< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: صوم يوم الشك / احکام النیة/ کتاب الصوم

تتمة الكلام في الصور للصوم في يوم الشك

كان الكلام في فرضين للصوم في يوم الشك فصّل بينهما جماعة كالسيد الخوئي تبعا لصاحب العروة.

الفرض الاول منهما الترديد في النية يقول ان كان اليوم من شعبان فاصوم تطوعا و ان كان اليوم من رمضان فاصوم صوما واجبا. فحكم صاحب العروة و السيد الخوئي ببطلان هذا الصوم حتی لو صادف الواقع و تبين انه اول يوم من رمضان، بل يقال بانه حتی لو تبين له انه ليس اول يوم من رمضان و انما هو آخر يوم من شعبان و قد صامه بنية القضاء بطل صومه. يعني هذا صوم باطل علی اي تقدير. و الفرض الثاني ان يقول اصوم هذا اليوم مع قصد الامتثال للامر الفعلي فقال صاحب العروة انه من الترديد في المنوي لا الترديد في النية‌ فحكم بصحة هذا الصوم. و هكذا قال السيد الخوئي.

الفرض الثالث للترديد

و نحن نضيف الی هذين الفرضين فرضا ثالثا و هو ان يعلق قصد الصوم علی كون هذا اليوم من شهر رمضان. يقول: انوي صوم هذا اليوم ان كان اليوم اول رمضان،‌ يعني ان لم‌يكن اليوم اول رمضان فانا لاانوي الصوم. مثلا انت تشوف فالواحد يجيء من بعيد تقول بنية تعليقية ان كان هذا زيدا فاقوم بقصد التعظيم له و ان كان عمروا فلااقصد بهذا القيام تعظيم عمرو. هذا تعليق في قصد التعظيم. هنا تقول أعلق قصد الصوم علی كون اليوم من رمضان، انما اصوم علی تقدير كون هذا اليوم من رمضان. طبعا لانك علقت نيتك علی كون اليوم من رمضان فلاترتكب المفطرات الا اذا في اثناء النهار علمت بان هذا اليوم ليس من رمضان و الا تبقی علی الامساك عن المفطرات لاجل هذه النية التعليقية. فنلحظ هذا الفرض الثالث اذا صادف شهر رمضان هل يحكم بصحة صومه ام لا؟ و سنتكلم ان‌شاءالله عن هذا الفرض الثالث. الان نحل مشكلة الفرضين المذكورين في كلام الاعلام.

السيد السيستاني حكم بصحة الصوم في كلي الفرضين.

كلام سماحة السيد الزنجاني في الفرض الاوليين

السيد الزنجاني حكم ببطلان الصوم في كلي الفرضين بعد ما كان يحكم بصحتهما. غيّر رسالته العملية الفارسية علی هذا الرأي الجديد، عدّلها و صححها علی اساس هذا الرأي الجديد. يقول السيد الزنجاني: هذا التعبير "صمه من شعبان و لاتصمه من رمضان" يعني انه يجب ان يكون صوم هذا اليوم بنية استصحاب بقاء شعبان، بمقتضی استصحاب بقاء شعبان لابد ان ينوي ان هذا اليوم صوم شعبان. و قد ورد في رواية القاساني عن يوم الشك قال: اليقين لايدخله الشك صم للرؤية و افطر للرؤية. و في معتبرة ابي‌ايوب الخزاز ان شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلاتؤدوا بالتظني. فلابد ان ينوي ان هذا الصوم من شعبان.

ان قلت: بناءا علی ذلك انتم تحملون الاطلاقات الآمرة بصوم يوم الشك و المرغبة لصوم يوم الشك و انه يوم وفق له، علی هذا الفرض النادر؟ عادتا الانسان حينما يشك ان هذا اليوم من رمضان أو من شعبان لاينوي انه من شعبان، ينوي علی اساس نية ترديدية إما علی نهج الفرض الاول يقول ان كان اليوم من شعبان فاصوم صوما تطوعا و ان كان اليوم من رمضان فاصوم صوما واجبا أو لااقل يقول اصوم بقصد امتثال الامر، اما انه يتحكم يقول اصوم اليوم بعنوان صوم شعبان مع انه شاك في كونه من شعبان أو من رمضان فهذا فرض نادر فكيف تحملون الاطلاق علی فرض النادر؟

فيجيب عنه السيد الزنجاني بانه لامانع من حمل المطلق علی الفرد النادر. لماذا؟ لانه ينكشف بالقرينة المنفصلة‌ التي اوجبت حمل الخطاب المطلق علی الفرد النادر انه لم‌يكن هذا الخطاب في مقام البيان، و لااشكال في ان الخطاب المطلق اذا لم‌يكن في مقام البيان يمكن حمله علی الفرد النادر.

كما تقول قلد مجتهدا و انت لست في مقام البيان من ناحية شرائط المرجع الذي يجب تقليده، ثم بعد ذلك تقول في خطاب منفصل يلزم ان يكون من تقلده اعلم. أليس هذا حملا للمطلق علی الفرد النادر؟ حمل للمطلق علی الفرد النادر لانه لم‌يوجد في كل عصر الا اعلم واحد، و لكن لااشكال فيه لان حمل للمطلق علی الفرد النادر في خطاب قامت القرينة علی انه لم‌يكن في مقام البيان. ألاتحمل قوله تعالی فما استيسر من الهدي علی انه يجب ان يكون ذبح الهدي في منی، و هذا حمل للمطلق علی الفرد النادر، تحمل الخطاب المطلق من ناحية مكان الذبح علی مكان مضيق جدا بالنسبة الی الكرة الارضية، و لكن لااشكال فيه لانه ينكشف ان الخطاب المطلق لم‌يكن في مقام البيان. كما ان ما ورد من النهي عن صوم رمضان منصرف الی ما هو المتعارف من الصوم بنية ترديدية لا بنية جزمية، لانه عادة من يشك في رمضان لاينويه جزما.

جواب سؤال: لان الاستصحاب لايوجب العلم، الاستصحاب اصل عملي، تبني عملا علی بقاء شهر رمضان و اما ان تعقد نيتك علی انك تصوم في اليوم الثلاثين من شعبان هذا امر خلاف المتعارف.

الاشكال

نحن عندنا اشكال علی السيد الزنجاني في هذه الكبری التي ادعاها. فنقول:‌ ليس كل مورد يصلح حمل المطلق علی الفرد النادر. اذا رأيت عالما فاكرمه، بعد ذلك يقول: المراد من العالم العالم الذي تجاوز عمره عن مأة سنة، لايوجد عالم تجاوز عمره عن مأة سنة الا الشيخ الوحيد دام ظله، ما عندنا غيره، هل نحمل هذا الخطاب المطلق علی فرد واحد؟ مجرد ان الخطاب مطلق لايعني انه يصح عرفا حمله علی الفرد النادر بعذر ان ذلك الخطاب المطلق لم‌يكن في مقام البيان، اذا لم‌يكن في مقام البيان فلماذا ذكرت هذا الخطاب علی وجه مطلق. تذكر حكم الانسان و تقصد بذلك حكم الخنثی، الانسان لايجوز له ان يتزوج، عجيب! اشلون؟ تقول قصدي من الانسان الذي لايجوز له ان يتزوج الخنثی الذي لايعلم انه ذكر أو امرأة،‌ العرف لايرأ ذلك مستهجنا؟ قطعا يری ذلك مستهجنا. فمجرد كون الخطاب مطلقا لايجعله صالحا علی الحمل علی الفرد النادر.

نعم، في مثال قلد مجتهدا واضح انه ليس في مقام شرائط من يجب تقليده،‌ ذاك واضح. اشرب دواءا، ثم يقول بعد ذلك الطبيب له: ابلع حباية اسپرين مثلا، مي خالف،‌ لانه ليس في مقام البيان من الاول. و اما لايأتي هذا الكلام في كل مجال.

كلام سماحة السيد السيستاني

و اما ما ادعاه من "ان المتعارف في صوم يوم الشك الصوم بنية ترديدية انه ان كان من رمضان فاصوم من رمضان و ان كان من شعبان فاصوم شعبان و حمل الروايات الناهية عن صوم يوم الشك علی النهي عن صوم يوم الشك بنية رمضان جزما، حمل للاطلاق علی خلاف المتعارف"، السيد السيستاني هنا تدخل في البحث فقال بالعكس، نحن حينما نراجع الی الجو الفقهي في ذلك الزمان نشوف ان المبحوث‌عنه في ذلك الزمان كان هو صوم يوم الشك بنية رمضان جزما. ينقل ان ابن‌قدامة في المغني انه نقل عن احمد بن حنبل انه لو صام يوم الشك و لم‌يكن له جزم في النية فصومه باطل و اما اذا كان مع الجزم بالنية فصومه صحيح.

و هكذا يقول السيد السيستاني بالنسبة الی صحيحة ابي‌ايوب الخزاز ان شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلاتؤدوا بالتظني، فيقول: هذا ناظر الی المتعارف في ذلك الزمان انه كانوا يصومون يوم الشك بنية رمضان جزما و هذا لاينافي التعبير بالتظني. فان الظن هو الاعتقاد الجازم الناشئ عن مناشئ غير العقلائية لا الاحتمال الراجح. فتری انه يعبر في القرآن الكريم عن اعتقاد الكفار و المشركين بالظن مع ان اعتقادهم كان جازما، ما لهم بذلك من علم ان هم الايظنون، ان يتبعون الا الظن، و نحن نری تجزّم الكفار و المشركين في معتقداتهم. و عليه هذه الصحيحة تنهي عن صوم يوم الشك بنية جزمية انه من رمضان.

هذا محصل كلام السيد السيستاني.

كلام السيد السيستاني وقع في قبال كلام مثل السيد الخوئي الذي يقول اصلا نية‌ صوم يوم الشك جزما خلاف المتعارف لان هذه النية لاتصدر الا عمن يكون في مقام التشريع و هذا بعيد عن ساحة اصحاب الائمة عليهم السلام. ما هو الداعي للتشريع؟ يشك في ان هذا اليوم من رمضان أو من شعبان، هل يشرع يقول هذا اليوم من رمضان؟ هذا خلاف المتعارف و خلاف ما عليه اصحاب الائمه عليهم السلام. السيد السيستاني في قبال ذلك الجو الفقهي كان هو هذا، قصد صوم اليوم الذي يشك فيه بعنوان انه من رمضان جزما.

الاشكال

نحن راجعنا كتب العامة، اقرأ لكم كلمات من كتب العامة حتی نری ان النتيجة ماذا تكون.

ابن‌قدامة في كتاب المغني، الجزء 6 صفحة 48، هكذا يقول: يجب تعيين النية في كل صوم واجب و هو ان يعتقد انه يصوم غدا من رمضان أو من قضاءه أو من كفارته أو نذره، نص عليه احمد بن حنبل في رواية الاثرم قال قلت لابي‌عبدالله احمد بن حنبل، هو ايضا كنيته ابوعبدالله، اسير صام في ارض روم شهر رمضان و لايعلم انه رمضان، ينوي التطوع قال لايجزيه الا بعزيمة انه من رمضان. يعني لابد ان ينوي رمضان جزما. و لايجزيه في يوم الشك اذا اصبح صائما و ان كان من رمضان الا بعزيمة من الليل انه من رمضان. هكذا يقول:‌ لايجزي في يوم الشك اذا اصبح صائما و ان كان من رمضان الا بعزيمة من الليل انه من رمضان. يعني مادام هو لايجزم بانه من رمضان لايصح صومه. و بهذا قال مالك و الشافعي. و عن احمد بن حنبل رواية ‌اخری انه لايجب تعيين النية لرمضان فان المروزي روی عن احمد بن حنبل انه قال يوم الشك يكون يوم غيْم اجمعنا علی اننا نصبح صياما، نصبح صائمين، ‌نجزئنا من رمضان و ان لم‌نعتقد انه من رمضان؟ قال نعم. هذه الرواية عن احمد بن حنبل تختلف عن الرواية السابقة. و حكی ابوحفص العكبري عن بعض اصحابنا انه قال: و لو نوی نفلا وقع عنه رمضان و صح صومه. و هذا قول ابي‌حنيفة و قال بعض اصحابنا و لو نوی ان يصوم تطوعا ليلة‌ الثلاثين من رمضان فوافق رمضان اجزأه. و قال ابوحفض لايجزئه الا ان يعتقد من الليل بلاشك.

انا اقول: لعل المقصود انه مادام شاكا في رمضان لايصح صومه، لا انه في يوم الشك يصوم و ينوي انه من رمضان، هذا يعني ان صوم يوم الشك لايصح لان صوم رمضان يحتاج الی نية جزمية لا ما استظهره السيد السيستاني من انه يشرع، كانّ ابن‌حنبل يقول يشرع و يقول هذا اليوم اول رمضان فاصومه بنية جزمية.

استمر في قراءة كلماتهم، شوفوا!:

الشيخ الطوسي نقل في الخلاف عن الشافعي انه ذهب الی انه يكره إفراد يوم الشك بصوم التطوع من شعبان أو صيامه احتياطا لرمضان. يعني لم‌يصم قبل يوم الشك يريد ان يصوم في خصوص يوم الشك، صوم تطوع أو صوم احتياطي لرمضان، يكره ذلك. نعم ان كان متصلا بما قبله من صيام الايام لايكره. فتری ان الشافعي قال يكره إفراد يوم الشك بصيامه احتياطا لرمضان، يعني لاجزما، و قال ابوحنيفة: ان صامه تطوعا لم‌يكره و ان صامه علی سبيل التحرز لرمضان يعني الاحتياط، التحرز هو الاحتياط، التحرز لرمضان حذرا عن ان يكون منه فهذا مكروه.

و هكذا العلامة‌ في التذكرة‌ يقول:‌ لو نوی في يوم الشك انه ان كان من رمضان فهو واجب و ان كان من شعبان فمندوب لم‌يصح. و به قال الشافعي لان شرط النية‌ الجزم و لم‌يحصل. يقول الشافعي ان صمت في يوم الشك بعنوان انه ان كان اليوم من شعبان فصوم تطوع و ان كان اليوم من رمضان فصوم مندوب هذا مو صحيح، لان شرط صوم رمضان الجزم بالنية.

و اين هذا من ان نقول هم قالوا بانه يصوم يوم الشك و يجزم انه من رمضان؟ لا، هم يقولون لايصح منه الصوم علی وجه الترديد و اما صومه علی وجه الجزم بكونه من رمضان فهذا لايتمشی منه، لا انه يتمشی منه و امروا به، لا، لان صوم رمضان يحتاج الی جزم في النية‌ فلايصح صوم يوم الشك. و تری ان محل النزاع علی قول الشافعي هو هذا، ان كان من رمضان فهو واجب و ان كان من شعبان فمندوب.

فما ادعاه السيد السيستاني من ان الجو الفقهي في ذلك الزمان كان هو الصوم يوم الشك بعنوان انه صوم رمضان جزما فالظاهر عدم مساعدة الكلمات المنقولة عن العامة‌ لهذه الدعوی تاملوا في ذلك الی الليلة‌ القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo