< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: احکام النیة/ الصوم/

تتمة الكلام عن مستند المشهور في ان وقت النية لصوم الواجب غير المعين الی زوال الشمس

كان الكلام في منتهی نية الصوم الواجب غير المعين كصوم القضاء فالمشهور ان وقت نية الواجب غير المعين في الصوم يمتد الی زوال الشمس فبعد زوال الشمس اذا شخص لم‌ينو الصوم لايسعه ان ينوي صوم القضاء بعد ذلك. و السند في ذلك الی روايتين، احداهما موثقة عمار، الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان و يريد ان يقضيها متي يريد ان ينوي الصيام قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس سئل فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا.

السيد الخوئي هنا اشكل في سند هذه الرواية لضعف اسناد الشيخ الطوسي الی كتب علی بن الحسن بن فضال. ثم عدل عن ذلك في ابحاثه القادمة فذكر نظرية تعويض السند. و قد اشكلنا عليه بما لانعيد.

نحن ذكرنا اننا لسنا بحاجة الی طريق صحيح الی كتب بن فضال لان كتبه كانت معروفة فتجري اصالة الحس في نقل الشيخ الطوسي عن النسخة التي يدعي انه نسخة كتاب ابن فضال.

السيد السيستاني في بعض ابحاثه ذكر انه يمكن ان نقول بان للشيخ الطوسي سندا صحيحا آخر الی كتب ابن فضال فانه تكرر من الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب هذا السند: اخبرني جماعة عن ابي‌محمد هارون بن موسی التلعكبري (الثقة، منطقة من مناطق بغداد، التلعكبر) عن ابي‌العباس (احمد بن محمد بن سعيد، هو ابن عقدة، ثقة) عن علی بن الحسن بن فضال. و اخبرني ايضا احمد بن عبدون عن علی بن محمد بن زبير عن علی بن الحسن بن فضال. هذا السند الثاني هو السند الضعيف الذي لاجله السيد الخوئي ضعّف اسناد الشيخ الطوسي الی كتب ابن فضال. هذا التعبير ورد في تهذيب الاحكام الجزء 1 صفحة 252، صفحة 263،‌ صفحة 263،‌ صفحة 316، صفحة 321. فنطمئن بان هذا كان طريق الشيخ في تمام التهذيب الی كتب ابن فضال. لكنه لم‌يذكر هذا الطريق في الفهرست. خصوصا و ان ابن عقدة في طريق النجاشي الثاني الی كتب ابن فضال.

و هذا الذي ذكره السيد السيستاني غير بعيد و لابأس بالاعتماد عليه.

الرواية الثانية الدالة علی ان منتهی وقت نية صوم القضاء زوال الشمس صحيحة هشام: ان هو نوی الصوم قبل ان تزول الشمس حسب له يومه.

السيد الخوئي اعتمد علی هذه الصحيحة. و لكننا ناقشنا فيه و قلنا بان ذيل هذه الصحيحة قرينة علی ان المراد من الصوم في هذه الصحيحة الصوم المندوب لانه ورد في الفقرة‌ الثانية و ان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوی و ان نواه، نوی ذلك الصوم، بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوی. فالمهم و العمدة موثقة عمار الدالة علی انه اذا زالت الشمس فقد انتهی وقت نية قضاء صوم شهر رمضان.

في قبال ذلك يوجد روايتان احدهما صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج: رجل كان عليه صوم يوم من شهر رمضان أله ان يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامة النهار فقال نعم له ان يصوم و يعتد به من شهر رمضان. فقلنا بان حمل السيد الخوئي هذه الصحيحة علی ما قبل زوال الشمس غير عرفي انه لايصدق انه ذهب عامة النهار أي اغلب النهار بمجرد ان نضيف الی نصف النهار الاول ساعة و نصف من طلوع الفجر الی طلوع الشمس، هذا لايصدق عليه انه ذهب عامة النهار اي ذهب معظم النهار و اغلب النهار.

الرواية الثانية مرسلة البزنطي عمن ذكره عن ابي‌عبدالله عليه السلام رجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان و يصبح فلايأكل الی العصر أيجوز له ان يجعله قضاءا من شهر رمضان قال نعم.

السيد الخوئي قال هذه مرسلة و ان كانت من مراسيل البزنطي و شهد الشيخ الطوسي في كتاب العدة بان البزنطي و صفوان و ابن ابي‌عمير ممن عرفوا بانه لايروون و لايرسلون الا عن ثقة لكن الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب ضعّف سند رواية مرسلة مرسلها نفس البزنطي. فهذا يعني انه عدل الشيخ الطوسي عن شهادته في العدة، ‌استبصر في كتاب التهذيب و هدي الی الحق.

جواب سؤال: السيد الخوئي يقول عدل عما ذكره في كتاب العدة‌ و استبصر و انتبه الی الحق المبين في كتاب التهذيب.

و هذا غريب، لان تأليف كتاب العدة متاخر عن تأليف كتاب التهذيب و الاستبصار. راجعوا العدة في الاصول الجزء 1 صفحه 237، يقول الشيخ الطوسي في كتاب العدة: و قد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الاحاديث المختلفة التي تختص بالفقه في كتابي المعروف بالاستبصار و تهذيب الاخبار ما يزيد علی خمسة آلاف حديث. فكتاب العدة متاخر عن كتاب التهذيب و الاستبصار. ألّف كتاب التهذيب في زمان الشيخ المفيد و يعبر عن الشيخ المفيد بتعبير ايده الله تعالی، بينما انه ألّف كتاب العدة في زمان السيد المرتضی بعد وفاة الشيخ المفيد. فكيف عدل عما ذكره في كتاب العدة حينما كتب كتاب التهذيب؟ الامر بالعكس.

لعل الشيخ الطوسي في بداية شبابه في ايام الشيخ المفيد لم‌يكن مطلعا علی ان هؤلاء الثلاثة البزنطي و ابن ابي‌عمير و صفوان عرفوا بانهم لايروون و لايرسلون الا عن ثقة. نظير نفس السيد الخوئي. السيد الخوئي في بداية امره صار مدرسا كبيرا لكنه ما كان يعرف نظريات في علم الرجال. قال بعض الاعلام ما كان يعلم بوجود كتاب كامل الزيارات نحن قلنا له، ميرزا كاظم التبريزي رحمة الله عليه كان مختصا بالسيد الخوئي و معتقدا به. لعله كان متضلعا في الاصول و الفقه ثم صار رجاليا كبيرا. و لاجل ذلك عدل عن كثير من كلماته في بداية كتاب الطهارة أو كتاب مصباح الفقاهة. و لعل الشيخ الطوسي كان من هذا القبيل بعد ما كتب كتاب العدة و هناك اطلع علی آراء رجالية لم‌يكن مطلعا عليها قبل ذلك.

نعم، بعضهم كالسيد الصدر و كثير من الاعلام آخذين اشكالا من المحقق في المعتبر بان مراسيل البزنطي مثلا من الشبهات المصداقية لمن ثبت ضعفه من مشايخ البزنطي، ثبت ان البزنطي نقل عن مشايخ ضعاف، ثبت ذلك، نقل عن بعض الضعاف قطعا، و لعل هذا المجهول نفس ذلك الضعيف، لعل هذا الذي يقال عمن ذكره نفس ذلك الضعيف الذي ثبت انه روی عنه البزنطي.

و هذا اشكال حاولنا ان نجيب عنه بانه لم‌يثبت ان البزنطي عدل عن التزامه بان لايرسل الا عن ثقة، لعله عدل عن التزامه في بعض الاحيان بان لايروي الا عن ثقة، لجهة أخری عدل عن التزامه في مورد أو عدة موارد عن التزامه بان لايروي الا عن ثقة و لكن لادليل علی انه عدل عن التزامه بان لايرسل الا عن ثقة.

نعم، يمكن ان يقال بانه حينما يروي البزنطي عن شخص ضعيف هو لم‌يعدل عن التزامه بان لايروي الا عن الضعيف، بل هو يری ان هذا ثقة و نحن علمنا بضعف ذلك الرجل، مو معلوم بان بزنطي علم بان هذا الشخص ضعيف، فهو يری انه ثقة لكن شهادته خاطئة،‌ فاذا ثبت ان شهادة بزنطي بالنسبة الی راو كعلي بن ابي‌حمزة البطائني شهادة خاطئة حينما شهد بوثاقته فلعل هذا الذي روی عنه مرسلا نفس ذلك البطائني و الذي ثبت ان شهادة البزنطي بوثاقته شهادة خاطئة.

نحن اجبنا عن ذلك فقلنا باننا لاندري هل هذه الشهادة بوثاقة هذا الذي ذكره تكرار لتلك الشهادة الخاطئة أو شهادة اخری بوثاقة رجل آخر. احتمال ان هذه الشهادة نفس الشهادة الخاطئة بوثاقة البطائني لايمنع من الاعتماد علی هذه الشهادة.

فهل تری ان السيد الخوئي حينما خطّا الشيخ الطوسي قال الشيخ الطوسي اخطأ، خطّأه قال هو اخطأ في فهم كلام الكشي في نظرية اصحاب الاجماع فظن انه يريد ان يقول بان مشايخ البزنطي و ابن ابي‌عمير و صفوان ثقات، و هذا الذي فهمه الشيخ الطوسي من كلام الكشي خطأ. السيد الخوئي حينما يری في رجال الشيخ الطوسي انه يوثق رجلا هل يصح ان يقول انا لااعتمد علی توثيق الشيخ الطوسي لان توثيقه لهذا الرجل لعله تكرار لفهمه الخاطئ في قضية وثاقة مشايخ بزنطي و صفوان و ابن ابي‌عمير؟‌ لا، هذا لايمنع من حجية هذه الشهادة المستقلة بمجرد احتمال انها تكرار للشهادة الخاطئة الاولی لايمنع من الاعتماد عليها.

فكيف نصنع بهاتين الطائفتين من الروايات؟ طائفة تقول منتهی نية الصوم القضاء زوال الشمس و طائفة اخری تقول منتهی نيته قبيل الغروب. لايوجد جمع عرفي بين الطائفتين. و ما ذكره السيد الزنجاني من انا نحمل ذلك علی مراتب الفضيلة، المستحب المؤكد ان ينوي الذي يجب عليه قضاء صوم رمضان ينوي الصوم قبل زوال الشمس و لكنه لو نواه قبيل الغروب يجتزئ به، هذا ليس جمعا عرفيا لان موثقة عمار ورد فيها سئل فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا، لايستقيم، لايصح، و صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج تقول: أله ان يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامة‌ النهار فقال نعم له ان يصوم و يعتد به من شهر رمضان، احدهما يرشد الی صحة نية الصوم بعد الزوال و الآخر يرشد الی فسادها،‌ فكيف ان نجمع بينهما بالحمل علی مراتب الاستحباب.

المهم اعراض الاصحاب عن مفاد صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج و مرسلة البزنطي. و انما ابن‌الجنيد ادعی و افتی بان نية‌ قضاء شهر رمضان كنية صوم المندوب تمتد الی غروب الشمس. و لكن لايعبأ بفتاوی ابن‌الجنيد لانه من شواذ الفقهاء و اتهم بانه يذهب الی مذهب القياس. و لاجل ذلك لايسعنا العمل بمفاد هاتين الروايتين لاعراض الاصحاب عنهما. لا مجرد اعراض المشهور كي نقول بان اعراض المشهور ليس موهنا،‌ لا،‌ اعراض كل الاصحاب عدا من لايعبأ بمخالفته.

و يمكن لمن يری مرجحية الشهرة الفتوائية ان يقول بان طائفة الاولی كموثقة عمار يوجد لها مرجح و هو موافقتها للشهرة الفتوائية. في قبال ذلك قد يقال بان موثقة عمار موثقة و صحيحة ابن الحجاج صحيحة، و مرسلة ابن ابي‌عمير بناءا علی اعتبارها صحيحة، لانه شهد الشيخ الطوسي بان البزنطي لايروي الا عن امامي عدل، الثقة في كلام الشيخ الطوسي بمعنی الامامي العدل لا بمعنی المتحرز عن الكذب كي يشمل غير الامامي، لوجود قرائن عليه ذكرناها في محله. و قد قيل و هو مبنی الشيخ الطوسي بتقديم الصحيحة علی الموثقة التي راويها غير الامامي الاثنی‌عشري، و عمار فطحي ليس اماميا اثنی‌عشريا. و لكن نحن لم‌نقبل تقديم الصحيحة علی الموثقة. و تفصيل الكلام في ذلك موكول الی بحث الاصول.

حكم ما لو صار الواجب غير المعين معينا بالعرض

هذا تمام الكلام بالنسبة الی منتهی نية الصوم الواجب غير المعين. و بذلك قد يتضح حكم ما لو صار الواجب غير المعين معينا بالعرض. كما لو ضاق وقت القضاء بناءا علی نظر المشهور من انه اذا حل شهر رمضان القادم فلايجوز تاخير قضاء صوم رمضان السابق عنه بل يجب المبادرة‌ الی قضاء الصوم أو صوم اليوم الثالث من ايام الاعتكاف واجب معين بالعرض اي اذا صام يومين يجب عليه صوم اليوم الثالث. و هكذا لو نذر صوم يوم معين لكنه غفل و التفت الی ذلك قبل الزوال.

نحن قلنا بان بعض الروايات تشمل هذا الفرض. ما هي تلك الرواية التي تشمل هذا الفرض؟ صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان و لم‌يكن نوی ذلك من الليل قال نعم ليصمه. هذا يشمل ما لو تضيق وقت القضاء بناءا علی قول المشهور من تضيق وقت القضاء عند حلول شهر رمضان القادم.

السيد الخوئي قال: لا، هذا مختص بما اذا كان وقت القضاء موسعا. و لكنه الغی الخصوصية عن صوم الواجب غير المعين الی الصوم الواجب المعين اذا كانا من صنف واحد كصوم القضاء ينقسم الی واجب غير معين في سعة الوقت و الی واجب معين في ضيق الوقت. صوم المنذور ينقسم الی صوم واجب غير معين و الی صوم واجب معين كما لو كان النذر مضيقا، العرف يلغي الخصوصية اليه. و لكن في صوم شهر رمضان ليس هناك الا قسم واحد و هو واجب معين ليس منقسما الی قسمين واجب معين و واجب غير معين، لايمكن الغاء الخصوصية اليه.

اما انه لايمكن الغاء الخصوصية الی صوم الاداء فكلام صحيح. اما ما ذكره من امكان الغاء الخصوصية من الصوم الواجب غير المعين الی الصوم الواجب غير المعين اذا كانا من صنف واحد فمشكل. لاحتمال ان الشارع يقول اذا كان الواجب مضيقا فانا اهتم به اكثر، لماذا ما نويته من اول طلوع الفجر؟ بخلاف ما اذا كان الواجب موسعا فيقول ما كان يلزمك ان تنوي الصوم في هذا اليوم و انا ارخص لك ان تنوي الصوم قبل زوال الشمس. اما اذا كان يجب وجوبا تعيينيا ان تصوم هذا اليوم لانه اليوم الثالث من ايام الاعتكاف،‌ لانه اليوم الاخير من شهر شعبان و قد وجب عليك قضاء صوم من رمضان الماضي،‌ انا اهتم بهذا الصوم فلماذا لم‌تنوه من طلوع الشمس فلاأجتزئ بعملك؟ هذا محتمل. فكيف نلغي الخصوصية اليه. فنحن تمسكا بصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج نقبل اذا ضاق وقت القضاء فتشمله صحيحة الحجاج و قبل الزوال يمكن نية الصوم و لو في ضيق الوقت اما مع غمض العين عن هذه الصحيحة فيشكل الغاء الخصوصية من الواجب غير المعين الی الواجب المعين. فالاحوط ان تكون نية الصوم في الواجب المعين كما في اليوم الثالث من ايام الاعتكاف و نحو ذلك الاحوط ان تكون نيته من طلوع الفجر و اذا لم‌ينوه و لو جهلا أو نسيانا وجب عليه قضاءه علی الاحوط.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo