مقصودي من هذا الخطاب اكرم المجتهد الاعلم، هذا خب حمل للمطلق علی الفرد النادر و هو مستهجن. ان رأيت مجتهدا فسلم عليه، يقول: قصدي المجتهد الذي تجاوز عمره مأة سنة، هذا حمل للمطلق علی الفرد النادر لان هذا ليس في مقام بيان الشرائط، تقييد للاطلاق. فهنا حينما يقول: الروايات الدالة علی ان من صام يوم الشك فذلك يوم وفق له نحمله علی من صام يوم الشك بنية ان من شعبان، هذا حمل للمطلق علی الفرد النادر. هذا اولا. و ثانيا: الحمل المطلق علی الفرد النادر مستهجن كما قلت لكم.

و ثانيا: كما ذكره السيد الخوئي العرف لايفهم من قوله صمه من شعبان و لاتصمه من رمضان اكثر من النهي عن قصد كونه من رمضان. مثل ما يقول لابنه: لاتعاين تلويزيون قم روح اشتر الخبز، فهو اذا لم‌يشتر الخبز و عاين تلويزيون هل يعاقب بعقابين؟ لا، العرف يفهم منه ان الخطاب الاول مقدمة للثاني. الآية الكريمة تقول: يا ايها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الی ذكر الله و ذروا البيع، هل يعني ان البيع وقت النداء حرام تكليفي؟ لا. اذا اشكلتم علیّ: فلماذا الاصولييون مثّلوا للنهي عن السبب بهذا المثال؟‌ قلت الاصولييون امثلتهم إما هذا أو اكرم كل عالم لاتكرم زيدا، ما عندهم امثلة كثيرة بعد و الا هذا مثال فرضي، البيع وقت النداء ليس حراما، الواجب هو الحضور في صلاة الجمعة، و لكن هذا بيان عرفي يقول: عاف البيع روح شارك في صلاة الجمعة.

فصمه من شعبان و لاتصمه من رمضان لايظهر منه عدا انه يقول لاتصمه من رمضان يعني طبعا يعبر منه بانه صمه من شعبان و لاتصمه من رمضان، لايظهر منه اكثر من ذلك. فنرجع الی مقتضی القاعدة و هو انه لايجب في صحة يوم الشك ان ينويه انه من شعبان يعني ينوي انه صوم مندوب، لا، لاينوي ذلك،‌ يقول اصوم قربة الی الله تعالی. ما ينوي في نفسه ان كان اليوم شهر رمضان فانا اقصد صوم شهر رمضان، لا، اذا قصد ذلك فيندرج في قوله عليه السلام لاتصمه من رمضان لان هذا النهي مطلق لاتصمه من رمضان لا جزما و لا تعليقا.

فاذاً الظاهر تمامية تفصيل صاحب العروة و السيد الخوئي بين الفرضين، فرض ما لو كان هناك ترديد في نيته فيبطل صومه و ما اذا لم‌يكن ترديد في نيته فنوی‌ الصوم قربة الی الله تعالی و لم‌يقصد انه صوم مندوب و لا واجب، صح صومه و اجزأ عن صوم رمضان ان صادف رمضان.

تفسیر "ان شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلاتؤدوا بالتظني"

نعم، هنا مشكلة‌ و هي انه ماذا نصنع بصحيحة ابي‌ايوب الخزاز؟ عقبة كعودة، ان امامكم عقبة كعودة؟؟ معتبرة ابي‌ايوب الخزاز صعبت علينا. عن ابي‌عبدالله عليه السلام قلت له كم يجزي في رؤية الهلال؟‌ فقال عليه السلام ان شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلاتؤدوا بالتظني. يعني من يشك في صوم رمضان اداء صوم شهر رمضان لايصح منه.

السيد السيستاني لانه يری ان هذه الصحيحة قد يستدل بها لرد مدعاه فيقال بانه اذا نوی‌ الصائم ان كان هذا اليوم من رمضان فانوي صوم رمضان، و السيد السيستاني يری ان هذه النية صحيحة و قد يقال بان هذه الصحيحة،‌ صحيحة ابي‌ايوب الخزاز تقول لاتؤدوا يعني لاتصوموا شهر رمضان بالتظني و هذا اداء لصوم شهر رمضان بالتظني ان كان هذا اليوم شهر رمضان فاصوم صوم رمضان. و لاجل ذلك قال:‌ التظني هو الجزم، الظن هو الاعتقاد الجازم غير الناشئ عن مناشئ عقلائية.

انا اقول: هذا المعنی للتظني و للظن لااعرف له وجها. لان الروايات و الآيات عبّر فيها كثيرمّا عن الاحتمال الراجح بالظن. قلتم ما ندري ما الساعة ان نظن الا ظنا و ما نحن بمستيقنين، في صحيحة زرارة: فان ظننت انه اصابه و لم‌اتيقن ذلك، ظننت يعني احتمال راجح صار عندي ان هذا الثوب تنجس. و اما اطلاق الظن علی اعتقاد المشركين فلعله من باب المجاز الادعائي أو تكون علی وجه قضية خارجية فان الكفار في ذلك الزمان بعد مشاهدتهم لمعجزات النبي لعله ما كان يبقی في نفسهم جزم بمعتقداتهم. و لايقاس الكفار و سائر فرق المسلمين غير الشيعة بالمشركين في زمان النبي لان المشركين في زمان النبي كثير منهم زال من انفسهم الجزم بصحة معتقداتهم بعد ما رأوا من معاجز النبي، يعرفونه كما يعرفون ابناءهم، و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم.

و عليه فالظاهر ان الظن بمعنی الاحتمال الراجح لكن التظني لعله بمعنی اتباع الظن، لاتؤدوا بالتظني كما ورد في لسان العرب التظني هو اعمال الظن، يعني لاتتبع الظن،‌ يعني لاتثقوا بالظن في ثبوت الهلال و لاتعتمدوا عليه. الظن لايعتمد عليه. و ذكر الفرائض لعله لنكتة الاهتمام بها، و الا فالظن ليس حجة. نعم في بعض الاحيان الظن صار حجة كالظن في عدد ركعات الصلاة.

فالجواب الاول عندنا عن هذه الصحيحة لاتؤدوا بالتظني لعله بمعنی لاتصوموا اتباعا للظن يعني لاتعتمدوا علی الظن بثبوت الهلال فتحكموا بان هذا اليوم من رمضان ثم تصومون، لا، ابقوا علی شككم فان صمتم مع هذا الشك فلابأس به اما مع اتباع الظن و الاعتماد علی الظن بثبوت الهلال، لا، هذا الظن ليس حجة.

و بقية الكلام في ليلة الإثنين ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo