< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: احکام النیة/ الصوم/

تتمة الروايات التي استدل بها المشهور علی ان وقت نية الصوم القضاء ينتهي بزوال الشمس

كان الكلام في وقت نية الصوم الواجب غير المعين.

فذهب المشهور الی ان وقت نيته ينتهي بزوال الشمس فقبل الزوال له ان ينوي الصوم، بعد الزوال لايفيد ان ينوي الصوم الواجب غير المعين.

و استدل علی ذلك بعدة روايات، قرأنا سبعة منها كصحيحة ابن ابي‌عمير عن عبدالرحمن بن الحجاج و سندها هكذا محمد بن يحيی عن احمد بن محمد و محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا يعني محمد بن يحيی عن احمد بن محمد بن عيسی عن ابن ابي‌عمير و محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابي‌عمير و لذلك التعبير بجميعا صحيح و اشكالنا السابق لايرد عليه.

و منها صحيحته الاخری الوارد فيها أله ان يصوم ذلك اليوم و قد ذهبت عامة النهار؟ قال نعم. في صوم القضاء يقول أله ان ينوي صوم القضاء و قد ذهبت عامة النهار؟ قال نعم، له ان يصوم و يعتد به من شهر رمضان. و لعل من الغريب ان السيد الخوئي يقول يمكن تقييد هذه الصحيحة بما قبل زوال الشمس،‌ و انه حيث يلحق بالنصف الاول للنهار ما بين الطلوعين فحينما تزول الشمس يصدق انه ذهب عامة النهار. و هذا غريب لان مضي ساعة و نصف علی النصف الاول للنهار هل يوجب ان يصدق و قد ذهب عامة النهار؟ هل يقبل العرف ان نحمل هذه الجملة علی ما قبل زوال الشمس من باب الجمع العرفي بين هذه الصحيحة و مثل موثقة عمار المفصلة بين زوال الشمس و قبل زوال الشمس؟ الظاهر ان هذا الجمع ليس عرفيا كما سيأتي.

كما قرأنا صحيحة هشام: كان اميرالمؤمنين عليه السلام يدخل الی اهله فيقول عندكم شيء و الا صمت فان كان عندهم شيء اتوه به و الا صام.

السيد الخوئي قال هذا مختص بصوم المندوب و بما بعد الزوال فان اميرالمؤمنين عليه السلام عادتا كان يصلي صلاة الظهر ثم يرجع الی البيت لصرف الغذاء (حسب تعبير السيد الخوئي) و لايناسب ان يكون علی اميرالمؤمنين قضاء صوم.

هذا مو صحيح، من اين اميرالمؤمنين عليه السلام كان يدخل الی اهله بعد صلاة الظهر؟ هكذا ينقل انهم كان عادتهم اكل الطعام مرتين، فطورهم و غداءهم واحد، و عشاءهم واحد، هكذا ينقل. علی اي حال من اين احرز السيد الخوئي ان اميرالمؤمنين كان يدخل الی اهله بعد صلاة الظهر؟

هذا اولا. و ثانيا: من اين انه لم‌يكن عليه قضاء؟ كان اميرالمؤمنين يذهب الی الحروب و بعض الحروب كان في شهر رمضان، كان يسافر، للجهاد أو لضرورة اخری.

فحمل السيد الخوئي هذه الصحيحة علی صوم المندوب و انه كان اميرالمؤمنين يأتي بعد صلاة الظهر الی البيت لصرف الغذاء، لا، هذا لا قرينة عليه.

هذه هي الرواية السبعة التي قرأناها.

مرسلة البزنطي

الرواية الثامنة مرسلة احمد بن محمد بن ابي‌نصر البزنطي عمن ذكره عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال قلت له الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان و يصبح فلايأكل الی العصر أيجوز له ان يجعله قضاءا من شهر رمضان؟ قال نعم. فالرواية صريحة في جواز قضاء صوم شهر رمضان حين العصر، يعني بعد زوال الشمس.

السيد الخوئي قال: هذه الرواية مرسلة لا اعتبار بها، و ان كان مرسلها البزنطي الذي ذكر الشيخ الطوسي في كتاب العدة انه ممن عرف بانه لايروي و لايرسل الا عن ثقة. و لكن من يری حجية مسانيد و مراسيل ابن ابي‌عمير و البزنطي و صفوان كالسيد السيستاني و السيد الزنجاني لابد ان يری اعتبار هذه المرسلة. و لاجل ذلك السيد الزنجاني حمل الرواية المفصلة بين ما قبل زوال الشمس و ما بعد زوال الشمس كموثقة عمار علی اختلاف مراتب الفضل، فقال يستحب استحبابا مؤكدا ان تكون نية قضاء صوم رمضان قبل زوال الشمس و لكن يجوز ان تكون نيته قبل الغروب. بقي الی قبيل الغروب لم‌يأكل شيئا،‌ لم‌يشرب ماءا، لم‌يرتكب ما يوجب افطار الصوم، فشاف انه ما باقي الی الغروب الا ساعة فتذكر ان عليه قضاء‌ صوم أو بدا له ان ينوي قضاء الصوم، فمقتضی هذه المرسلة و كذا تلك الصحيحة التي قرأناها و قد ذهبت عامة النهار صحة قضاء صوم رمضان.

هذه الرواية ليست من مراسيل البزنطي. فمن يری مثل السيد الخميني ان مراسيل هؤلاء، السيد الخميني في مراسيل ابن ابي‌عمير قال، و كانه كان يری ان مراسيلهم حجة دون مسانيدهم، في مسانيدهم لايد ان يری ان هذا الرجل ثقة ام لا، و لكن مراسيلهم حجة، هذه الرواية مو من مراسيل بزنطي لانه يقول عمن ذكره، هو ذكر شخصا، الراوي بعده نسي انه من هو؟ اذا كان يقول احمد بن محمد بن ابي‌نصر عن بعض اصحابنا عن رجل عن بعض اصحابنا و كان يظهر منه انه مما ارسله ابن ابي‌عمير أو صفوان أو البزنطي، كان من مراسيل صفوان أو البزنطي أو ابن ابي‌عمير. اما التعبير ب‌ عمن ذكره لايكشف عن ذلك. و لكن من يری‌ حجية مسانيد هؤلاء و مراسيلهم كالسيد الزنجاني يری حجية هذه المرسلة.

و نحن حاولنا ان نثبت حجية مسانيد هؤلاء الثلاثة و مراسيلهم وفاقا للسيد الزنجاني و يميل اليه السيد السيستاني. فالرواية لايبعد تماميتها بنظرنا.

موثقة عمار

الرواية التاسعة موثقة عمار، الشيخ باسناده عن علی بن الحسن بن فضال عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي عن ابي‌عبدالله عليه السلام عن الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان و يريد ان يقضيها متي يريد ان ينوي الصيام؟ قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوی الصوم فليصم و ان كان نؤی الافطار فليفطر، سئل فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا.

يقع الكلام تارة‌ في سند هذه الرواية و اخری‌ في دلالتها أو فقل في الجمع بينها و بين ما دل علی جواز نية قضاء‌ صوم رمضان حتی لو ذهبت عامة النهار أو حتی لو كان بعد العصر.

اما سند هذه الرواية فقد ناقش فيه السيد الخوئي في المقام باعتبار ان سند الشيخ الی كتب علی بن الحسن بن فضال يشتمل علی الزبيري. علی بن محمد بن الزبير القريش و هو لم‌يوثق. فالرواية محكومة بالضعف.

لكنه عدل عن هذا الاشكال في ابحاثه القادمة و استخدم نظرية تعويض السند. اشلون؟ يقول السيد الخوئي: النجاشي ذكر في رجاله طريقين الی كتب علی بن الحسن بن فضال: الطريق الاول نفس الطريق الشيخ، حدثنا احمد بن عبدون عن علی بن محمد بن زبير القريشي عن علی بن الحسن بن فضال. و لكن يقول النجاشي بعد ذلك:‌ و اخبرنا محمد بن جعفر في آخرين عن احمد بن محمد بن سعيد عن علی بن الحسن بن فضال بكتبه. فهذا السند الثاني صحيح.

اشلون تقريب الاستدلال؟ هذا السند الثاني ليس للشيخ الطوسي، هذا للنجاشي. يقول السيد الخوئي: الطريق الاول كان مشتركا بين النجاشي و الشيخ الطوسي،‌ فعادة لايجيء احمد بن عبدون، و ينقل نسخة للشيخ الطوسي تغاير تلك النسخة، النسخة التي اخبر بها هذا احمد بن عبدون للنجاشي. فهذا الشيخ الواحد حينما يخبر تلميذين له بنسخ كتاب بن فضال، عادتا لايخبر الشيخ الطوسي بنسخة و يخبر النجاشي بنسخة اخری تغاير نسخة الشيخ الطوسي. تكون النسختان متغايرتين في مضمونهما، هذا ليس عرفيا. فاذاً حينما يقول النجاشي اخبرنا احمد بن عبدون عن علی بن محمد بن الزبير القرشي بكتب ابن فضال يعني بنفس تلك النسخة التي اخبر بها الشيخ الطوسي، و حينما يقول بعد ذلك: "و اخبرنا محمد بن جعفر عن احمد بن محمد بن سعيد عن علی بن الحسن بن فضال بكتبه"، يعني بنفس تلك النسخ التي اخبر بها احمد بن عبدون. فاذاً وصلنا الی نتيجة ان للنجاشي طريقا صحيحا الی نفس النسخة التي اخبر بها احمد بن عبدون النجاشي و الشيخ الطوسي.

و لكنكم ترون ان هذا مبني علی ان ما ذكره الشيخ الطوسي في فهرسته كطرق الی كتب الاصحاب أو ما يقوله النجاشي و يذكره كطرق الی كتب الاصحاب،‌ يكون طريقا الی النسخ بحيث حينما يقول الشيخ الطوسي اخبرنا بجميع كتبه و روايته فلان عن فلان يعني اعطاني هذا الشيخ الذي كان استاذه نسخ كتب هذا الشخص. هذا الكتاب أي كتاب الفهرست كيف ذاك الطرق الی كتب كثيرة للاصحاب و في بعضها يقول و قيل انها ثلاثون كتبا، يعني لم‌أر جميع تلك الكتب و زاد فلان هذا الكتاب يعني انا لم‌أر ذلك الكتاب،‌ فلان زاد هذا الكتاب، فهذا يكشف ان لم‌تكن هذه الطرق طرقا الی النسخ التي ينقل عنها الشيخ الطوسي بل كان طريقا الی العنوان العام لكتب ابن فضال و اما النسخة فالشيخ الطوسي كان يحصلها من هنا و هناك و يعتمد عليها لا انه اخذ هذه النسخة من استاذه و هو من استاذه الی الراوي الاول.

و هذا هو الاشكال الذي قبله السيد السيستاني و هكذا السيد الزنجاني. و نحن من الاول علی هذا الرأي كما كتبناه في ابحاثنا.

و لكن نقول: اولا: كتب ابن فضال كانت كتبا مشهورة و يعتمد عليها الفقهاء لشدة وثاقة ابن فضال. فحينما ينقل الشيخ الطوسي عن كتاب ابن فضال لايحتاج الی طريق. و ثانيا: نفس احتمال احتفاف تلك النسخة التي ينقل عنها الشيخ الطوسي بقرائن حسية لو وصلت الينا لكنا ايضا نثق بتلك النسخ كاف في اجراء اصالةالحس في الاعتماد علی نقل الشيخ الطوسي.

فالسند صحيح. و اما الدلالة فلااشكال فيها. فصّلت هذه الموثقة بما قبل زوال الشمس و ما بعد زوال الشمس.

لكن المهم ان الجمع الذي اختاره السيد الزنجاني من حمل هذه الموثقة علی انه ان كان يريد ان يحصل الاستحباب المؤكد ينوي القضاء قبل الزوال و لكنه لو يريد مطلق الاجزاء تبرأ ذمته من قضاء صوم رمضان يكفيه ان ينوي قضاء صوم رمضان قبل الغروب كما ورد في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج و قد ذهبت عامة النهار، أو مرسلة البزنطي و قد دخل وقت العصر، أو رواية اخری و هي هذه الرواية الموجودة في كتاب الجعفريات ان رجلا من الانصار اتی النبي صلی ‌الله عليه و آله فصلی معه صلاة‌ العصر ثم قام فقال يا رسول الله اني كنت اليوم في ضيعة لي و اني لم‌اطعم شيئا فأصوم قال نعم قال ان علیّ يوما من شهر رمضان فاجعله مكانه؟ قال نعم. لكن هذه الرواية ضعيفة سندا لان نسخة الجعفريات غير ثابتة و لو فرض تمامية الكتاب الاصلي للجعفريات المعروف بالاشعثيات لكن في تلك الرواية السابقة غنیً و كفاية، فهل هذا الجمع الذي اختاره السيد الزنجاني جمع عرفي؟

من طرف في هذه الموثقة موثقة عمار هكذا قال: سئل فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا، الرواية واردة في قضاء صوم رمضان، فكانه قال لايستقيم ان تنوي الصوم في قضاء شهر رمضان بعد زوال الشمس. فاجعلْ هذه الرواية في طرف و اجعلْ ما دل علی انه يجوز ان تنوي صوم القضاء حتی اذا ذهبت عامة النهار أو حتی اذا دخل وقت العصر، فهل تری بين هذه الروايات جمعا عرفيا؟ العرف يقبل ان نحمل موثقة عمار علی الاستحباب المؤكد؟ فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا، هو بالخيار الی ان تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوی الصوم فليصم و ان كان ينوي الافطار فليفطر.

فلانصاف انه لم‌يوجد جمع عرفي بين هذه الروايات بلحاظ ما بعد زوال الشمس. و اما بلحاظ ما قبل زوال الشمس فكان في الروايات التي قرأناها غنیً و كفاية في جواز نية قضاء صوم رمضان.

فبقي الكلام حول انه هل يتم ما ذكره المشهور و افتوا به من انه بعد زوال الشمس لايمكن نية قضاء صوم رمضان أو انه يجمع بين الروايات و تكون النتيجة جواز نية قضاء صوم رمضان بعد زوال الشمس و لكن يكون هذا الصوم في غاية الضعف و الوهن و ان كان مجزئا. هذا امر لابد ان نتكلم فيه.

كلام السيد الخوئي في الجمع بين الروايات

و من جهة اخری السيد الخوئي الذي لم‌يقبل موثقة عمار، لماذا رفع اليد عن ظهور صحيحة عبدالرحمن من جواز نية قضاء صوم رمضان و قد ذهبت عامة النهار، لماذا قال نقيد هذه الصحيحة بنية قضاء صوم رمضان قبل زوال الشمس؟ مع الغمض عما ذكرنا من ان حمل هذه الصحيحة علی ما قبل الزوال ليس عرفيا، ما هو الموجب لحمل هذه الصحيحة علی ما قبل الزوال و انت تری ضعف موثقة عمار هنا و ان ذهبت الی اعتبارها في المستقبل.

يقول السيد الخوئي: تلك الرواية الصحيحة التي قرأناها صحيحة هشام ان هو نوی الصوم قبل ان تزول الشمس حسب له يومه، تلك الرواية‌ بديلة عن موثقة عمار. و لكن اشكلنا عليه بان هذه الصحيحة بقرينة ذيلها منصرفة الی الصوم المندوب. و ان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوی، هذه الفقرة الثانية يا سيدنا الخوئي حملتوها علی الصوم المندوب، فهل يبقی ظهور في الفقرة‌ الاولی‌ في شمولها لصوم القضاء؟ هذا عرفي؟ ان العرف بقرينة وحدة مرجع الضمير يقول ما يراد من الذيل فهو المراد من الصدر و المراد من الذيل ان كان صوم المندوب فالمراد من الصدر ايضا هو الصوم المندوب. فاذاً السيد الخوئي مادام لم‌يقبل موثقة عمار ما كان وجه في ان يرفع يده عن ظهور صحيحة ابن الحجاج في كفاية نية صوم القضاء و قد ذهبت عامة النهار. و بعد ما اعترف في المستقبل باعتبار موثقة عمار كما نحن نعترف باعتبارها يبقی هذا البحث كيف نجمع بين هذه الروايات كجمع عرفي فان ما ذكره السيد الزنجاني كجمع عرفي من حمل الروايات علی اختلاف مراتب الاستحباب و الفضيلة الظاهر انه ليس جمعا عرفيا.

و تتمة الكلام في ليلة‌ الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo